جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

إتباع أساليب إجرامية دنيئة لتفتيت وحدة الشعب العراقي ومقاومته والتأسيس لضرب الإسلام

﴿ الحلقة التاسعة عشر ﴾

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

لم تترك أمريكا وسيلة من وسائل الجريمة المخطط لها لم تستخدمها في عدوانها واحتلالها للعراق، نعم لقد دخل العراق عبر حدوده المفتوحة نتيجة انشغال كل قواته المسلحة ومقاتليه الشعبيين حزبا وعشائر في مواجهة قوات الغزو والاحتلال التي دخلت العراق، وكان العراقيون يتوقعوا إن الشعوب والحكومات لدول الجوار العربي وتركيا وإيران أن لم تكن معهم في مواجهة العدوان على ديار الإسلام فستكون على الحياد بأتعس الأحوال واضعف المواقف مستندين إلى رؤية إيمانية، بوجود الجهاد على كل مؤمن لمواجهة الغزو الكافر الباغي الشرير، لكن حساب الحقل يختلف عن حساب البيدر فاتضح أن كثير من دول الجوار وأفراد من اللذين يدعون الإسلام بل بعضهم يتاجر بالإسلام وآخرين يتاجروا بالمواقف القومية كانوا في خدمة وعون قوات الغزو وحلفاء وممهدين لمخطط الشيطان الأكبر، ومن ضمن أولئك بعض اللذين دخلوا على أساس إنهم مجاهدين للعراق، أنا لا اعني أولئك الأشراف المؤمنين- الذين لي شخصيا ولكثير من رفاقي مواقف مشرفة معهم- ، نعم والله إنهم جاءوا للعراق بعد باعوا واشتروا مع ربهم وجسدوا صورة الصحابة في عهد قل فيه الإيمان وضعف فيه الجهاد بل صار عيبا وجريمة يعاقب عليها المؤمن، يقول تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [سورة التوبة: آية 111] ، فقد كانوا الصادقين اللذين لا يهابوا موت ولا يفكروا بالحياة الدنيا، ولكني اعني الذين تم إدخالهم من قبل أمريكا وحلفائها، وهذا يؤشر خللا في عمل قوى المقاومة والجهاد في الأمة وقدرة الأعداء على اختراقه، فلو كان هناك صيغ لعمل المقاومة القومية والإسلامية مبنية بناءا صحيحا وهناك لجان شعبية أو أحزاب نظامية وقوى تعني بتوجيه وإيصال المتطوعين تعرف من هو الذي التحق وتوصل عنه معلومات للداخل بحيث لا يمكن للعدو أن يدخل آخرين عبر إغرائهم بالمال وتجنيدهم كمرتزقة لكان هذا عامل قوة ونجاح لعمل المقاومة وتكاملها وتعاونها ودعمها الشعبي، نعم إن قوى الشيطان أدخلت مع أولئك المؤمنين أعدادا من الأشرار المارقين ليكونوا عيون لها وجواسيس على المجاهدين وعلى عموم المقاومة العراقية، وآخرين غيرهم ممن يملكوا كثير من الدعم المالي وحتى التسهيل الخفي ليتمكنوا من تبوء مواقع قيادية مهمة في تشكيلات المقاومين، هذا الدعم المالي والتسهيلات قد تكون من الأمريكان عبر أنظمة أو أشخاص من جهات مرتبطة بالعدوان وأمريكا بشكل غير مباشر ليكونوا وبالا على المقاومة والجهاد والدين والعراق وشعبه، بان وظفوا هذا الفعل العبادي العظيم الذي جاءنا في كتب الله وهدي أنبيائه لغير غرضه وحرفوه تحريفا منافيا لقول رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم (إنما المؤمنين إخوة) و(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) فانتهجوا نهجا بتخطيط من العدوان أو بغباء وفق منهج التكفيريين أن يقاتلوا العدو على منهج ورؤيا منحرفة خاطئة مناقضة للدين وللقرآن وللفقه الديني، وهو اعتبار كل من لا يقاتل العدو وقواته قاعدا عن أمر الله ويعتبر مرتد عن الإسلام، وهذا يجيز لهم قتله واستطاعت أمريكا أن توظفهم توظيفا يخدمها تماما كما فعلت معهم في حربها ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي باسم الجهاد ضد الغزو الشيوعي لديار الإسلام، إذا لم تكن صالا أمريكا جندت مجاميع متعددة الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية ومنهم من هم غير مسلمين في تلك المجاميع مسبقا ليكونوا أداتها للفتنة الطائفية وتمزيق وحدة الشعب وموقف المسلمين من الغزو والاحتلال  وذلك وهذا اخطر على الإسلام حتى من قوات الغزو والاحتلال.

 

لقد تعامل البعض من المجاهدين اللذين دخلوا للعراق على أساس ما كان يردده الإعلام الأمريكي الصهيوني مع جهل وضبابية بان المقاومة هي سنية فقط وان الشيعة موالين و متفقين مع الاحتلال، هذا الخطأ في فهم الفارق الإيماني والفقهي بين شيعة العراق وبين التشيع الفارسي الكاذب جعل المجاهدين القادمين من خارج العراق وبحكم أولئك المندسين في صفوفهم من مرتزقة أمريكا يقدموا على أفعال منافية للإسلام ومؤذية للمقاومة ومدمرة لوحدة شعب العراق وترابه، لو أن هؤلاء كانوا يعرفوا المذاهب في العراق بشكلها الصحيح ما حسبوا كل شيعة العراق على إنهم مهادنين للعدوان وصاروا يؤكدوا ما تعهد به عبد العزيز الحكيم لرامز فيلد عندما قال له أن العراقيين سيستقبلونكم بالتحية والورود – خسئ الاحتلال والعملاء – فشعب العراق يأبى الضيم والرزية، لو فعل هؤلاء مجاميع للتعرض على قطعات العدو في الموانئ والقواعد العربية والتي استخدموها ضمن أراضينا الوطنية ( في دول الخليج العربي) والأردن والممرات الخانقة في مضيق جبل طارق وقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز لكان موقفا ولا اكبر منه تأثيرا ايجابيا على الحرب كلها لو نجحت عملية واحدة فيها، لأرسلوا عدة رسائل لحلف الإرهاب والبغي والجريمة بقيادة أمريكا:

 

1.  كانت أول تلك الرسائل إنكم تغزو العراق لكن كل الأمة معه وسوف لن تمروا على أن تحاربونا جميعا، وهذا يجعل أمريكا تحسب حجم الخطأ الذي يحيط بها.

 

2.  والرسالة الثانية للأنظمة المتخاذلة والمتواطئة والمتحالفة إنكم أن وافقتم أو تخاذلتم أو تواطأتم على احتلال أرضنا وقتل أهلنا فالشعب يرفض ذلك وسيكون هناك موقف للشعب منكم.

 

3.  الرسالة الثالثة لشعب العراق إنكم إذ تقاوموا الاحتلال وتواجهوا إرهابه فإخوانكم وأهلكم العرب ليسوا صامتين أو قاعدين بل هم معكم في المعركة وسيكون ذلك دفعا معنويا وقتاليا كبير لمقاتلي العراق.

 

4.  الرسالة الرابعة إن الشعب العربي واحد وان معركته واحدة وعدوه واحد مهما كان حجمه وعدد قواته لن يجعلنا نتوقف عن حقنا في التصدي للعدوان والغزو، والجهاد فرض على الكل وليس على العراقيين فقط.

 

5.  الرسالة الخامسة دينية فقهية وهي تصحيح للفهم الخاطئ الذي أوجدته أمريكا وعملائها عند تشكيلها وبتعاون عملائها لقوات المجاهدين في أفغانستان أعوام الثمانينات من القرن الماضي، وهو أن الجهاد الفعلي مقاتلة العدو الغازي والقوات المعتدية المقاتلة، وليس أن تستهدف جندي يحمي سفارة أجنبية في إحدى عواصم العرب والدول الإسلامية أو استهداف جمعية إنسانية أو استهداف وقتل المدنيين في بلدان الغرب وخطف خبير أو موظف أجنبي جاء لعمل أو خبرة في بلد من بلداننا، وبالتالي نعطي صورة مشوهة عن مجتمعاتنا وعن الإسلام كله، هذا الخطأ الكبير في عمل المنحرفين والمضللين من المسلمين وظفته أمريكا توظيفا سيئا بحيث مكن الإدارة الأمريكية وتابعها بلير والصهيونية العنصرية وكل قوى الكفر والبغي أن تجعله صفة للمسلمين والإسلام كدين وتسليط الإعلام المكثف والمدروس لإظهار الأمر وكأنه هو منهج المسلمين، وما قول المجرم الدولي بوش المتصهين بأنها حرب الصليب إلا محاولة رخيصة لحشد المؤمنين المسيحيين في العالم ضد الإسلام وهم الذين وصفهم الله في القرآن بأنهم أقرب الناس مودة للمؤمنين (أي المسلمين) بقوله تعالى ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى , ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ).

 

هذا التوظيف الدنيء للدين والتغذية للفتنة كان منهج أمريكا والصهيونية وحكومة إيران في العدوان على شعب العراق، وسنتناول في الحلقة القادمة ما كان يحدث من القتل على الهوية الطائفية وكيف كانت قوات أمريكا وبريطانيا والموساد الصهيوني هم اللذين بدءوه.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٩ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور