جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

تنفيذ أعمال طائفية وارتكاب جرائم ضد المقدسات الدينية لتجنيد مرتزقة لتنفيذ الفتنة

﴿ الحلقة العشرون ﴾

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

إن ما كان يجري في أول أيام الاحتلال للعراق لم يكن عملا عفويا، أو رد فعل سلبي من قبل أفراد وجماعات تعرضوا لاضطهاد أو عنف في فترة الحكم الوطني، بل كان عملا منظما وخطط له مسبقا، وكان الأعلام الأمريكي والصهيوني المكثف لتدمير العراق ينقله بصورة توحي بان معارك وعنف طائفي مذهبي يجري بين إتباع ومؤيدي النظام البعثي (السنة) وبين الشيعة، ولم يتطرق يوما أي إعلامي أو وكالة أو أي وسيلة إعلام على إن الغالبية من تنظيمات حزب البعث وقياداته هي شيعية، وان حقيقة الأمر هو قتال داميا يجري بين قوات الاحتلال ومرتزقتها وعملاء إيران معززين بقوات إيرانية بملابس مدنية وبحماية ودعم وتسهيلات أمريكية لتصفية أو ابادة كل البعثيين و ضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي، من اللذين قاتلوا إيران في قادسية صدام وكل مواطن عراقي يقاوم الاحتلال، حيث اعتبروا كل من يقاوم الاحتلال هو يقاوم بسبب انتمائه أو ارتباطه بشكل أو آخر بحزب البعث والنظام الوطني، ولم يتم تناوله مطلقا على انه قتال يجري بين كل الوطنيين العراقيين وفي مقدمتهم البعثيين وبين المرتزقة ومن استطاعوا تجنيده معهم واستمر اشهرا محصورا بشكل كبير في محافظات الجنوب والفرات الأوسط، وتطور ليشمل بغداد خصوصا جانب الرصافة منها، للأسف لم ينتبه لذلك كثيرون في داخل العراق وفي الوطن العربي إلا حزب البعث الذي يعرف بفهمه أبعاد العدوان وغاياته، فقد كان واحدا من أساليب التضليل الأمريكي تصوير المقاومة العراقية على إنها مجاميع من أتباع النظام البعثي يقاتلوا التغيير!! في العراق الجديد!! لأنهم فقدوا امتيازاتهم ومناصبهم، وليس كل ما يحدث هو مقاومة شعبية عراقية من كل مكونات وطوائف الشعب بقيادة البعث لطرد الاحتلال، وصار الإعلام ينقله خصوصا الإعلام المرئي العربي على انه حرب ابادة من قبل الشيعة للسنة، هؤلاء اللذين كانوا يروجوا لهذا لم يكونوا محايدين ولا محروقة قلوبهم على العراقيين سنة أو شيعة، بل كانوا أجراء متعاونين ويروجوا لمخطط الفتنة الذي اعتمدته أمريكا، حتى إن كثيرا من رفاقنا عندما اضطروا للهجرة إلى الوطن أقطار الوطن العربي تفاجئوا بأسئلة المواطنين العرب، خصوصا اللذين لم يفهموا ما هي العلاقة الحقيقية بين العراقيين، وان هذه الفتنة لم تكن موجودة بين أبناء الشعب بل إنها عمل إرهابي قذر ومنهج أمريكي صهيوني بريطاني فارسي موضوع سلفا، ومخطط له لتدمير وحدة الشعب العراقي وتقسيم العراق، ولذلك كان معظم اللذين دخلوا العراق بعد الاحتلال سواءا كانوا فعلا تنظيم القاعدة أو مجندون جدد ولكنهم بمنهج وفهم مذهبي هو الدفاع عن السنة وحمايتهم، حتى بات شعار هذه المجاميع والعراقيون اللذين تأثروا بأفكارهم قتل الشيعة على الهوية المذهبية وليس قتل الخونة المتعاونين أو المجندين للاحتلال، بحيث بات مع الترويج الإعلامي الأمريكي والتثقيف المذهبي الفارسي الذي تقوم بها إيران وأتباعها من الكتل العميلة (المجلس الأعلى وفيلق بدر وحزب الدعوة وآخرين اعتمدوا المنهج المذهبي والطائفي أساسا لتكتلاتهم كما هو التيار الصدري والفضيلة وغيرهما ولسببين


الأول: لافتقارهم لمنهج فكري للتعبئة اتخذوا هذا المنهج التخريبي بل المدمر لوحدة الشعب منهجا وأسلوبا للتعبئة، وهذا بحد ذاته يمثل تنفيذا للمنهج الأمريكي الصهيوني.


الثاني: ضمان دعم وتمويل حكومة إيران اللا إسلامية لهم ماديا ولوجستيا كونها أيضا تعتمد ذات المنهج ضد شعب العراق.


وألا كيف لمجاهد يعمل لهدف كبير ومتعلق بتحرير بلد أن يعادي الشعب الذي يشكل حاضنا له ومدده؟ كما يطرح نفس السؤال كيف إن من يريد مقاومة الاحتلال وإلحاق الهزيمة به أن يؤسس لفتنة تجعل الصراع بين مكونات الشعب تشغله أو تكون هي القضية الرئيسية في قتاله عبر قيام صراع داخلي بين الشعب الواحد وهذا هو الذي سيضمن للاحتلال القدرة على السيطرة ويؤدي إلى إضعاف المقاومة؟ إن تفجير مثل هذه الصراعات هو خدمة تاريخية للاحتلال، وتهديد خطير للمقاومة، التي لولا حكمة قيادتها لكان هذا العمل الخطير سببا بعزلها عن حاضنها ومددها وممولها شعب العراق، لو كان توجه هؤلاء فعلا لدعم وإسناد وتعزيز المقاومة العراقية لكان اسلونهم ومنهجهم بشكل آخر، لاعتمدوا دعم المقاومة العراقية بأشكال وأساليب متعددة وأعلاها تهيئة الدعم المادي والإعلامي لها، ولذلك فاني أقول إنهم كانوا في خدمة الاحتلال وجزء من منهج العدوان، سواء كان ذلك بان أمريكا وحلفائها جندوهم أو قياداتهم مباشرة أو عن طريق بعض الأنظمة العربية والإسلامية المحالفة لأمريكا وهذا تكرار لسيناريو أفغانستان في سبعينات القرن الماضي، أو إنهم أغبياء بحيث قدموا الخدمة لدول الاحتلال من خلال التعصب المذهبي والذي ينافي الدين وأصنفه أنا انه خروج عن الدين، فقناعتي وتقويمي للمنهج الطائفي الفارسي (الخمينية أو ولاية الفقيه والتعصب الفارسي بادعائهم التشيع) هو منهج منحرف مخالف لمنهج وأحكام الدين تماما كما هو منهج الوهابية والسلفية، وكل تطرف وتعامل مع المذاهب الإسلامية التي جاءت نتيجة اجتهاد وفتاوى أناس صالحين أرادوا تبيان وتوضيح وتسهيل أحكام الدين للمؤمنين على إنها بديل للدين السهل الواضح العظيم القيم والكامل الأحكام كما ورد في القرآن وسنة الرسول الخاتم صلى الله عليه وعلى اله وسلم، هو خروج عن الفهم الحقيقي للدين وعمقه الإيماني الكبير.


إن الأعمال الإرهابية التي كانت تجري في مناطق المحمودية والإسكندرية وجنوبي بغداد والطريق بين العراق وسوريا والأردن لم تكن من فعل متطرفين سنة كما كان الإعلام الأمريكي الصهيوني وحتى الإيراني الحكومي يروج له، وكذلك الأعلام الكبير الذي أسسته أمريكا بعد غزو واحتلال العراق، على أساس انه إعلام عراقي خصوصا هذا العدد الضخم من الفضائيات التي تعدت في عددها دولا أوربية وأخرى سبقت العراق في مجال الفضائيات، لكن أمريكا أرادت أن تجعل الأعلام على أساس انه عراقي، فمولت كل مجاميع الخونة اللذين دخلوا العراق كمرتزقة مع قواتها لفتح فضائية أو أكثر باسمهم على أن يلتزم بالمنهج الإعلامي الذي حددته أمريكا والمنهج الطائفي الذي تريده أمريكا سلاحا لقتل وابادة وتدمير شعب العراق وبنائه العظيم، بل إن كل ذلك كان من تنفيذ قوى مرتبطة بشكل وآخر بالقوات الأمريكية والبريطانية والموساد الصهيوني، وكانت تلك الأطراف تقوم بتلك الأعمال مباشرة، وان عناصر من الموساد الصهيوني وجنود نظاميين في القوات الأمريكية والبريطانية يقوموا بذلك، ولا اضن احد قد نسى قصة الرجلين اللذان كانا يتنكران بملابس عربية ويقومان بزرع متفجرات في مساجد تابعة للمذاهب الإسلامية في البصرة وعندما كشفهما المواطنون والقوا القبض عليهم وسلموهما لمديرية شرطة البصرة وأتضح أنهما جنديان من القوات البريطانية وعرفا بانهما صهيونيان قامت قوات بريطانية باقتحام مديرية شرطة البصرة واخذ الجنديان وإغلاق أي تحقيق في القضية بل ومنع الأعلام الدولي من استمرار إعادة الخبر وغير هذا كثير خصوصا تلك الحوادث من القتل على الهوية والجثث المجهولة التي كانت تظهر في أوقات منع التجوال وقرب سيطرات ومعسكرات قوات الاحتلال.


نعم لقد دخل العراق بعد الاحتلال أعداد متباينة من المقاتلين منهم مجاهدين بدافع إسلامي تنفيذا لأمر الله للمؤمنين بقتال الذين يقاتلوهم وآخرين بحكم إيمانهم بان الأمة العربية كيان واحد وأي عدوان على أي جزء منها هو عدوان على كل الأمة وان الشعب العربي واحد وعليه مسؤولية التصدي للاحتلال، وآخرين من المتطرفين من أتباع القاعدة دخلوا لأمرين :


• الانتقام من أمريكا وحلفائها التي يعتبروها عدوهم الأول للموقف الذي وضحناه سابقا إضافة لما كبدتهم أمريكا من خسائر عند غزوها واحتلالها لأفغانستان، وهذا ما ينافي الفقه الديني (إنما الأعمال بالنيات) فهم جاءوا لغرض الانتقام ولم تكن نيتهم أن يجاهدوا في سبيل الله لأجل طرد الغزاة.


• استغلال الفرصة لبث منهجهم الخاطئ والمنحرف، تماما كما هو منهج الخمينيين مع اختلاف في التوجه المذهبي، فكلاهما يكفر المسلمين من غير أتباعه، إضافة إلى فهمهم الخاطئ في اعتبار أي مسلم لا يجاهد كافرا وبالتالي جائز لهم قتله، وكذلك بأنهم ما زالوا يستهدفوا العدو في أفعالهم فان ذلك يجيز لهم أن يقتلوا أي عدد من المسلمين اللذين قد يصادف وجودهم لأي سبب في المكان الذي يتواجد فيه الجندي الأمريكي، وهذا سبب خسائر كبيرة لأبناء الشعب العراقي من خلال تفجيرات ضد شرطي أو جندي أو مترجم يعمل مع قوات الاحتلال في أماكن مزدحمة كالأسواق والشوارع العامة وساحات تجمع العمال ومآرب السيارات وغيرها.


ولكون جميع اللذين دخلوا ارتبطوا بالمقاومة الإسلامية التي في غالبها سنية ولم يلتحقوا بتشكيلات المقاومة الوطنية التي يسيطر البعث صاحب المنهج الإيماني القومي والقدرة على كشف المندسين واللذين دفع بهم الاحتلال بحكم خبرة كوادره الأمنية والاستخبارية فقد تحقق لأمريكا اختراق بعض تشكيلات المقاومة الإسلامية وهي للأمريكان أن يوظفوا الأخطاء التي ارتكبتها القاعدة والمتطرفين في العراق لخدمتها في عدة نواحي:


• ليكشفوا المقاومين ويحرفوا منهج المقاومة وتشويه صورتها.
• إحداث شرح كبير بين المقاومة وحاضنها ومددها وممولها (الشعب).
• العمل من خلال ذلك لفتنة جديدة غير الفتنة الطائفية وهي الفتنة بين القبائل والمجاهدين بحكم الأخطاء التي ارتكبها المتطرفين والتي كانت سببا في ولادة المرتزقة الجدد وهم الصحوات والتي عمل المجند الأمريكي الفارسي المزدوج نوري المالكي على تعميمه إلى عموم القبائل من خلال ما سماه مجالس الإسناد.


وبذلك قدموا خدمات لكبيرة للعدوان والاحتلال وأضرت العراق وشعبه، واخطر انعكاساتها خلق فجوة بين المقاومة وحاضنها الشعب لولا مشيئة الله ورحمته ووعي أبناء العراق وحكمة قيادة المقاومة متمثلة بالرفيق القائد عزت إبراهيم لكانت كفيلة بجر المقاتلين إلى غير واجباتهم وغير منهجهم وقضت على المقاومة بعزلها عن حاضنها ومددها وممولها الشعب،وقدموا أكثر من خدمة للاحتلال، أكان هؤلاء يتصوروا إن العراقيين ينقصهم الرجال أو يخشوا القتال؟ لو عملوا هؤلاء وفق المنهج الإيماني الصحيح ووفق المنهج المقاوم الذي وضعته قيادة المقاومة لكبدوا العدو خسائرا كبيرة وعززوا مقاومي الداخل من خلال دعمهم المادي للمقاومة وتيسير احتياجاتها وبناء علائق متينة لها مع الشعب عموما، ولكن طبيعة عملهم والوقائع التي سلكوها بتنفيذ برنامجهم يدل على أمرين:


• إما إنهم جهلة فعملوا بنفس فكرة الجهاد الخاطئة التي اتبعوها في أفغانستان في سبعينات القرن الماضي، وبهذا كانوا مرتزقة للاحتلال من حيث لا يعلمون.


• أو إن قياداتهم كانت مخترقة وبالتالي مرتبطة بالاحتلال وتنفذ ما يخدم الاحتلال وهيئوا فرص للقوات الأمريكية لتجنيد عراقيين بسبب ما لاقوه جراء أعمال تنظيم القاعدة في مناطقهم، وقتل أبناء الشعب، والعمل على تعميق ما بدا المحتلين والموساد الصهيوني وحكومة إيران على ولادته وهو الفتنة الطائفية والمذهبية، كما اشرنا في الفقرة السابقة.


كان ذلك المنهج القذر في خلق الصراعات الطائفية والمذهبية وتنميتها وتغذيتها، هي تأسيس لتصعيد ذلك الاحتقان الناشئ منها والتمهيد لحرب أهلية، كان تفجير مرقدي الإمامين العسكريين عليهما السلام ساعة الصفر لبدئها، لكن الله الرحمن الرحيم ستر العراق وأطفأ نار الحرب التي أشعلوها، لعن الله من فرق العرب ولعن الله من فرق امة محمد، ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ٢٩ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٣ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور