بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾
النساء 141

 

البحث الميداني الموسوم
الإستراتيجية الأمريكية والإيرانية الشعوبية المُنظمة في ظُلم الشعب العراقي
خطة (زئير الأسد) الموصوفة بـ (نهيق الحمار) في محافظة نينوى (مدينة الموصل)

﴿ المبحث الثالث : مسارات / أشكال التعذيب ﴾

 
 
شبكة المنصور
الدكتور ثروت اللهيبي

10- آلية/أشكال تعذيب الشباب العراقي (الموصلي):

بعد أن توزعت مجاميع خطف الشباب العراقي (الموصلي) على المناطقِ التي تم تحديدها من قبل ((غُرفة العمليات المُشتركة لخطة نهيق الحمار)) في مدينة الموصل وكما أشرنا مفصلاً في المادة (6) من المبحث الثاني، نفذت تلك المجاميع الفعاليات الإرهابية الآتية:

 

أولاً- تم فوراً نقل الشباب العراقي (الموصلي) المخطوف بواسطة العجلات المخصصة لذلك، وتحت حماية مباشرة من قيادة شرطة مدينة الموصل إلى معسكر التعذيب البدني المُشار إليه في المادة (4) من المبحث الثاني، حيث ساحة، وحال وصولهم تبدأ مجاميع التعذيب المُشار إليها في المادة (5) من المبحث الثاني أيضاً المتواجدة في تلك السيارات بإلقائهم على أرض ساحة التعذيب في المُعسكرِ المذكور، بغض النظر عن ما يُصيب ذلك الشاب العراقي/الموصلي السيئ الحظ من كسور أو رضوضٍ في أيّ مكانٍ من جسده، وهناك مجموعة خاصة من الاحتلال الأمريكي واقفة قرب باب العجلة تُدقق فعلاً قيام مجاميع التعذيب بتنفيذ الفعالية الأولى التي أطلقنا عليها فعالية "الصدمة الأولى" التي أشرنا إليها في المادة (5/ ثانياً) من المبحث الثاني.

 

ثانياً- حال سقوط الشاب المخطوف على الأرض تنتظره مجموعة جديدة أخرى، حيث تبدأ بتطبيق فعالية نُطلقُ عليها ((فعالية الصدمة الثانية))، وذلك بركلهِ بالأقدام، وضربٌ مُبرح بـ "عصي غليظة" وأخرى من نوع المعروف باسم "عصي الخيزران"، مع إطلاق كلمات شتم وإهانة هي بذات مستوى الرذيلة التي نشأت وتربت عليها تلك المجاميع المُنفذة لخطة (نهيق الحمار)، ووفق تعبير أحد الشباب وهو يتحدث بألم ومرارة، يقول معلقاً على عباراتِ الشتم والإهانة: (( أُصبنا نحن الشباب برغم التعذيب الذي كُنا فيهِ بهول مفاجأة لم نكُنْ نحسبُ لها حِساب، ألا وهو المستوى الرخيص جداً لمستوى القائمين بتعذيبنا، بحيث سمِعنا كلمات بمستوى أدنى من الرذيلةِ، فعندئذٍ تيقنا أننا أمام مجاميع متُخصصة، ومُدربة، ومُهيأة لمثلِ هذهِ الأعمال القذرة؟!، سيما وأن تلك الكلمات البذيئة لم تسقُط من ألسنتهم نهائياُ، والسمة البائسة التي وجدناها فيهم ولازمتهم، أنَّ بعضاً من تلك الكلمات الرخيصة كان يُطلقها بعضهم على البعضِ الآخر، ما عدا المجموعة الخاصة من الاحتلال الأمريكي التي كانت تستخدم هذه الألفاظ المُهينة تجاه الجميع، ولكن المجاميع الإيرانية والكردية لا تستطيع الرد عليهم، فيُقابلون تلك الشتائم وغيرها بابتسامات بلهاء تعكس مستوى تقبلهم للرذيلة، وتعكس مدى استهانة الاحتلال الأمريكي بهم.؟!)).

 

ثالثاً- بعد "فعالية الصدمة الثانية" أعلاه تصدح مُكبرات الصوت الموزعة في ساحة التعذيب الجسدي/البدني مُصدرةً أوامر بلُغة أمريكية، لا يفهمها الشباب في تلك الساحة، ثم مباشرةً يتحدث مترجم يُترجم ما قاله الأمريكي المحتل، والمترجم هو من ميلشيات الكردية الانفصالية ، وكانت الترجمة تقــول: (( تبدأ عملية استعراض تسلسل عمليات التعذيب من قبل المجموعة الخاصة وتجميع "شباب الخيبة" في "ساحة الاعتراف القسرية"))، وهذا يُعد بمثابة الأذن في تنفيذ إجراءات التعذيب لما بعد الصدمة الثانية.

 

رابعاً- قبل أن أستمر في شرح بقية أساليب التعذيب أُبين مفهوم/معنى عدد من المُصطلحات المُتفق عليها بين ((مجموعة المُراقبة الخاصة)) وهي من جنود الاحتلال الأمريكي حصراً وبين مجاميع التعذيب التي أشرنا إليها في المادة (5) من المبحث الثاني، فكان مُصطلح (( شباب الخيبة )) وهو شكلاً من أشكال التعذيب النفسي للشباب المخطوفين، وهو يعني أنهم يُهانون، ويُذلون، وتُمارس معهم شتى أنواع الرذيلة وهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، لا بل لا يستطيعون حتى الاحتجاج أو الاعتراض على تلك الممارسات وهم على أرض وطنهم، وبأيدي مُنفذة يُقال عنها عراقية ؟! فكان ذلك المُصطلح وسيلة فاعلة في تحطيم نفسية اؤلئك الشباب، سيما وأنَّ جُلهم قادرين على الدفاع عن أنفسهم بعزةٍ ورجولة فيما إذا كانت الحالة مُتكافئة من حيثِ القوة والوسائل، ولذا فإن مجامع التعذيب لم يسقط من لسانها ذلك المصطلح للإمعان في تحطيم نفسية اؤلئك الشباب.   

 

أما مُصطلح (( ساحة الاعتراف القسرية )) فهي ساحة سبق وأن أشرنا إليها ضمناً في المادة (6/ثانياً) من المبحث الثاني، وهي ساحة كبيرة، وضعت على أطرافها صناديق بلاستيكية مليئة بالزجاج المهشم، والمسامير المُدببة، ونوعاً من الشفرات الحادة جداً صناعة صهيونية - إسرائيلية.. إلخ، حيث تتولى المجموعة الُمخصصة عليها بنشر هذه المواد عليها، ثم يُطلب من الشباب العراقي المخطوف نزع أحذيتهم لمن بقي في قدميهِ حذاء، ثم يُطلب منهم جمع هذه المواد وإعادة وضعها في الصناديقِ البلاستيكية التي كانت فيها، وتصور أخي القارئ الحالة المأساوية التي لاقاها ذلك الشباب وهم على هذه الوضعية الإرهابية الدموية الخالية من أبسط المبادئ القيم الإنسانية السماوية والوضعية.

 

خامساً- ما ورد آنفاً يُعتبر تعذيباً ثانوياُ، وهامشياً لما سيرد لاحقاً، عند هذه المرحلة تُعلن مُكبرات الصوت من قبل مَنْ ذكرناهم في المادة (10/ثالثاً) أعلاه بعملية مساومة لا أخلاقية مُتفقٌ عليهــا بيــن (( المجموعة الخاصة من الاحتلال الأمريكي )) و(( غُرفة العمليات المُشتركة لخطة نهيق الحمار))، هذه المساومة موجهة إلى الشباب العراقي/الموصلي المخطوف، تتضمن جملة من الإغراءات الكاذبة، منها:

 

(1) - مَنْ يُبلغ/يشي عن مكان تواجد عناصر المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً ؟!.

 

(2)- مَنْ يُبلغ عن مكان تواجد الممولين الماليين لعناصر المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(3)- مَنْ يُبلغ عن مكان تواجد المُصنعين للعبوات الناسفة العاملة ضمن المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(4)- مَنْ يُبلغ عن مخابئ الأسلحة والمعدات القتالية الأخرى التابعة المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(5)- مَنْ يُبلغ عن الأماكن التي يتردد عليها عناصر المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(6)- مَنْ يُبلغ عن العناصر الإعلامية التي تسند المقاومة العراقية إعلامياً في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(7)- مَنْ يُبلغ عن الأماكن/ العناصر التي تُعالج المُصابين/الجرحى من عناصر المُقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(8)- مَنْ يُبلغ عن الأماكن/المواقع التي يتدرب فيها عناصر المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(9)- مَنْ يُبلغ عن المساجد/الجوامع التي يتعبد/يُصلي فيها عناصر المقاومة العراقية في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

(10)- مَنْ يُبلغ عن أرقام هواتف عناصر المقاومة العراقية نقال/أرضي في مدينة الموصل أو في أي مكان من العراق فسوف يُطلق سراحه فوراً؟!

 

فضلاً عن الكثير من الإغراءات الأخرى التي لم نذكرها تجنباً للإطالة، حيث يتم تكرار ما ورد آنفاً على مسامع الشباب المخطوفين لتليين موقفهم والإسراع في تلبية ما ورد آنفاً.

 

سادساً- بإرادة الله تعالى أثبت الشباب المخطوفين مستوىً عالٍ جداً من الوطنيةِ المُخلصةِ للعِراق أولاً، وللمقاومةِ العراقية الباسلة ثانياً، يُصاحِبُهما قدرةٌ فائقة من الصبرِ الذي أنعم الله تعالى به عليهم، وبالتالي أصبحوا بفضلهِ جل جلالهُ قادرين على تحمُلِ العبء النفسي الهائل من السبِ والشتم، وأشكال التعذيب البدني/الجسدي.. إلخ، لذا لم يجد المحتل الأمريكي ولا مجاميع التعذيب الإرهابية مَنْ لبى نداء المساومة أعلاه، لا بل أخذ الشباب المخطوفين يُحذر بعضهم البعض الآخر من كذبِ هذه المساومة، سيما وأنَّ المُحتل ومَنْ يتعاونْ معهُ لا عهود ولا مواثيق لهم! وبذات الوقت أخذ بعضهم يشجع البعض الآخر على الصبر، ثم تناقلوا فيما بينهم أنَّ الإخبار/الوشاية عن أياً ما ورد في المادة (10/خامساً) أعلاه يُعدُ بمثابة خيانة لله تعالى ولرسولهِ صلى الله عليهِ وسلم وهذا يترتب عليه إجراءات قاسية دنيوية لاحقاً من قبل المقاومة العراقية بتنفيذ القصاص العادل بـ(( المُخبر/الواشي )) فضلاً عن اقتصاص الله تعالى الكارثي والمُرعب منهما أيضاً في الدُنيا والآخرة.

 

لمّا لم يجد المحتل الأمريكي ومجاميع التعذيب أعلاه من استجابة لطلبهم أعلاه من قبل مجموعة الشباب المخطوفين، صدحت مكبرات الصوت المذكورة أعلاه بالسب والشتم المُهين جداً، وباستخدام العبارات التي تتناسب ومستواهم سيما وأن معظمهم لقطاء أو أبناءُ رذيلة لا أخلاق ولا تربية لهم.

 

سابعاً- ثم صدر من تلك المُكبرات أمراً جديداً لمجموعة جديدة من مجاميع التعذيب الجسدي/البدني وهي ما أُصطلح عليه من قبل بـ (( الاستعراض القسري للأساليب التعذيب )) التي ستمارس ضد الشباب الصامدين/الصابرين، وكنا قد أشرنا في المبحث الثاني المادة (4) أنه عندما تهيئة ساحة التعذيب تُرك حول الساحة ممر لا يزيد عرضه على متر ونصف إلى مترين المادة (4/ثانياً/(2)) ، حيث قامت المجموعة المخصصة بذلك بضرب الشباب المخطوفين وهم يوجهونهم للركض في هذا الممر لمشاهدة وسائل التعذيب التي تنتظرهم، وعند المرور بكل وسيلة تعذيبية من هذه الوسائل تبدأ المجموعة المُكلفة بها بالشتم، والبصق و.. إلخ عليهم إلى أن يصلوا إلى ساحةٍ، نصطلحُ عليها بـ (( ساحة التهيؤ للبدء بممارسات التعذيب الأساسية )) وهم في حالة كارثية من الإعياء والانكسار النفسي، حيث يُتركون فيها لمدة حوالي 30-35 دقيقة. ثم تبدأ مُكبرات الصوت بإعادة ذات المساومات المذكورة في المادة (10/خامساً) آنفاً، ولما لم تجد آذاناً صاغية أيضاً منهم تبدأ مرحلة التعذيب الجسدي/البدني للشباب الشجعان الصامدين بأمرِ الله جلا وعلا.     

 

ثامناً- يؤخذ الشباب العراقي المخطوف إلى المربع الأول من ساحة التعذيب، حيث وزعت بشكلٍ مُنظم أوتاد حديدية على ارتفاعٍ مُعين وكما أشرنا في المبحث الثاني المادة (4/ثانياً/(3)) ربُط بعضُها مع البعضِ الآخر بأسلاك شائكة، حيث يُطلب منهم الزحف تحت تلك الأسلاك، وعبارات السب والشتم لا تنقطع عليهم، ثم تُعاد الكرة عليهم يُصاحبها ضربٌ مُبرح بالعصي الغليظة والخيزران..إلخ ومن نتائج هذا التعذيب أنْ أُغمي على العشرات منهم وبقوا حيث هُم تحت الأسلاك الشائكة ترفض مجاميع التعذيب سحبهم، أو على الأقل التأكد إن حدث لهم مُضاعفات صحية مُفاجئة؟!

 

تاسعاً- بعد ما ورد آنفاً يتم جمع الشباب المخطوفين، وتتمُ مُحاولات إقناعهم مرةً أخرى بذات المساومات اللا أخلاقية واللا وطنية عبر مُكبرات الصوت المُشار إليها آنفاً في المادة (10/خامساً)، وبذات الوقت قامت مجموعة من عناصر ميلشيا بدر الإيرانية مع عناصر من البيشمركة الانفصالية، بأشراف ثلاثة عناصر من قوات الاحتلال الأمريكي يرتدون (صدرية بيضاء)، بسحب الشباب العراقي الذين انهاروا صحياً تحت الأسلاك الشائكة، وقد جاء سحبهم بأسلوب منافي لأبسط القواعد الصحية أو الأخلاقية؟ مما زاد في حجم إصاباتهم التي كانت على الأعم مزمنة، مما دفع عدد من جنود الاحتلال الأمريكي ربما أوقدت جذوة الإنسانية في نفسهم الحمية، بأن ضربوا عناصر عده من البيشمركة الانفصالية و ميلشيا بدر الإيراني ضرباً مبرحاً بأحذيتهم لإجهازهم بضرب الشبان العراقيين وهم منهارين نفسياً وصحياً، كما شتموهم وبصقوا عليهم ؟!!، ويا للزمن الذي يصبح فيه المحتل الكافر في مواقف معينة أفضل إنسانيةً ممن يحملون هوية الإسلام والعروبة، بالرغم من أنَّ تصرف المُحتل الأمريكي ربما لا يعدو عن كونه وسيلة استمالة جديدة يستخدمها لاستمالة عدد من الشباب المخطوفين للقبول بمساوماته أعلاه!

 

عاشراً- المساومة مع الشباب المخطوفين لم تؤدِ إلى نتيجةٍ، لذا تبدأ رحلة العذاب الجديدة، ألا وهي وكما أشرنا في المبحث الثاني المادة (4/ثانياً/(4))، أن مجاميع تنفيذ خطة (نهيق الحمار الإرهابية) قد هيئت مُسبقاً حفر ملأتها بالمياه الثقيلة النتنة، وجثث من الكلاب السائبة الميتة، ثم أمرتهم بالدخول فيها، والبقاء وعدم الخروج منها إلا بأمرٍ من تلك المجاميع المُشرفة على هذا النوع من التعذيب، الذين كانت بأيديهم عصى طويلة من الخيزران وغيرها يُضرب بها الشبان الذي يتباطئون في الغطسِ في المياهِ النتنة، هذا النوع من التعذيب القاسي من نتائجهِ أنْ أُغمي على العديد من المخطوفين في داخلِ الحُفرة جراء الروائح الفائقة النتانة التي تفوح منها، وبذات الوقت أن مثل هذا الأمر لم يكن يخطر على بال سوى مَنْ يُمارس أعتى أنواع الإرهاب ألا وهو الاحتلال الأمريكي والميلشيات المذهبية والعنصرية. وقد أسرع بعضاً من المخطوفين الأقوياء إلى رفع زملاءهم المُغمى عليهم قبل أن يغوصوا في تلك المياه وأخرجوهم خارج الحفر، وقد كان موقف تلك المجاميع التفرج، والضحك والاستهزاء بؤلئك الشبان وهم على ذلك المستوى من الإذلال الذي تعجز العبارات عن وصفه، وذلك المستوى من التعذيب الذي يفوق قدرات الحيوان وليس الإنسان، ومع ذلك لم تجد ذرةً من الشعور الإنساني عند لدى عناصر تلك المجاميع التي باعت دين الله تعالى بمؤازرة القوات الكافرة، فأين هيّ من حساب الله تعالى يوم الحشر، وأنى لمثل اؤلئك العناصر معرفة مَنْ هو الله تعالى بعد أن خانوا، وارتدوا عن كتابه ودستوره الكوني ألا وهو القرآن الكريم وسنته النبوية اللذين حرّما مؤازرة الكُفار على المُسلمين؟!

 

أخرجت المجموعة المشرفة على الحُفرِ أعلاه مجاميع الشبان المُخطوفين، وأمرتهم بالاستِلقاءِ على وجُوهِهِمْ في الفُسحةِ أمام الحفرة، وتركتهم هكذا لمدة حوالي الساعتين، تفوحُ من أجسادِهمْ الروائح الكريهة، وتتساقط من شعُورِهمْ وملابِسهِم قطراتٌ من المياهِ الثقيلة، وقد تقيء الجميعُ بدون استثناء جراءَ ذلك. ثم عادوا إلى مُساومتِهم/تخييرهم مرة ثانية بما ورد في المادة (10/خامساً ) أعلاه، أو الاستمرار في تعذيبهم، وقد صمد بعون الله تعالى اؤلئك الشبان ورفضوا القبولَ بتلك المُساومة. الوضع المُزري الذي أصبح عليهِ الشبان المخطوفين دفع عناصر من تلك المجاميع إلى جلبِ عجلاتٍ مُحملةِ بالمياه الطينية وفيها صنابير مُتعددة، وأمرتهم بغسل أجسادهم وما تبقى من ملابسهم، ثم نقلوهم إلى ساحة قريبة من الحفرة النتنة المُشار إليها في المادة (4/ثانياً (5)) من المبحث الثاني، وتركوهم فيها، تراقبهم تلك العناصر لكي لا يتكلم أحدهم مع الآخر.؟!

 

التعذيب آنف الذكر كان قد بدأ قبل الساعة الحادية عشر صباحاً من أحد أيام تنفيذ خطة (نهيق الحمار الإرهابية)، وتوقف بعد أن بلغ الإعياء بالشباب العراقي المخطوف مداه، وبعد أن بدأ الظلام يزحف على ساحةِ التعذيب.

 

إحدى عشر- كانت بطون الشباب المخطوفين خاوية من الطعام بعد الجهد غير الاعتيادي الذي بذلوه جراء كُل ما ورد من أشكال التعذيب الجسدي/البدني وما صاحبه من إذلالٍ وإهانةٍ مُتعمدة، وما نتج عنه من انكسار نفسي تسعى إلى تحقيقه الإستراتيجية الأمريكية والإيرانية في نفوسهم، ولغرض ديمومة قدرتهم التحمُلية والاستعداد للتعذيب المُقرر في اليوم الثاني جرى توزيع وجبة واحدة من الطعام ليوم كامل، وبعد كل ما ورد من أشكال التعذيب، كانت الوجبة تتكون من قطعة خبز صغيرة من النوع الأسمر اليابس، ورأس صغير من البصل، وحبات عده من التمر القديم الذي يُعشعش (الدود) في داخلهِ، وعجلة المياه بما تحويه من ماءٍ مُلوث بالطين لا زالت واقفة في محلِها ليشرب منها أولئك الشباب المُعذب.؟!

 

الوجبة آنفة الذكر، والماء الملوث التهمهُ المُعذبون الشباب وهم على أرضهم، في وطنهم؟!

المجاميع الخاصة بالتعذيب التي أشرنا إليها آنفاً أنسحب معظمها لتناول الطعام والراحة، وبقيّ القليل منهم استلقى في عرينة يتناول ما لذ وطاب من الطعام وكما أشرنا في المادة (4/ثانياً/6)) من المبحث الثاني بعد أن تيقن من أن الشبان العراقيين المخطوفين لا حول لهم ولا قوة جراء التعذيب آنف الذكر، وأنَّ الحراسة المُسلحة حول المُعسكر بما فيها الكلاب المُدربة مُهيأة للإجهاز على أياً من الشباب فيما إذا حول الهرب؟

 

11- الإيمان العقيدي السديد للعراقي المُستمد منه الوطنية والشهامة عند الشدة:

لم يُعرف عن العراقي خلال قرون مضت أنه كان من المروجين للطائفية وللشعوبية أو العنصرية، بل كان يمقتُ كُل ذلك ويسمو عليهِ، ولم يعرفهُ إلا من بعدِ أنْ جاء بهِ الاحتلال الأمريكي وتلك الميلشيات التي ولدت من رحمهِ، لذا كان إيمانهُ العقيدي بالله تعالى نموذجاً يُحتذى بهِ انعكست لاحقاً على قوة وشجاعة ورصانة المقاومة العراقية في مدينة الموصل والعقل التخطيطي السديد الذي كانت تعمل بهِ ولا زالت مما أضفى على عملياتها على الأعم دقة في تشخيص/انتقاء الهدف وبالتالي الدقة العالية في إصابته وتدميرهِ وإيقاع أكبر الخسائر فيه، سيما وأنَّ تلك المقاومة في تنفيذ عملياتها تضع أمامها الآية القُرآنية التي تُمثل وعد الله تعالى الحق، ونصُها: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} وهذا لا يقتصر على المقاومة الموصلية بل تمتد آثاره إلى فصائل المقاومة العراقية المنتشرة في عموم العراق المُحتل.

 

المُهم أنَّ حدثاً جديداً طرأ على مسارات حياة المخطوفين المُعذبين وهم في مُعسكر التعذيب، هذا الطارئ الجديد تمثل في سائق العجلة الخاصة بالماء المُشار إليها آنفاً، حيث أثبتت الأحداث اللاحقة أنه كان رجلاً ذا عقيدةٍ إسلامية متينة، عراقيا،ً وطنياً، شهماً، وشجاعاً، وكان أنْ بقى بالقرب من سيارته تلك بحجة أنه يحرص عليها، فأستغل انسحاب عناصر مجاميع التعذيب التي أشرنا إليها أعلاه، فبادر بنخوة المؤمنين المُتطوعين إلى تنبيه الشبان العراقيين المخطوفين أن عليهم تدارك أمرهم بسرعة من خلال محاورة الأمريكان المسؤولين عن المعسكر لأن الأمر بيدهم حصراً، وأن العناصر  الإيرانية والكُردية ليست إلا موضع الاحتقار لديهم بشكل كبير جداً، وربما محاورتهم هذه على الأقل تُساعد في تخفيف آلية التعذيب عليهم، مؤكداً لهم ذلك السائق الشجاع أن لدى العناصر الأمريكية المُشرفة على المعسكر معلومات عنهم جميعها خاطئة زودهم بها المسؤولين في مكتبي الحزبين الكرديين الانفصاليين في مدينة الموصل، وكذلك معاون محافظ نينوى الكردي المدعو (خسرو)، فضلاً عن معلومات مكاتب المجلس الأعلى الإيراني والحزب اللا إسلامي العراقي في مدينة الموصل.

 

ومن رحمةِ الله تعالى وفضلهِ ولُطفه أيضاً أنْ أحد العناصر العراقية الموصلية التي وزعت على الشبان المخطوفين الطعام، قد ثارت فيه حمية الإسلام، والعروبة، والوطنية العراقية أسوةً بنظيره السائق أعلاه، فأخذ يهمس بين الشبان وهو يوزع الطعام عليهم أنَّ عليهم بالصبر، وأنه مستعد للاتصال بذويهم هاتفياً لمن أراد ذلك، وأن عليهم الاطمئنان بهِ لأنه ليس لديه مصلحة سوى مساعدتهم فهو وهم أبناء دين واحد، ووطن واحد. كما نبههم إلى ضرورة مساعدة بعضهم البعض الآخر، وأن غاية هذا الخطف هو أن تحصل العناصر الأمريكية والميلشياوية منهم على المال مقابل إطلاق سراحهم، وأن غايتهم بذات الوقت هو تحطيم نفسية الشاب العراقي المعروف بمباهاته بتاريخه وحضارته، وبذات الوقت انتقاماً من ما حققته المقاومة العراقية الباسلة في مدينة الموصل من نتائج نوعية أرهقتهم، فهي عمليات رفعت من هامة كل عراقي افتخاراً بذلك، وهذا ما سيذكره التاريخ لاحقاً.   

 

أفترش الشبان المخطوفين الأرض، والروائح النتنة تفوح من أجسادهم، بعضهم عارياً بشكل كامل، والبعض الآخر لم يستر إلا عورته، بعد أن فقدوا قطع من ملابسهم، وما تبقى منها غسلوه عسى أن تذهب منه تلك النجاسة المُحرمة على الحيوان وليس على الإنسان. ذلك الاستلقاء دفع بعض الشبان ممن تحملوا ذلك التعذيب إلى التقرُبِ من بعضهم البعض ومناقشة ما حدث لهم بصوت خافت، وما سينتظرهم غداً، وما يجب عليهم عمله سيما بعد الكلام الذي سمعوهُ من قبل سائق عجلة المياه، والشخص الذي وزع الطعام عليهم، سيما وأنهم بذات الوقت أيضاً مثلهم كمثل الغريق الذي يتشبث بقشة من أجلِ النجاة من الغرق، ومن جهةٍ أُخرى فإن مسالك/احتمالات الخلاص كالهرب مثلاً مُستحيلة جراء الاحتياطات التي اتخذتها عناصر الاحتلال الأمريكية والعناصر الميلشياوية، أو القيام بعملية تمرد جماعية مستحيلة أيضاً جراء العدد الكبير المتواجد في أماكن التعذيب والجميع مُسلح بالبنادق ومُستعدين للإطلاق النار عليهم دون رأفةٍ أو رحمة.

 

وتوسع الهمس الخافت بين أغلب الشبان المخطوفين، وطرح أكثر من شاب منهم فكرة تأييد ما قاله سائق عجلة المياه، وليجربوا أن تلتقي مجموعة منهم لا تقل عن أثنين أو ثلاثة مع مسؤول/مسؤولين من الاحتلال الأمريكي عن معسكرهم هذا وتحاوره عن الأسباب التي دفعتهم إلى خطفهم؟ وإلى المبررات الكامنة وراء كل هذا التعذيب والإذلال؟ وقد أستقر معظم رأي الشبان العراقيين المخطوفين على هذا الرأي، وأعلن أكثر من ثلاثة منهم استعدادهم لهذا الأمر.

 

في المبحث الرابع سأتناول ما أدى إليه هذا الرأي، واستمرارية آلية التعذيب تجاه الشباب العراقي المخطوف، علماً أنني قد أكملتُ المبحث الثالث بتاريخ 25/8/2008 وأرسلتُهُ للنشر في 4/5/2010.

 

almostfa.7070@ yahoo.com

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ٢٠ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور