الدولة المارقة .... أمريكا

 
 
شبكة المنصور
ترجمة : دجلة وحيد
كتب فيليب جيرالدي ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق، المحرر المساهم في مجلة المحافظ الأمريكي وزميل في تحالف الدفاع الأمريكي المحافظ ما يلي:


بالرغم من الحقيقة بأن الولايات المتحدة لا تواجه أي عدو في أي مكان في العالم قادر على معارضتها في ساحة المعركة، فإن ميزانية الدفاع لعام 2011 سترتفع بنسبة 7.1% عن المستويات الحالية، الكثير من الإنفاق الجديد سيكون على الطائرات التي تطير بدون طيار "طائرات درون"، مساهمة أمريكا الأخيرة الى الحضارة الغربية، قادرة على مراقبة مناطق واسعة على الأرض وتستقدم الموت من السماء. أنها رؤية أمريكية غريبة للحرب، مع "طيار" جالس على مقعد في مكان ما يبعد بمسافة نصف الكرة الأرضية ويضغط زر الذي يمكن أن يقتل هدفا بعيدا على الأرض. صحي وميكانيكي، أنها نوعما تشابه لعبة فيديو من دون تنظيف الفوضى بعد ذلك. أظهرت مراجعة الدفاع الرباعية الأمريكية "يوناتيد ستيتس كوادرينيال ريفيو" الصادرة مؤخرا كيف أن البنتاجون سيطور جيل جديد من طائرات درون الفائقة "سوبر درون" التي يمكن أن تبقى في الجو لفترات طويلة من الزمن، ويمكن أن تضرب في أي مكان في العالم وفي أي وقت لقتل أعداء أمريكا. ستشمل طائرات سوبر درون قسما من تلك التي تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت وغيرها التي من شأنها أن تكون كبيرة بما يكفي لحمل أسلحة نووية. البعض من طائرات "درون" الجديدة ستصمم للقوة البحرية، قادرة على الإقلاع من حاملات الطائرات وتسلط القوة الأمريكية حتى على البقع الساخنة الأكثر بعدا. طائرات درون تثمن خصوصا من قبل صناع السياسة لأنها تطير كما هي بدون طيار وقابلة أن تطير على إرتفاع منخفض ويمكن أن تنتهك المجال الجوي لدولة ما "عرضيا بطريق الخطأ" من دون أن تؤدي بالضرورة الى حاثة ديبلوماسية.


إحتضان واشنطن لطائرات درون كسلاح الإختيار المفضل للإغتيال الدولي هو سبب رئيسي لجعل الولايات المتحدة أن تصبح إمبيراطورية الشر. طائرات درون هي القبضة الممتدة لما كان يشار إليها على أنها عقيدة بوش. أكدت واشنطن، في إطار عقيدة بوش، بأن لديها الحق في إستخدام قوتها العسكرية وقائيا ضد أي واحد في العالم في أي وقت كان إذا ما قرر البيت الأبيض بأن مثل هذا الإجراء يمكن أن يفسر كدفاع عن الولايات المتحدة. نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني عرف السياسة بمصطلح النسبة المئوية، مؤكدا بأن إذا كانت هناك فرصة بنسبة 1% لأي تطور في أي مكان في العالم يمكن أن يعرض الأمريكيين للخطر، ستكون حكومة الولايات المتحدة مجبرة على التحرك. وتجدر الإشارة هنا الى أن الرئيس باراك أوباما لم يتنصل إما عن عقيدة بوش أو نسبة 1% من حل ديك تشيني وأنه في الحقيقة ذهب أبعد من ذلك الى حد التأكيد بأن أمريكا تخوض "حرب عادلة" مصدقة مسيحيا، وهو الموقف المثير للجدل الذي عورض من قبل البابا بينيدكت السادس عشر من بين الأخرين. بعيدا عن تجنب الحرب والقتل، عدد وكثافة الهجمات بواسطة طائرات درون قد زاد في ظل حكم أوباما، كما زاد عدد الإصابات بين المدنيين، التي أشير إليها بالتلطيفية الشاحبة "الأضرار الجانبية".


الطائرات التي تطير بدون طيار تقتل الناس حاليا في أفغانستان، باكستان، اليمن والصومال. وتجدر الإشارة الى أن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع أي من تلك البلدان، والتي ينبغي أن تعني في عالم عاقل بأن القتل هو عمل غير شرعي بموجب كلا القانون الدولي ودستور الولايات المتحدة. إستخدم الآباء المؤسسون لأمريكا قيوداَ دستورية لجعل الأمر صعيا للأمريكان لدخول حرب، يتطلب أصدار قانون حرب من جانب الكونجرس. لسوء الحظ أنها لم تسر في هذا الإتجاه. الولايات المتحدة قد شاركت في حرب مستمرة تقريبا منذ الحرب العالمية الثانية لكن آخر إعلان فعلي للحرب كان في 8 ديسمبر/كانون أول عام 1941. ثم هناك العمليات الخاصة والسرية المنتشرة في إنحاء العالم. ما عدا "إسرائيل"، لا توجد دولة في العالم لديها سياسة معلنة صراحة للإنتشار وقتل الناس. قد يعتقد المرء بناء على ذلك بأن المجتمع الدولي يعتبر كل من واشنطن وتل أبيب منبوذتين، لكن الخوف من إهانة القوة العظمى الوحيدة في العالم ودولتها التابعة الرئيسية قد أجهض معظم الإنتقادات. معظم الدول أذعنت للسماح لفرق الإغتيالات ولطائرات درون المسلحة بصواريخ هيل فاير للقيام بعمليات كما تشاء. لو كانت إيران تشغل طائرات بدون طيار وتضرب أعدائها في أماكن مثل دبي يمكنك التأكد من أن رد الفعل سيكون مخالفا تماما.


وإنها لا تتوقف عند هذا الحد. منع مدعي أوباما العام إيريك هولدر أي تحقيق في إستخدام التعذيب من قبل مسؤولين في الحكومة الأمريكية، في الغالب من وكالة المخابرات المركزية. تدعي الإدارة أنها أوقفت هذه الممارسة لكنها أعلنت بأن لا أحد سيعاقب لإطاعة أوامر ممارسة التعذيب بواسطة الإغراق الوهمي "ووتر بوردينج" للسجناء، وهي حجة غير مقبولة في محاكمات نورمبرغ في عام 1946، وينبغي أن لا تكون مقبولة الأن. الولايات المتحدة هي من الدول الموقعة على الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وهناك أيضا قوانين فيدرالية وقوانين خاصة بالولايات تحظر أما الممارسة أو تمكين القيام بالممارسة وبالتالي فإن الحكم الذي أصدره إيريك هولدر هو في جوهره تجاهل الجرائم الخطيرة التي إرتكبت ضد الأفراد الذين، في كثير من الحالات، كانوا بائسين وبريئين تماما. كما تتجاهل مشاركة محامي وزارة العدل وأطباء وكالة المخابرات المركزية في العملية، المشاركة التي يعتبرها الأكثرية كلتا عديمة الأخلاق وغير أخلاقية. الأسوأ من ذلك كله، أنها تغض الطرف عن مجرمي الحرب الحقيقيين، أناس مثل جوج تينيت وأولئك في البيت الأبيض الذين وافقوا على هذه الممارسة. تينيت، يتذكر المرء، إستلم الوسام الرئاسي للحرية و 4 ملايين دولار لصفقة كتاب. أنه مازال يدرس في جامعة جورج تاون. محاموا وزارة الدفاع جون يو وجاي بايبي، الذين صاغوا الحجج القانونية للتعذيب الأن هم على التوالي أساتذة دائميين في جامعة بيركلي ومحكمة عدل إستئناف إتحادية. يفترض المرء بأن جلادي وكالة المخابرات المركزية الحقيقيين يستمرون في توظيفهم من قبل الحكومة الإتحادية أو يتمتعون بتقاعد مريح. هذا مقدار المساءلة عن جرائم الحرب في عهد الرئيس أوباما.


أخيرا هناك إغتيال. في فبراير/شباط علق المدير الثالث للإستخبارات الوطنية دينيس بلير خلال لقاء توصيات في الكونجرس بأن الولايات المتحدة تحتفظ لنفسها الحق في قتل المواطنين الأمريكان في الخارج من "المتورطين" بشكل نشط مع مجموعات تعتبر إرهابية. التورط هو ، بطبيعة الحال، تعبير زلق جدا يوفر أقصى قدرة من الحرية لأولئك الذين يسعون الى إثبات أحقية الإعدام العاجل بدون محاكمة. قائمة الموت تتضمن عملية مستحقة من الأنواع التي يتخذ القرار فيها من قبل موظف حكومي وإن أسماء المتهمين المذكورين فيها إستندت الى المبادئ التوجيهية لكنها لا تتيح للمتهم الطعن أو معارضة الدليل. وينبغي الإشارة أيضا الى أن لا أحد في الكونجرس إعترض على بيان بلير وإن وسائل الإعلام بالكاد نشرت القصة، مما يوحي بأن التسامح من نشاط غير قانوني وغير أخلاقي يتخلل النظام الأن. كما علق بروس فين نائب المدعي العام السابق في عهد ريغان، بأن السلطة المدعية لتعليق الحقوق الدستورية لشخص ما في الخارج يمكن أن تمتد الى أي واحد في الولايات المتحدة بإعلان الواحد (أي شخص) عدو مقاتل تحت شروط وفقا لأحكام قانون اللجان العسكرية. أنكرت الحقوق الدستورية عن خوسية باديلا لمحاكمته محاكمة عادلة على الرغم من أنه كان مواطن أمريكي وأعتقل في شيكاغو، وليس في الخارج ماوراء البحار. هل بالإمكان أن نتوقع قتل غير قضائي لمواطنين أمريكان في أمريكا كجزء من الحرب على الإرهاب؟ بالطبع يمكننا.


سيد أوباما، ثلاث ضربات وأنت في الخارج. حكومتك تساند القتل الإستباقي والضربات الصاررخية على ناس يعيشون في بلدان ليست في حالة حرب مع أمريكا، تسمح بالتعذيب وممكني التعذيب بالذهاب أحرارا دون عقاب، وأكدت على حق إغتيال مواطنيها في أي مكان في العالم إستنادا الى أدلة سرية. وصف رونالد ريغان مرة رؤيته لأمريكا بإعتبارها مدينة مشرقة على تل. على مدى السنوات العشر الماضية أصبحت المدينة المشرقة في نهاية المطاف الدولة المارقة، نفخت بالقوة والكبرياء على الرغم من الإشارات الواضحة للعيان من التراجع والإتجاه حتما نحو سقوط كارثي.

.
رابط المقال باللغة الإنكليزية:
http://original.antiwar.com/giraldi/2010/03/10/the-rogue-nation/
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٣ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٩ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور