التهديد النووي الأمريكي الجديد لإيران وكوريا الشمالية تهديد أجوف

 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

ضمن إجراءات سياستها النووية الجديدة أعلنت الإدارة الأمريكية أمس في مؤتمر صحفي على لسان كبار أقطابها المتمثلة بوزيرة الخارجية هيليري كلينتون، وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس هئية الأركان المشتركة روبرت مولن بأنها ستستعمل سلاحها النووي في حالة الضرورات القصوى ضد الدول التي تمتلك هذا النوع من السلاح للدفاع عن مصالحها الحيوية ومصالح حلفائها وأنها وعدت بعدم إستعماله ضد الدول التي لا تمتلك هذا السلاح والتي تلتزم ببنود معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية بإستثناء كوريا الشمالية وإيران. وقد ذكر روبرت غيتس في المؤتمر الصحفي "إذا كانت رسالة اليوم هي لكل من إيران وكوريا الشمالية فإن مفادها هو إذا إحترمتم قواعد اللعبة وإنضممتم الى معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية سنطبق إلتزاماتنا إتجاهكم لكن إذا لم تحترموا قواعد اللعبة فإن كل الخيارات مطروحة".  كذلك هددت واشنطن بإستعمال سلاحها النووي إذا تعرضت لهجوم بأسلحة كيمياوية أو بايولوجية.

 

الإجراءات الجديدة في الوثيقة الأوبامية الجديدة لإستخدام السلاح النووي الأمريكي ضد من ومتى وأين لا تحتوي في الحقيقة على شيئ جديد ذو أهمية إستراتيجية أو سوقية لأن العقيدة النووية الأمريكية في إستخدامها لسلاحها النووي فعليا أو تهديديا لم تتغير لأنها موجهة وكما هو في السابق ضد الدول التي تمتلك السلاح النووي التي تبغي إستعماله في مهاجمة الولايات المتحدة أو تهديد مصالحها الحيوية في العالم. إضافة الى ذلك، بعد سقوط الإتحاد السوفيتي عام 1991 لم يتبقى في العالم قطب أيديولوجي منافس للرأسمالية الغربية أو يهددها ولم يولد نظام إيديولوجي جديد منافس لها لحد الأن، وأن الأنظمة الإشتراكية الشيوعية  السابقة في "أوربا الشرقية" إما إستبدلت نظامها الإشتراكي بنظام رأسمالي يدور في محور المصالح الأمريكية العالمية أو أنها تبنت النظام الإقتصادي المختلط مثلما حدث في الصين الشعبية في العقد الثامن من القرن الماضي. كذلك لا توجد دولة في العالم ما عدا روسيا الإتحادية تمتلك أسلحة نووية تضاهي قوة السلاح النووي الأمريكي، وأن نوعية تسليح الجيش الأمريكي هي أكثر تطورا من تسليح الجيش الروسي خصوصا في مجال الحروب الأليكترونية والصواريخ الموجهة والقوات البحرية والجوية وأسلحة الطائرات التي تطير بدون طيار.

 

عسكريا لا تستطيع القوى الصاعدة مثل الصين الشعبية أو الهند أن تهدد أمريكا في الوقت الحاضر ولا حتى بإستطاعتهما الضغط على الولايات المتحدة إقتصاديا لأن هذه الدول لها إرتباط مصالح إقتصادية مشتركة مع الولايات المتحدة وتعتمد على السوق الأمريكية والمساعدات الأمريكية المباشرة والغير مباشرة في كثير من المجالات. قد تستطيع الصين أن تؤثر على الإقتصاد الأمريكي وخصوصا على عملة الدولار في الحالات القصوى من خلال بيع السندات الحكومية الأمريكية التي تمتلكها (تقدر بحوالي 800 مليار دولار) لكن الصين ايضا تتعرض الى خسائر إقتصادية كبيرة بسبب مخزونها الكبير من الدولار الأمريكي.

 

إذن من يجرؤ على مهاجمة اراضي الولايات المتحدة بالسلاح النووي أو الكيمياوي أو البايولوجي ويهدد مصالحها في العالم في الوقت الحاضر؟!!!

 

الجواب في الحقيقة لا أحد خصوصا بعد أن أصبحت الولايات المتحدة تمثل القطب العسكري الأوحد في العالم بعد سقوط الإتحاد السوفيتي السابق وحل منظمة حلف وارشو ودخول البعض من البلدان التي كانت مشتركة فيه في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وأصبحوا أيضا اعضاء فاعلين في الإتحاد الأوربي. أحداث الحادي عشر من سيبتمبر/أيلول عام 2001 التي أطلقت عنان الثور الأمريكي الهائج لمهاجمة وإحتلال أفغانستان ومن ثم غزو وإحتلال العراق كانت من صنع مخابرات الولايات المتحدة والعناصر الصهيونية (المحافظين الجدد) المخترقة للإدارات الأمريكية المتعاقبة وذلك لبدأ معركتها الكونية (القرن الأمريكي) للسيطرة على العالم لأنها كانت بحاجة الى سبب لإقناع الشعب الأمريكي والكونجرس الأمريكي بالموافقة على بدأ الحرب حيث أن المجرم دك تشيني صرح في 10/9/2001 بأن الولايات المتحدة تحتاج الى حدث يضاهي الهجوم على "بيرل هابر" للدخول في حرب ضد أي دولة (الهجوم على بيرل هاربر من قبل القوة الجوية اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية كان السبب الرئيسي لدخول الولايات المتحدة فيها). التحقيقات والتحريات التي قامت بها عناصر علمية وتقنية أمريكية مستقلة لموقعي مباني مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاجون اللذان تعرضا للهجوم تشكك في مصداقية الرواية الحكومية بأن تنظيم القاعدة قام بتلك العملية.

 

إذن لماذا هذا الإعلان الصاخب عن وثيقة "جديدة" لم تغير شيئ ذا أهمية في العقيدة العسكرية الأمريكية؟!!! هل أن هذا الإعلان هو زوبعة أمريكية في فنجانَيْ الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية؟!!! أم هو إستعراض عضلات متدلية بعد الفشل الذريع للسياسات الأمريكية على المستوى العالمي وخصوصا في منطقتنا العربية وكرد فعل على فشل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي اسقطته وأقبرته المقاومة العراقية المسلحة الباسلة؟!!!    

 

التدقيق في رسالة روبرت غيتس الى إيران وكوريا الشمالية التي ذكرها في المؤتمر الصحفي تظهر بأن الولايات المتحدة قد فشلت في إحتواء النشاطات النووية لهاتين الدولتين وخصوصا إيران لأن كوريا الشمالية تمتلك السلاح النووي حاليا، وأن إيران قد تكون في طريقها الى أن تمتلكه أو أنها تمتلكه حاليا إلا أنها للتغطية على ذلك قد إختلقت قصة التخصيب الزوبعية للإعلان فيما بعد عن إمتلاكها للسلاح النووي الذي قد حصلت عليه من إحدى دول الإتحاد السوفيتي السابق. المشكلة ليست كبيرة بالنسبة لكوريا الشمالية التي تمتلك الأسلحة النووية وتقنية صنعها، لكن مشكلة إيران الإعلان عن حيازتها للسلاح النووي "إن كانت هي حقا تمتلكه" في الوقت الحاضر هي بسبب توقيعها على معاهدة منع إنتشار السلاح النووي وإستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط. رد الفعل الأمريكي قد يكون سببه حصول إيران - وكما اعلنت عنه صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية - على معدات خاصة فرنسية الصنع (صمامات وأجهزة لقياس تفريغ الهواء) تستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات المفروضة عليها بمساعدة شركات أوربية وصينية. الإحتمال الأخر بالنسبة للوضع الإيراني هو أن رد الفعل الأمريكي الإعلامي لا يعدو أكثر من جعجعة لأن إيران حليف إستراتيجي لأمريكا والكيان الصهيوني في المنطقة رغم المماحكات الإعلامية بينهما. إيران ساعدت الولايات المتحدة على إحتلال كل من أفغانستان والعراق وبهذا ساعدت أيضا على إنتشار أذرع الأخطبوط الصهيوني فيهما. كذلك أن إيران ومن خلال طفلها المدلل حزب الله اللبناني ساعدت على ضرب المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان ومنعها القيام بعمليات عسكرية فدائية في شمال فلسطين المحتلة وبهذا حمت الحدود الشمالية للكيان الصهيوني.  

 

لو كانت أمريكا جادة في ضربها لإيران أو تقليم أظافرها في المنطقة لعملت ذلك من مدة طويلة، ولما سمحت لها بتوسيع نقوذها في العراق وإحتلاله مباشرة أو بصورة غير مباشرة من خلال تسليم العراق الى عملاء إيران في الأحزاب الشيعية الصفوية العميلة.

 

لو كانت أمريكا جادة في ضرب إيران وتقليم أظافرها لعملت ذلك بعد أتهامها بتهريب السلاح الإيراني الى الإرهابيين في العراق ولأنها كانت جزء من ما سمي سابقا  بـ "محور الشر".

 

لو كانت أمريكا جاد في ضرب إيران وتقليم أظافرها لعملت ذلك بعد إتهمتها بإختطاف وقتل الجنود الأمريكان في العراق.

 

لو كانت أمريكا جادة في ضرب إيران وتقليم أظافرها لعملت ذلك حينما أختطفت قوات الحرس الثوري الإيراني  الجنود البرطانيين في شط العرب وإحتجزتهم وأهانتهم لعدة أيام.

 

لو كانت أمريكا جاد في ضرب إيران وتقليم أظافرها أو تغيير نظامها التوسعي العفن لساعدت المعارضة الإيرانية على تقويض حكم الملالي من الداخل بشكل فعلي وليس من خلال الدعاية الفارغة، وكذلك لعملت على قطع العلاقات الإقتصادية معها ومنع الإستثمارات الأمريكية في إيران خصوصا في مجال القطاع النفطي.

 

لو كانت أمريكا جادة في منع إيران من إمتلاك السلاح النووي لضربت كل مفاعلاتها النووية ومختبراتها المشمولة بتخصيب اليورانيوم منذ أمد طويل.

 

الحقيقة المرة التي يجب أن يعرفها كل عربي ويسلم بها هي أن أمريكا تساعد إيران بشتى الوسائل الخبيثة - بغض النظر أن تكون إيران دولة نووية أو لم تكن - على بناء أمبيراطوريتها في المنطقة على حساب العرب لتكون وتبقى الشرطي الوفي لرعاية المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة وبالتعاون العلني والخفي مع الكيان الصهيوني.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٨نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور