الطفلة الأمريكية فرانكي تحتج على تمويل الحرب ... ماذا يفعل شبابنا في وطننا العربي الكبير؟!!!

 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

ناشطة السلام فرانكي هيو طفلة أمريكية من مقاطعة دي موين في ولاية آياوا لا يتجاوز عمرها 12 عاما متهمة من قبل السلطات الأمريكية هناك بتهمة التجاوز على مكتب السيناتور توم هاركن لأنها دخلت الى مكتبه مع بعض من نشطاء السلام المحتجين على الحرب في كل من أفغانستان والعراق ورفضت الخروج منه إحتجاجا على تمويل تلك الحروب. شرطة دي موين أسقطت تهمة "المساهمة في جنوح قاصرة" ضد رينة لين إسبيلاند والدة الطفلة فرانكي إلا أن الطفلة فرانكي مازالت تواجه تهمة التجاوز "تريسباسينج" وعليه فإنها يجب أن تذهب الى محكمة الأحداث. تقول فرانكي في مقابلة تلفزيونية أجرتها معها إيمي جودمان في محطة تلفزيون ديموكراسي ناو في منتصف شهر نيسان/أبريل الحالي، حينما دخلت مكتب السيناتور توم هاركن كنت أريد منه أجوبة على سؤالين. أولا، اريد أن أعرف السبب الحقيقي وليس السبب المزيف لوجودنا في العراق وأفغانستان وكيف. ثانيا، ماذا يعتقد هو سبب وجودنا هناك. تقول الطفلة فراكي إجابة على أحد الأسئلة، أني في الحقيقة أعتقد بأن قواتنا هناك ليس لحماية بلادنا وإنما هم هناك كي يعطوا قوة الى الحكومة على الرغم من أنهم قد لا يعرفون ذلك.        

 

الشعوب الحية والواعية التي تتفهم وتتابع الأحداث التي تؤثر على مصيرها ومستقبلها تتفاعل مع تلك الأحداث وتنفعل لإحداث التغيير الذي يؤمن مستقبلها وسلامة مستقبل أجيالها. الشعوب الحية هي وسائل وأدوات التغيير الحقيقة لحياة أفضل بغض النظر عن طبيعة نظم الحكم التي تحكمها إن كانت ديموقراطية أم ديكتاتورية قمعية. ففي الحالة الأخيرة تثور الشعوب من أجل التحرر وإزالة النظم القمعية وذلك لبناء حياة أفضل بينما في الحالى الأولى تزول أو تسقط الحكومات الغير كفؤة سلميا عن طريق الإنتخابات من أجل إحداث إصلاحات جذرية جديدة تخدم المصلحة العامة للمجتمع. الشعوب الحية أيضا تقاوم وتحارب إذا تعرضت بلدانها الى غزوات وإحتلالات ولكن ردود الأفعال ضد هذه الإحتلالات مختلفة زمنيا وتعتمد على الوعي الكامل والأستعدادات النفسية والمادية لدى الشعوب التي تعرضت لمثل هذه الأعمال العدوانية. ردود الفعل المقاوم قد تحدث بعد مرور عدة سنوات كما هي الحالة في حركة المقاومة الفلسطينية والفيتنامية أو تنهض بعد عقودة متعددة من الزمن كما هي الحالة حينما قامت الثورة الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي الذي دام 132 عاما. الحالة الشاذة عن هذه الحالات هي المقاومة العراقية المسلحة الباسلة التي نهضت مباشرة بعد دخول قوات الإحتلال الأمريكي الى الأراضي العراقية ومازالت مستمرة وسبب ذلك يرجع الى الإستعدادات الكاملة والطويلة التي قام بها النظام الوطني قبل الإحتلال الذي توقع حدوث مثل هذا الإعتداء والغزو للأراضي العراقية. المقاومة العراقية المسلحة الباسلة المحاصرة من جميع الإتجاهات مستمرة في جهادها من أجل تحرير العراق أرضا وشعبا وتقدم خيرة ابناء وطننا المخلصين قربانا في أضرحة التفاني والولاء للعقيدة والإخلاص لعروبة وطننا المغتصب رغم كل المؤامرات الرذيلة التي يقوم بها العرب وغير العرب عراقيين وغير عراقيين ورغم كل التعتيم الإعلامي والدعايات المشتتة للأذهان والعقول التي تقوم بها دول الإحتلال وعملائهم من عراقيين وغير عراقيين.

 

حينما أحتلت فلسطين وقام فيها الكيان الصهيوني المسخ شاركت عدة جيوش عربية في حروب من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة وفشلت، ولكن مع هذا بقت القضية الفلسطينية حية في أذهان كل العرب من المحيط الى الخليج والى يومنا هذا. وبعد تشكيل حركة المقاومة الفلسطينية في منتصف العقد السادس من القرن الماضي إنضم العديد من العرب وغير العرب الى تشكيلاتها السياسية والعسكرية المختلفة وقدم العرب الدعم الكامل لها. القضية الفلسطينية التي تعرضت الى مؤامرات عديدة داخلية وخارجية – فلسطينيا وعربيا ودوليا - مازالت تشكل القضية المركزية للعرب وتدعم من قبل حكومات عربية وجهات دولية أخرى إسلامية وغير إسلامية.

 

وحينما أحتلت العاصمة اللبنانية بيروت من قبل الكيان الصهيوني في عام 1982 وعلى أثرها خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان تلقت لبنان وحركة المقاومة الفلسطينية العون المادي والمعنوي من الدول العربية وتطوع الكثير من أبناء العروبية للدفاع عن لبنان والمقاومة الفلسطينية. وحينما تعرضت لبنان الى العدوان الصهيوني في تموز عام 2006 تلقت الحكومة اللبنانية والمقاومة اللبنانية الدعم السياسي والمعنوي الكامل من قبل معظم حكومات الدول العربية والأحزاب السياسية في جميع أرجاء وطننا العربي الكبير.

 

المعادلة إختلفت حينما تعرض العراق الى الغزو والإحتلال الغير شرعي والغير قانوني من قبل القوات الأمريكية عام 2003. في هذه الحالة، الدول العربية إما إلتزمت الصمت أو شاركت في الإعداد للإعتداء والإحتلال الذي أدى الى تدمير العراق كليا وقتل حوالي مليونين عراقي وتشريد أكثر من خمسة ملايين مواطن من ديارهم في داخل العراق أو الى خارجه. في هذه الحالة أيضا ساعدت جامعة الدول العربية على ترسيخ دعائم الإحتلال والإعتراف به وشجعته على تمرير أجنداته المختلفة. جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية سكتت حينما سمحت الولايات المتحدة لشريكتها إيران بالتدخل في الشأن العراقي ومن ثم الإستيلاء على مقدارته بصورة مباشرة وغير مباشرة وبهذا تحول الإحتلال الواحد الى إحتلالين لقوتين متنافستين على نهب خيرات العراق وقتل وإذلال شعبه. في هذه الحالة أيضا عملت الدول العربية وجامعتها الخرقة على محاصرة المقاومة المسلحة العراقية والتأمر عليها وقبول حالة الأمر الواقع العراقية الجديدة وحثت الشعب العراقي على الدخول في العملية السياسية الخرقاء. كذلك عملت الجامعة العربية وبعض الدول العربية أتصالات مباشرة وغير مباشرة مع قادة الأحزاب الشيعية الصفوية العميلة لإيران التي تمتلك مليشيات مسلحة مجرمة عاثت في أرض العراق فسادا مثلما قامت بالإتصال مع قادة الأحزاب الكردية العميلة وبيشمركتها المجرمة.  

 

قبل الغزو وإحتلال العراق تطوع العديد من المواطنين العرب للدفاع عنه وكثيرا منهم أستشهد في معارك ضروس مع القوات المعتدية حينما دخلت العراق خصوصا في معركة المطار الأولى الخالدة التي هزمت فيها القوات الأمريكية أشد هزيمة وخسرت الألاف من قواتها على يد أبناء العراق الأصلاء والمتطوعين العرب قبل ان تستعمل في محاولتها الثانية الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنبلة النيوترونية التكتيكية. تدريجيا قل عدد المتطوعين العرب ومن ثم عمليا إنتهى خصوصا بعد إنحسار نشاطات ما يسمى بتنظيم القاعدة الذي هزم بعد دخوله في معارك ضارية غير موفقة مع بعض العشائر العراقية والقوى الوطنية العراقية الأخرى المعادية للإحتلال وعلى إثر ذلك أيضا ظهرت على الساحة قوات الصحوات العميلة التي شكلتها القوات ألأمريكية التي كان لها أثر سلبي على فعاليات المقاومة العراقية المسلحة الباسلة. 

 

الكثير من أبناء أمة العرب من المثقفين وغير المثقفين ومن الواعين سياسيا وغير الواعين منهم يوجهون أصابع الإتهام واللوم فقط ودائما الى حكام الأقطار العربية لتخاذلهم في مساندة قضايا الأمة العربية الملحة بشكل جدي خصوصا في عدم إكتراثهم لما يدور في العراق وعلى الساحة الفلسطينية وغياب مساهماتهم في دعم المقاومة العراقية المسلحة الباسلة ونسوا شعوبنا التي لا تتحرك إلا عاطفيا في بعض المناسبات. الشعوب وكما ذكرنا أعلاه هي الأدوات الحقيقية للتغيرر وليس الحكام المارقين الجالسين على كراسيهم المدعومة من قبل القوى الخارجية. ليس غريب على أحد أن الحكومات العربية هي حكومات قمعية وإستبدادية شرسة لكن مشكلتنا هي ليس فقط هذه الحكومات وهؤلاء الحكام بل هي شعوبنا المنقسمة ومثقفيها وأحزابها المسيرة في إتجاهات متعاكسة ومتناقضة التي لا تتفاعل مع الأحداث لإحداث التغييرات الضرورية لبقاء هذه الأمة حية. الكثير من الأحزاب السياسية العربية التي تدعي "الإنتماء" الوطني والقومي لهذه الأمة هي في الحقيقة أحزاب مسيرة من قبل قوى خارجية بعيدة في ممارساتها اليومية عن شعاراتها الطنانة المرفوعة. شعبنا العربي منقسم الى حلل وملل وطوائف مختلفة ومتناحرة إحدها تتأمر على الأخرى وتريد إجتثاثها من الوجود وخير دليل ومثل ساطع على ذلك هو كل ما يحدث في العراق ولبنان وفلسطين. هناك فجوات واسعة وعميقة بين مكونات الشعب في كل قطر من اقطارنا العربية. لقد خرج من بين ظهرانينا في الحالة العراقية أناس عملاء وخونة وجواسيس وخسيسين بالجملة والمفرد لا يمتهنون غير التآمر على الوطن وخدمة المصالح الأجنبية والتلذذ بقتل أبناء الشعب وسرقة أمواله وبيع خيراته بسعر بخس ونشر الفساد والمخدرات والأمراض النفسية والعضوية السارية في مجتمعنا الذي إستهلكته وأنهكته أفعال هذه الشرذمة من سقطة المتاع. من جهة أخرى، فصائل المقاومة العراقية المسلحة الباسلة تقوم بواجبها الوطني والشرعي المقدس على مدار الساعة لكنها ليس كلها متحدة ضمن جبهة واحدة متماسكة الأطر. مع هذا، القيام بهذا العمل المقاوم لوحده لا يكفي لتحرير الوطن من براثن الإحتلال وعملائه دون إنفعال وتفاعل الشعب كله معها لإحداث التغير والتحرير الكامل المنشود لأرض الوطن. العراق ايضا يحتاج الى دعم ومساندة الشعب العربي كله من المحيط الى الخليج وخصوصا من قبل الأحزاب القومية وعلى رأسها كوادر حزب البعث العربي الإشتراكي في جميع الأقطار العربية. الظلم والقساوة التي يعاني منهما العراق وابناء شعبه الشرفاء وكما وصفها الأستاذين صقر الرافدين والدكتور بهنام نيسان السناطي في مقالتيهما المنشورتين في موقع البصرة المجاهد على التوالي تحت عنوان "متى سيتوحد شعب العراق ويطرد المحتل وأعوانه" وتحت عنوان "ضجيج صمت النخبة الفرنسية إزاء مايجري في العراق المحتل" لا يمكن أن تنتهي إلا بتوحيد فصائل المقاومة المسلحة الباسلة تحت قيادة سياسية وعسكرية موحدة وتعمل ضمن برنامج تحرير إستراتيجي واحد وبأسرع وقت وليس هناك مجال للمساومات السياسية ووضع العراقيل أمام هذا المطلب الشعبي والشرعي والأخلاقي المنشود. التعويل على حصول إسناد ودعم حقيقي من قوى خارجية أجنبية خصوصا الأوربية منها - حكومات وشعوب - هو سراب في سراب في سراب وهواء في شبك لأن كل تلك القوى الدائرة في محيط الإمبيريالية الأمريكو- صهيونية لا تنظر إلا لمصالحها ومصالح شعوبها الأنية والبعيدة المدى وكل هذه القوى دون إستثناء تأمرت على الحكم الوطني بصورة مباشرة وغير مباشرة. أيضا لا يمكن التعويل على حصول دعم من الحكومات العربية خصوصا تلك التي تأمرت على العراق في عام 1990 وفي علم 2003 والتي أيضا شاركت في إستمرار الحصار الظالم على العراق وتجويع وقتل شعبه.

 

لنأخذ عبرة من قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر  

ولابد لليل أن ينجلي

ولابد للقيد أن ينكسر

 

وكذلك أن يستلهم الكبار والصغار من شجاعة الطفلة فرانكي وإصرارها على معرفة الحقيقة والوقوف ضد الإحتلال.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ١٦ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٣٠ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور