الصلة الأمريكية – الإيرانية : زواج متعة أم زواج كاثوليكي ؟ الانتخابات مثالا

 
 
شبكة المنصور
 صلاح المختار

البراءة تزول مع اغتصاب البكارة

حكمة

 

بعد مسرحية الانتخابات التي زورت مسبقا لابد من طرح السؤالين التاليين لفهم ما جرى وما يجري بصواب ودقة : هل بقيت ثمة اسرار حول طبيعة الصلة الامريكية - الايرانية ؟ ان الانتخابات المزورة الاخيرة تؤكد بلا ادنى شك بان هناك صفقة امريكية – ايرانية طبخت وكانت الانتخابات قمة هذه الطبخة  ، فما هي هذه الصفقة ؟

من الضروري تذكر ما يلي قبل الجواب :

 

1 – ان هناك اتفاقا اقليميا شاملا بين امريكا وايران تم قبل غزو افغانستان والعراق وتعزز بعدهما ، ويتمثل في الظواهر البارزة التالية :

 

أ - التخادم المتبادل بين امريكا وايران حول تنفيذ غزو افغانستان والعراق وانجاحه .

ب – مشاركة ايران في الترتيبات السياسية والامنية الاقتصادية في البلدين .

ج – استمرار التعاون والتخادم المتبادل رغم وجود خلافات حقيقية ، وساخنة اعلاميا فقط وباردة جدا عسكريا ، تتركز حول تقاسم المنطقة وليس نتيجة نهج تحرري ايراني كما يدعي البعض .

د – نشوب حرب بالوكالة بين الطرفين الامريكي والايراني نتيجة الخلافات حول تقاسم وتقسيم الاقطار العربية .

 

والسؤال الذي تنتجه الحقائق السالفة الذكر هو : لم حصل هذا التوافق الستراتيجي الامريكي – الايراني مع ان ايران الملالي تهاجم اعلاميا فقط امريكا والكيان الصهيوني ؟ ورغم ان هذا السؤال تكرر طرحه الا اعادة طرحه ضرورية لمواجهة التضليل الاعلامي المشترك الامريكي – الصهيوني – الايراني والتذكير به لانقاذ من يوشك على السقوط في فخ ما .

 

وللحصول على جواب ، موضوعي ويتطابق مع واقع الحال ، لابد من التذكير مرة اخرى بحقائق ستراتيجية وجيوبولتيكية حاكمة اهمها :

 

أ – ان المشروع القومي الايراني ، وبحدوده القصوى لا يشكل نقضا للمشروع الاستعماري الامريكي الذي يتركز على استعمار الوطن العربي وليس على ايران ، وهو يقوم ، اي المشروع الايراني ، على اعادة بناء امبراطورية فارس على ارضها مع وجود مطامع في اقطار عربية معروفة ، وامريكا تعرف ان الطبيعة البراغماتية للنخب الحاكمة في ايران تجعلها واقعية في التعامل مع امريكا ، على طريقة تعاونها مع امريكا في غزو العراق وافغانستان ، لذلك فان المطامع الايرانية في اقطار عربية والتي تشكل احد اهم مصادر الصراع بينهما ، هي مع المشروع النووي الايراني وسائل مساومة على امريكا وضغط عليها من  اجل الحصول على مكاسب اقل من السيطرة على اقطار عربية واكثر من مجرد نفوذ فيها ، وهي مطالب ايرانية تعدها نخب في واشنطن ولندن وتل ابيب معقولة في اطار تقاسم متفق عليه للمنطقة تحصل امريكا بموجبه على حصة الاسد من اجل التخلص من المضايقات الايرانية من جهة ، وضمان خدمة ايران للمخططات الامريكية – الصهيونية العامة من جهة اخرى .

 

ب – وتكتمل بيئة اللقاء التوافقي الامريكي – الايراني بوجود حقيقة اخرى وهي ان المشروع القومي الايراني لا يتناقض ايضا مع المشروع الصهيوني ، فالمشروع الصهيوني قام على الارض العربية وليس على اراض ايرانية ، وحدود اسرائيل التوراتية تنتهي عند الضفة الغربية لنهر الفرات ، حسب الهدف المبدأي والستراتيجي الصهيوني المعروف ( ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ) ، وهذه الحقيقة المحسوبة جيوبولتيكيا من قبل الطرفين الصهيوني والقومي الفارسي ، في زمن الشاه وفي زمن خلفه الاكثر  تطرفا قوميا خميني ، اكدتها قائع الحرب ، التي فرضتها ايران على العراق ، ومنها عثور القوات العراقية المنتصرة على القوات الايرانية على خرائط ايرانية تثبت بان الامبراطورية الخمينية تنتهي حدودها عند الضفة الشرقية لنهر الفرات في توافق غير عجيب وطبيعي بين المخططين المتكاملين الصهيوني الايراني . وفي اطار هذا التوافق الستراتيجي والمبدأي بين الكيان الصهيوني وايران ، ايران خميني كما ايران الشاه ، توضع حدود فولاذية تمنع نشوب صراع ستراتيجي بين الطرفين ، حتى لو نشأت خلافات بينهما لانها ستبقى ثانوية مقارنة بطبيعة صراع الطرفين مع العرب .

 

ج – ان محور الصراع بين الاطراف الثلاثة المتلاقية ( امريكا وايران واسرائيل ) هو حجم ونوعية مكاسب كل طرف وليس تعفف اي منهم ، ولذلك فان حقيقة وجود اسم ايران ضمن المشروع الامريكي – الصهيوني للشرق الاوسط الجديد ، اضافة لتركيا والكيان الصهيوني ، هو تعبير واقعي وطبيعي ايضا عن وجود قاسم مشترك بين هذه الاطراف الثلاثة وهو تقسيم وتقاسم الاقطار العربية .

 

هذه الملاحظات والحقائق فرضتها عمليات غزو افغانستان والعراق ، و التي اتحدت فيها ايران وامريكا لانجاحه ، واندلاع وتدفق المطامع الايرانية في الاقطار العربية ونشرها للفتن الطائفية فيها وهي اتجاهات تخدم امريكا والكيان الصهيوني تلقائيا ، والمبالغة المتعمدة الامريكية - الصهيونية ، والايرانية ايضا ، بخطورة المشروع النووي الايراني ، مع انه اداة مساومة مع امريكا والكيان الصهيوني ، كل ذلك وغيره دفع باحد اشهر الكتاب والعلماء الاسرائيليين لتاكيد ان الدور الايراني ليس كما يطرح اعلاميا بل هو عنصر شغب ومشاكسة لا غير ، فماذا قال ؟  اذا اخذنا في الحسبان ان اخطر ما في صراع الديوك الامريكي – الصهيوني مع ايران هو المشروع النووي الايراني فان التأكيد على انه لا يشكل خطرا على الكيان الصهيوني يفضح طبيعة اللعبة الامريكية – الايرانية – الصهيونية .

 

ففي الوقت الذي ترى معظم النخب الإسرائيلية في البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا ، لاسباب تتعلق بحرص صهيوني تقليدي على استغلال أي ظاهرة ولو كانت ثانوية لتحشيد الراي العام خلف الكيان الصهيوني وزيادة دعمه ، فإنه برز من بين هذه النخب من يقدم تصوراً مختلفاً وواقعيا وحقيقيا تدعمه كل مؤشرات الواقع المعاش ، حيث ان الدكتور أفنير كوهين ، أحد أهم الخبراء في المجال النووي ومؤلف كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية " ، يرى الأمور بصورة مختلفة تماماً ، فهو يؤكد أن حصول إيران على سلاح نووي ، وهو ما عده بعض الغربيين والصهاينة الخطر الايراني الاعظم على الكيان الصهيوني ، لا يشكل تهديداً وجودياً بل مجرد مشكلة سياسية عالمية ، ويحذر في مقال نشره في صحيفة " هارتس " من أن التعاطي الإسرائيلي الرسمي مع البرنامج النووي الإيراني يمنح شرعية لاستخدام السلاح النووي في الحروب ، كما قال الكاتب الفلسطيني صالح النعامي ( انظر : صالح محمد النعامي  نشر في يوم 3/2/2010 | قضايا ومناقشات  )  .

 

يضاف الى ذلك ان فتح جبهات حروب اعلامية – سايكولوجية منضبطة ومحدودة بين امريكا والكيان الصهيوني ، من جهة ، وايران من جهة ثانية ، وتخاض بالوكالة عبر اطراف اقليمية تابعة لايران وامريكا ، تفسر ما جرى ويجري في العراق المحتل وتقدم الارضية الصلبة والحقيقية لفهم ما جرى في الانتخابات العراقية التي زورت سلفا وتحدد من يفوز فيها كما في سابقتها . وقبل ان نقدم التحركات والخطوات التي رايناها وتؤكد ذلك لابد من التذكير بتصريحات امريكية صدرت قبل الانتخابات وفي يومها اكدت كلها بان تحديد من الفائز سيحتاج لفترة لاتقل عن 5 ايام ، مع ان معرفة ذلك لا تحتاج الا ليوم واحد او يوم ونصف اليوم ، كما ان تاكيد كافة القادة الامريكيين العسكريين والمدنيين على ان تشكيل الحكومة الجديدة سيحتاج لشهور طويلة (!) يقدم لنا افكارا خلاقة تساعدنا على فهم اللعبة الامريكية – الايرانية الاخيرة .

 

نعم لقد ابتعدت القوات الامريكية عن صناديق الاقتراع ، وهو ما فعلته في انتخابات عام 2005 التي زورتها القوات الامريكي بالتعاون مع ايران ، ولكن اليوم هناك اتفاق امريكي - ايراني واضح على تقاسم السلطة وتجنب صراع دموي تدرك ايران انه لن ينتهي بفوزها كما تدرك امريكا انه مكلف لها ولا تريده في هذا الظرف الدقيق ، ولذلك فان اعوان ايران من المشرفين على الانتخابات هم من سيزور النتائج ويعلن عما ارادته امريكا وايران لانهم انفسهم ادوات الاتفاقية الامريكية الايرانية الاخيرة حول ترتيب اوضاع العراق ، وليس كما اوحى اياد علاوي او صالح المطلك او غيرهما بان امريكا تخوض صراع كسر عظم مع ايران في العراق .

 

كيف تحركت ادوات ايران وامريكا في العراق لترتيب ( العراق الجديد ) ؟

 

1 – بعد يومين من الانتخابات المزيفة رأينا الحديث عن حكومة توافقية يزداد ويفرض نفسه ، وراحت مفوضية الانتخابات تسرب معلومات عن وجود تقارب في النتائج ، مع ان هذه التصريحات ممنوعة ! لقد فرضت ضرورة تهيئة الراي العام لقبول حكومة توافقية اعلان نتيجة معدة قبل الانتخابات .

 

2 – راينا طارق الهاشمي يحمل نفسه ويلتقي بعمار الحكيم مع انهما ينتميان الى قائمتين متنافستين . ومهد لذلك بتصريح له مغزى بعيد وهو ان العراق عربي ولذلك يجب ان يكون رئيسه عربي ، وفي اليوم التالي صرح مسئول اخر من جماعة الهاشمي بان الرئيس يجب ان يكون عربيا ولا يهم ان يكون سنيا ا وشيعيا ! وهذا التحرك ، بالاضافة لامور اخرى ستتضح فيما بعد ، هو ترسيخ للنظام الاستعماري الذي فرضه بول بريمير واسمه المحاصصات الطائفية والعرقية .

 

3 – وقبل هذا وذاك راينا اياد علاوي يقع في تناقض مضحك جدا : اذ انه اعلن فوزه بعد ساعة او ساعتين من غلق صناديق الاقتراع ، مع ان ذلك مستحيل عمليا ، لكنه ولسذاجته او لارتباكه الشديد وجه تهمة التلاعب بالانتخابات للجهة المشرفة على الانتخاب ، دون ان ينتبه الى انه يكذب نفسه التي اعلنت الفوز بسرعة عجيبة ، وتبرعت قناة الشرقية بتقديم شاشتها له ( بلا مقابل مادي دون ادنى شك ) !

 

4 - وتأكيدا لضرورات تحقيق اتفاق تفصيلي امريكي - ايراني قبل الانتخابات قام اياد علاوي بزيارة لايران بدعوة منها ، ولو انه انكر ذلك وقال انه ارسل وفدا نيابة عنه ، وهذه الزيارة لها مدلول كبير جدا ومهم وهو ان علاوي مازل يمارس حرفته الاساسية وهي خدمة كل جهاز مخابرات يقدم له السلطة او المال او كلاهما . لقاء علاوي بالسلطة في ايران ، وقع وهو امر ثابت ، دفع واوي عتيق ( واوي تعني بالعراقية ثعلب ) وعميل امريكي عريق في عمالته ، اسمه اياد جمال الدين وكان من جماعة اياد الى فسخ ( زواجه ) باياد بتطليقه بالثلاثة لانه فتح باب الحوار مع ايران ! بهذه الخطوة يؤكد علاوي انه مستعد للتعاون مع الشيطان والرحمن وان يقدم لهما الوعود المغرية ويقسم ( بشرفه ) لكل منهما انه صادق ( ! ) من اجل وصوله للسلطة .

 

 5- التصريحات الامريكية التي صدرت في ذروة التهديدات الامريكية لايران كانت رسالة واضحة جدا لايران تقول لها تمسكي بعنادك ونهجك لاننا نريده وهو يخدمنا ! وهذا التشجيع لايران يظهر واضحا من تصريحات قائد القوات الامريكية في العراق ووزيرة الخارجية الامريكية التي اكدت بان الخيار الوحيد المتاح هو فرض عقوبات على ايران ، بل وصل التوافق الامريكي مع ايران الى حد قول وزير الدفاع الامريكي بان الخيار العسكري مستبعد مع ايران . هل مغزى هذه التصريحات واضح ؟

 

سامحونا اذا كررنا عرض ما تقدمه التصريحات هذه من رسائل لايران : انها تقول لايران بصراحة افعلي ماشئت فنحن لن نفعل شيئا سوى فرض عقوبات عليك ، مواصلين ما فعلناه في العقود الماضية وهي عقوبات لم تمنع تعاوننا في غزو افغانستان والعراق ، كما انها لم تشل الحياة في ايران  . هل كان ضروريا ان تطلق الادارة الامريكية تصريحات خطيرة مشجعة لايران مع ان الف باء ادارة الصراع تفرض عدم الكشف عن الخيارات الامريكية ؟ لنتذكر بان نفس المسئولين الامريكيين العسكريين والمدنيين كانوا حتى بضعة اشهر يقولون ويكررون القول ، خصوصا كونداليزا رايس الشقراء ، اي وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون كما وصفعها الرئيس الفنزويلي شافيز : ( كل خياراتنا مفتوحة مع ايران ولا نستبعد الخيار العسكري ضدها ) ، وقتها كانت تلك التصريحات تنطوي على تصريح واضح بان الضربة العسكرية أحتمال موجود ، اما التصريحات الاخيرة والتي سبقت الانتخابات العراقية فانها تطمئن ايران بصورة مباشرة ورسمية وصلت حد الاعتراف بان الخيار العسكري مستبعد ! هل هناك تواطؤ امريكي مع ايران اكثر من هذا ؟

 

6 – في نفس فترة الانتخابات العراقية اعلنت المصادر الامريكية بان الحظر المفروض على ايران في مجال الانترنيت قد انتهى ! والسؤال المنطقي الذي لا مفر من التعامل معه هو : لم فرض الحظر الامريكي وهل زالت مبرراته ؟ ولم رفع الان في وقت الانتخابات العراقية ؟ اليس ذلك جزء من صفقة توافقية ؟

 

7 – بل الاغرب ، والاكثر ايحاء بحقيقة التوافق الامريكي – الايراني وتأكيدا عليها ، هو الاعلان قبل يوم واحد من الانتخابات العراقية عن سر مهم جدا حرصت الادارات الامريكية المتعاقبة على اخفاءه لمنع اتهامها بالتعاون مع ايران ، وهو وجود شركات امريكية تعمل في ايران براسمال قدره 107 مليار دولار رغم المقاطعة ومعاقبة امريكا لشركات غير امريكية تعاملت مع ايران في مشاريع صغيرة جدا وتافهة مقارنة بالمشاريع الامريكية العملاقة في ايران ! قالت صحيفة نيويورك تايمز وهي احدى اهم صحيفتين في امريكا ، يوم 6 / 3 / 2010 اي قبل الانتخابات بيوم واحد ، ولهذا التوقيت دلالات مهمة جدا ما يلي بدهشة واضحة : (واشنطن - رويترز : في حين تسعى الحكومة الامريكية الى فرض عقوبات اكثر صرامة ضد طهران ، فقد أعطت 107 مليار دولار في السنوات ال 10 الماضية الى الشركات الامريكية والاجنبية التي تعمل في إيران، وكثير منها في قطاع الطاقة ، على الرغم من التهديد بالعقوبات للشركات التي تطالب الولايات المتحدة بعقود في تعاملها مع ايران ! وقالت الصحيفة : ان الحكومات المتعاقبة قد كافحت لبسط سلطتها على الشركات الاجنبية والوحدات التي تعمل في الخارج من الشركات الامريكية.  

 

والمفاجئة التي كشفت عنها الصحيفة هي التالية : ومن الشركات ال 74 التي حددتها الصحيفة بانها تقوم باعمال بين حكومة الولايات المتحدة وايران، 49 لا تزال تعمل مع ايران ولم تعلن عن خطط لديها للمغادرة.  كثير من تلك الشركات منغمسة في أهم العناصر الحيوية للاقتصاد الايراني .  لماذا هذا الاعلان قبل يوم من الانتخابات العراقية ؟ وهل له صلة بها ؟ وما مغزى دعم الحكومة الامريكية لشركات امريكية تعمل في مجالات حيوية في ايران رغم انها تطالب الجميع بمقاطعة ايران ؟  ولمن وجهت هذه الرسالة : هل لايران ام لغيرها ؟ وهل هذا التناقض في الموقف الامريكي من ايران حالة شذوذ ام انه القاعدة ؟

 

لنعرف الطبيعة الحقيقية لعلاقة امريكا بايران علينا ان لا ننسى ابدا وان نتذكر بوضوح شديد حينما نريد معرفة الطبيعة الحقيقية للعلاقات الامريكية – الايرانية ، فضيحة ( ايران جيت ) التي تمت في ذروة الحرب الاعلامية الشرسة بين امريكا وايران ، وقدمت من خلالها امريكا لايران خميني اسلحة ومعلومات استخبارية عن العراق استخدمت في انجاح غزو ايران للفاو ! والاغرب هو بروز اتفاق امريكي ايراني واضح وقتها على ترويج كذبة انكشفت الان تقول بان امريكا تدعم العراق في تلك الحرب.

 

8 – لنتذكر ايضا ان المشروع النووي الايراني دعم من قبل المخابرات الامريكية التي اعترفت رسميا بانها قدمت معلومات نووية خطيرة لايران ساعدتها في تحقيق تقدم كبير في مشروعها النووي ، وبررت هذا الدعم بانه نتيجة خطأ استخبارتي ! هل هذا معقول ؟ هل يعقل ان المخابرات الامريكية تقدم معلومات ننووية خطيرة الى العدو المفترض ( ايران ) نتيجة خطأ وهي التي عرف عنها تدقيقها المعلومات عدة مرات ووفقا لاليات لا تقبل الخطأ في امر كهذا ؟

 

كيف نفسر هذه التناقضات ؟

 

ان ما يفسر كل هذه التناقضات الظاهرية في الموقف الامريكي من ايران هو امر جوهري اثبتته تجارب الموقف الامريكي المساند لايران اثناء الحرب التي شنتها ايران على العراق ( 1980 - 1988 ) وابرز ادلته الحاسمة ايرانجيت ، واحتلال العراق وافغانستان بتعاون امريكي – ايراني وقدمت الادلة القاطعة والحاسمة عليه ، وهذا الامر الجوهري هو ان امريكا لها مصلحة مباشرة في ايران القوية وبقاءها في العراق وممارسة نفوذ قوي فيه ، لان العراق القوي الواحد هو المدخل الطبيعي لنهوض حركة التحرر الوطني العربية واحباط المخططات المشتركة الامريكية – الايرانية - الصهيونية الملتقية حول هدف مركزي وستراتيجي خطير هو تمزيق الاقطار العربية ، في اطار سايكس بيكو رقم 2 واستعمارها .

 

والسبب مزدوج العناصر : فإيران ( ونقصد النخب الحاكمة ) من جهة اولى لديها الدافع وهو انها خاضعة لنزعة عداء عنصري تقليدي ضد العرب ولديها مطامع في أرضهم ، لذلك فانها تملك الدافع الذاتي الذي يجعلها جاهزة لخوض صراعات مع العرب لاستنزافهم وتمزيقهم ، ومن جهة ثانية ايران تملك اداة التاثير المطلوب لتقسيم الاقطار العربية وهي اداة لا تملكها امريكا والكيان الصهيوني ، وهي الفتن الطائفية ، مع ان هذه الفتن تعد قلب وروح المخطط الصهيوني لتقسيم الاقطار العربية والذي تدعمه امريكا الان ، وفي اطار هاتين الحقيقتين يبدو واضحا واكيدا ان ايران – خصوصا ايران الملالي واكثر من ايران الشاه - ذخيرة  ستراتيجية لامريكا والكيان الصهيوني لانها وحدها من نجح في نشر الفتن الطائفية في الاقطار العربية مع ان كل من بريطانيا وفرنسا وامريكا والكيان الصهيوني قد فشل في تحقيق اي فتنة طائفية خلال حوالي قرن من الزمن الاستعماري الغربي !

لكي نفهم الزواج الامريكي - الايراني ، علينا ان لا ننسى تقاليد ( العشق والجنس ) لدى امريكا وايران ، فايران وامريكا ترتبطان بزواج متعة ، اي زواج مؤقت لقاء ثمن ، لكنه الان ، وفي مرحلة الفشل الامريكي - الصهيوني في محو الهوية العربية  وانفراد ايران بامتلاك اداة التاثير الطائفي ، يعد زواجا كاثوليكيا ، اي دائما  ولن ينتهي هذا الزواج الا بتدمير الاقطار العربية في حالة فشل المقاومة العربية المسلحة خصوصا في العراق . من هنا فان علينا ان لا ننسى ابدا ان اهم عناصر نجاح المخطط الصهيوني القديم – الجديد هو الضرورة القصوى لتقسيم الاقطار العربية ، مادام هذا التقسيم هو الضمانة الوحيدة لبقاء الكيان الصهيوني . لذلك لم يكن غريبا حصول الظواهر التالية ، والتي تبدو صعبة الهم لمن يجهل طبيعة الزواج الامريكي - الايراني – الصهيوني ، وهو مزيج غريب من زواج المتعة والزواج كاثوليكي اللذان يتبادلان الدور والموقع تبعا لتطور الظروف :

 

1 – دعم امريكا واسرائيل لايران عندما شنت ايران الحرب على العراق تحت شعار نشر ما سمي زيفا ب ( الثورة الاسلامية ) ، والتي تفرض البدء باسقاط النظام المقاوم للصهيونية وامريكا وهو النظام الوطني التقدمي للشهيد صدام حسين ، والدعم عرفه العالم كله واعترفت ايران رسميا بتلقيه تحت اسم ( ايرانجيت ) او ( ايران كونترا ) ، ومهما فعل حسن نصر الله لتجميل وجه ايران البشع ، ومهما اطلق احمدي نجاد من تصريحات معادية لاسرائيل فان الحقيقة التي نراها على ارض الواقع تقول بوضوح تام بان امريكا والكيان الصهيوني دعما ايران ومازالا يدعمانها من اجل تدمير وحدة الاقطار العربية تنفيذا لما يسمى ب ( سايكس – بيكو رقم 2 ) والتي تقوم على تقسيم كل الاقطار العربية على اسس طائفية عرقية .

 

2 – التعاون الرسمي الامريكي - الايراني ، والاتفاق على غزو العراق وتدميره واعادته الى عصر ما قبل الصناعة ، كما وعد وهدد جيمس بيكر المجاهد الاسير طارق عزيز فك الله اسره قبل ايام من العدوان الثلاثيني في عام 1991 . نعم ان الذي غزا العراق هو امريكا وبريطانيا ، ولكن لولا الدعم الايراني لامريكا لما نجح غزو العراق افغانستان ، وتلك كلمات ايرانية صدرت من فم نائب الرئيس الايراني محمد علي ابطحي ورفسنجاني وغيرهما ، وغزو العراق وتدميره ومحاولة تقسيمه هو المقدمة الاخطر في تنفيذ سايكس بيكو رقم 2 .

 

3 – مادامت المقاومة العراقية التي اشعلت ثورة مسلحة اذلت امريكا واوصلت احتلالها للعراق الى مأزق قاتل فان العدو الرئيسي لامريكا وايران والكيان الصهيوني في العراق هو المقاومة المسلحة ، لذلك راينا في السابق ونرى الان تسابقا امريكيا ايرانيا في معاداة المقاومة خصوصا معاداة القوة الرئيسية والضاربة فيها البعث وحلفاءه الاسلاميين والوطنيين والقوميين .

 

4 – ان احتواء المقاومة العراقية ، وبعد ان فشلت اغلب الاساليب ضدها في المرحلة السابقة ، مرهون بشقها واغراء اطراف فيها بالالتحاق بالعملية السياسية ، في اطار جديد مختلف شكليا عن الاطار الذي حوصرت به حتى الانتخابات ، يتطلب تغيير الشعارات والاهداف المرحلية لمن شارك في العملية السياسية سابقا واضفاء صفات عليهم لا يمتلكونها ، لان هوية اي حزب او كتلة او جماعة تتبلور في زمن طويل وبعد تجارب طويلة ، لذلك فان التغيير الشكلي في الاسماء والتحالفات ليس سوى طبخة امريكية ايرانية لجر المقاومة والقوى الوطنية لفخ مميت ومدمر يحرقها ويمسح انجازاتها التاريخية .

 

ومن ابرز ما ظهر من اساليب حرق المقاومة او تشويه صورتها هو تسويق اكذوبة وسخة تقول بان علاوي والمطلك ( بعثيان ) ، لذلك لابد من انتخابهما من اجل تخليص شعب العراق من كارثته ، وهذه الدعاية السوداء – مع الاسف بعض الوطنيين وصفهما بهذه الصفة - ارادت استغلال عذابات الناس في ظل الاحتلال ونجاح البعث والمقاومة في كسب دعم الاغلبية الساحقة من الناس وتجييرها لصالح علاوي او المطلك او غيرهما ، من جهة ، ولتنفيذ احد اهم اساليب اجتثاث البعث وهو اسلوب شيطنته بربط اسمه باسم علاوي مثلا من جهة ثانية .

 

5 – ان الصيغة التي اتفقت عليها امريكا وايران تقوم على تقاسم النفوذ في العراق ، فامريكا تأخذ العراق الاقتصادي بشكل عام فيما تأخذ ايران العراق السياسي بشكل عام ايضا ، وهذه الصيغة هي التي جعلت الهاشمي يلتقي بعمار الحكيم وهي التي جعلت علاوي او ممثليه يزورون ايران ، وهي القابلة التي ستولد المسخ الجديد المسمى ب ( حكومة توافق وطني ) قريبا . وتلك الحكومة او ذلك التوافق الجديد سوف يكون مرحلة انتقالية تتم خلالها عمليات اجرامية لتصفية المقاومة والبعث تحت اسماء براقة ، مستغلين عذابات الشعب العراقي خلال سنوات الاستعمار السبعة ، ملوحين بشعارات مرحلية بعضها ضد ايران وبعضها الاخر ضد امريكا من اجل التحكم في اللعبة وعزل المقاومة والبعث عن جماهيرهما .

 

ما المطلوب وطنيا الان ؟ ان مواجهة هذا المخطط الامريكي - الايراني ، القائم على زواج مزدوج : المتعة والكثلكة ( من الكاثوليكية ) ، لن تكون صحيحة الا بتصليب عود المقاومة المسلحة وتعزيز فعلها الجهادي وزيادة الحصانة الوطنية وتعميق الهوية الوطنية ، والاهم تعميق وترسيخ الخط الفاصل بين الوطنيين والعملاء ومنع اي محاولة لتداخل الخنادق لأي سبب كان ، وتوسيع ثقافة المقاومة خصوصا المقاومة المسلحة ، ورفض الانجرار الى العاب خطيرة لن تكون الا انتحارا لمن يقدم عليها . نعم يجب مواصلة تكتيك عزل اكبر عدد ممكن من الذين تعاونوا مع الاحتلال وتحييدهم وكسبهم الى جانب المقاومة وستراتيجية التحرير مادام العدو الاساسي هو الاستعمارين الامريكي والايراني وليس الاتباع ، ويجب تذكر حقيقة تواجهها حركات التحرر وهي ان الاتباع ذيول غير مستقلة ولا قادرة على الفعل الرئيسي ولذلك لا يجوز للقائد الستراتيجي المحنك ان ينغمس في صراع مع الذيل ويترك الرأس ! وهذا التكتيك الحساس يجب ان يسير على صراط مستقيم اسمه بوصلة التحرير وستراتيجيتها وليس اي بوصلة اخرى .

 

ليزداد تركيزنا في المرحلة القادمة على الافعى برأسيها الامريكي والايراني ، ولنعمل على تحييد من نستطيع تحييده وكسبه من اولئك الذين يتراجعون ويندمون بصدق ، وبلا كلل ولكن دون ان يؤدي ذلك الى جرنا الى الموقف الذي يريده من تعاون مع الاحتلال بدل قيامنا نحن بجره الى موقفنا ، ويبقى الهدف المركزي هو التعجيل بانتصار المقاومة المسلحة وتابعها الطبيعي المقاومة السلمية  .

 

وأخيرا ثمة تحذير لابد منه من سلعة عار : مؤخرا روجت سلعة صينية اسمها ( غشاء البكارة الاصطناعي ) بسعر تافه هو 15 دولار امريكي لحل مشكلة نساء فقدن بكارتهن ، ولكن يجب تذكر حقيقة ، لا يجوز القفز من فوقها او تجاهلها او ضعها في الخلف ، وهي ان استخدام هذا الغشاء من قبل من افتضت ( بكارتهم ) من الرجال لا ينجح الا مع السذج او قصيري النفس والنظر او الممثلين البارعين ، مادامت براءة الرجل الذي افتضت بكارته قد اورثته نجاسة الضمير وفقدان البراءة . لذلك لابد من التركيز في الكسب على رجال حافظوا على بكارتهم ، او رجال فقدوها لكنهم يشعرون بالعار ويريدون التكفير باللجوء للطهر والزهد الحقيقيين في بيت المقاومة وثقافتها وليس العكس .

.
salahalmukhtar@gmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٣ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٩ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور