جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

شكل آخر من جرائم أمريكا زج مرتزقة سريين كمقاومين لتدمير وحدة الشعب ومقاومته

﴿ الحلقة الثامنة عشر

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

كما أسلفنا واحدة من وسائل أمريكا الدونية توظيف التعدد الديني والمذهبي والعرقي في العراق كأحد الأسلحة القذرة في حربها الإجرامية الإرهابية ضد العراق والعرب والإسلام، حيث لم يكن عدوانها الهمجي يستهدف العراق فحسب بل يستهدف كل النظام والعلاقات الدولية، ومثل أعلى استهتار واستباحة للقانون الدولي واكبر عدوان على قيم البشرية الإنسانية وتطورها الحضاري، وعودة في العلاقات الدولية والتعامل بين الدول قرونا للوراء، وعودة عن قيام منظمات دولية وصيغ سياسية تحكم العلاقات بين الدول والشعوب.

 

كما قلنا في الحلقة السابقة إن اعتماد الكتل الموالية والمرتبطة بإيران لم يكن قناعة أو حبا لهم بل لأنهم كنوا اكبر تكتل يقدم خدمات لمخططاتها ويخدم منهجها، وأؤكد إنها اعتمدت الكتل والمليشيات المرتبطة والعميلة لحكومة إيران لقناعتي التامة بأمرين هما:

 

1.  إن حكومة إيران ومن خلال المكاتب التي افتتحتها المخابرات الأمريكية خلال فترة ما بين 1991 و2001 والتي كان يمثلها أول الأمر العميل احمد جلبي، فان حكومة إيران كانت قد عقدت جملة تفاهمات مع الأمريكان من خلال ممثليها محمد باقر الحكيم في داخل إيران وينوب عنه وعنها أخوه عبد العزيز الحكيم في المؤتمرات الخارجية كمؤتمر لندن وأثينا وصلاح الدين وغيرها، إلى أن اكتملت صيغة اللقاءات المباشرة عبر وفود اتخذت أغطية كثيرة منها جمعيات إنسانية ورجال اعمل ولجان مساندة للمعارضة العراقية... وغيرها، والتي كانت تجري مفاوضات مباشرة بين أمريكا وحكومة إيران، والذي تعهدت حكومة إيران بدعم وإسناد المخطط الأمريكي لغزو واحتلال العراق.

 

2.  حاولت أمريكا وعملائها المزدوجين مع إيران أن يضفوا صيغة إن هؤلاء أي المجلس الأعلى وفيلق بدر وحزب الدعوة يمثلوا شيعة العراق، وهنا أود آن أؤكد إن لا حكومة إيران ولا عملائها لهم أي علاقة اجتماعية أو سياسية أو دينية أو مذهبية معنا كمسلمين نتبع أحكام المذهب الجعفري في العراق، بل نحن نشك في إن المتحكمين بإيران إسلام أو إنهم لا يعرفوا حقيقة ومبادي وأحكام الإسلام في احسم حال، وان تشيعهم أو تظاهرهم بحب آل بيت النبوة ما هو إلا تغطية لمنهج وخطة سياسية لخدمة أهدافهم، وأتمنى أن يكون ذلك لجهلهم بالدين وليس منهج للعدوان على الإسلام والمسلمين والعرب في مقدمتهم.

 

في نفس الوقت كانت قد خططت لان تبني مليشيات طائفية (باسم السنة) مرتبطة بقواتها، ولكون الحزب الديني المذهبي الوحيد في العراق والذي يدعي انه حزب سني هو الحزب الإسلامي (وهو عبارة عن تجمع لتيارات متعددة اغلبها بقايا الإخوان المسلمين) وهو تجمع هش ولا قواعد له ولا ساحة عمل، تماما كما هي الأحزاب الإيرانية التي تدعي إنها شيعية، وقد ارتبط الحزب الإسلامي بالمخطط الأمريكي الصهيونية من خلال شخوص تمثله منها أياد السامرائي وغيره والتحق لهم بعد الاحتلال عناصر لا تمثل أي ثقل اجتماعي أو سياسي ولا تحظى بأي احترام مثل محسن عبد الحميد وأمثاله، وهؤلاء لا مليشيات لهم، فعمدت أمريكا على إدخال عناصر تعمل وفق نهج صهيوني أمريكي باسم مجاهدين من البلدان العربية وظفتهم توظيفا خسيسا هو القتل على الهوية الطائفية، وسنتناول هذا الموضوع تفصيلا في هذا الجزء.

 

كل العراقيين يتذكروا أن كثير من الشرفاء جاءوا للعراق عندما اتضح أمر الغزو والعدوان عرب وأجانب، منهم بصيغة الدروع البشرية أو حماية المشاريع والمنشآت ذات العلاقة بحياة المدنيين والحياة العامة في العراق وقد اعتصم كثير منهم في مشاريع الماء والكهرباء ومخازن المواد الغذائية ومرافق مدنية عديدة وغطى الإعلام العالمي تضامنهم مع شعب العراق، في نفس الوقت وخصوصا مع بدأ العدوان بشكل فعلي أي يوم 20/3/2003 وما بعده فان عدد من المواطنين العرب الشرفاء التحقوا للعراق وبعضهم لم يكن يعرف مدن وطرق العراق سابقا ولم يسبق له أن زار العراق، هؤلاء جاءوا مجاهدين لله من خلال رؤى متعددة كلها لها قاسم مشترك واحد هو تنفيذ أمر الله بقوله (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا أن الله لا يحب المعتدين)، فمنهم القوميون اللذين يعرفوا أن معركة الأمة واحدة وان الوطن العربي وطن وشعب واحد لا يجزأ بحكم رغبة وإرادة المستعمر الباغي، ولا يعترفوا بالحدود التي عملها الطامعون في تجزئة الوطن والشعب لإضعاف الأمة واستغلال الوطن والثروات واوان الغزو يستهدف الأمة من خلال سنامها ويدها القوية حاملة الراية والسيف العراق، وهم الغالبية العظمى من المقاتلين الملتحقين للعراق، وآخرين مدفوعين بإيمان ديني بحت ومن خلال فهم إن الجهاد يكون فرض عين على كل مؤمن مسلم إن غزا الكافرين ديار الإسلام، وآخرين من مقاتلي القاعدة فعلا مدفوعين بشيئيين الأول إيماني والثاني انتقامي من أمريكا التي فعلت بهم ما فعلت، حيث غررت بهم من خلال عملائها أنظمة إسلامية ودعاة تجنيد لصالح أمريكا إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان، مع هؤلاء استطاعت أمريكا أن تدخل عناصر مرتبطة بها بشكل مباشر أو من خلال الأنظمة العميلة مثل نظام آل صباح في الكويت ليكونوا أداتها في الفتنة الطائفية، التي يعتبروها السلاح الأشد فاعلية ومضى الأسلحة لتحقيق أهداف الامبريالية والصهيونية الشريرة بتدمير وحدة الشعب العراقي ووحدة المسلمين عموما، وهذا اخطر واكبر أهداف العدوان والاحتلال وأكثرها إرهابا وأعلاها تدميرا وعداءا للإنسانية والشعوب والحاديان ولا يوازيه في امتداد التأثير الإجرامي إلا نشر المواد المشعة (اليورانيوم المنضب) تلك الجريمة التي ستظل تحصد ملايين البشر والكائنات لقرون طويلة لا تختلف عما فعله الأمريكان في هيروشيما وناكازاكي.

 

فأمريكا وحلفائها الصهاينة يعتبروا وحدة العراقيين ومعاييرهم القيمة في التعايش السلمي وإيمانهم بأنهم جميعا شركاء في الوطن وعليهم واجب شرعي وأخلاقي وطني أن يتحملوا مسؤولية بنائه والدفاع عنه ضد إي طامع باغي وغازي مغتصب رابطهم الأساس السلام والمحبة والتعاون والثقة المتبادلة فيما بينهم والتسامح والود والسلام، وكل تلك القيم مناهضة لقيم الامبريالية ومنهجها القائم على الإرهاب والبغي والعدوان والبغضاء والجريمة، فوحدة العراقيين وانسجامهم وقيمهم الحضارية الإنسانية السامية هي التي مكنتهم من الانتصار على كل حلف الامبريالية وشركات الاحتكار العالمي في معركة التأميم الخالدة، وهي ذات القيم التي جعلتهم ينتصروا على عدوان خميني عام 1980 – 1988 رغم كون إمكانات إيران البشرية والعسكرية أضعاف إمكانات العراق،  وهي نفسها التي مكنت العراقيين أن يصلوا إلى ما وصلوا له من تقدم وبناء وتطور رغم تكالب التآمر عليهم طيلة فترة الحكم الوطني، وذلك المستوى الراقي من القيم والأعراف الوطنية هي التي يجب أن تدمر أكثر من أي شيء آخر، لان بقائها كفيل بان يمكن العراقيين أن يعيدوا بناء وطنهم ويحققوا ما تصبوا وتسعى الشعوب إليه وهو تحقيق إنسانيتها ورسم مستقبلها وضمان حقوقها، وهذا يقلق الأمريكان والصهاينة وآخرين أولهم شركات الاحتكار العالمي وحكومة إيران صاحبة والمشروع الفارسي الطامع بأرض العرب والعراق، وهذا سببا آخر من أسباب التلاقي بين حكومة إيران مع أمريكا والصهيونية في العدوان وفي الغزو والاحتلال، رغم تظاهرهم بالاختلاف فيما بينهم.

 

ولكون أول المحافظات التي يدخل لها القادم للعراق من جهة الغرب (أي من الأردن أو سوريا) هي محافظة الانبار فان كثير من هؤلاء المقاتلين التقوا بتشكيلات المقاومة في محافظة الانبار وارتبطوا بها وكان من بين تلك التشكيلات إسلامية طائفية من خلال ما وضحنا سابقا،حتى بات كثير من الملتحقين لاحقا يكونوا معهم بحكم الاتصالات والمعرفة بينهم من الأقطار التي جاءوا منها، وحدث ما حدث واستغلته أمريكا استغلالا قذرا سنشرحه تفصيلا في الحلقة القادمة، إنشاء الله.

 

هذا نوعا آخر من جرائم أمريكا زج مرتزقة سريين كمقاومين لتدمير وحدة الشعب ومقاومته فأين القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية؟

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١٨ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور