جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

 توظيف الدين توظيفا سياسيا مناقضا لحقيقته واعتبار المقاومة ضد الاحتلال إرهابا

﴿ الجزء التاسع

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد
كان العدوان الأمريكي على العراق حربا عالمية، حشدت لها الإدارة الأمريكية إضافة لقوات حلف الناتو العديد من دول العالم من مختلف القارات والتي أسمتها الحرب على الإرهاب الكثير من الإبعاد الدينية المتطرفة وهذا عدوان على قيم وشرائع السماء وتوظيفا للدين الذي أراده الله إصلاحا ورحمة للبشرية في أمر مناقض له، وهذه جريمة ضد الإنسانية ومقدساتها، واعتبرت مقاومة العدوان والاحتلال وهو أمر أوجبه الله على عباده وحق كفلته كل القوانين الدولية تطرفا وإرهابا وهذا عدوان آخر على البشرية وقوانينها ومعاهداتها، فأول إعلان للمجرم الدولي بوش دبل يو وصفها بأنها حرب صليبية، وهي كانت كذلك تحالف بين الصليبية المتصهينة أو ما سموهم المحافظون الجدد والمتطرفين من اليهود (الصهاينة) تحالفوا ضد العالم كله ولكن بأسبقيات معلنة أولها العرب والإسلام والشرق الأوسط لأسباب متعددة :


1. المخزون الضخم لخامات الطاقة (النفط) حيث يشكل احتياطي العراق والجزيرة العربية نصف الاحتياطي العالمي، ومن خلال السيطرة عليه يمكنها التحكم بالعالم سياسيا واقتصاديا.


2. اعتبارهم الإسلام دينا معاديا بل هو العدو الأول لهم.


3. توظيف الدين في السياسة الخارجية الأمريكية والحرب ويتضح ذلك من الشعارات والكلمات والعبارات الدينية المستخدمة لحد الآن في الحرب على الإرهاب مثل " محور الشر والحرب المقدسة والعدالة المطلقة والحرب الصليبية.


يقوم المنهج الفكري الأمريكي وإدارته الحاكمة فيما يتعلق بالعالم على ثلاثة أسس :


• الدين والتطور الثقافي والسياسي، وتعتبره يشكل صراعا بينها وبين الأديان والحضارات الأخرى، وهو منهج المتطرفين أو كما يسموهم اليمين المتطرف وهم جماعات متطرفة وعدائية للإنسانية تعمل بفكر متطرف قائم على العدوان ومعاداة الآخرين وفق منهج فكري صهيوني يعتبر اليهود وحلفائهم جنس أرقى من الآخرين.


• الاقتصاد السياسي بالسيطرة على الموارد والثروات،وتعتبر إن سيطرة العرب المسلمين خصوصا المتطلعين منهم إلى الوحدة القومية والمؤمنة تهديدا مباشرا لها ، لا بل تتعداه إلى اعتباره إعلان حرب ضدها.


• الاعتماد على القوة الغاشمة والتطور التقني واستخدام القوة بأنواعها المختلفة النووية والكيماوية والبيولوجية والتي لا تتردد من استخدامها ضد الشعوب .


إن الدين نظام متكامل من المعتقدات والمناسك والمشاعر الروحية المقدسة التي يؤمن بها الإنسان بشكل مطلق وفي أحيان كثيرة دون معرفة تفصيلية لمفرداتها، فهي أسلوب حياة في تفكيرهم ولها تأثير كبير في مجمل سلوكهم الفردي والجماعي، وله كبير تأثير على تفكيرهم السياسي والاجتماعي الجماعي، فالدين ليس حدثا عاديا في حياة البشرية بل انه انعطاف كبير وزلزال نوعي في التفكير باتجاه تغيير مفاهيم الأفراد والجماعات في فهم فلسفة الحياة وخلقها، الدين الركيزة الأساسية في التطور الحضاري والفكري للبشرية وسلوكها وتعاملاتها، وهو أساس تعليم الإنسان القيم الأساسية في الحياة كالمحبة والتعاون والتكافل وصلة الرحم والعلاقات الإنسانية كالجوار والنصيحة والنصرة في حالة الظلم والكوارث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة البغي والعدوان وقتل النفس دون حد أو قصاص وتجنب الفحشاء وأمور عديدة أخرى لا تحتاج إلى تفصيل.


أن النشاط الإنساني في جميع المجتمعات لا يزال للدين تأثير كبير فيه، فلا يزال التشريع الديني المرجعية الأساسية في كل قرارات الفرد بما فيها القرارات السياسية كالانتماء الحزبي والمشاركة في الحياة الاجتماعية العامة كالحرب والانتخابات وغيرها، ولا يزال دور المرجعيات الدينية بكل الديانات تلعب دورا كبيرا في الحراك السياسي والاقتصادي العام للمجتمعات، بل ولها اثر كبير في السياسة الخارجية بين الدول والمجتمعات المختلفة، ويظل دور المرجعيات الدينية والمساجد والكنائس كبيرا في تحقيق الوحدة الوطنية والابتعاد عن الصراعات والفرقة فيما لو أدت دورها التشريعي وفق الفطرة الصحيحة التي أرادها الله سبحانه وتعالى للبشرية، من خلال إبلاغ البشر بالرسالات السماوية عبر بعث الأنبياء المبشرين والمنذرين والمصلحين والداعيين إلى الفضيلة وتنزيل الكتب المقدسة خصوصا القران والإنجيل والتوراة. لذلك ومن خلال تخطيط شيطاني منحرف عن كل فضيلة استغلت قوى الكفر بقيادة أمريكا توظف الدين توظيفا سياسيا مناقضا لماهية الدين والبعد الرباني لبعث الأنبياء والرسل وتنزيل الكتب المقدسة، إن تداخل الدين والسياسية أمر لابد منه لأنهما متعلقان بحياة الأفراد والجماعات ، فالقول بالفصل بين الدين والدولة شئ نظري لا يتعدى في أحسن حالاته التعامل بين مواطني تلك الدولة على أساس الإخلاص والإبداع والأداء بعيدا عن التعامل على أساس المعتقد الديني أو أي أمر آخر. إن الإدارة الأمريكية إبان تولي بوش دبل يو الرئاسة قد وظفت الدين لإغراض سياسية في اتجاهين:


1. أن فكر اليمين الديني المحافظ الأمريكي (المتطرف) قد أصبح الايدولوجية النظرية والمؤثر السياسي الرئيسي في عهد إدارة الرئيس بوش الابن، كونه من المتطرفين والمتعصبين لمنهج الكنيسة الإنجيلية، أن هذا التنظيم المتعصب المتصهين لما يسمى بالمسيحيين الإنجيليين يستند إلى قاعدة مسيحية شعبية عريضة في أمريكا تؤمن بان«التوراة» هو الأساس للديانة المسيحية وأن «الإنجيل» مكمل لها وليس متطورا عنها ومغيرا لكثير من المفاهيم والمعتقدات والتشريعات الدينية والحياتية.. وحقيقة هذا التفكير المتعصب المنغلق تكون بفعل التأثير الفكري الصهيوني بعيداً عن أخلاق التسامح المسيحية، وقد نجحت جماعة اليمين المحافظ الأمريكي في توظيف الانتماء والشعور الديني في السياسة مستغلة مزج اليهودية بالمسيحية عند فئة عريضة في المجتمع الأمريكي، ورغم إن مسيحيو أمريكا لا يتبعون الكنيسة الانجلية بأكملهم ولكن الكل تأثر بدرجة ما بهذا الفكر بدرجة ما والموجهة ضد الإسلام، والرافض للحوار والتعايش السلمي مع المسلمين، كون اليهودية لا تعترف بالمسيحية والإسلام والمسيحية لا تعترف إلا باليهودية وتعتبر نفسها تصحيحا أو تطويرا لها، بعكس الإسلام الذي يعترف بهما ويعتبرهما رسالتان مقدستان ويعترف بل ويحترم ويبجل كل الأنبياء، لهذا السبب الرئيسي الذي لم يستطع إتباع الدين المسيحي واليهودي من استيعابه بشكل جلي، وهو نفس الأساس أي عدم اعتراف اليهودية بالإسلام والمسيحية وعدم اعتراف اليهودية والمسيحية بالإسلام قد وظف توظيفا كفكر ديني وايدولوجية فكرية لغرض توظيف الدين في العمل السياسي والاقتصادي ولأغراض الحرب، هذه الفلسفة استغلتها الإدارة الأمريكية السابقة من خلال اعتمادها على فلسفة صموئيل هنتجنتون الوارد في مؤلفه صراع الحضارات . فكان التوظيف القذر للدين في شن الحرب التي أعلن بوش بعد أحداث 11ايلول إنها حرب الصليب، وبوش وإدارته اقرب للصهيونية منهم لأي ديانة سماوية وبالأخص الديانة المسيحية، وكانت أساسا للحشد الإرهابي الشرير الذي جمعته أمريكا لغزو العالم الإسلامي، أفغانستان والعراق وباكستان وقبلهما فلسطين والصومال وبعدهما السودان وأجزاء أخرى من الوطن العربي والعالم الإسلامي .


2. اعتمدت أمريكا في النصف الأخير من القرن الماضي ولحد الآن توظيف الدين توظيفا سلبيا داخل الشعوب المعنية بالعدوان، وهذا ما يجري في النزاعات التي لا يمكن لأحد أن ينكر وجود أصابع أمريكية وصهيونية خفية بها في لبنان ومصر والسودان ودول آسيوية وافريقية عديدة شعوبها مختلطة الديانات إسلامية ومسيحية، وانتهجت نهجا دونيا في خلق كيانات وأحزاب دينية أو خرق المنظمات والأحزاب القائمة قبل التوجيه الأمريكي لذلك، وقد وظفت المسألة المذهبية والطائفية في عدوانها في العراق وأفغانستان خصوصا بعد تجربتها في توظيف المسلمين البسطاء في الحرب البديلة في أفغانستان إبان الغزو السوفيتي على أفغانستان، وقد تجلى ذلك بشكل كبير في السياسة الدينية والطائفية التي انتهجتها واستخدمتها ومارستها ومولتها ودعمتها في العراق، مع ضرورة الإدراك إن هذا التوظيف للدين لم يقتصر على العدوان الخارجي بل استخدم استخداما سيئا في اختراق وتفتيت المجتمع العربي والمجتمعات الإسلامية، فقد وظفت أمريكا ذلك منذ زمن في أوساط الأحزاب الدينية واستطاعت خلق كتل غير قليلة وتيار فكري كبير من المتطرفين, فأمريكا لها الدور الأساسي في كل الاحتقان والعنف والاقتتال الديني والطائفي الحاصل في العراق وهي المغذية والممولة بشكل مباشر أو عن طريق حلفائها حكومة إيران اللا إسلامية ونظام آل صباح من خلال انتهاجهما مذهبين مبتدعين قائمين على التطرف وتكفير باقي المسلمين والطعن في إسلامهم حيث يقوم التدين الإيراني على أساس ظاهري هو التطرف لآل بيت النبوة!!

 

وولاية الفقيه الذي يعتبروه في اجتهادهم المبتدع نائب الإمام المهدي الإمام الثاني عشر الغائب عليه وعلى آبائه السلام وهذا لم يرد في المذهب الجعفري إلا بظهور خميني، أما المذهب الوهابي والمرتكز على اجتهاد محمد عبد الوهاب والذي نعرفه عنه انه شخص مجهول النسب، ولكن الوارد لنا انه ضابط مخابرات انكليزي وفد إلى تركيا ودرس فيها ستة سنوات ثم رحل إلى إيران وهناك درس المذهب الجعفري وبقى أربع سنوات ومن ثم قدم البصرة واستقر في احد مساجدها وبدأ التبشير بفكره المبتدع فاستهجن الناس تلك الأفكار وأنكروها وأوصلوا أمرها للمرجعية في النجف (يوم كانت المرجعية عربية تعمل حقا بمذهب آل بيت النبوة ولم تسييس) فأعلنت المرجعية بطلانها وكفرته وأهدرت دمه فهرب أو نقل من قبل مرجعيته (المخابرات البريطانية) وهناك تم تكوين حلف بينه وبين سلطان الدرعية المتطلع للاستيلاء على سلطنة نجد بكاملها على أن يتولى الشيخ (محمد عبد الوهاب) الإفتاء الديني ويتولى السلطان وأبنائه الحكم فبدأ هذا العمل التخريبي من نجد، ونسال الله الصحة لإكمال هذا المبحث بشكل تفصيلي لنكشف لعموم البشرية وليس العرب فقط المنهج الشرير الذي تعتمده قوى البغي والإرهاب وخطورته ودور الحكومات التي تدعي الإسلام في تنفيذه. ومنه التوفيق.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١٢ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٨ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور