هل إيران ستملك السلاح النووي ؟ على العرب اليقظة..!!

 
 
شبكة المنصور
ابو احمد الشيباني
إن المتابع لملف إيران النووي سوف يتضح له أن السياسة الإيرانية تملك قدره في المناورة ، وكسب الوقت التي استطاعت الاعتماد على نفسها وبمساعده روسيا في تطوير صناعاتها العسكرية ، وقوتها الصاروخية .ولا يخفى أن إيران تستغل غرق أمريكا في العراق وأفغانستان لتعلن استمرار برنامجها النووي، ضاربةً بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة ولهاث المسؤولين الغربيين . ولو كان الغربُ قادراً على لوي عنق إيران وقمعها لفعل ذلك مباشرة دون الحاجة إلى مفاوضات وتنازلات ومشاريع بديلة مقدَّمة لإيران . فما يجري هو كسبٌ للوقتِ من جهة إيران .


وهناك قانونٌ أساسي عام في كل مكان وزمان ، وهو أن الغرب لا يُقدِم على مفاوضات وتقديم عروض وحوافز إلا إذا كان موقفه ضعيفاً ، فلو كان قوياً بما فيه الكفاية لأوقف أي جهة معارِضة له فوراً دون الحاجة إلى طاولة مفاوضات، وتقديم بعض الأطعمة والأشربة على طاولات غداء العمل أو العشاء ، ونشر بعض الضحكات والابتسامات الصفراء أمام كاميرات وسائل الإعلام ، فهذا كله يعكس المأزق الغربي عموماً، والأمريكي خصوصاً ، ويطرح السؤال المتكرر : من الذي أعطى الحق لأمريكا وأذنابها بامتلاك عشرات آلاف الرؤوس النووية ، وإبادة اليابانيين بالأسلحة النووية ، ومنع باقي الدول من التسلح نووياً ؟! .


ويرافق الارتباك الغربي صعودُ نجم إيران كقوة نووية ضاربة في المنطقة ، في ظل إحالة الدول العربية إلى التقاعد ، والتي صارت عاطلة عن العمل ، نتيجة السياسات الاستبدادية للحكام الأعراب الذين أعادوا البلاد إلى العصر الحجري ، وجعلوا منها ظلاً باهتاً لما يسمى بإسرائيل . فأضحت الدول العربية الكرتونية مزرعة للحاكم وعائلته المعصومة وحاشيته المقدسة ، حيث الفشل الشامل في السياسة والاقتصاد والتعليم وباقي المجالات . وهذا خلق فراغاً هائلاً في المنطقة أَفسح المجالَ لإيران كي تكون اللاعب الأساسي .


فالفوضى الخلاقة في الوطن العربي منحت إيران كل الأوراق على طبق من ذهب ، خصوصاً بعد تآمر بعض العرب على العراق الذي كان البوابة الشرقية للعالَم العربي . وبانتحار العراق كُسرت هذه البوابة. فدخلت إيران لكي تلعب دور الأب للأمة العربية اليتيمة.ولو وجدت إيران في طريقها دولاً سيادية ذات وزن إقليمي وعالمي لما قدرت على زراعة نفسها في المحيط العربي.


وعلى الرغم من هذه الحقائق فلا فائدة للعرب في تصنيف إيران كصديق فسوف تسيطر إيران على الخليج وابتلاعه . وهذا تحليل واقعي. فلا نتصور باكستان دولة نووية سُنِّية مجاورة لإيران مثل سياسة إيران ومع هذا لم تسيطر على الشيعة ، وتفرض نفوذها عليهم .


وعندما تمتلك إيران السلاح النووي سوف تقدر على ابتلاع الخليج ، لأنه بحر النفط وكما هو معلوم فإن النفط هو العمود الفقري للحضارة الغربية . وإذا حدث تهديد لمنابع النفط فإن الغرب وأوله أمريكا سوف يتدخل فوراً ، ليس حباً في دول الخليج ، بل حباً للنفط . وهذا ما حصل مع العراق، فقد تدخل الغرب ليس حباً في الكويت ، بل تقديساً للنفط .


وأيضاً وجود إيران نووية سيدفع دول المنطقة مثل مصر والسعودية لدخول النادي النووي من أجل صناعة معادلة الردع النووي المتبادل وفق منظومة سباق التسلح . فمثلاً ما كان لباكستان أن تصبح دولة نووية لولا ظهور الهند كقوة نووية، مما اضطر باكستان لإيجاد قود ردع، فكرَّست وقتَها لامتلاك السلاح النووي، وهذا ما حصل . فالحاجة أم الاختراع .


أما مبالغة أمريكا فيهدف بالدرجة الأولى إلى بيع دول الخليج أسلحة ، لكي تزدهر مصانع السلاح الأمريكية ، ومحاولة دفع دول المنطقة إلى التكفل بتمويل الحرب على إيران ، كما تكفلت بتمويل الحرب على العراق ، لأن الحاكم العربي مستعد أن يُضَحِّيَ بأي شيء مقابل بقائه على الكرسي . وهذا هو دَيْدَن الأنظمة الدكتاتورية في العالَم كله .


إن الساسه العرب لايغامرون بمستقبلهم. ولكن غياب القائد الرمز المحوري في العالَم العربي جعل منه مساحةً جغرافية لا وزن لها دولياً ولا إقليمياً . ونحن بحاجة إلى تجمع عربي إقليمي مُنَظَّم وفاعل لإعطاء زخم للوطن العربي المهزوم ، وإلقاءِ طوق النجاة لهذه الكتلة الجغرافية الضخمة الضائعة في الصحاري ، وإنقاذِ ما يمكن إنقاذه ، وتحسينِ صورته في المحافل الدولية ، لأن الدول العربية التي انضوت في المحور الصهيوأمريكي تُنفِّذ أجندةً خارجية مرسومة في أروقة الخارجية الأمريكية معادية للمشروع العربي الإسلامي، وهذا سيقضي على الحلم العربي في التحرر والتحرير للدول العربية إذا أرادت التخلصَ من قيود عبوديتها لأمريكا ، مع وجود مسافة وقائية تردع إيران من تنفيذ مخططاتها التوسعية


والمؤسف حقاً أن الدول العربية تُلدغ من نفس الجحر مئات المرات ، فهي تتعرض لعملية نصب سياسي كما حدث في " سايكس بيكو " ، وتغرق في خدعة " الحرب على الإرهاب " التي كانت عملية احتيال واضحة لترسيخ عودة الاحتلال الغربي وتحذيره بشكل متزامن مع تواطؤ رسمي عربي .


ومن المؤكد أن أمريكا لن تأتي لإنقاذ العرب ، وسوف تخلف وعودها للعرب كما فعلت بريطانيا أيام الشريف حسين بن علي . فأمريكا التي أقنعت دول الخليج بأهمية إزاحة الرئيس صدام حسين الذي تم تصويره كخطر داهم ، قد سلَّمت العراق لإيران، وها هي تستعد للهرب منه _ بعد أن أعادت تصميمه وفق الطراز اللبناني _ ، كما هربت من الصومال في بداية تسعينات القرن العشرين ، وبالطبع ستترك العرب يواجهون مصيرهم المجهول .


أضف إلى ما سبق أن إيران قد وصلت في الطريق النووي إلى نقطة اللاعودة ، وسوف تستمر حتى امتلاك السلاح النووي ، ولو استطاع الغرب إيقافها لأوقفها منذ مدة طويلة ، لكنه لا يملك الأوراق اللازمة لكبح طموحها النووي . فالغرب كاملاً برفقة " إسرائيل " لم يقدروا على منع باكستان ( الدولة الفقيرة ) من التسلح نووياً، فكيف سيكبحون جماح إيران ( الدولة الغنية ) ؟!.


فعلى العرب أن ينتبهوا.وإلا تصبح دول الخليج مثل العراق حيث القبائل والطوائف تتناحر ، وتتصارع على احتكار الكراسي الوهمية . ولن تحميَهم القواعد الأمريكية في الخليج لأنها في مرمى الصواريخ الإيرانية . ولا تنفع المشاريع النووية العربية التي نسمع عنها هنا وهناك بمساعدة دول غربية ، لأنها مسرحية مكشوفة لاختراع حالة توازن فاشلة مع إيران . ولا ينفع الرهان على ضرب المواقع الإيرانية ناهيك عن ردة الفعل الإيرانية العنيفة التي تتضمن إغلاق مضيق هرمز تحت الغطاء الصاروخي الكثيف ، وهو أهم طريق لإمدادات النفط العالمية ، إذ تعبرة ناقلة نفط كل ست دقائق تقريباً . بالإضافة إلى قصف القواعد الأمريكية في الخليج ، وتحرك رجال إيران المؤثرين في العراق ، واندفاع المقاومة اللبنانية في عمق فلسطين المحتلة . إن إيران وأمريكيا بينهم انسجام واضح لكل متتبع للإحداث وهناك حوارات خلف الكواليس المعلوم منه والمخفي وان أمريكيا لن تقوم بتوجيه ضربه عسكريه إلى إيران مهما كان السبب .

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٢ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٦ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور