في الذكرى ٦٣ لميلاد البعث العربي الاشتراكي
البعث طليعة مؤمنة بتشريع الله ورسله محبا للخير إنساني الفكر والمنهج

﴿ الحلقة الثانية

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

نستقبل نيسان الخير والنماء منتصف الربيع وحامل بشرى جني ناتج محاصيل الشتاء وموسم تزهير الأشجار وتفتح الإزهار وطلع النخيل لتبشر بالخير ونعم الرحمن لخلقه، في هذا الشهر المبارك تفتحت أزهار الأمة لتعلن ميلاد زهورها الواعدة بخير لها وللإنسانية جمعاء، فكان ثمرها طليعة مؤمنة وابن بار شديد البأس بر بأهله وحنون على أترابها من الأمم الأخرى لكنه سيفا بتارا على أعدائها وأعداء الإنسانية، انه البعث العربي الاشتراكي هذا الحزب الرسالي حامل البرنامج الإيماني القومي الحضاري الإنساني، كان البعث وسيظل ابن الأمة البار وذراعها الطولى لمواجهة أعدائها وحامل لواء التحرير والكفاح حتى يكتب الله نصره لجنده على قوى الإرهاب والبغي التي تخطط لتدمير بناء الأمة الفكري والاجتماعي من خلال طمس ارثها الحضاري وتزويره وسرقته وتشويه مقدساتها ودينها ورموزها، والتشهير بقيمها وأعرافها ومحاولة إظهارها بأنها متخلفة عدوانية سلبية مفككة طفيلية تمتلك إمكانات وثروات كبيرة لكنها لا تستطيع استثمارها لعجزها واتكالها على عائدات الثروات النفطية والمعادن المستخرجة، ولهذا فان الامبريالية والصهيونية أوجدت الكيان الصهيوني لملئ الفراغ وتولي قيادة المنطقة للرقي والتحضر والديمقراطية، ولهذا هي تعتبر وجوده ضرورة لابد منها وحماية أمنه كعمل إنساني توجبه الضرورة الواجبة، هذه وجهة نظر قوى الامبريالية المتطرفة التي تعمل وفق نظرية البقاء للأقوى وان مجرد الشك في أي كائن أو منظمة أو شعب أو امة إنها تشكل خطرا عليها يتيح لها تدميره وقتله، وهذا ليس شيئا مستنتجا بل هو أساس فكري وسياسي ومنهج عسكري وإفتاء شرعي عند الصهاينة وحلفائهم، ولدرايتهم بان امة العربية ليست كما يعلنون وان هذه الأمة هي صاحبة الحضارات الأولى في تاريخ البشرية وإنها لو توفر لها ظرف مناسب يجتمع فيه طليعة مؤمنة بقدرات الأمة وقيادة مخلصة واعية لمشكلات الأمة والأخطار التي تواجهها فان هذه الأمة معطاء ومبدعة وقادرة على تخطي كل الصعاب وتجاوز الزمن ومراحله سباقة لفعل الخير مجبولة على المحبة والإنسانية والتعايش مع الآخر رافضة للهوان والتخلف، لذلك فان قوى الظلام والبغي والعدوان والطامعة في الهيمنة على العالم احتشدت جميعا لانقضاض على نموذج الأمة الذي يصنعه البعث في عراق الحضارة،

 

ولتهيئ كل وسائل الإرهاب والقتل والتدمير الشامل بسادية ووحشية وعنجهية وخرق لكل قوانين وأعراف الله والبشر للانقضاض على التجربة والنموذج فكان العدوان الممتد من 1991ولحد اليوم ، لأنها أدركت بشكل أكيد إن هذا الوليد البعث بهذه القيادة وبجند هم شعب العراق قادرة على بعث الأمة فعلا، فلابد من تدارك الخطر المحدق بمنهجها ومخططاتها فكانت الجريمة الكبرى احتلال العراق وقتل وتدمير بنائه وحل البعث العربي الاشتراكي، وتسليط الفاسدين والمنحرفين واللصوص ليحكموه بحماية أسيادهم الأشرار.

 

لقد ولد البعث وهو يحمل هموم الأمة وتطلعاتها متسلحا بالإيمان والثقة بنصر الله وبقدرة الأمة، متسلحا بفكر بقيم السماء العظيمة التي أمر الله بها وشرعها لعباده، فالبعث متمسك بالاعتزاز بالإنسان وتكريمه وضمان حقوقه، استلهاما من قول الله سبحانه (وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ، والبعث مؤمن بان مسؤولية الإنسان كبيرة عظيمة ولذلك اختاره الله على جميع خلقه وابلغنا ذلك بقوله ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم مالا تعلمون)، بهذا الفهم استوعب البعثيون معنى إنسانية الإنسان وواجبه ومنها استلهم واجب المواطن المؤمن المجاهد تجاه وطنه وقومه وعموم البشرية، فيمان بكل ما أراده الله من الإنسان تبناه البعث ليطبقه على أعضائه ومنتسبيه، إيمانا بتشريع الله ورسالاته السمحاء، وأنا أقول هذا لا اعني كل من انتمى للحزب بهذا الخلق الرفيع ولكن هذه أخلاق الحزب ومن يريد أن يكون بعثيا حقا عليه أن يجهد نفسه في أن يكون قريبا منها، ومن خلال إيمان تام بما جاء بالتشريع الرباني استلهم البعث العربي الاشتراكي فكرة ومنهجه لمواجهة أعداء الله وهم اعتداء البشرية ومنها امتنا.

 

الأمر الأخر الذي استلهم منه البعث هو تراث الأمة الثر، وتجاربها عبر التاريخ واستيعاب مسارها التاريخي، والاقتناع بان الله اختارها لتحمل رسالاته للبشر جميعا، وأدرك إن وحدة تكوين المجتمع العائلة فأولاها اهتماما، واستقراءا لقوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل فلم يأتي قافزا لوقائع التشريع السماوي وحقائق التكوين البشري فلم يعتبر القبيلة والقومية والانتماء لهما شيئا متخلفا أو معارضا ومناقضا لوحدة المجتمع والشعب والتعاون بين البشر عموما، بل هو عامل ايجابي فيما إذا فهم فهما واعيا كما أراد الله العليم الخبير، بقوله عز من قائل (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)... ،

 

ولهذا اعتبر القومية واحدة من ملهمات الشعب الأساسية والباعثة للكفاح والنهضة والجهاد لفعل الخير وتحقيق إنسانية العرب وأسس تعاملهم مع الأمم الأخرى، فأمة العرب التي ألهمها الله العزيز الإنسانية في تكوينها وطباعها، ورسخ وعمق التعامل الإنساني بها تكليفها بحمل رسالات الإيمان مع كل أنبياء الله لا يمكن إلا أن تكون مؤمنة بالقيم الإنسانية المبنية على الإيمان بالمحبة والسلام والحوار بالحسنى مع الأخر والصفح والتسامح وقيم الفضيلة مع الخيرين من الناس وتكريم الضيف ومساعدة المحتاج والمستجير و.. وكل قيم الفضيلة والخلق الرفيع لذلك كان فكر ومنهج وبرنامج البعث إنسانيا مؤمنا وفاعلا بكل تلك القيم السامية، والتي تعمل قوى الشر وجند الشيطان أن يشوهوها ويحرفوها، كما انه مؤمن بان الأمة التي عانت من الاستعمار والاستغلال والاضطهاد والموت بشكليه القتل بالعدوان المسلح أو الجهل والتخلف نتيجة الاستغلال والاحتلال والبغي،

 

امة عانت من كل ذلك لا يمكن أن تكون امة إنسانية المنهج والفعل النضالي ولا يمكن أن تفكر في أن تضطهد الآخرين، وكان فهم البعث للقومية فهما إنسانيا من خلال تعريفه لها (إنها حب قبل كل شيء) من خلال فهم عميق لقول رسول الله للبشرية الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى : (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) و (كلكم لأدم وادم من تراب) وهذا نهج ودعوة وأمر لنا بالتخلي ورفض العنصرية والكبر والتعصب والتعامل مع الناس جميعا على إنهم متساوون، لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بفعل الخير والعمل النافع واجتناب الرذيلة والبغي والعمل المنكر.

والبعث مثل التزامه بتحرير الأمة إيمانا منه بحرية الإنسان والشعوب والأمم واستقلالها ومثل شموخ الأمة ورفضها للخنوع واستعدادها للدفاع عن حقوقها ضد من يريد بها شرا ويغزوها أو يطمع بها مع كل استعدادها للسلام المشرف والتعاون والشراكة مع الآخرين، هكذا فهم البعث الحياة وهكذا حدد برنامجه الفكري والجهادي لتحقيق أهداف الأمة وتحقيق رسالتها الخالدة، فكيف يأتي أشرار الناس وبغاة الأرض الآن ليصفوه بالشوفيني والعنصري والدكتاتوري والاقصائي ؟؟؟؟؟

 

الحمد لله إن من يصفوا البعث بذلك هم نفس الجهات التي تصف الإسلام العظيم رسالة الله للبشرية لإخراجها من الظلمات للنور المصدقة لما قبلها من تنزيل الله والمهيمنة عليها بأنه دين إرهابي وعدواني، اللهم أنت القوي القدير فسلط غضبك على كل باغي كاره للخير والفضيلة ومحرف للحقائق ومدعي للإصلاح وهم المفسدين (وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ويلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ٢١ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٦نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور