السلام العادل يؤخذ ولا يعطى والقادرون وحدهم يأخذون

 
 
شبكة المنصور
نصري حسين كساب

بسم الله الرحمن الرحيم
( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم )

صدق الله العظيم

 

اليوم كنت في حديث مع احد المطلعين والمهتمين في اوضاع المنطقة الخطيرة سواء في العمق الشرقي لوطننا العربي ام في مكامن الخطر في غربه وشماله وجنوبه . وبعد تحليل الواقع المرير قال ان الناس واجمون متشائمون بسبب ما يجري ويتساءلون : وماذا بعد ؟ وماذا يتوجب ان تكون عليه خطوات القادة العرب في مؤتمرهم القادم في سرت – ليبيا ؟ وقد اجبت على الفور بما هو يقيني فقلت : ان الذي يتفرج على الاحداث ولا يؤثر فيها معرض دوما لتقلبات التشاؤم والتفاؤل ولكن كليهما لا يستندان الى واقع . ان تفاؤلا يقوم على تصريح للسيد باراك اوباما يتبعه في اليوم التالي تصريح معاكس وان تصريحا قويا يصدر عن اكس يتبعه تصريح اقل قوة في يوم اخر ، لايجب ان يكون سببا في ميزان الزئبق الذي يسجل تفاؤلنا تارة وتشاؤمنا طورا . وان الدول الكبرى والمتوسطة والصغرى لا تؤيدنا بسبب سواد عيوننا ولكنها تفعل ذلك تقييما لما نفعل نحن في حرصنا على قوة مواقفنا وصلابتها المعتمدة على الافعال والقوة الذاتية ، فلن يكون اي اجنبي احرص على مصالحنا من حرصنا نحن عليها قولا وعملا . وهذه طبيعة الاشياء .

 

وبنظرة عابرة ومتفحصة الى خارطة العالم العربي الجغرافية والسكانية تكتشف لنا تناقضات عجيبة واليمة ومغايرة للمعايير التي تحكم سائر الامصار والشعوب في مناطق الدنيا الاخرى . ساختصر وادخل في المشرق العربي بجزيرته وخلجانه وعراقه وشامه هو نقطة في محيط التكتلات البشرية الضخمة التي تحيط به عبر حدوده ، معظم اراضيه ما زال ينتظر من يعمره ويستغله ويكسو عظمه بلحمه . والشعوب العربية قاطبة تعيش احباطات متتالية مع زعماءها فأن البعض كان لايزال يأمل ان تتحول هذه الاحباطات الى اماني جميلة بفعل توحد قادة الامة العربية لاسيما في مثل هذه الازمات التي تعصف بكل الانظمة العربية ومعها الشعوب العربية ، وهذه الاماني ستتبدد بعد انتهاء مؤتمر القمة الذي سيعقد في الجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية الليبية العظمى . وقرارات هذا المؤتمر لن تخرج عن المالوف الذي تعودته هذه الشعوب من زعمائها في مثل هذه القمم . و القادة العرب محرم عليهم وخط احمر الرفض وعليه لا يعرفون وصف كيفيته ولا طريقة التحدث عنه ولا طريقة تطبيقه ، كما محرم عليهم التحدث عن القواعد الاميركية والاعداد الهائلة من الجيوش التي تملأ هذه القواعد ، ومنها غزوا العراق ، ولم نسمع كلمة واحدة في نقد الاميركان ، على العكس من ذلك لو عدنا بالذاكرة للوراء قليلا نتذكر حديث الشيخ حمد خليفة ( رومل ) عن هذه القواعد التي اراد ان يلتمس العذر وكان اقبح من الذنب في دعوة قطر للجيوش الأميركية وفتح القواعد لها. والبعض من الاغبياء يرونها صراحة وهي بواقع الحال عمالة وخيانة للامة ، غبي لم يحترم العقل العربي . وقوله ان قطر دولة صغيرة ولهذا عملت على حماية نفسها بهذه الجيوش امر لايقبله عاقل واخراج سيء حتى القطريون لم يقبلوا به .

 

ثم قطر مهددة من العراق ؟! و اما الكويت التي تصرفت ولا زالت بصورة تستفز المشاعر العربية بل وتثيرها اشمئزازا ، ناسية ان العراقيين عربا اقحاح لن يتركوا ثاراتهم لو بعد مليون جيل . و اما صبي الامارات المعتوه ومبادرته الرخيصة بدعوة صدام حسين الى التخلي عن الحكم واعتبارها المخرج الوحيد لحل الازمة في العراق . فما ذا سيخرج عن مؤتمر فيه هكذا زعران عملاء توجههم الصهيونية ؟! عاجزين جهلة غير قادرين على الربط بين المصالح الاسرائيلية والمصالح الاميركية والمصالح الفارسية في غزو العراق، اغبياء لم يدركوا ان الاميركان قد اتخذوا قرارهم بغزو العراق منذ فترة طويلة وانهم انما يبحثون عن ذرائع لهذا الغزو ولا يبحثون عن مبررات للابتعاد عنه مهما كانت هذه المبررات. سفالتهم جعلتهم لا يتفهموا كلام الاحمق بوش عن الحرب الصليبية التي يريد شنها على الاسلام ، ولانهم لا يعرفون القراءة وان قرؤا لايفهموا شيء . ما كتبته مجلة «ديرشبيجل» الالمانية يوم 17 فبراير/ شباط عن الحرب الاميركية تحت عنوان «في مهمة إلهية حرب جورج بوش الصليبية» إذ أكد كاتبا التقرير ان الاحمق الاميركي لا يريد باجتياحه العراق إلا ان يقوم بتنفيذ تكليف إلهي يقوم على افكار مسيحية متطرفة وإلى الحد الذي اصبح فيه المسيحيون المتصهينين يطالبون علنا بشن حرب صليبية ضد الاسلام .


هذه الامة بسبب ما في قادتها من عربنجية ويهود صهاينة بعكل عربية لا يمكن ان تتوحد ولا تتحد ولا ننتظر الا مزيدا من المصائب والتفتت والتشتت . وهذا حال الامة من سنة 1939 تتمنى ان يكون قادتها من اولي العزم والاقدام ، ويتمنون ان تؤذن بالحياة الوطنية ويدعون الى تجهيز البلاد بالاسلحة الاصلاحية حتى تطمئن الى مستقبلها ، وحتى يظهر للعالم اجمع اننا امة حية لم تمت ولن تموت باذن الله ، ولا زلنا في مربع 1939 ونذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين : في 7 شباط 1939 عقد اجتماع بين مندوبي الدول العربية وهي مصر والعراق والاردن والسعودية واليمن مع مندوبين عن الحكومة البريطانية ، وقد اطلق على الاجتماع في قصر سان جيمس اسم ( مؤتمر المائدة المستديرة لقضية فلسطين ) . اتفقوا على مخطط خاص كان مضمونه :


- اعلان استقلال فلسطين كوحدة بما فيها العرب واليهود ويصبح هؤلاء جميعا رعايا دولة فلسطين .


- ان تمنع الهجرة اليهودية بتاتا حتى اعلان استقلال فلسطين ويعود بعد ذلك النظر في الهجرة الى الدولة المستقلة .


خلال يومين فوجيء المندوبين العرب بخبر اعلنه عليهم وزير المستعمرات البريطانية بأن امريكا لم توافق على ما تم الاتفاق عليه . وفهم المندوبين العرب ان الصهيونيين ومن ورائهم الامريكان قد شددوا الخناق على الحكومة البريطانية فحملوها على الغاء الاتفاق واماتة المشروع في مهده . فتبخرت أمال العرب . ومن مشروع القرار 242 وما قبله وبعده مشاريع واتفاقيات استسلام اقرتها القمم العربية ، ونتيجة كرم عربي حاتمي من جانب واحد اختلت الموازين وربحت اسرائيل اكثر مما كانت تطمح او حتى تحلم بتحقيقه . هذه بديهيات يعرفها ويعترف بها كل مطلع على جوهر العلاقات الدولية . و لازالت الامة تدور حول ذاتها كما كان حالها سنة 1939 أمالكم يا اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة بالسلام مع اسرائيل مهما قدمتم من تنازلات ستتبخر كما هو الحال في مؤتمر المائدة المستديرة لقضية فلسطين سنة 1939 .

 

ومهمتكم بمؤتمركم هذا كدول عربية وكثر الله خيركم : في قضية فلسطين رفض والغاء مشاريع الاستسلام والاعلان عن دعم المقاومة الشعبية العربية والاسلامية ومؤازرة اهل فلسطين في دعواهم الحقة ، (لا جيناك يافلسطين ولا سنلقيهم في البحر ) . مع يقيني انكم لن ولم تخرجوا عن اطار بوس اللحى ، والبيان الختامي معد سلفا كما قالها الاخ القائد معمر القذافي قبل سنوات . واما العراق حامي الجناح الشرقي للامة ، رغم كل معرفتنا بحالكم ، امرنا لله ، نستصرخكم لوقفة مع فرسان المقاومة والجهاد في العراق ، وخيرا لكم ان تدعموا المقاومة والجهاد في العراق قبل ان ينتف الفرس لحاكم ، ويجلسوا بأحضان نسائكم .


سبع من السنوات العجاف وقوات الاحتلال والعصابات الصفوية ، وعصابات القتل والإجرام الشعوبية المتصهينة تعيث فسادا بأرض العراق . والمقاومة الوطنية مستمرة ومتصاعدة ، وأهل العراق يخوضون نضالا شجاعا ونبيلا يؤكد هوية لا نموت ، ويؤكد بمرارة إن العربي يرفع قبضته عاليا رغم سور الغزاة وثقل الإصغاء وتزاحم المؤامرات السافرة والمضمرة . سبعة سنوات والعربي الرسمي صامت عن قول كلمة الحق ولا يفعل شيئا ، والعربي الشعبي صامت و موغل في الصمت ، فقد اختلس القمع صوته من زمان .. والى الصمت يتمثل الكاتب الرسمي ، يكتفي بدعاء القلب سرا ، فأن مجد يمجد اسياده أولا وأخيرا – بينما يتوزع المثقف الوطني والقومي بين خيار الصمت المحسوب وقرار المغامرة برفع الصوت حيث تخترق قلة من فرسان الموقف أسوار الكلام الرسمي لتوصل صوتها المسموع إلى جماهيرها .


انها صرخة ودعوة ، لا تستعرضوا على الامة بيان ختامي في تقاسيم صفراء تفصل بين الاحتلال والارهاب .. لاتقيموا فراغا بين العراق وامته العربية وكأن السكين مشغولة بالعزل والفصل والتصنيف لا ترى مليون ونصف قتيل و ثلاثة ملايين أرملة وخمسة ملايين يتيم ، وستة ملايين مهجر بين الداخل والخارج ، ان كنتم اهلا لوضع العكال على الراس تذكروا حال حرائرنا في زنازين الغزاة وعملاءهم ، و تضحية العجوز ، و تضحية المرأة العراقية وهي تخرج لترمي الغزاة بالحجارة وتسير في طليعة الشعب الغاضب وتقدم صورة للمرأة العربية جديدة .


شعب العراق يقاتل الغزاة سبعة سنوات و لا يمل القتال ، لا يتطرق إليه القنوط يفتح طريقه الوعر الطويل على تحرير العراق بقدر ما تستجيب تحركاته المدروسة لطموحات المواطن اليومية في شوارع بلا غزاة ومحتلين ومدن بلا سجون وحياة بلا ذل .


امتحان قمتكم في الوقوف الى جانب اهلنا في العراق ودعم مقاومتهم و جهادهم و الارتقاء إلى مستوى أطفال العراق ونسائه بزخم القدرة توحدوا مع مطالبهم، وتعلموا منهم..وأدنى ما يجب عليكم الوقوف مع أهلنا في العراق أن تسيروا معه بالدعم والمساندة والخروج عن الصمت المشبوه أو الكلام الفارغ وصولا إلى كل أشكال التحرك الفاعل، الذي يتداخل مع خط سير أهل العراق الأحرار الصاعد ثقة عالية بالانتصار.


و السلام العادل يؤخذ ولا يعطى والقادرون وحدهم يأخذون

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ٠٩ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٥ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور