هل الولاء لايران أساس شرعية الحكم في العراق ؟

 
 
شبكة المنصور
د. مثنى عبد الله - باحث سياسي عراقي
أن تمتد يد دول الاقليم كي تجمع فرقاء السياسة في دولة مجاورة على مائدة التوحد والمصلحة العليا , على أساس مبدأ حسن الجوار وأحترام السيادة المتبادل , بما يخدم بقائها عنصرا فاعلا في أستتباب الامن والرخاء في ذلك المحيط , فتلك حسنة تحسب لهم وشهادة حسن سلوك في ضوء القانون الدولي وشريعة الامم المتحدة التي حث ميثاقها في مادته الاولى الفقرة ثانيا على ( أنماء العلاقات الودية بين الامم على أساس أحترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب , وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها , وكذلك أتخاذ التدابير الملائمة لتعزيز السلم العام ) , أنما أن يجري التحكم بمصير دولة ومستقبل شعب ومصادرة أرادته وخياراته بعدد من تجار الطائفية السياسية , الذين أرتضوا لانفسهم أن يكونوا وكلاء لدول أخرى, فهو تدخل سافر وحنث بكل القوانين والمواثيق الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول , وتأسيس غير منطقي لعلاقات دولية جديدة تقوم على أسس التبعية السياسية والاملاءات الخارجية .


أن بناء سلطات ضغط أقتصادية أو دينية أو مليشياوية في دولة مستقلة , من قبل دول الجوار وأستخدامها كواجهات للتأثير على صناعة القرار الوطني , كما هو حاصل اليوم في العراق من قبل الاجهزة الرسمية الايرانية , أنما هو تدخل صارخ في الشؤون الداخلية , وهو تسفيه لكل المواثيق والقرارات الدولية التي تحد من ذلك , فلازال المنطق الايراني في التعامل مع القضية العراقية يقوم على أساس محاولة أبقاءه أسير الطائفية ودولة اللاهوية والشرذمة السياسية وهي عوامل مساعدة لتثبيت الوجود الايراني المدفوع بأحلام السيطرة والهيمنة السياسية في المنطقة , والذي يعمل بكل طاقاته لجعل سيطرته على العراق منطلقا للسيطرة عليها , وفرض شروطه التي تؤمن له تقاسما عادلا – حسب منظوره – للنفوذ بينه وبين الاحتلال الامريكي ,


وعلى هذا الاساس فاننا نجد اليوم الشان العراقي الداخلي يتم التعامل معه وكانه شأن داخلي أيراني من قبل أغلب المسؤولين الايرانيين , وفي مقدمتهم الرئيس الايراني الذي لم يتوانى في وضع نفسه بصفة المتحدث الرسمي بأسم الشعب العراقي , فتارة يضع العراق في صف المشروع السياسي الايراني , وتارة يتحدث عن رفض الشعب العراقي لما أسماه بدخول البعثيين العملية السياسية , بل أن أفتتاحية جريدة ( جمهوري أسلامي) الايرانية الرسمية الصادرة في الثالث عشر من الشهر الماضي , كانت واضحة جدا في أملاء الارادة الايرانية الرسمية , وهي تتحدث عن (حري بالاحزاب الشيعية العراقية أن تتحلى بالمسؤولية في التعامل مع نتائج الانتخابات , فالشخصيات التي يؤيدها الاجانب لن توفر جهدا لعرقلة مساعي الاحزاب هذه , والتحدي يفرض تحالف الاحزاب الشيعية لتشكيل الوزارة والسيطرة على البرلمان ) , منطلقة من الفصل بين أتباعهم وأتباع غيرهم , فهم يعطون الحق لانفسهم بالتدخل بالشؤون العراقية الداخلية , ويصفون طابورهم الخامس بالوطنية وهو يولي وجهه شطرهم في كل صغيرة وكبيرة , بينما ينعتون الاخرين بأعوان الاجانب , كما أنهم لازالوا ينظرون ويحثون الاخرين على تسييد الاكثرية الطائفية وليست الاكثرية السياسية , لذلك تصف الصحيفة ( أبعاد الشيعة عن السلطة هو في مثابة حرمان الاكثرية من حقها القانوني , ويفتح الطريق أمام عودة البعثيين وعملاء الخارج ) , وبذلك يكون التقييم الايراني للنخب السياسية العراقية قائم على أساس من ليس منتميا الى الائتلاف الشيعي أو أئتلاف دولة القانون فهو أما بعثي أو عميل لدولة خارجية , وهي دعوة صريحة لقيام دكتاتورية الشيعة السياسية , على غرار دكتاتورية البروليتاريا , وياأيها السياسيون الشيعة أتحدوا .


أن أي مراقب سياسي محايد يجد اليوم أن الواقع العراقي محكوم بسلطة دينية أيرانية تمارس نفوذها عبر وكلائها في كل مناطق العراق , ويحج اليها السياسيون مدنيون وعسكريون وينطق بأسمها أخرون ويصرحون بالنيابة عنها بما يخص الشأن السياسي العراقي , وليس الشأن الديني الذي يختص بأحكام الدين وشرائعه الذي من حقها أن تمارسه على أتباعها , كما أن السلطة المليشياوية الايرانية لازالت تتحكم بالاجهزة الامنية والاستخبارية العراقية, وتتشكل منها سلطات القرار في تلك الموؤسسات , وتعتقل من يخالف منهجها , وتصفي من يعارضها وهي مسؤولة عن تغييب المئات من الشباب القومي واليساري والاسلامي الوطني العراقي المقاوم ونقلهم الى سجون سرية في أيران, كما كان لها اليد الطولى في قتل المئات من الخبراء والعلماء والاطباء وأساتذة الجامعات العراقيين . أما السلطة الاقتصادية فأن تأثيرات الاستثمار الاقتصادي الايراني أصبحت واضحة للعيان في العراق , حيث تتدفق البضائع الرديئة والمنتهية الصلاحية من المنافذ الحدودية الايرانية , وبتسهيلات من مسؤولين عراقيين متنفذين , مما أدى الى أندثار الكثير من الصناعات والحرف , لعدم مقدرتها على المنافسة أمام رخص السعر المعروض , وأصبح الاقتصاد العراقي مرتكزا على مايورد الينا من بضائع أيرانية في الغالب .
أن التأثيرات الناجمة عن ممارسة هذه السلطات نشاطاتها في الوسط العراقي , أضافة الى سلطات أخرى متمثلة في واجهات أستخبارية أيرانية بأغطية ثقافية وعلمية ومنظمات مجتمع مدني وجمعيات خيرية , تنفق الاموال الطائلة لتنفيذ برامجها , قد عزز الشعور لدى بعض أطراف ( العملية السياسية ) الغير مرتبطين بشقها الايراني , بأن دور طهران قد أصبح حقيقة واقعة في العراق ولابد من التعامل معه لضمان الوصول الى المراكز المتقدمة في السلطة وان صندوق الاقتراع ليس وحده الحكم , خاصة وأن البعض منهم سبق له التعامل مع العديد من المخابرات الغربية , وهو يجيد اللعب على هذه الاوتار , بل أن بعض المعلومات تفيد بأن الامريكان راضون جدا عن تحرك القائمة العراقية لتحسين لهجتها مع طهران سواء بوساطة سورية أو أطراف لبنانية أو بوساطة عمار الحكيم الذي أشاد برئيس القائمة ونزهه من تهمة البعث وهو صاحب الحظوة لدى طهران , فالكل يبحث عن مصالحه , فعلاوي لن يتربع على كرسي رئاسة الوزارة بدون قبول أيراني ولو على مضض مقابل تعهده بالحفاظ على مصالحها في العراق ومصالح أتباعها الذين لن ترضى أن يركنوا جانبا مهما كلف الامر , والاميركان يأملون من علاوي وهو حليفهم أن يكون وصوله الى سدة الرئاسة , مدخلا لتقارب أمريكي أيراني ظاهره رعاية الوليد الجديد في العراق , وباطنه التفاهم على كل المسائل العالقة بين الطرفين .


أن التطبيل بدعاوى فارغة من قبيل أن الانتخابات العراقية الاخيرة قد هزمت الوجود اللاشرعي الايراني في العراق , أنما هي أبغاث أحلام فلن تسمح أيران مرة أخرى بنهوض المصد العراقي للطموحات القومية الفارسية في هذا الاقليم , وأذا ماخارت قوى طابورها هنا أو هناك فستسعى للتحرك على أطراف أخرى قد لاتكون أصلا محسوبة عليها , يشجعها في ذلك أنزواء أطراف سياسية عراقية وطنية وقومية ويسارية وأسلامية لم تعد قادرة على الوقوف في وجه مشروع الاستلاب الامريكي الايراني , لعدم وجود دعم عربي في ظل أنشغال البعض منهم بأيجاد حريري أخر لهم ولكن في العراق .

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٢٧ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٢ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور