جرائم أمريكا وحلفائها والقانون الدولي

توظيف القضية العرقية (العنصرية) لتكون سلاحا ضد العراق والمنطقة والبشرية عموما

﴿ الحلقة الحادية والعشرون ﴾

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

واحد من مخططات أمريكا وحلفائها وبالأخص الكيان الصهيوني العمل على تقويض قيم المحبة والتعايش السلمي والإخاء والتسامح والحرص على الوحدة الوطنية والإيمان المطلق والمبدئي بالشراكة بالعيش المشترك والقناعة التامة بالشراكة بمسؤولية بناء الوطن والدفاع عنه وحماية وحدة ترابه واستقلاله، هذه الثوابت التي يعتبرها العراقيون جميعا مقدسة غير مسموح التفريط بها أو التنازل عنها، عملت أمريكا والموساد الصهيوني وجهات أخرى كلها مرتبطة بالمخطط الأمريكي الصهيوني (عملت باسم جمعيات خيرية أو دينية أو شركات استثمارية) في منطقة الحكم الذاتي، كلها عملت خلال فترة فرض أمريكا على منطقة شمال العراق (شمال الخط 36) والممتدة لاثنتي عشر قبل الاحتلال على تقويض وحدة الشعب العراقي من خلال اختراق الحزبين العملين الاتحاد والوطني بقيادة العميلين مسعود برزاني وجلال طلباني واللذان كانا على علاقات معروفة مع الصهيونية العالمية وكيانها المغتصب لفلسطين (إسرائيل) منذ فترة سابقة طويلة تمتد إلى فترة زعامة ملا مصطفي برزاني للحركة الكردية أي فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وتم خلال هذه الفترة أي الفترة بين 1991و 2003 تدريب مليشيا الحزبين اللذان تقاسما السلطة تحت حماية المظلة الجوية الأمريكية وتم فتح مقرات رسمية علنية للمخابرات المركزية الأمريكية والموساد الصهيوني وتم تطويرها إلى مستوى التحالف الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني وقيام ضباط صهاينة من الجيش الصهيوني إعادة تشكيل وتدريب وتأليف قوات مشتركة بين الحزبين اللذان يعرف كل الشعب العراقي وأهلنا الأكراد بشكل خاص حجم العداء المستفحل بينهما، ووضع عقيدتها القتالية وفق منظور ومنهج صهيوني قائم أساسا على العقيدة الصهيونية الإرهابية الفاشية والعنصرية المعادية للإسلام والعرب، وبالأخص العراق الذي يعرف اليهود من الكتب المقدسة التوراة والإنجيل والقرآن إنهم شعب الوعد الرباني الذي سيدمر غطرستهم وعلوهم القائم على القتل والعدوان، واستطاعوا أن يجندوا كثير من قياداتها وضمان ولائهم بشكل مطلق للكيان الصهيوني والتحالف معه خلال تلك الفترة، وتعميق الفتنة التي كانت قائمة في منهج الحزبين العميلين والبسطاء من الناس اللذين كانت قيادات الحزبين تعمل على إفشائها في أوساطهم.

 

هذا المنهج الساعي لتغذية مشاعر اللامواطنة والشعور بعدم الانتماء للعراق كوطن للجميع، وتنمية مشاعر في أوساط شعبنا الكردي بأنهم يختلفوا عن العرب وباقي العراقيين، وتعميق مشاعر الفتنة التي كان الحزبين العميلين وزعمائها يعملوا على ترسيخها في الوسط الكردي، هذا كان سببا في أول تهجير لشعبنا الكردي. وهو أول تهجير جماعي لشعب العراق، فقد هاجر أبناء شعبنا الكردي خلال عامي 1991و1992 باتجاه بغداد ومحافظات نينوى والتأميم وصلاح الدين وديالي ومحافظات أخرى حيث بلغ عدد المواطنين الأكراد المهجرين في تعداد عام 1997الى بغداد فقط أكثر من مليون نسمة من محافظات الحكم الذاتي أي ما يعادل ثلث السكان، وأكثر من نصف مليون موزعين بين المحافظات الأخرى والخارج تركيا وإيران ودول أوربا،أي إن حوالي نصف عدد سكان إقليم كردستان – العراق كما يسموه قد هاجروا أو هجروا خلال سني الحماية الكاذبة، والتي هي في حقيقتها عدوان سافر على العراق وخصوصا أبناء شعبه الأكراد، وكانت تلك الفتنة لها أثارها ليست في العراق فحسب بل وعموم البلدان التي يشكل الأكراد جزءا من شعوبها ومكونها السكاني، وتم الإيحاء وتكثيف التثقيف والعمل مع كتاب وسياسيين أكراد متعصبين لترسيخ فكرة العداء بين العرب والأكراد، والعمل على نشر مفهوم عدائي من خلال نشر ثقافة بان العرب وكذلك باقي شعوب الدول المشار لها هي دول وشعوب مستعمرة لهم، وإنهم مضطهدون ولابد أن يعملوا على إعادة تحرير وطنهم (كردستان الكبرى)، وعليهم أن يستغلوا الفرصة المهيأة حاليا من خلال تبني أمريكا لمشروع تحرير العراق (والتسمية أصلا جاءت من خلال هذا الأساس) وان المجاميع الأخرى من العملاء (مجموعة اللصوص والمنحرفين والجواسيس متعددي الو لاءات) من الكيانات والأحزاب الدينية!! والعلمانية (دعوة،مجلس أعلى، فيلق بدر، حزب الله، الحزب الإسلامي، حزب الأمة، المؤتمر الوطني، الوفاق، الإصلاح،اتحاد كردستاني، وطني كردستاني) وغيرهم من الهياكل الكاذبة والتي شكلت بالمال والدعم والحماية الأمريكية والصهيونية والفارسية بدون استثناء قبل وبعد الاحتلال، وكل اللذين دخلوا العراق جواسيس وأدلاء تحت أحذية جنود الغزو وافقوا على ذلك منذ مؤتمرات الخيانة التي جمعتهم المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني فيها لتجنيدهم كمرتزقة قبل الغزو والاحتلال، لأنهم لا تهمهم وحدة العراق وهم أصلا لا علاقة لهم بالعراق شعبا وأرضا وما هم إلا مجاميع من اللصوص والفاسدين والمرتزقة يريدوا دخول العراق لأجل النهب والسرقة لا غير، وتصرف الحزبين العميلين ومليشياتهما (البيشمركة) بعد دخول قوات التحالف بغداد واحتلال العراق كان تصرف استعمار خارجي كما سيأتي توضيحه في الحلقات اللاحقة، ومسيرة السبع سنوات التي مرت على احتلال العراق وتنصيب أولئك العملاء حكومة في خدمة الاحتلال تؤكد صحة ذلك وتكشف بشكل جلي حقيقتهم.

 

لقد عملت أمريكا والكيان الصهيوني الإيحاء للعملاء من خونة العراق كله وشعبنا الكردي بالأخص أمثال مسعود وجلال ومجموعة العصابة التي تدعي إنها أحزاب تمثل الشعب العراقي الكردي وهم في الحقيقة عملاء يتاجرون بالقضية الكردية وبمستقبل الشعب الكردي بأنها ستسعى لتشكيل وطن كردي يضم كل الأكراد في العراق وإيران وتركيا وسوريا وأي دولة أخرى يتواجد فيها أكراد وجمعها لتشكل دولة كردية، وبذلك وظفوا القضية العرقية (العنصرية) لتكون إحدى أسلحتهم ضد العراق والمنطقة والبشرية عموما وتغذية صراع عنصري فاشي، سيتحول إلى بؤرة من بؤر التوتر والإرهاب في العالم قريبا.

 

لقد عمل الصهاينة على التأكيد وإقناع السياسيين الأكراد العملاء بان وجود أمريكا وبريطانيا والحشد الشرير ممن استطاعت أمريكا إشراكهم ترغيبا وترهيبا في غزوها وعدوانها على العراق قادر على فرض تغيرات مخالفة لمبادئ القانون الدولي وحقائق التاريخ والجغرافية وإحداث تغير سياسي في المنطقة كما أسموه وعلى لسان المجرمين باول وكونديزا رايس الشرق الأوسط الجديد الذي أسقطته وأفشلته المقاومة العراقية البطلة التي تقاتل كل قوى الإرهاب والعدوان والجريمة والعنصرية الفاشية بزعامة أمريكا والصهيونية العالمية نيابة عن الإنسانية جمعاء، وبتعاونهم مع قوات العدوان والاحتلال للعراق ستقيم لهم وطنهم المنشود، كون أمريكا هي القوة العظمي والوحيدة المهيمنة على العالم، هذا الشعور والوعود الصهيونية الكاذبة (الله سبحانه وتعالى قال عن اليهود إنهم لا وعد ولا ميثاق لهم) وبدعم وتأثير اللوبي الصهيوني سيحققوا لهم أغراضهم وان الكيان الصهيوني سيكون حليفا لهم، وبذلك استطاعوا أن يجعلوا كثير من المضللين والمغرر بهم من أبناء شعبنا الكردي يتعاملوا إنهم ليسوا عراقيين، وبذلك فان الزعماء الأكراد ليسوا خونة للعراق وشعبه بكل مكوناته القومية والدينية، بل باعوا الشعب الكردي وجندوا أبنائه كمرتزقة لصالح الكيان الصهيوني والإمبريالية، وساهم كيان الدجل العنصري في إيران في ترسيخ ذلك منذ العدوان الخميني على العراق عام 1980ولغاية 1988، والذي قدم السياسيون الأكراد العملاء واحدا من أقذر صور المواطنة وأحط مواقف الرجولة بإيعاز ومشورة حكومة إيران الخمينية، يوم اشترطوا في المفاوضات مع الحكومة - والعراق يواجه العدوان - تسريح العسكريين الأكراد من الخدمة العسكرية والعدوان قائم، وحينها انقسم شعبنا الكردي إلى قسمين، قسم اختار المواطنة والرجولة والموقف الصحيح ورفض التسريح، وآخر وهم الأكثر اختاروا موقف الخونة والعملاء، وهذا إثبات إن قيادات الحزبين الاتحاد والوطني الكردستانيين مجردين من انتماء وطني ومتخلين عن مسؤوليتهم كمواطنين، ذلك الموقف الشائن يمثل قتلا لمواطنة الكردي وتجريدا له عن حقه وواجبه بل وإنسانيته وشرفه ودينه، حيث مثل تخلي المواطن عن واجبه في حماية وطنه.

 

هذا الخطأ التاريخي، والذي سبق أن وقع به العراقيون في بداية فرض الخدمة الإلزامية إبان تشكيل الدولة العراقية في العهد الملكي وإعفاء المجنسين من ذوي التبعية غير العراقية (الإيرانية والتركية) من الخدمة الإلزامية، جعل البعض ممن يعتبروا الخدمة العسكرية مصيبة وشدة كبيرة ولم يفقهوا أهدافها الدينية والوطنية والشخصية يدعوا إنهم من تلك التبعيات وبقيت أثارها لحد الآن، جعل هذا الخطأ أن يتكرر وذلك بادعاء مواطنين عرب كالاشورين والكلدان وبعض الازيديين إنهم أكراد وهذا واحد من ادعاء برزاني وطلباني العميلين الادعاء بضم محافظة التأميم (كركوك) ومناطق سهل نينوى والمناطق التي يسموها متنازع عليها لهم، وهو منهج صهيوني اتبعه الصهاينة بتهجير الفلسطينيين وضم أراضيهم لكيانهم الغاصب من قبل تأسيس الكيان العنصري في أرضنا منذ بدأ الهجرات الصهيونية إلى فلسطين في بداية عشرينات القرن العشرين، وسيكون موضوع الجزء اللاحق البحث في هذا الجانب إنشاء الله.

 

هذا التوظيف وتنمية الضغائن والأحقاد بين أبناء الشعب والذي سينعكس على عموم شعوب العالم متعددة المكونات العرقية والدينية والمذهبية، أليس جريمة ضد الإنسانية؟ وعدوان سافر على وحدة واستقلال الشعوب وعلى السلم والأمن والاستقرار الدولي ؟ وتأسيسا لمنهج عدواني سيكون بيئة لولادة إرهاب بين البشر في كل العالم؟ فأين القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية من الإدارات الأمريكية المتطرفة والبريطانية المعتدية والصهيونية المجرمة التي أسست ودعمت ومولت ذلك؟ والذي يفرض على كل قوى السلام ومناهضة الإرهاب والجريمة أن تقود حملة مطالبة دولية لمحاكمة المجرمين الدوليين أعداء الله وعباده، ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وحقوق الشعوب، والساعين للابادة البشرية ونشر الدمار والحروب بوش الأب والابن وكلينتون وبلير وإداراتهما من الكذابين ومن ساندهم إعلاميا وفكريا وقتاليا إلى القضاء الدولي على جرائمهم.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٣٠ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٤ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور