قراءة في رسالة القائد الأعلى للجهاد والتحرير إلى قمة العرب الأخيرة

 
 
شبكة المنصور
سعد فوزي رشيد
من الحكمة المطلقة أن يتمعن كل عاقل في الخطاب الذي وجهه الرفيق المناضل عزة إبراهيم الدوري، القائد الأعلى للجهاد والتحرير، إلى القمة العربية التي انعقدت في ليبيا مؤخراً، ذلك لأن محتويات هذا الخطاب تتضمن مدلولات كثيرة وخطيرة تتصل بواقع أمتنا العربية ومستقبلها.


ركّز القائد في بداية خطابه على الدور المشرف الذي لعبه العراق على امتداد تاريخ المنطقة وحتى يومنا هذا، مذكّراً بالتضحيات التي قدّمها أبناء العراق وقيادته الوطنية على مدى عقود من زمن في خدمة قضايا أمتنا المشروعة وفي المقدمة منها قضية فلسطين العربية.. فالعراق كان دائماً وسيظل أبداً جزءاً من أمته لا يتجزأ عنها كما يحاول أن يفعل الاحتلال وعملاؤه بمشروعهم الخبيث في تقسيم المنطقة إلى دويلات متناحرة.. العراق بطليعته الثورية من المناضلين الذين حملوا لواء الوحدة العربية ومشروعها النهضوي في التحرر من كل أنواع الاستعمار والهيمنة لم يتوانوا أو يستكينوا أبدا في الدفاع عن قضايا أمتهم ونصرتها رغم ما لحق بالعراق من دمار وتخريب إثر الاحتلال الغاشم وما سبقه من حصار قضى على الكثير من أبنائه الأبرياء، فما فعله جيش رجال الطريقة النقشبندية، أحد أبرز الجيوش المقاومة على أرض الرافدين عندما تبرعوا بالذهب والمال لنصرة أشقائنا في غزة الصامدة، هو خير دليل على تمسك العراق بأمته ونصرة قضاياها رغم جراحه التي لم تلتئم بعد، فالعراقيون الأصلاء عروبيون منذ الفطرة والعراق يحمل بندقيته المقاومة للاحتلال بيد، بينما يمد يده الثانية إلى أشقائه العرب لنصرتهم والوقوف معهم على امتداد بقاع الأرض العربية من المحيط إلى الخليج.


ويلاحظ المتابع لمحتويات الخطاب بدقة، التحذير الذي تكرر عدة مرات من إيران ومشروعها الصفوي التوسعي في المنطقة، ذلك التحذير الذي لا بد للعرب أن يأخذوه على محمل الجد دون أي استهانة، فالعواقب ستكون وخيمة على أمتنا إن لم يقفوا بوجه ذلك المد الفارسي الذي بات سرطاناً ينتشر ويستشري في جسد الأمة، حيث أصبح التدخل الإيراني واضحاً وجلياً في قضايا أمتنا بعد احتلال العراق.. إيران التي ساهمت بشكل فعلي في احتلال العراق من خلال تسهيلها للغزو وانتقالها للمرحلة الثانية بعد الغزو من خلال عملائها في العراق في تأسيس قاعدة مخابراتية لها، وصناعة فرق موت وميليشيات لتصفية طليعة العراق الثورية من مناضلين ومفكرين وأدباء وأطباء وعلماء، إضافة إلى ملاحقتها أبطال جيشنا العراقي الباسل الذين تصدوا لها وأفشلوا أحلامها التوسعية على امتداد ثمان سنوات، فعلى الرغم من أن أكثر من خمسين دولة شاركت باحتلال العراق رسمياً، إلا أن إيران كانت الشريك الأكبر للولايات المتحدة الأميركية وما زالت.. إيران ستبتلع العراق وتتوجه لتطرق الأبواب الداخلية لباقي الدول العربية بدون استثناء إن بقي الموقف العربي على ما هو عليه الآن من قضية العراق كما قال القائد عزة الدوري في خطابه، وهي فعلاً بدأت بطرق هذه الأبواب بعد احتلال العراق من خلال مطالبتها بالجزر العربية الثلاث في الإمارات، وبتدخلها المعلن في البحرين، ودعمها للحوثيين في اليمن، ومحاولاتها بتصدير ثورتها التي تدعي إنها إسلامية إلى مصر وباقي أقطار المغرب العربي، ناهيك عن تدخلاتها المكشوفة في لبنان وفلسطين، إضافة إلى إصرارها بأن الخليج فارسي، في حين أن بعض الأنظمة العربية وخاصة في الخليج بدأت تناغم إيران وتتحاشى الاصطدام معها، حيث شهدنا ولأول مرة في أحد اجتماعات مجلس التعاون الخليجي تسمية دول الخليج العربية، وليس دول الخليج العربي، وكأن الخليج فارسياً فعلاً وإنها مجرد دول عربية تقع على سواحله!! بل استشرى أمر استكانة وضعف الدول العربية أمام إيران ومشروعها في تفريس المنطقة إلى الحد الذي قامت به إحدى الدول العربية ببث قناة فضائية بالترجمة الفارسية!!


إن الخطر الصفوي محدق بالأمة، وهو بمباركة أميركية.. فأميركا التي أطلقت يد إيران في العراق هي ذاتها التي أطلقت يد إيران وسمحت لها التدخل في شؤون المنطقة، فالسيناريو الأميركي مرسوم دائماً لأن يكون هناك خطر محدق بالدول العربية لتبقي نفوذها وقواعدها في المنطقة، فبعد احتلالها للعراق انكشف الكذب والتزوير الذي كانت تطلقه بخصوص أن العراق يهدد أمن المنطقة لتُبقي على نفوذها في الخليج، فأطلقت يد إيران لتبقى الدول العربية في وهم الحاجة إلى أميركا في الدفاع عنها.. أميركا المنهارة اليوم بفعل ضربات المقاومة الباسلة لها في العراق من خلال حرب الاستنزاف التي لن تنتهي إلا بهزيمة أميركية حتمية إن بقيت السياسة الأميركية على ما هي عليه دون تغيير.


عند دراستنا للقرارات الستة التي طالب القائد الأعلى للجهاد والتحرير باتخاذها في المؤتمر، عن لسان الشعب العراقي ومقاومته الباسلة، نجد إنها فعلاً القرارات التي يجب أن تتخذها الأنظمة العربية إن أرادت أن تنهض بالأمة من جديد وتبعث فيها روح النصر والأمجاد التاريخية المشرفة من على أرض الشيخ المجاهد عمر المختار، قائد الجهاد المبكر كما وصفه القائد الأعلى للجهاد والتحرير، لتكون انطلاقة هذه الأمة من جديد من على أرض العراق الذي يقود اليوم أعظم مقاومة في العصر الحديث.. العراق الذي قدّم قائده شهيداً على ذات المنبر الذي اعتلاه الشهيد المجاهد عمر المختار، منبر الشرف والبطولة والتمسك بالمبادئ في سبيل تحرر الأمة ونهضتها، وليراجع أي نظام عربي موقفه من العراق ونظامه الوطني، فقد تدور الدائرة في يوم من الأيام عليه ويكون بذات الموقف الذي يمر به العراق، فهل سيرتضي أي نظام أن تعترف باقي الأنظمة العربية وتتعامل مع حفنة عملاء يديرون بلاده تحت مظلة الاحتلال؟!

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ١٥ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٣١ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور