المقاومة المسلحة سفر العراق الأبهى

 
 
شبكة المنصور
أ. د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

بسم الله الرحمن الرحيم

أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ

صدق الله العظيم

 

سيبقى الجدل محتدما بين العراقيين والعرب عموما الى زمن بعيد سيأتي، حول موضوعات الوطنية والعمالة والخيانة لكل من استقوى بالغزو والاحتلال للوصول الى كراسي السلطة تحت خيمة الادارة العسكرية والمدنية للاحتلالات المركبة المجرمة. وسيبقى هؤلاء أفرادا وكتلا وأحزابا وميليشيات يحسبون ألف حساب لأمنهم الشخصي والجماعي لعلمهم اليقين بان شعبنا لن يغفر لهم وقواه الوطنية لن تغفر لهم, ولعلمهم اليقين بأن الدمار والخراب وأنهار الدم التي أسيلت على تراب العراق ستظل شاهد ادانة لجريمة نكراء متعددة الاوجه أرتكبوها بدماء باردة وان قبضة القانون والعدالة وغضب شعبنا سيطالهم لا محال طال الزمن أم قصر.

 

معنى )الجدل) هو عدم اتفاق الآراء. وعدم اتفاق الآراء شعبيا له بواعث ومسببات ومحفزات كثيرة يصعب حصرها. وهو يعني في جانب منه ان هناك خلاف في وجهات النظر او في الفهم العام او في المزاج الذاتي او المفروض INFORCED ENVIROMENTS تحت معطيات الأمر الواقع. وهذا الجدل هو الذي راهنت وتراهن عليه سايكولوجيات العملية السياسية PSYCOLOGICAL POLITICAL MACHINE الاحتلالية، وما أفرزت من قرارات وقوانين ودستور وما حاولت ان تؤطرها به هذه العملية السياسية من مشروعية قانونية وشعبية عبر العوبة الانتخابات. وكل هذه السلوكيات, الفردي منها والجمعي, تؤسس وترتكز على أساس واحد جوهري هو ان العملية السياسية مرتبطة بحزب يتداول السلطة مع حزب آخر في زمن محدد وهو ارتكاز خاطئ وخطل تماما في الحالة العراقية، بل هو المطب الاعلى الذي سقط فيه الاحتلال وزبانيته. فتاريخ ومزاج ونفسية شعبنا ليست من النوع الذي يتطابق مع تلك التي يتم البناء والتاسيس عليها في أميركا أو بريطانيا مثلا لان شعبنا لا يعبر ولا ينسى أبدا ثأر الدم ولا يغفره ولا يمكن لذاكرته العائلية او الجماعية أن تتكلس تجاهه, من جهة, كما ان المزاج والموقف SOCIAL AND POLITICAL ATTITUDE هو من النمط والنوع الذي لا يغفر الخيانة الوطنية ومن السذاجة ان يبنى على فكرة تراكم القتل وتراكم التدمير وتراكم الخيانة فهي لاتشتغل مع العراقيين من جهة أخرى. بكلمة اخرى ان دماء شعبنا التي سفكها المحتل وعملاءه لن ننساها لمجرد تراكم تداول السلطة أو تعدد الجهات المتورطة.

 

وعلى مستوى الدول, قريبها وبعيدها, فان التعامل مع أزلام الخيانة والعمالة لايتعدى القبول المفروض في سياقات الخضوع للهيمنة وسلطة الدولة الأعظم وأجنداتها السياسية والاقتصادية وما يترتب على هذه الأجندات من ضغوط مختلفة. من جهة , ومن جهة اخرى فمثل هكذا قبول لا يلغي ولايزيل من قاع الذاكرة الرسمية الانسانية ان نتاج الاحتلال باطل بكل تفاصيله حتى لو تم التعاطي مع هذا الباطل صعودا أو هبوطا او طبقا لمصالح وانتفاعات أقليمية محددة.

 

انهم الزبد, وما ينتج عنهم هو الزبد بعينه, قياسا على الثوابت الربانية الجليلة الواردة في الآية القرانية الكريمة التي ابتدأنا بها هذا الموضوع ..... والله أكبر

الزبد سيذهب جفاءا ... والمهم هو ما يمكث في الارض .. وما يمكث في الارض هو بهاء وألق الشرف العراقي في سواعد وجباه المقاومين الاحرار.

 

للمقاومين الأحرار .. أصابع كفوف تنغرس في تراب الارض الطاهرة فتنتمي اليها انتماءا حياتيا عضويا مطلقا. سواعد تحتضن مبادئ وعقيدة الولاء للوطن والوطنية، وإن كان ثمن هذا التبادل النسغي الحياتي دم الرقاب ونزف القلوب وأوردة الحياة. الرجال المنتمون الى الله في صدقهم وصدق وطنيتهم وصفاء جذرهم الممتد الى العدنانية والقحطانية وما أصطفاه رب العزة من رموزها أفرادا وقبائل هم المشروع الذي لا جدل فيه فاؤلئك أصحاب التجارة الرابحة على المدى والسمعة التي لا خلاف على ألق وشفافية مضامينها الظاهرة والباطنة والمتوحدين بارادة لا يغطيها غربال وتنبثق كاشعاع شمس الوطن الكبير الممتد من شغاف الرئة الى شغاف القلب.

 

هؤلاء هم ما يمكث في الارض ولا حوار أو نقاش في كيف تقبلهم هم وخطوهم الارض أو السماء ولا جدال ولا خلاف ولا بحث في الكيفية التي ستنبهر عيون الدنيا حين يطلعون عليها فاتحين منتصرين كما أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم عادوا فاتحين الى رحاب مكة يتوسدون شرف الموقف ونقاء الولاء لله وللارض .. هؤلاء هم من عرف الزبد فعافه فعاشر الله في خلوته أوفي اندماجه مع الموضوع الخارجي من البشر اومن تراب الارض. انهم مَن عرف ان الشرف لا يتجزأ والعرض لا ينقسم, فالزوجة والام والبنت هي الآخرة بعينها وهي الوطنية والوطن ارضا وبشرا وتاريخا بعينهما .. وأي تنازل في أي من ثوابت حمايتها بدم الرقبة هو خروج عن ارادة الله سبحانه وهو سقوط في وحل الانانية وانتفاعاتها الذليلة. أي سقوط في وحل الزبد الذاهب جفاءا ..

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ

صدق الله العظيم

 

اذن .. الحكم الثابت والنهائي .. ان مَن يرتبطون ويتمسكون بحبل الله وثوابته في السامي والنبيل من المواقف والقيم وما يرتبط منها بالشرف والغيرة والولاء لله وللوطن وللارض والعرض .. هؤلاء هم بهاء الحياة وهؤلاء هم مَن يفوزون في نهاية المطاف بمالات الدنيا والآخرة مجتمعة.

 

صنفين لا ثالث لهما, موقفين لا ثالث لهما, صفتين لا ثالث لهما ... وطني وخائن, عميل وشريف, خانع ذليل وثائر مجاهد مقاتل. تنتهي بانتصار سجل التاريخ وسفره الطويل المئات بل الآلاف من أمثاله في ما يشبه حال العراق.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ

لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ

صدق الله العظيم

 

فهنيئا لرجال التاريخ, رجال العراق النشامى, هنيئا لهم يوم صبروا وكظموا وتحملوا ما لا تتحمله الراسيات وهم يواجهون العدوان تلو العدوان وصفحة الغدر تلو الصفحة ورابطوا حتى نفذت ارادة الله الذي لا راد لارادته سبحانه جل في علاه وها هم يركبون الردى .. رقاب تتلو آيات الله وثوابت الشرف والعقيدة الوطنية والقومية ملفوفة بعقيدة السماء السمحاء الحبيبة العظيمة وهي تحتضن حبال المقاصل راضية محتسبة وأخرى مرابطة ثابتة تنتظر، وما بدلت تبديلا وهي تواجه بثبات اسطوري كل انواع التعذيب والتنكيل والعذاب ... ورقاب أخرى باسقة فوق صدور عامرة بشرف الرجال وبهاء الألق الرباني وهي تصوغ ملحمة قتال غير متكافئ ولا تحكمه لا موازين عسكرية ولا أقتصادية ولا آليات مكائن التدمير غير ان حسابات الصدور العامرة بزهو الايمان وعشق الشرف هي التي تلد الحقائق وسواها يلد الزبد ...

 

طوبى لرجال بهاء وألق سفر التاريخ الذين لا جدال في فوزهم دنيا وآخرة .. طوبى لرجال المقاومة العراقية الذين سيحررون العراق ويسحقون زبد اميركا ومن والاها سرا أو علنا باقدام تسري بثبات نحو النصر بالتحرير الناجز بعون الله ..ويا محلى النصر بعون الله.وطوبى لزهو تاريخنا كله ..المقاومة العراقية الباسلة.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ

صدق الله العظيم

.
aarabnation@yahoo.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ٠٤ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٠ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور