التشويه والمعركة من أجل النفط

 
 
شبكة المنصور
ابو احمد الشيباني

على مر التاريخ  استعمل مصطلح " الحروب الدينية" من أجل التعتيم على المصالح الإقتصادية  والاستراتيجية الكامنة وراء غزو واستعمار أرض الغير.

 

"الحروب الدينية" هدفها دائما هو تأمين السيطرة على الطرق التجارية والموارد الطبيعية.

يصور المؤرخون الحملات الصليبية التى امتدت من القرن الحادي عشر حتى القرن الرابع عشر بأعتبارها سلسلة متصلة من الحملات الدينيه الحربيه التى أستهدفت استعادة الاراضي المقدسة من أيدى  "الكفار". لكن في الحقيقة كان الغرض من هذه الحملات ابعد مايكون عن الدين, حيث استهدف بالأساس السيطرة بقوة السلاح على طرق التجارة بالشرق التى كانت تهمين عليها مجتمعات  التجار المسلمين.

 

وقد دعمت الحملات الصليبية موقفها بما اصطلح على تسميته " بالحرب العادلة". وشنت الحرب بدعم من الكنيسة الكاثوليكية، التى البست الحرب غطاءها الدينى وروجت لها. وتم استخدامها في كل القارة الاوروبية كأداة لحشد الآلاف من الفلاحين  وعبيد الارض والخارجين على القانون .

 

الحرب الصليبية الامريكية في اسيا الوسطي والشرق الاوسط :

يعتبر امتلاك "سبب عادل" لشن الحرب شئ جوهرى من وجهة نظر الرأي العام. فالحرب لا يمكن اعتبارها عادلة، إلا اذا شنت بغرض الدفاع عن الأخلاق او الدين أو القيم العليا.  والحملة  الصليبية الأمريكية على وسط اسيا والشرق الأوسط لم تستثنى من هذه القاعدة.   وتدعي"الحرب علي الارهاب" انها تدور دفاعاً عن الوطن الامريكي ومن اجل حماية "العالم المتحضر" !  وتصور على أنها "حرب دينية"، أو "صراع بين الحضارات " .

 

ان نظرية الحرب العادلة تبرر الحرب " كعملية أنسانية "!. انها تستخدم لاخفاء الاغراض الحقيقة للعمليات العسكرية و تقدم صورة للغزاة كاخلاقيين أصحاب مبادئ  !!!!.

 

والصورة المعاصرة لهذه النظرية  تدعو للتدخل العسكري علي اسس مبدئية واخلاقية ضد  "الارهابيين الاسلاميين " او " النظم المارقة " اللذين يشكلون تهديد للوطن !!. و نقطة ارتكاز ادارة بوش في تبريرغزوها للعراق وافغانستان هو ان لديها " سبب عادل " لشن الحرب .

 

ويتم تدريس نسخة حديثة من نظرية "الحرب العادلة " في الاكاديميات العسكرية الامريكية وقد دخل في صلب العقيدة العسكرية الامريكية . ويستخدم الحق في "الدفاع عن النفس "في تبرير "الحرب علي الارهاب " ومبداء "الحرب الاستباقية " . ونظرية الحرب العادلة او المبررة تحدد "متي هو مسموح بشن الحرب " وهي تخد م غرض بناء اجماع بين مستويات القيادة للقوات المسلحة .وهي تهدف ايضا الي اقناع القوات بأن العدو هو "الشر" وبالتالي فهم يحاربون من اجل "هدف عادل ". وعلي العموم فأن النسخة الحديثة من النظرية هي جـزء من  التضليل الاعلامي و حملات الدعاية للحرب ، الهادفة لحشد التأيد الشعبي لحرب مقررة سلفا

 

الحرب من اجل النفط وشيطنة العدو " بمعني تصوير العدو في صورة الشرير "

دائماً ما تضع الحرب لنفسها أجنده انسانية، تدعى السعى لخير البشرية، واصلاح الأوضاع المقلوبة. ولهذا فقد شهد التاريخ المرة تلو الأخري تقديم الخصم بصورة مشوهة. فالحروب الصليبية قدمت العرب فى صورة شياطين، فهم هؤلاء الكفار من اصحاب البدع الدينية من منظور التأكيد على "عادلة" الحرب ضدهم.

إن تقديم الخصم بهذه الصورة الشيطانية (الشيطنة) يخدم الاغراض الاقتصادية والسياسية والجغرافية. لذلك فأن الحملة على "الإرهاب الإسلامى" ( وهو المدعوم سراً من قبل المخابرات الأمريكية) تهدف حقيقة الي السيطرة علي النفط .  فمصطلح " الفاشية الاسلامية " يهدف اساسا الي الحط من قيم  الدول الإسلامية، ومؤسساتها ،وسياساتها ،  ونسيجها الإجتماعى،  فى نفس الوقت الذي يتم فيه الإعلاء من مبادئ " الديقراطية الغربية "، و"حرية السوق"  باعتبارها البديل الوحيد المطروح أمام هذه البلدان.  

 

ان الحرب الواسعة التي تشنها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ومنطقة وسط آسيا تهدف الي السيطرة علي اكثر من 60% من مخزون البترول والغاز الطبيعي في العالم .  وشركات النفط الانجلو- امريكية العملاقة هدفها هو السيطرة علي  خطوط النفط والغاز الخارجة من هذه المناطق.(أنظر الجدول والخريطة ادناه).

فالدول الاسلامية  وتشمل  كل من السعودية والعراق وايران والكويت والامارات العربية المتحدة وقطر واليمن وليبيا ونيجيريا والجزائر وكازاخستان وازربيجان و ماليزيا واندونيسيا وسلطنة برنوي تستحوذ مجتمعة على نسبة تترواح  بين 66.2% إلى 75.9 % من الاحتياطيات النفطية العالمية حسب المصدر القائم بالتقدير و طريقة حساب المخزون. (انظر الجدول ).

 

وفي المقابل تملك  الولايات المتحدة بالكاد 2%  فقط من الاحتياطات العالمية . بل ان الدول الغربية ومنها الدول  المنتجة الرئيسية -  كندا والولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا والدنمارك واستراليا- تسيطر مجتمعه على 4 % فقط من اجمالى احتياطات النفط العالمية، ووفقاً للتوقعات الأخري الصادرة عن صحيفة النفط والغاز، والتى تضع فى حسبانها مخزون النفط "الرملى" الكندى  فإن هذه النسبة يمكن ان ترتفع لتصل الي 16.5 % (انظر الجدول أدناه )

 

هذا ويقع الجزء الاكبر من احتياطات النفط العالمية في المنطقة الممتدة من  اليمن جنوبا حتي حوض بحر قزوين شمالا، ومن  الساحل  الشرقى للبحر المتوسط حتي الخليج الفارسي أو "العربي".  ولهذا فليست مصادفة ان تصبح منطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطي مسرحا لعمليات الولايات المتحدة  في "حربها ضد الارهاب"، فهى تحتوي طبقا للتقديرات العالمية اكثر من 60 % من احتياطيات العالم من النفط . فالعراق وحده  يملك خمسة أضعاف ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية من النفط.

 

والدول الإسلامية وحدها  تملك من النفظ ما لا يقل عن سته عشر ضعفا مقارنة بما تملكة الدول الغربية مجتمعة ..

  والدول الرئيسية الغير مسلمة ذات المخزون النفطي هي فنزويلا والمكسيك وروسيا والصين والبرازيل ( انظر الجدول)

 

هذة الشيطنة موجهه الي عدو يملك ثلاثة ارباع احتياطات نفط العالم !!!. مستخدمة عبارات مثل   " محور الشر "  و "الدول المارقة "  والارهاب الاسلامي " و " الدول الفاشلة ". الاساس الذي ترتكز عليه "الحرب الأمريكية على الإرهاب" هو تحويل الخصم إلى شيطان وصب اللعنات عليه بمثل هذه المصلحات التى تساق كمبررات لشن معركة من أجل النفط.  فالمعركة من اجل النفط تتطلب تصوير من يملكونه في صورة الشيطان. فالعدو يتم تصويره باعتباره يمثل الشر، وبهذا فالعمل العسكري لمواجهة الشر، بما يحتويه من قتل جماعى للمدنيين يتم الترويج له باعتباره عمل عادل.

 

ولهذا نجد منطقة الشرق الاوسط ووسط اسيا مدججة بالسلاح (انظر الخريطة) وحقول النفط مطوقة من جميع الإتجاهات. فبالقرب من السواحل الشرقية للبحر للمتوسط تقبع  سفن الحرب التابعة لحلف شمال الاطلنطي (الناتو) ( بدعوى أنها جزء من قوات "حفظ السلام" التابعة للأمم المتحدة ) . واساطيل حاملات الطائرات و المدمرات موجودة في الخليج العربي الفارسي  كجزء من "الحرب علي الارهاب " !!

 

ان منظومة العمل العسكري وعمليات المخابرات السرية و الحملات الاعلامية المضللة تهدف بشكل اساسي الي تفكيك البناء الاجتماعي لدول ذات سيادة وتحويلها الي مناطق اقتصادية مفتوحة يمكن نهب ثرواتها الطبيعية بل ومصادرتها تحت راية " حرية التجارة " والاسواق المفتوحة والحرة... و تمتد هذه السيطــرة ايضا الي الاراضي التي يمر بها خطوط النفط والغاز (مثال ذلك افغانستان ) .

 

ان الشيطنة هي احدي طرق الحرب النفسية تستخدم للتحكم في الرأي العام وخلق اجماع موافق علي الحرب. وبشكل مباشريقوم البنتاجون واجهزة المخابرات الامريكية بالانفاق والاشراف علي هذه الحرب النفسيه  والتي لا تقف عند اغتيال او تصفية حكام البلاد المسلمة فقط لكنها تمتد الي كل السكان . وهذه الحرب النفسية تستهدف ايضا المسلمين في اوروبا الغربية وامريكا الشمالية . وهي ترمي الي تدمير الشعور والوجدان القومي والقدرة علي مقاومة الغزاه . انها تشوه سمعة الاسلام وتخلق انقسامات اجتماعية . وهي تهدف الي تفجيــر المجتمعات القومية من الداخل مما يؤدي بها في النهاية الي" الحرب الاهلية " . وفي الوقت نفسه تخلق الحرب النفسيه هذه  مناخ يسهل الاستيلاء تماما علي مصادر البلاد , لكن في نفس الوقت , فأن الطاقة الكامنه في الشعوب تولد رد فعل معاكس وتبعث بشعور وطني جديد و تنمي التضامن بين الاعراق مما يوحد الناس معا لمواجهة الغزاة .

ومن المهم جدا ملاحظة ان تفجير انقسامات طائفية  و"حروب اهلية" تم التركيز عليه في عملية اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط , والذي اوصي بتقطيع اوصال الدول و تمزيقها الي دويلات حسب الطوائف او الاعراق . ان خريطة الشرق الاوسط الجديد - وبرغم انها ليست رسمية -  قد تم استخدامها من قبل اكاديمية الحرب الامريكية !!ولقد طبعت هذه الخريطة مؤخرا في مجلة القوات المسلحة الامريكية ( يونيو 2006). وفي هذه الخريطة تم فيها تمزيق الدول القومية الحالية واعادة رسم حدودها الدولية بشكل عرقي او مذهبي وبشكل يخدم مصالح شركات النفط الانجلو- امريكانية العملاقة (راجع الخريطة) . ولقد استخدمت هذه الخريطة في برنامج تدريب  كبار الضباط في كلية الدفاع في حلف شمال الاطلس

البترول يوجد في اراضي المسلمين

 

لان البترول يوجد في اراضي المسلمين فأن تشويه صورتهم وجعلهم اعداء هو جوهر  الاستراتيجية في المنطقة اليوروآسيويه . انه عنصر اساسي في عملية توزيع مخزون العالم من النفط والغاز. فلو كان البترول يوجد في اراضي غالبية سكانها من الهندوس او البوذيين لكانت السياسة الخارجية الامريكية موجهة ضد البوذيين او الهندوس وسيكونون عندئذ هدف لحملة الافتراء والتشويه .

 

ان سوريا وايران هما مسرح العمليات العسكرية القادمة  طبقا للتصريحات الرسميه الامريكية بأعتبارهما جزء من محور الشر .

 

لقد قامت الولايات المتحدة برعاية العديد من "الحروب الاهلية " في العديد من بلدان النفط والغاز الاستراتيجية ومن ضمنها نيجيريا - السودان – كولومبيا – الصومال – اليمن – انجولا – مع عدم اغفال الشيشان والعديد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة .  والحروب الاهلية الدائرة الان - والتي تشعلها او تغذيها امريكا -   وتتضمن عادة ارسال دعم خفي الي الميليشيات او العصابات المسلحة قد تم تفعيلها في منطقة دارفور في السودان وايضا في الصومال . ففي دارفور يوجد مخزون هائل من النفط .وفي الصومال تم تخصيص مناطق امتياز مربحة الي 4 من شركات النفط الانجلوامريكية العملاقة . " وطبقا لوثائق حصلت عليها جريدة التايمز فأن حوالي ثلثي مساحة الصومال قد تم تخصيصها الي شركات النفط الامريكية العملاقة  ( كونكو – امكو والتي هي الان جزء من B.P -  شفـرون – فيليبس ) وذلك في السنوات الاخيرة لحكم الرئيس الصومالي محمد زياد بري الموالي للولايات المتحدة قبل ان يخلع وتغوص البلاد في الفوضي في يناير 1991 . وصرحت مصادر هذه الصناعة ان الشركات التي تحتفظ بالحقوق في اكثر المناطق الواعدة تامل في ان يؤدي قرار حكومة بوش بأرسال قوات امريكية لحماية شحنات المعونة للصومال الي حماية استثماراتهم هناك والتي تقدر بملايين الدولارات .

 

ان الحرب على العراق واحتلاله من قبل القوات الغازية الامريكية دلاله واضحة من اجل السيطره على منابع النفط في العراق اولا وتحقيق امن الكيان الصهيوني من خلال حكومة عميله ثانيا ومنذ عام 2003 تسيطر على منابع النفط وتقوم بسرقته يوميا ولغرض تحقيق امن (اسرائيل) وجدة لها بؤر لهذا الغرض من عصابات ومليشيات طائفيه تعمل لخدمه الصهيونيه في ممارسة القتل والتهجير من العلماء والمثقفين والوطنين وضباط الجيش والطيارين والطباء والتفجيرات اليوميه التي تقوم بها اطراف عميله مدعومه من الحكومه التي تتعامل بازدواجيه  في عمالتها الى المحتل الامريكي والايراني وان الاخير اصبح واضحأ من خلال الانتخابات الاخيره التي جرت في 7/3/2010 ولجوء القاده السياسين الفائزين في الانتخابات الى ايران في الطلب الى تشكيل الحكومة المزعومه والتدخلات الايرانيه في الشأن العراقي واضح ومعلوم للجميع وتبادل الأدوار بين الايرانين والأمريكان في العراق والمنطقة  .

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١١ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٥ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور