من ''حليب سباع''* .. الى المخدرات الاكثر انتشارا في السوق العراقية

 
 
شبكة المنصور
طلال معروف نجم

العراقيون يسمون مشروبهم الوطني الروحي، بحليب سباع. ومرد ذلك انه يمنح شاربه،قدرة على تحدي الصعاب. ونصرة المظلوم ونجدة الحرائر عند الشدائد. شاربها ينعت بـ "الزلمة"* أما الحشيشة وما اطلق عليها لاحقا بالمخدرات،فهي منبوذة من كل العراقيين. شاربها ينعت بالحشاش قليل الغيرة والنخوة. ولعل اقدم دولة عربية او في منطقة الشرق الاوسط،سنت قانون الاعدام،بحق كل من يتاجر اويشرب الحشيشة. إثر ثورة 14 تموز عام 1958هي العراق.

 

كان الحاكم والشقي " الفتوة " واصحاب العمائم،يتساوون في التلذذ بالعرق العراقي. الى يومنا الحاضر. فكلهم من الرأس الى الاسفل،ومتى ما خلدوا الى بيوتهم،كان العرق سميرهم ورفيقهم. في ليالي عراق اليوم الموحشات المخيفات.

 

ان منع الخمرة عن شعب ألفها وعشقها عبر عصور طويلة بشكل قسري،يولد ردة فعل عنيفة عند هذا الشعب. ولم أسم بلدانا عربية عشت فيها،يحرم على شعبها تناول الخمور. يتناول شبابها في وضح النهار المخدرات وحبوب الهلوسة. وتصنع الخمرة في البيوت وتباع بشكل يسير. وأستشهد بالاسلام يوم ان نزلت اولى سور القران الكريم كانت تمنع على المخمور أداء الصلاة. لانها نزلت على شعب الجزيرة العربية الذي كان يعاقر الخمرة بشكل يومي. ومتى ما وصل المؤمن سقفا زمنيا من الوعي وأمور دينية جاءت الاية الناسخة للاولى بتحريم الخمرة.

 

أما ما حدث في العراق،إثر الغزو الانجلو أمريكي ايراني،ان خطف اصحاب العمائم المشبوهة. زمام الامور وراحوا يحرمون ويحللون على خطى اصحاب عمائم قم وطهران. بعد ان سمحوا لتدفق المخدرات بكل انواعها من ايران موطن المخدرات الاول. فأنتعشت سوق المخدرات بشكل لامثيل له في تأريخ العراق. وكانت خطة مدروسة من قبل الاحتلال الانجلو امريكي ايراني لاسقاط القيم عند الشباب. لان العراقي جبل على ان الحشاش ساقط الغيرة والقيم.

 

واليوم يحتدم النقاش في عراق الفوضى وسقوط القيم. بتحريم الخمرة أم لا.. وهذا يذكرني بمقولة فارسية. كنا أهل بغداد نتندر بها وهي صادرة من معمم تقول : انهم يتركون حمير الله ويركبون "الشمندفر"*. وهاهم أحفاد فارس وأذناب قم وطهران يسيرون حسب هذه المقولة المتخلفة. فقد سعى مجلس محافظة البصرة الى منع استيراد وتداول المشروبات الكحولية ما أثار جدلا بين أعضاء مجلس النواب وقتذاك بين منتقد ومؤيد له. يومها انبرى النائب المسيحي في البرلمان يونادم كنا،منتقدا القرار داعيا في حديث لـ"راديو سوا" مجلس محافظة البصرة إلى معالجة المشكلات الملحة كالكهرباء والفساد وانتشار المخدرات، قبل اقرار مثل هذه القرارات قائلا : "هناك 99 نقطة أخرى لم يجدوا لها حلا وذهبوا إلى الخمور... ليجدوا حلا للكهرباء ويعطوا الماء والخبز للناس ويوفروا معيشة لهم، بعد ذلك يذهبون للخمور.. ليحرّموا المخدرات والحبوب كذلك والحشيشة التي تباع على الأرصفة".

 

كما أشار النائب ظافر العاني "قبل اجثثاثه" إلى أن هذا القرار يتنافى مع مبادئ الدستور التي أقرت الحريات العامة، مؤكدا وجود نفور شعبي من التيارات السياسية الإسلامية، موضحا في تصريح لـ"راديو سوا": "هنالك الآن نفور شعبي من الحركات والأحزاب الاسلامية بسبب عدم تقديمها لنموذج محترم في السلوك السياسي ولم تقدم نموذج مقبول في البرنامج الوطني".

 

قد يتناهى للبعض بأني اروج لانتشار الخمور. ولكن من يقود العملية السياسية الان في عراق الشمندفر،هم من يكيل بمكيالين او ربما بأكثر. وهم يعرفون ان حليب السباع،عندهم افضل من السكوتش المستورد.

ورحم الله ابن البصرة وشاعرها الفذ "ابو نواس" عندما قال :

 

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء

صفراء لا تنز الأحزان ساحتها

وداوني بالتي كانت هي الداءُ

لو مسها حجر مسته سراءُ

 

 

حليب سباع : مصطلح يطلقه العراقيون على خمرتهم

الزلمة : الرجل الرجل

الشمندفر : القطار باللغة الفارسية

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ١٦ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٣٠ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور