ظواهر وإستنتاجات حول (  الإنتخابات العراقية  )

 
 
شبكة المنصور
الدكتور محمود عزام

ظواهر عديدة طفت على سطح  (  الممارسة التي جرت يوم 7 آذار 2010 )  في العراق وما سبقها ورافقها في الأيام 5 و6 و7 من هذا الشهر خارج العراق وما تبعها من مواقف وتصريحات وتداعيات ..

وهذه الظواهر تُفضي الى إستنتاجات عديدة ومهمة للغاية!..

 

كان الأسم الرمزي لهذه الممارسة هي  ( الإنتخابات النيابية في العراق ) ..في حين كانت  ( غرفةالعمليات )  لها تسميها  ( جس النبض في الشارع ولدى الكيانات )  ليتعرف  ( أولي الأمر )  على قوة هذه الكتل والتيارات ومصداقيتها ووزن القوة الشعبية العراقية الرافضة والمعارضة ومدى قدرة الأجهزة على إدارة دفة  ( النتائج )  وما قد يتمخض عن ذلك من ردود أفعال!..

 

من هذه الظواهر:

 

- الظاهرة الأولى : وهي إن هذه الممارسة أفرزت عمق الهوة الفاصلة بين الشعب العراقي وإختياراته وبين ما أُعلن من نتائج !..وهذه هي الغاية الأساسية لجوقة الشر في تزييف الحقائق وهذا هو السبب الرئيسي للموقف الوطني المناهض لهذه المهزلة الإنتخابية والمسرحية السياسية لأن نتائجها المزورة بشكل كبير وواضح ومكشوف سيتم إعتمادها للحديث عن الإستحقاق والشرعية وإختيارات الشعب!..فبحساب بسيط جمع الطائفيون والقتلة وسارقي دم وثروة الشعب ومحرضي الفتنة والشر وخاطفي الشباب ومغيبي الحق على أكثر من 4 مليون صوت ينتخبهم للإستمرار في مسلسل تدمير العراق !..وهذا الرقم لايمت للحقيقة بصلة وهو السبب الذي يدعو حزب الدعوة لإتهام الآخرين بالتزويير!..

 

- الظاهرة الثانية:  وهي إن الخلاف العقائدي داخل التيار الفكري الطائفي لا يرتقي الى مستوى التحالف مع الآخرين بل تسعى جميع هذه الأطراف الى التوحد عندما يتعلق الأمر بإستحقاق الآخرين لفرصة واحدة !..وهذا هو منهج حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الذين جعلتهم يتفننون في الخداع والزيف والتزوير والكذب والسرقة ويأخذوا من جرف العراق وجرف المحتل الأمريكي ليقدموه هدية الى إيران .. لقد ترسخت لدى أذهان العراقيين حقيقة الرعاية الأمريكية وسكوتها بل ودعمها لهذا المنهج وهي التي كانت قادرة بلا أدنى شك على كشف ما جرى من تزوير لصالح الطائفيين الموالين لإيران ولكن الظاهر إن تمزيق العراق وتشتيته والعبث بمقدراته وتحطيمه وتدميره أهم من أي مكسب وطموح أمريكي وبما يخدم المتربصين بالعراق والذين يعلمون جيدا بقدرة شعب هذا البلد على النهوض عندما تسنح له فرصة ولو صغيرة.

 

- الظاهرة الثالثة: وهي إن الإنتخابات بقوانينها وإجراءاتها ونتائجها ماهي إلا إحدى خدع المُحتلَيّن الأمريكي والإيراني وبغض النظر عن تسلسل الفائزين فهي مصنفة ومرتبة قبل وقت طويل.. وبإعتراف الجميع بوجود تزوير كبير فيها إبتدأ من تغييب أصوات من يعارض الحكومة ووضع العراقيل والتعليمات المشددة أمامهم وخاصة في الخارج والمحافظات التي لاتخضع لسيطرة أجهزة الدولة الغارقة بفسادها في حين كانت الإنتخابات تجري في محافظات أربيل ودهوك والسليمانية وبعض مدن محافظات الجنوب بدون تعريف لهوية المواطن!..وفي لندن كان المكلفون من السلطة في مداخل قاعات الإقتراع يسألون الناخب  ( مَن ستنتخب؟ )  فإذا قال دولة القانون فهم يسمحوا له بالدخول وبعكسه فهنالك ألف عذر لمنعه من التصويت!..وكان لعدم إتفاق الكتل الكبيرة التي حكمت العراق منذ نيسان 2003 بوجود ورعاية المحتل الأمريكي وأجهزة مخابراته وبيوت الخبرة  ( عالية المستوى )  والموغلة في البحث والأرشفة والتحليل ..نقول عدم إتفاقها على إن هذه  ( الإنتخابات  )  تمثل إرادة الشعب العراقي بشكل كامل!..وإتفاق جميع الكتل الكبيرة على إنها إنتخابات مزورة وفاسدة! .حيث إن أي كتلة تريد أن تستثمر نتيجة الفرز إذا كان إيجابيا لصالحها كانت تمتدح  ( شفافية ونزاهة هذه الممارسة )  وتقوم نفس الكتلة بالتشكيك بها عندما يتعلق الأمر بمن يتصدر!..وهذا يأخذنا الى إستنتاج واحد وهو إن هذه الكتل غير مؤمنة بإرادة الناخب لأنها تعرف جيدا ومتيقنة تماما بانه لايملك هذا الحق وإن سلطة الإحتلال وبطش السلطة وأجهزتها وجهل الكثير من أبناء الشعب الذين حولتهم السبع سنوات العجاف الى أرقام لا هم لها سوى أن تقنع نفسها بان الديمقراطية والرفاهية والزهو والرفعة والسمو بين الأمم وإحترام الذات العراقية والدفاع عن الإرث الحضاري والتأريخي والأخلاقي وإستذكار منجزات الأجداد والأجيال التي بنت العراق لايتم إلا من خلال  ( رعاية الحكومة وسماحها لهم بإقامة ما يؤمنون به من شعائر وطقوس دينية وطائفية فقط  )  والتثقيف المكثف لهؤلاء بأن هذا لن يتم إلا من خلال بقاء هذه السلطة ممثلة بالأحزاب الطائفية التي أججت الفتنة ورسخت مفهوم  ( الطائفة المظلومة قبل 9 نيسان 2003 ) ..وإلا كيف نفسر فوز بهاء الأعرجي بهذه الإنتخابات وهو الذي قال قبل إسبوع منها وعلى الملأ وفي الفضائيات :  (  إن الشيعة ظُلِموا منذ أبو بكر والى حزب احمد حسن البكر! ) !..هل هو الوعي الجماهيري لأهالي الناصرية وهم أول من عرف ونشر الفكر والأدب والعقيدة السياسية للحزب الشيوعي العراقي ولحزب البعث العربي الإشتراكي ولمعاني العروبة والإنتماء للوطن وللتأريخ!..أم هي فنون التزوير وخداع الناس واللعب بعواطفهم وتأجيج الصراعات التي تمزق وحدة الشعب وتماسكه؟..

 

- الظاهرة الرابعة: وهي إنه وعلى الرغم من نسب الفائزين وطبيعة مشاريعهم وما يجري من لغط حول من يتقدم علاوي أم المالكي فالذي فاز في هذه الإنتخابات هما قائمتان : القائمة الإيرانية  والقائمة الأمريكية ..ولسنا هنا في مجال ربط هذه التسميات بمن يمثلها على الأرض العراقية ولكننا نقصد إن نتائج هذه الإنتخابات تم تزويرها بشكل متعمد ومدروس بدقة ..حيث إن الفاشل في هذه الإنتخابات هو :  ( كل من واجه ويواجه وإنتقد وينتقد ولاية الفقيه وسعي إيران للإستحواذ على العراق  )  لأنه لوكانت هنالك قوائم وطنية حقيقية لكان على هذه القوائم  ( الوطنية )  أن تهاجم وبشكل واضح لايقبل المهادنة  كل من الإحتلالين الأمريكي والإيراني وتطرح منهج صريح لكيفية تطبيق ذلك وحيث أن جميع الكتل والأحزاب والحركات والإئتلافات السياسية المشاركة بهذه الإنتخابات لم تتعرض الى الإحتلال الامريكي لا من قريب ولا من بعيد فإنها توزعت بين مؤيد للوجود الإيراني بإعتباره عامل  ( أمان وموازنة وإستقرار للعراق! )  وبين  ( ساكت وغافل ومتغاضي  )  عن هذا التدخل وبين  (  منتقد بخجل  )  وبين منتقد ومهاجم واضح..وعندما يقوم المراقب بتحليل طبيعة الكتل والمشاركة بهذه الإنتخابات وطريقة تعاملها مع  ( الوجود الإيراني ومناهجه في العراق )  يرى بوضوح كيف توزعت خريطة  ( الفائزين والفاشلين )  في هذه الممارسة..وهكذا إنتصرت أيران في إنتخابات العراق ..وإنتصرت الولايات المتحدة لأنها ستستخدم هذه الورقة كمنجز لها ليساعدها على تبرير هزيمتها التي تسميها زورا  ( بالإنسحاب من العراق بعد إكمال المهمة ) !..هذه المهمة التي قال عنها بوش في 1 مايس 2003 بأنها أنجزت!..

 

-  الظاهرة الخامسة: إن شعب العراق الأبي والغيور والمناضل والصابر ورغم كل التزوير والعبث بإرادته ومستقبله وتأريخه ورغم ما يجري من تآمر عليه في طهران فقد أثبت منذ زمن طويل ويثبت اليوم بأنه صاحب السلطة الحقيقية وبيده القرار في التغيير وهو الذي يحدد في النهاية مع مَن سيقف وعلى مَن سيثور فاهما ومتيقنا من إن البلاء الذي حلّ به كان بسبب هذه القدرة على القرار والسير بعزيمة نحو تحقيق أهدافه الحقيقية وليس تحقيقا لما يرسم له من توجهات ومسارات سواءا في طهران او واشنطن وهي تستغل معاناته وجراحاته ونزيف دمه وشهداءه وتضحياته وقناعاته ورغبته بالتغيير الجذري وعودته لصدارة أمته لمستقبل مزدهر يليق بمواقفه وتصدياته التي إنتخى لها على مر العصور ..ولقد أعطى هذا الشعب برغم إلتزامه وقناعاته بعدم جدوى وشرعية هذه الإنتخابات إنذارا نهائيا لكل من خان الأمانة وإغتال الإرادة والوطنية وإعتقل حب العراق والتضحية من أجله وإستهان بالدم الطهور وتنكر للحق وسار مع الباطل بأن الآوان قد حل َّ وبات يوم الحساب قريبا وسيكون الفرار للخونة والأفاعي أسهل طرق الخلاص اليوم ..

 

وطريق الخلاص للعراق اليوم لايتم عبر صناديق الإقتراع المرهونة بيد إيران والمحتل الأمريكي..

وإن غدا لناظره قريب

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٣ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٩ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور