جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

استخدام الورقة الكردية لتوظيفها لخدمة مخطط شرير يدمر المنطقة ويهدد الأمن والسلم العالمي

﴿ الحلقة الحادية عشر

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد
بعد القرار الأمريكي بفرض الحماية على منطقة الحكم الذاتي، وعلى ضوء قرار حظر الطيران العراقي شمال الخط 36، فقد استباح العميلين طلباني وبرزاني أبناء شعبنا هناك أكرادا أو غيرهم من العراقيين الساكنين في منطقة الحكم الذاتي أكراد وعرب مسيحيين (الأشوريين والكلدان) اللذين يسكنوا في محافظات الحكم الذاتي، وكذلك الازيديين وبعض الشبك اللذين يسكنوا أطراف محافظة دهوك، وحقيقة كما أسلفنا هي إيجاد منطقة آمنة لعمل المخابرات الغربية أمريكية وبريطانية ومعهم الموساد الصهيوني ودخلت بحكم الصلة بين الحزبيين الكرديين العميلين برئاسة طلباني وبارزاني وفلول الديموغوجية المدعية الماركسية والشيوعية المتامركة من المتحالفين مع حكومة إيران منذ العدوان الخميني على العراق في عام 1980فقد نزحت أعداد كبيرة من المواطنين الكرد والمسيحيين العرب من المنطقة بلغ ما يقارب نصف عدد السكان حيث اظهر إحصاء 1997 إن عدد النازحين لبغداد وحدها أكثر من مليون وربع المليون كردي من محافظات الحكم الذاتي، أضف لذلك إن أعداد أخرى تصل إلى مئات الألوف نزحوا إلى نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين أي المحافظات المجاورة لمنطقة الحكم الذاتي، وآخرين رحلوا خارج العراق إلى إيران وتركيا ومنهما إلى أوربا،

 

مما احدث فراغا سكانيا مروعا فما كان من العميلين طلباني وبرزاني إلا أن قاما باستقدام مواطني دول الجوار، منهم أعداد كبيرة من مقاتلي الأحزاب الكردية المعارضة لأنظمة بلدانها كالكوملة في إيران وحزب العمال الكردي في تركيا بموافقة ودعم أمريكي، على الرغم من إن أمريكا تضع حزب العمال الكردي في تركيا على قائمة المنظمات الإرهابية – لاحظوا الميكافيلية في العمل السياسي الأمريكي في العراق – مرة منظمات إرهابية وفي نفس الوقت تدعمها وتبيح لها فتح معسكرات واتخاذ سلسلة الجبال الحدودية مع تركيا مناطق تحشد وتعرض على تركيا مما اجبر تركيا على خرق الحدود العراقية أكثر من مرة لمطاردة مليشيا حزب العمال الكردي داخل العراق، وكذلك كانت تفعل إيران في مطاردة حزب الكوملة الكردي في إيران مما يشكل خرقا لسيادة العراق وحدوده، استغل هذا الوضع والاستباحة لمنطقة شمال العراق الموساد الصهيوني المتحالف مع الحزبين العميلين وهيئ له أفضل مناخ لإقامة علاقة قوية مع كل تلك الأحزاب أي الارتباط بأطراف الأحزاب الكردية في العراق وإيران وتركيا مما جعل الصهيونية العالمية تعمل وفق منهج ربط أكراد المنطقة عموما بالكيان الصهيوني وتوجيه تلك الأحزاب فكريا باعتماد منهج عرقي انفصالي عنصري تمثل في ما كشفته الأيام في الوقت سياسة وتعامل الحزبين الانفصاليين بعد الاحتلال، فدخل الموساد بكل ثقل الصهيونية السياسي وخبثها وقدراتها المادية وأساليبها التدميرية لتوظيف ذلك لأغراضها فأقامت علاقات مع تلك الأحزاب على اختلاف مناهجها واتجاهاتها الفكرية لترسيخ فكرة الانفصال عند الجميع والسعي لتشكيل كيان كردي موحد يتحالف مع الكيان الصهيوني وهو اخطر من انفصال أجزاء من تلك البلدان، لان قيام كيان عرقي قائم على أسس عنصرية وتطرف عرقي وفق ما استطاعت الصهيونية زرعه في عقول ومناهج الأحزاب الكردية متحالف مع الكيان الصهيوني، يشكل تهديدا لأمن وسلامة دول الإقليم وقد يمتد لخارجه، وهذا يهدد الأمن والسلم الدوليين،

 

إضافة لكونه يشكل تهديدا جديا وخرقا للعالم الإسلامي حيث إن الشعب الكردي في غالبيته العظمى (99%) مسلمين، فكيف يتحالف مع الكيان الصهيوني وتصوروا حجم تداعياته على عموم المسلمين والدول الإسلامية، هذا ليس تعاطفا مع طموحات وتطلعات الأكراد وقضيتهم،بل هو منهج استعماري ومخطط صهيوني يراد به تهديد المنطقة واستقرارها وبالتالي تهديد وتقويض الأمن والسلام العالمي، ويشكل عملا عدوانيا على دول المنطقة عموما وعلى البشرية اجمع.


أنا لا أنكر إن بعض سياسات الحكم الوطني الاضطرارية بقصد مؤالفة القلوب أو على الأقل تحيد بعض الشخصيات المؤثرة وخصوصا رؤساء القبائل بحكم التأثير الكبير للمسالة القبلية في أوساط شعبنا الكردي، نعم بعض الممارسات ساهمت في ترسيخ منهج ولد منذ تشكيل سرايا الفرسان في بداية استقلال العراق نهاية خمسينات القرن الماضي، والتي تطورت لأفواج الدفاع الوطني، حيث تم تسريح حتى العسكريين المكلفين بالخدمة الإلزامية أو الاحتياط في الجيش ليلتحقوا بتلك الأفواج، والتي هي في حقيقتها عملية ارتزاق للأغوات ورؤساء العشائر والمتنفذين في الوسط العراقي الكردي لضمان ولائهم أو على الأقل حيادهم وعدم قيامهم بأعمال تخريبية تتطلب إفراز جهدا من قوات الجيش لردعها والقضاء عليها في وقت انشغال الجيش بالدفاع عن حدود العراق بوجه الهجمة الفارسية على العراق، هذا العمل نمى روح الارتزاق والقتال بالأجر، وكما وصفه مسعود بارزاني بأنهم بنادق للإيجار.


أقول هذا وأنا اعرف بشكل أكيد القناعة الفكرية والمنهج المبدئي للقيادة العراقية وحزب البعث العربي الاشتراكي من المسالة الكردية والمواطن الكردي في العراق،وبالأخص القائد الشهيد صدام حسين رضي الله عنه: حيث كنت في إحدى لقاءاته بكادر الدولة والحزب احد مجموعة المستضافين عنده، طلب أن نحدثه كل في مجال عمله وملاحظاته الايجابية والسلبية بصراحة ودون تردد أو محاولة التركيز على الجوانب الايجابية بل لقاء مثل هذا بين القيادة والمفاصل القيادية الوسطى يفترض التركيز على كشف الخلل والأخطاء لوضع معالجات ناجعة لمعالجتها والعمل بجد لإرساء بناء وطني متين، فأدلى كل منا بدلوه حتى سمع من الجميع، وكان عدد من المستضافين من العملين في منطقة الحكم الذاتي أو الوزارات التي لها نشاطات كبيرة فيها،

 

ثم تحدث القائد الشهيد وأكد على أسس العمل على تعزيز روح المواطنة في نفسية وشخصية العراقي أيا كانت قوميته ودينه ومذهبه، وان يحس وليس يشعر بأنه مسؤول عن الوطن، وان يكون عمل الحزب والدولة انعكاس لتلك القناعة بحيث يكون التعامل مع المواطن على مقدار ما يقدمه لشعبه ووطنه وهذا هو المميز الوحيد لمواطن على الآخرين، إن البعث وقيادته والحومة التي يقودها مؤمنا بمبدئية عالية وصميمية منبثقة من فهم واع لعلاقة القومية الكردية والقومية العربية وارتباطهما التاريخي والديني والمبدئي والجغرافي والمصيري عبر القرون، بحيث بات الإخاء والتوحد بينهما اقرب من التباعد والتآلف والمحبة بينهما اكبر من أي قوة إجرامية لشق الروابط بينهما، فالقيادة والحزب مؤمنين بان الأكراد وكل القوميات المتآخية في العراق هم شركاء وهم مكون أساسي من الشعب لا يمكن أن يهمش أو يعامل على أساس انه مواطن من درجة أدنى، وان الحزب سيقاتل ضد من يطرح هذا الطرح أو يروج لهذا المنهج كما يقاتل لاستقلال العراق في البصرة وميسان وواسط وديالى وسليمانية منذ ثمان سنين وكما يقاتل العراقيون منذ أكثر من خمسين سنة عن فلسطين والقدس، ولابد أن يفهم العرب والأكراد والتركمان والشبك ذلك، نحن نعامل العراقي على أساس مواطنته لا على أساس قوميته أو دينه أو مذهبه أو جنسه، العراقيون كلهم أبناء العراق وإخوة فيه من خلال ارتباطهم به ومسؤوليتهم عن بنائه وحمايته والدفاع عن استقلاله وتحرره، وهذا يحكمه القانون والعرف والخلق العراقي الذي يضمن المساواة لكل العراقيين ولا شيء آخر، وان الدولة مسؤولة عن ضمان التعليم والغذاء والعلاج والعمل للمواطن وان تساهم بشكل فاعل وكبير في حصول كل عائلة على سكن مناسب بتوزيع قطع ارض على المواطنين من خلال جمعيات الإسكان أو نقاباتهم واتحاداتهم الشعبية والمهنية أو من خلال مديريات البلديات في المدن بالنسبة للمواطنين العاملين بالقطاع الخاص وبأسعار رمزية ويكون تسديدها بإقساط لا تشكل أي عناء للعائلة ولا يؤثر على حياتها اليومية وقدرتها على تامين حاجاتها الأساسية، هذه مسؤولية الدولة وان تسهل حصول كل مواطن على قرض البنك العقاري لمساعدته في إنشاء داره وفق ضوابط البنك وفروعه في المحافظات.


أما معتقد المواطن الديني وانتمائه الفكري فهما حق يضمنه القانون، إلا أمر واحد لا يمكن التساهل معه وهو الخيانة للوطن فهذه جريمة يحاسب عليها القانون، هناك ثوابت يجب أن يعرفها جميع المواطنين ويلتزموا بها وهي سلامة وحدة الوطن واستقلاله والاستعداد التام للدفاع عنه، وان العراق وطن لجميع أبنائه ولا أفضلية لأحدهم على الأخر إلا بمقدار جهده وعطائه وحتى هذا التميز معنوي وليس مادي فالكل سوية وكل له مثل ما للأخر في الوطن، وحرية الفرد حق يضمنه القانون على أن يحترم ثوابت المجتمع وحدود الدين وشرائعه، وان مرت بنا فترات غلبت الجانب المركزي فان انتهائها أو على الأقل خفة وطئها تفرض علينا كحزب ودولة أن نعود إلى مبادئنا الأصيلة في احترام حقوق المواطن خصوصا في شعب مثل شعبكم انه يستحق ماء العيون وليس جهدا وعطاء اكبر. للأسف وبمجرد إن ادعت أمريكا كاذبة إنها توفر الحماية لمنطقة الحكم الذاتي صار الحزبيين وقيادتهما طلباني وبرزاني الذي شكل كل منهم حكومة في منطقة نفوذه، صاروا يتعاملون وكأنهم دولة منفصلة حتى بات المواطن العراقي لا يستطيع أن يزور صديقه أو أهل زوجته الكردية بل العراقي الكردي الذي يسكن في محافظة أخرى بحكم العمل أو الانتقال صار لا يمكنه دخول منطقة الحكم الذاتي إلا بورقة من السيطرات التي وضعوها على الطرق التي تربط محافظات الحكم الذاتي بالمحافظات الأخرى ثم بدءوا يطلبوا من العراق كفيل كردي من سكنة منطقة الحكم الذاتي (التي صاروا يسموها إقليم كردستان، أو كردستان بلا كلمة إقليم). هذا كان الفصل الأول من عمل أمريكا لتنمية روح الانفصال عن العراق والعمل لتقسيمه. كل هذه الجرائم السيادية والاجتماعية والسياسية وتوظيف المواطن ضد وطنه لم يطرحها القانون الدولي والهيئة الدولية ومجلس الأمن وغض الطرف عنها إنها مواد إدانة لجريمة إرهابية ضد دولة عضة مؤسس لهيئة الأمم المتحدة وكل منظماتها الدولية وعضو مؤسس في كثير من المنظمات الإقليمية، فأين القانون الدولي.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ١٨ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور