نظرة استشرافية - البعث والمقاومة وايران ومستقبل العراق

﴿ الحلقة الثانية ﴾

 
 
شبكة المنصور
داود الجنابي

قبيل بدء العدوان الامريكي على العراق عام 2003 حذرت قيادة البعث من احتمال انتهاز ايران الفرصة والتدخل بالشان العراقي عند انشغال العراقيون بالتصدي للعدوان ،في حينها اوضح التحذير الاساليب والطرق التي ممكن ان يتخذها التدخل الايراني وبعد ان جرت صفحات المعارك وفق ماهو معروف كانت الاصايع الايرانية مساندة ومساعدة للعدوان الامريكي واحتلال العراق ، ويخطى من يتصور بان ايران كانت بعيدة عن دعم الاسترتيجية الامريكية في حربها الوحشية على العراق .

 

وفي "صناعة الاعلام" هناك حقيقة معروفة لدى الجميع تؤكد ان التصعيد الاعلامي او التهدئة لايمكن ان تؤشر على بواطن الامور في السياسة اذا ما ترافقت مع حجم المصالح والاستفادة من الاحداث السياسية، وعلى صعيد التجربة العراقية ـ الايرانية فان العراقيون يرون ان المصالح الايرانية مع المحتل الامريكي متوافقة بشكل واضح وبرزت اواصر تلك العلاقة عبر موقفين لايمكننا التغاضي عنهما الاول اثناء الحرب الايرانية ـ العراقية تجلى ذلك في الدعم الامريكي لنظام الحكم في ايران وكشفتة قضية تزويد ايران بالاسلحة عبر الكيان الصهيوني وسميت في حينها" فضيحة ايران غيت" والثاني هو ما فعلتة ايران في ظل الحصار الظالم الذي فرضة الغرب على العراق ومن ثم اسناد وتمكين امريكا من احتلالة من خلال تقديم الدعم له عبر عملاءها وبما يتوافق مع مصالحها، وكشفت دراسة اصدرتها مؤسسة "جيمس تاون فاونديشن" الامريكية التي خصصت صفحاتها الاولى للتحركات الايرانية قبيل الحرب ،حيث قالت الدراسة التي جاءت تحت عنوان"مساهمة ايران في الحرب الاهلية في العراق" ( ان فيلق بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية نظم عدداً من الاجتماعات مع جلال الطالباني ومسعود البرزاني وعدد اخر من قيادات المعارضة بحضور نائب قائد الفيلق ابو مهدي المهندي وقائد الفيلق ابو حسن العامري( هادي العامري) وشارك فيها مسؤول عملياتة الاستخبارية ابو لقاء الصافي ومسؤول عملياتة ابو ايوب البصري عام 2001) ، واشارت الدراسة استناداً على وثائق ظبطت في العراق الى تعليمات قائد فيلق بدر التي نقلوها من التقوا بهم تضمنت الاستعداد لحدوث غزو امريكي وتقديم الدعم الضروري والفعال للقوات الامريكية عند وصولها الى الاراضي العراقية والقيام بعمليات استطلاع وبهجمات محدودة المدى بهدف اشغال القوات العراقية في الجنوب .

 

هذان الموقفين يؤكدنا بان اية جعجعة اعلامية ايرانية ضد " الشيطان الاكبر" هي مجرد جعجعة فارغة لااكثر لايمكن بها اخفاء ابعاد التعاون السري بين النظام الايراني وقوات المحتل الامريكي في العراق. ان حتلال الامريكي العراق ادى الى " تسويق المشروع الايراني" ليس في العراق فحسب بل في المنطقة بشكل عام، كما مكن الاحتلال " ايرن " من ان تكون دولة "مركزية" بعد ان عجزت الدول العربية من ايجاد دولة "مركزية" عقب احتلال العر اق والاطاحة بنظامة الوطني القومي الذي استطاع ان يوقف تطلعات ايران في التوسع والسيطرة على المنطقة واعترف الخميني بالهزيمة، من هذا نرى ان الصراع الايراني الامريكي هو (صراع سياسي على المصالح لا على مبادىء وعقائد والاختلافات هو اختلاف المحاصصة واقتسام الغنيمة) هذا ما اكدتة الدراسة التي اصدرها مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية،

 

وبعد الاحتلال برز التدخل الايراني مداه الواسع تحت انظار القوات الامريكية المحتلة ، والثابت ان ايران تدعم اهم واكبر تشكيلين للمليشات هما " بدر" و" جيش المهدي" حيث يحظيان بكل وسائل الدعم والتدريب والاموال من اجل تنفيذ الاجندة الايرانية في العراق ، وهذا يعني ان نظام ايران لايستثني الاخرين امثال " حزب الدعوة" و " جماعة الجلبي" و " حركة كوادر حزب الدعوة" و" حركة ثار الله"و" حزب الله في العراق"و" حزب الفضيلة"و"حركة سيد الشهداء" حيث تقدم ايران كل انواع الدعم والاسناد الى هذة الحركات والاحزاب ، طلبت منها تشكيل "فرق خاصة" مهمتها التدخل الواسع في الشؤون العراقية مع تقديم جهد استخباري عالي ، وارتبطت كل هذة " الفرق والميلشيا والمجاميع الخاصة" بفيلق القدس الايراني الذي قام بشكيل مقرات ومنظومات قرب الحدود العراقية وكذلك داخل الاراضي العراقية ،

 

كما استخدم شبكة من المؤسسات الخيرية والواجهات الاخرى لممارسة انشطتها في انحاء العراق جاءت هذه المعاومات على لسان " ضابط ايراني منشق" وتشير المعلومات الى ان عدد المنظمات الايرانية العاملة في العراق قد تجاوزت 30 منظمة تتخذ اسماء وعناوين معروفة من قبل الجميع حتى قادة قوات الاحتلال الامريكي كما لايران سفارة كبيرة في بغداد تجاوزت حدود عملها الدبلوماسي الى ادارة الاجندة الايرانية في العراق تساندها خمس قنصليات في اربيل والسليمانية وكربلاء والبصرة واخرى في بغداد، من خلال ما تقدم فان امريكا لاتريد ان تحجم من التدخل الايراني في العراق او تدمر ايران كما هو معلن في الاوساط الاعلامية ويقينا ان الكيان الصهيوني يؤيد هذه الفكرة وهذا مااؤكدة ارييل شارون في مذكراتة حين قال( لم ارى في ايران عداءاً للاسرائيل على المدى البعيد)،

 

ازاء هذا التدخل الايراني وبشاعة الجرائم التي ارتكبتها فرق الموت ومليشيات والمجاميع الخاصة بالتزامن مع بشاعة جرائم الاحتلال ، وبات شعب العراق يعرف من يقوم بتعذيب وقتل الابرياء منة ويعلم من الذي يقوم بالتفجيرات دخل مدن العراق وبات شعب العراق يكرة ذكر اسمة ايران على الرغم من الجهود التي يبذلوها عملائها في تحسين صورة ايران ، وفشلت ايران كل الاساليب المتبعة من قبل نظام الحكم في ايران من اجل تحسين صورتها المقيتة لدى العراقيين لذلك عمدت الى تكثيف جهود فيلق القدس الايراني والاجهزة الاستخبارية التابعة لها داخل العراق، نعود الى البداية حيث تحذير قيادة البعث من استثمار ايران لحالة الحرب والعدوان الذي شنتة امريكا على العراق لتتضح لنا صواب ذاك التحذير الذي اوضح الصورة للشعب العراق وكشف النوايا الحقيقة مما جعل العراقيون على دارية كاملة وخوف واضح من التدخل الايراني وتمسك شعب العراق بمقاومتة ،

 

ان نظام الحكم في ايران اثبت انة " الاغبى" ولم يستطيع ان يكون " تاجر بازار "مميز حين اشترى بضاعة معروضة علية من قبل المحتل الامريكي ولم يفكر ان هذة البضاعة قد تكون مسمومة وقاتلة، ومنذ القدم يقع الايرانيون في الاوهام ويتصورا ان العراق سهل الابتلاع، ففي منتصف القرن الخامس عشر قادة الشاة عباس "باسم الصفويين"محادثات مع " الصدر الاعظم التركي في جامع ابو حنيفة النعمان ببغدادومن دون ان يكون اي ضيف عراقي. وكانت المحادثات عبارة عن تقسيم نفوذ ومحاصصة بين الدولتين الاانها انتهت بتورط ايران في العراق ولم تحصد سوى الفشل ومن ثم الهزيمة الفادحة في العراق.

 

ان التاريخ القديم والحديث يؤكد بان الاوهام الايرانية دائما تصطدم في صلابة وشجاعة العراقيين ، وان المقاومة العراقية التي تمسك خيوط المبادرة اليوم في الواقع العراقي يقينا لديها من الخطط والبرامج التي تحجم النفوذ الايراني وتحد من تدخلة السافر في الشائن العراقي .

 

وتجربة البعث في هذه المظمار غنيية جدا حين تصدى ببسالة وشجاعة لعمليات تصدير الثورة الايرانية واستطاع النصر في الحرب التي فرضتها ايران على العراق وتجرع اركان النظام الايراني كؤوس السم فيها،وان شعب العراق ومقاومتة على يقين من الجرائم التي ارتكبت بايادي ايرانية سوف تنال عقابها العادل حين تبزغ شمس التحرير التي باتت قريبة، هذا ليس تمني بل واقع فرضتة حقائق قائمة على الارض وان الهروب الكبير للعملاء اتي لامحال .

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٢ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٦ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور