قناعات التطرف

 
 
شبكة المنصور
حــديـد الـعـربي

من فرط الجهل والتخلف نجد بعضا من الرعاع وأدعياء العلم والثقافة على حد سواء لا زالوا متمسكين بمقولة: أن العراق هو الذي اعتدى على إيران عام 1980م، وبسبب ذلك العدوان فقد افتقر الشعب وانتابت حياته الصعوبات والشدائد، على الرغم من كل الأدلة والوقائع الموثقة حتى لدى الأمم المتحدة، التي لم تتحد إلا على الشر، فإنها لم تتحد يوما على فعل خير، فالجياع ما زادتهم الأمم المتحدة إلا جوعا، والمضطهدين إلا مزيدا من الاضطهاد، وجامعة الدول العربية، التي كانت علاجا وهميا لمرض الفرقة والذي أوجدته القوى الصليبية والصهيونية عقب الحرب العالمية الأولى وفرضته على الأمة العربية، فما جمعت رأسين منهم على خير أمتهم، بل لقد طوعها الأعداء لتكون الأداة المثلى التي تمنع على الشعب العربي أن يعبر حاجته للوحدة حتى بالأمنيات التي لاتسمن من جوع ولا تغنيهم بشيء.


ورغم أن الأحداث كانت واقعا عاشته الأجيال التي لا زالت على قيد الحياة، ولم تكن أحداثا ماضية تناقلتها الأجيال بلا تدقيق وتمحيص فاختلط حابلها بنابلها وضاعت حقائقها.


لكن الغريب في الأمر أن الأحداث الجسام التي يعيشها شعب العراق منذ عام 2003م وبضمنه هؤلاء الجهلة وأدعياء العلم والثقافة، كشهود عاشوا كل تفاصيلها، لكنهم لا زالوا يكررون القول بأن العراق هو الذي اعتدى، وليست جمهورية الشر المجوسي اللا إسلامية.


فالمساهمة الفاعلة للنظام الفارسي الشعوبي في احتلال العراق وتدميره لم تعد خافية على أحد، وقد صدقتها ألسنة قادة ذلك النظام بما أعلنته غير مرة وعلى الملأ من تصريحات لا لبس فيها، من أن الأمريكان والصهاينة ومن تحالف معهما ما كان يمكن أن يحتلوا العراق لولا مساعدة إيران، فهي ليست تهم أطلقت عليهم من غيرهم.


كما إن الأدوار التخريبية التي مارستها أدوات هذا النظام وأجهزته، المتوغلة في العمق العراقي، والمتخفية خلف شتى الأستار الخادعة، العلنية منها والسرية، الأصيلة في انتمائها إليه والهجينة التي تدعي الانتماء للعروبة لكنها تتولى الشعوبية الفارسية وتتخذها مرجعية لا يخالف أمرها ولا يرد طلبها، ولا يحيد أحد منهم عن منهجها وإرادتها.


ذلك الدور الذي له الفضل الكبير والحاسم في تحقق الغزو وإدامة أمد الاحتلال، كما له الفضل في إنجاز كل المكاسب التي حققها أعداء العراق والأمة بالاحتلال. كما كانت لهم اليد الطولى في تدمير العراق وتحطيم مرتكزاته، مجتمعا واقتصادا وقدرة على مواجهة التحديات، كما كانت لهم اليد العليا في الإجرام الذي طال أكثر من مليون ونصف المليون شهيد عراقي، وتشريد عددا غير قليل من الملايين في الداخل والشتات، كما كان لهم السبق والريادة في إفراغ البلد من كل عناصر الخير والنماء فيه وكفاءاته الثمينة، كما يحسب لهم الجهد المتميز بتضليل وعي نسبة لا يستهان بها من العراقيين وإخضاعهم لمنطق الجهل والانحراف الخلقي والقيمي.


فما الذي يمكن أن يقال في هؤلاء الجهلة وأدعياء الثقافة والأنياب التي تقطر دما غزيرا من الأثداء التي أرضعتها، بعد كل الذي جرى ولازال؟


إن ذلك ليعزز من قناعات التطرف القائل بأن هؤلاء ليسوا إلا أدوات مسيرة بآليات مختلفة في المنهج الصفوي المعادي جهرا للأمة وعقيدتها الإسلامية، وإن أدمغتهم قد محيت واستبدلت بآلات لا تجيد سوى ترديد ما يفرزه العقل الفارسي المجوسي الشعوبي، وأن وجود هؤلاء في الجسد العراقي بات أمرا مستحيلا، وأنه سيشكل في المستقبل أخطارا لا تقل تأثيرا عنها اليوم على مستقبل العراق ومصيره، وأن اجتثاثهم من الواقع العراقي قد يشكل ضرورة ملحة وأمرا حتميا لابد منه.


ومما يجعل تلك القناعات مقبولة بعض الشيء، أن علاجا مهما كان نوعه وفاعليته لا يمكن أن يخلص هؤلاء من مرض استوطن فيهم واستحوذ على عقولهم ومداركهم، بعد كل الذي حدث فأنطق حتى الحجر بعدوانية الفرس وصلفهم وخبثهم وسوء جوارهم، لكنه لم يغير في وعيهم بمقدار ذرة خردل، اللهم إلا إخراجهم لبعض الوقت من قماقم التقية الفجرة.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ٠٧ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور