أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي «الأصل» علي الريَّح السنهوري لـ«الأهرام اليوم» «١-٢»

 
 
شبكة المنصور
حوار : حسن حميدة

قبل أن ترى «الأهرام اليوم» النور، وتلامس أيدي القرَّاء؛ جلست مع أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي «الأصل» قيادة قطر السودان، عضو القيادة القُومية الأستاذ علي الريَّح السنهوري، وسألته عمَّا تردد حول موت البعث بموت قائده صدَّام حسين، واختلاف أحزاب البعث في العراق والسودان وسوريا، رغم مناداتها برسالة «أمة عربية واحدة» وعدم وجود أي دور للحزب في السودان، ومصادر دعم الحزب ومعاناة أُسر شهداء الحزب، ومناداة البعث بوحدة السودان، ومشاركته في مؤتمر جوبا الذي خرجت منه قيادات أحزاب تتحدث عن الانفصال وبيع الحركة الشعبية لأحزاب التجمع والتحالف، وخريطة إنفاذ التحوُّل الديمقراطي، والاتهامات المثارة ضد البعث باستخدام العنف في العراق، وما راج حول مؤسس البعث ميشيل عفلق بشأن عدم إظهار إسلامه، والاتهامات التي قيلت حول ظلم واحتلال صدَّام للكويت. فإلى مضابط الحوار الذي ينشر في جزئين:

 

يقول مراقبون إن البعث مات عندما شُنق القائد صدام حسين؟

ابتدر إجابته بسؤال: ماذا ترى أنت؟ هل ترى أن الحزب شُنق، أم اختفى، أم ضَمُرَ نشاطه؟ ثم قال: بالعكس، استمد البعث من قوة وشجاعة القائد الشهيد صدَّام حسين، واستمرارية المقاومة الباسلة بقيادة الرفيق عزت إبراهيم الأمين العام؛ العزم على المضي قدماً في طريق ترجمة المبادئ القومية والديمقراطية والاشتراكية، وارتفعت وتائر نضال حزب البعث في العراق بعد الاحتلال، ولم تتراجع، ومردّ ذلك لارتكاز الحزب على الفكرة والمبادئ، وليس على الأشخاص رغم عظمتهم، مثل القائد المؤسس عفلق، والقائد الشهيد صدَّام، والقائد الشهيد طه يس رمضان، والمرحوم بدر الدين مدثر سليمان، ومحمد سليمان الخليفة، ومع انتقال هؤلاء إن شاء الله إلى الجنان ورحمة الله الواسعة؛ لم تتوقف مسيرة البعث في العراق والسودان وبقية أقطار الوطن العربي؛ لأنها مسيرة أجيال متتالية، وأهداف البعث العظيمة «الوحدة والحرية والاشتراكية» ليست من نوع الأهداف التي يمكن أن تتحقق في عصر جيل واحد، أو في عقد من الزمان، إنما تحتاج لنضال دؤوب مستمر وصبر، وقد تتحقق في عقد أو عقدين، وعليه تنتقل الراية من أيدينا إلى أيدي أجيال أخرى، ولذلك الإخلاص في البعث للفكرة، ونحن نقدِّر ونقيِّم ونعظِّم الأشخاص من القادة، بقدر إخلاصهم واستعدادهم للتضحية في سبيل الفكرة.

 

البعث ينادي بأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لكن أحزابه على خلاف، في العراق وسوريا والسودان، فكيف يتحقق ما ينادي به؟

أولاً لا يوجد ما يسمى بأحزاب البعث، وإنما هو حزب واحد قومي ملتزم بنظرية قومية، وتنظيم قومي تتمثل آلياته في المؤتمرات، والقيادة، وكل من يُفصل أو يَخرُج؛ تنقطع صلته بهذا الحزب، حتى وإن انتحل اسم الحزب، ومن الواضح أن الحركات التاريخية العظيمة تواجه محاولات للتزوير، وذلك ليس قاصراً على البعث، وإنما مجمل الحركات في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويتمثل ذلك في الانقسامات والتساقطات والخروج والارتداد عن الفكرة، ثم محاولة رفع رايات الفكرة نفسها بشكل مزيَّف، فهذه سمة عامة، حتى في صدر الإسلام حدث انشقاق كبير، وليس مجرد تساقط، ورفع البعض راية الإسلام زيفاً كبني أمية الذين حاولوا امتطاء الفكرة لبناء مُلكٍ عَضُودٍ ولكن ذلك لا يُحسب على الإسلام.

 

ألا تعترف بأحزاب البعث في سوريا، وغيركم في السودان؟

في سوريا «القصة طويلة»، وحدث فيها انقلاب على القيادة القومية، ولذلك درج الناس على تسميتهم بالقطريين، والقومية تتجاوز القطرية، ولكن يمكنك أن تنظر للموضوع من زاوية أخرى، والمسألة لا تتعلق بأن هناك أناساً يحملون رايات البعث فقط؛ فهناك من يرفعون رايات القومية العربية خارج إطار البعث، سواء في ليبيا أو الجزائر أو المغرب أو اليمن، وهذا يدل على حيوية فكر البعث، والفكر القومي؛ لأن لهذا الفكر تاريخ ورصيد نضالي كبير، ولذلك يسعى كثير من الأفراد والحركات للانطلاق منه لاكتساب ثقلٍ في الساحة العربية.

 

تسمون حزبكم «البعث العربي الاشتراكي قيادة قطر السودان»، وتعترضون على القطرية، لماذا؟

قيادة قطر السودان تعني الترتيبات الإدارية داخل الوطن العربي الذي يتكون من «22» قطراً، وفي كل واحدٍ تنظيمٌ للحزب، وهذا تنظيم إداري، مثل أن تقول: حزب البعث العربي الاشتراكي تنظيمات إقليم دارفور، أو الأوسط، والفرق بين القطر والقطرية كالفرق بين القبيلة والقبلية، فالقبيلة واقع، وكل الناس ينتمون إلى قبائل، ولكن القبلية عصبية استهجنها الإسلام قبل «14» قرناً.

 

كثيرون لا يرون دوراً ومراكز للحزب بالولايات، فهل هو ينحصر بين المثقفين والطلاب في ولاية الخرطوم؟

نحن في ولاية الخرطوم ليست لدينا دار...

 

مقاطعة: ولكن لديكم طلاب.

لدينا طلاب في كل جامعات السودان، ولدينا تنظيمات، ولكن ليست لدينا دور، لأن كل ممتلكات الحزب والممتلكات الشخصية للبعثيين مصادرة في فترة الإنقاذ، ولذلك لا نمتلك الإمكانيات المالية لإنشاء دور للحزب في العاصمة والأقاليم، ونحن نوفِّر قدراتنا المالية التي تتكون من اشتراكات وتبرعات الجهاز الحزبي، وأصدقاء الحزب لتسيير العمل، وأنت تعلم أن تكلفة العمل السياسي عالية جداً الآن. الحزب له وجود في كل أقاليم السودان.

 

هل يمكننا أن نقول إنه وبشنق صدَّام حسين توقَّف الدعم الذي كان يصلكم، وانعكس ذلك سلبياً على الحزب بالسودان؟

أولاً، القائد الشهيد صدَّام لم يُشنق بمجرد احتلال العراق، وإنما تم اغتياله بعد«3» أعوام من الاحتلال، ونحن كحزب قومي نتعاطف مع بعضننا البعض، ولكن الإمكانيات المالية ليست هي أساس كل شيء، فهنالك كثير من الأحزاب لديها إمكانيات مالية كبيرة، ودور، وسيارات، وغيرها، ولكنها بلا فاعلية، بينما يمارس البعث نشاطه بفاعلية عالية جداً رغم أنه يستخدم منازل ودور الرفاق الشخصية.

 

من هم أصدقاء الحزب الذين يموِّلونه معكم؟

هم أصدقاء الحزب، المحيطون به، والمؤيدون له، دون أن ينتموا أو ينتسبوا أو ينتظموا في صفوفه.

 

هنالك شكوى يرددها بعض البعثيين الذين انفصلوا عنكم، تتمثل في توقف الدعم الذي كان يصل لأسر شهداء البعث، ومعاناة تلك الأسر؟

إذا كان أولئك خارج الحزب؛ إذن ليست لهم دراية بما يدور داخله. «ضحك»، وواصل: وليس من حقهم حتى الشكوى لأنهم لم يعودوا جزءاً من الحزب.

 

حسناً، ما هو واقع أسر شهداء البعث؟

هذا يعتبر من المسائل الداخلية للحزب، ولا يناقش في الإعلام.

 

شاركتم في مؤتمر جوبا، وخرجت منه قيادات بالحركة مثل باقان أموم تلوِّح بالانفصال، وقال الترابي إنه وجد النزعة الغالبة في الجنوب نحو الانفصال، وأنتم حزب ينادي بالوحدة، فكيف تقيِّمون ذلك؟

بعض الناس يصفون الحالة في الجنوب من وجهة نظرهم الشخصية، وليس بالضرورة أنهم يؤيدون انفصال الجنوب، وأنا لم أسمع لباقان أموم تصريحاً واحداً يؤيد انفصال الجنوب، بل سمعت له تصريحات يقول فيها إن الممارسة الصادرة من المؤتمر الوطني لا تدفع الجنوبيين نحو الوحدة الجاذبة، وهو ينتقد الممارسة بهدف الوصول إلى نظام يتمكَّن فيه جميع السودانيين من العيش سواسية في إطار ديمقراطي، وأنا لا أدافع عن الحركة الشعبية، لأن لها من يدافع عنها، ولكن الحركة هي جبهة عريضة بداخلها تيارات متعددة، بعضها وحدوي وبعضها انفصالي، وكذلك في الشمال هنالك تيارات عدة، بعضها وحدوي والآخر انفصالي، ونحن مع التيار الوحدوي في الشمال والجنوب، وواجبنا أن نعزز وحدة السودان؛ لأنها ضرورية للبلد وأفريقيا، لأن هنالك جهوداً تُبذل منذ زمن طويل جداً لعزل شمال القارة عن جنوبها، بينما نحن نناضل من أجل وحدة أبناء هذه القارة واستقلالها وتقدمها، ونحن مع الاشتراكية، وهنالك أحزاب مع نهج التطور الرأسمالي الذي أوصل بلادنا لما هي فيه الآن، ونحن ضد العولمة والخصخصة، وهنالك أحزاب معها، والقاسم المشترك بين هذه الأحزاب هو النضال من أجل الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، وبعض القوى السياسية تعتقد أن هذا التحوُّل يمكن أن يحدث من خلال التوافق مع المؤتمر الوطني، وبعضها يعتقد أنه لن يحدث إلا بالضغط على المؤتمر الوطني لأنه متشبث بالسلطة ومنفرد بها والثروة، ولا يريد من التحول الديمقراطي غير ديكور يجمِّل به النظام القائم. وتجمع الأحزاب هذه يهدف إلى الانتقال من التمزق والتشتت إلى الوحدة.

 

يرى كثير من المراقبين أن الحركة الشعبية باعت التجمع بنيفاشا، والآن باعت تحالف جوبا، وأنتم جزء منه، وعادت لشريكها في الحكم، المؤتمر الوطني، وأدارت ظهرها للتحالف؟


طبعاً تتعدد التحليلات والرؤى بتعدد المواقع والمواقف، والحركة عندما دخلت التجمع في القاهرة نحن كنا خرجنا منه لانتقال مكتب قيادته من السودان إلى خارج السودان، وأذكر أن جون قرنق سُئل في حينها «كيف تتحالفون مع تلك الأحزاب؟»، ورد أن تلك الأحزاب عندما كانت في السلطة كانت معادية لنا، أو بعضها، وقال إن لكل حزب أجندته وأهدافه من خلال هذا التجمع، و«الحشَّاش يملأ شبكتو»، ولم يسعَ في رده لتضليل أو خداع الآخرين، وفضلاً عن ذلك قرنق لم يكن هو أول من انسحب من التجمع، وإنما حزب الأمة هو الذي انسحب منه قبل توقيع قرنق على نيفاشا، وبخروج الأمة انتهى التجمع تقريباً؛ لأنه كان يحتوي الأمة والاتحادي في الشمال، والحركة في الجنوب، والحركة ليست الآن ضمن التحالف، وإنما هي ضمن أحزاب مؤتمر جوبا، والأخيرة لم تنشئ جبهة أو محوراً في مواجهة المؤتمر الوطني؛ بل بالعكس كانت تسعى لحضور ومشاركة الوطني ولكنه رفض المشاركة في مؤتمر جوبا الذي نادى في مقرراته بعقد مؤتمر جامع لكل الأحزاب لتحقيق إجماع وطني حول القضايا الأساسية للسودان مثل التحول الديمقراطي والدفاع عن استقرار السودان ووحدته بحل مشكلة دارفور واحتواء احتقانات جبال النوبة والشرق، والاحتقانات الناتجة عن السدود المزمع إنشاؤها في الشمال، والحركة الشعبية لم تقل في يوم إنها تسعى لبناء معارضة للإطاحة بهذا النظام؛ بل كانت صريحة في أنها لا تؤيد تغيير النظام القائم، ولكنها تريد تضامن كافة الأحزاب بما فيها الوطني لمواجهة التحديات الراهنة. إذن ليس هنالك من يخضع للآخر ولكل حزب في ما يسمى بالتحالف، وهو ليس تحالفاً وإنما مؤتمر لتنسيق العمل السياسي، لكل حزب أجندة وأهدافه الإستراتيجية السياسية والأيديولوجية، بعضها أقرب للمؤتمر الوطني مقارنة بعلاقتها مع أطراف أخرى مشاركة معها في أحزاب جوبا، وحتى في السلطة، سواء أكانت التنفيذية أم التشريعية، وبعضها مشارك في ما يسمى بالتحالف السياسي.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١٨ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور