رسالة إلى القادة العرب في طرابلس النخوة العربية ..

 
 
شبكة المنصور
محمد الكوري ولد العربي ـ موريتانيا

السادة القادة،

لقد أراد الله أن يمتحن هذه الأمة بشتى المحن في كل مفصل تاريخي حاسم من  حياتها، ليميز الخبيث فيها من الطيب، وليمحص المؤمنين منها، ويمحق المتخاذلين؛ وكان ابتلاؤه جل في علاه متناسبا في كل مرة مع عمق الإيمان الذي خص به العرب في تكليفهم وتشريفهم بحمل رسالة الإسلام الخالدة إلى فجاج العالم.

 

وشاءت مشيئته تعالى أن يقطع دابر الجبابرة عبر التاريخ في أرض العرب... من أبرهة مرورا بكسرى فارس، فقيصر الروم، ثم هولاكو المغول والصليبيين، وأخيرا وليس آخرا طغاة عصرنا من المجرمين الأمريكيين، الذين أعماهم العتو وأصمتهم القوة الغاشمة فراحوا يدمرون الحياة ويخربون ذاكرة الحضارة الإنسانية في بلاد الرافدين؛ حيث القلب النابض أبدا في أمة العرب والمسلمين عموما.

 

أيها القادة،

لقد تلفع المجرمون الأمريكيون بلفاع الطغيان، وغرهم في قوتهم ما كانوا يتوهمون، ولسان حالهم يقول: "من أشد منا قوة"!.. فقرروا تدمير العراق أولا، ثم تدمير سوريا، فمصر والسعودية، ثم ليبيا والجزائر، طبقا لما أسموه جهرة بمشروع الشرق الأوسط الكبير!.

 

غير أن رجال الأمة التي حطمت أنف كسرى في المدائن بالعراق، على يد القائد العربي المسلم سعد بن أبي وقاص، كانوا لهم في ذات الموعد التاريخي مع القائد الشهيد صدام حسين؛ فأغرزوهم في وحل العراق إلى الأذنين، فهم اليوم يضجون بآلامهم كما يضج اللديغ بالسم!.. وكما انتحر المغول عسكريا وحضاريا بدخولهم بغداد، ينتحر المجرمون الأمريكيون اليوم على أسوارها تحت ضربات المقاومة العراقية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، ليدرك الأنذال الدمويون أنهم  اجترحوا خطأ العمر، فإما أن يهربوا ذليلين وتنحطم هيبتهم بين شعوب الأرض، وإما أن يستمروا على جمر المنازلة مع رجال الشهيد صدام حسين فتتصرم أوصالهم، وتنصرم عراهم، وتنقصم فقرات قوتهم اقتصاديا وعسكريا، وإعلاميا ونفسيا.

 

القادة العرب،

لقد أبديتم من الضعف والهوان ما تأنف منه خيوط العنكبوت، وتقلبتم بين مضاجع الذل، ومخابئ العهر، ما يكفي لتنجيس مياه الأرض؛ وإن موت البهائم ليحاصركم عن أيمانكم، وعن شمائلكم، أفلا يكون في حياتكم مأثرة إذا تصفح "المُعَدِّدُ" سجل أفعالكم؟!.

 

القادة العرب،

إنها قمتكم! وقد تكون آخر قمة لكم، وقد تكون آخر قمة لبعضكم، فهلا استجبتم مرة في حياتكم لنداء الضمير، ولنداء القرابة، ولنداء الدين، ولنداء الإنسانية، بوقوفكم مع شعب أمتكم في فلسطين والعراق، برفض الاحتلال وإفرازاته ودعم المقاومة، واحتضان ضحايا الاحتلال خارج أوطانهم؟!.. إنها قمتكم! وعسى الله أن يأتي بالفتح قريبا فتصبحوا على ما أصررتم في أنفسكم نادمين، حين يطرد أسود الرافدين الأمريكيين من العراق، ويطهروا مدنه وقصباته من رجسهم، وحين تتأرج تربة العراق بأريج دم الشهداء، فيومئذ لا تخفى منكم خافية!

 

القادة العرب،

لقد سمع الأحرار والتقدميون من قائد ثورة الفاتح معمر القذافي كلاما على مستوى المسؤولية القومية والإنسانية أمام فعاليات الشعب العراقي، حين صدرت منه الكلمات العظيمة التي تفيض عمقا وصدقا في حق أعظم وأنبل وأقدس مقاومة عرفها تاريخ الإنسانية لأعتى وأخس معتد أثيم عرفه سجل الإجرام على هذه الأرض.. لقد كان قائد الفاتح من سبتمبر غاية في الصراحة عندما عبر عن أدق معنى للألم وهو يتكلم عن أن الحروب التي خاضتها الأمة؛ خاضتها مجتمعة وتطوع فيها العرب علنا، ماليا وسياسيا، وعسكريا وإعلاميا، رسميا وشعبيا، أما اليوم فإن العرب يخافون حتى من التعاطف مع المقاومة في العراق، حتى لا يدرجوا في عديد الإرهابيين!.

 

لقد أحسست بعمق أن كل كلمة خرجت من هذا الرجل، كانت قطعة من شغاف قلبه، وأنه بالفعل يتمزق!.. كان منصفا وأبعد ما يكون عن المزايدة، لما قال أنتم العراقيون وحدكم هزمتم الولايات المتحدة، وليس من منة لأحد عليكم؛ بل زاد في الإنصاف والصدق أن العرقيين هم أصحاب المنة على العرب والمسلمين عندما أوثقوا الوحش الأمريكي المفترس في وحل الهزيمة المدوية، والعراقيون هم وحدهم من يحق له رفع الرأس في عالم اليوم!

 

واختتم معمر القذافي كلامه: أنه لن يدخر جهدا في أن تستجيب القمة العربية لطلبات فعاليات الشعب العراقي، معترفا أنه متبنيا أصلا لهذه الطلبات بحسه القومي وواجبه الإنساني، ولكنه لا يملك قرار القمة.

 

السادة قادة العرب،

ما الذي يمنعكم أن تقولوا ما قاله معمر!.. ما الذي تخشون من الاعتراف بالمقاومة التي تقرها شرائع السماء وقوانين أهل الأرض.. أي شيء تخافونه بعدما تكسرت أنياب الوحوش الأمريكيين بجذوع النخل في العراق؟!

في انتظار خاتمة تشفع لكم أمام تاريخ حافل بأخطائكم وخطاياكم، نسيتموها وأحصاها كبيرة وصغيرة، نزف بكلمة تقدير وإجلال إلى قائد الفاتح من سبتمبر معمر القذافي وهو يرعى قمة العرب في طرابلس النخوة العربية.

.
Medkouri_a@yahoo.fr
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ٠٧ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٣ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور