مطالبة إيران العراق بتعويضات عن عدوان هم بدءوه

طرح العراق العديد من مبادرات السلام ووافق على كل المبادرات والقرارات الدولية ورفضها النظام الإيراني، فمن يعوض من ؟ حقائق ودلالات

﴿ الجزء الثاني ﴾

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

في تلك الحرب التبس الأمر على كثيرين، من الذي بدأها؟ وتقاسمت وسائل الإعلام والمحللين السياسيين اتهامهم كل حسب موقفه السياسي وميله إلى احد الطرفين لتحميل الطرف الثاني مسؤولية البدء، ولكل فلسفته في ذلك، فمنهم من يعتبر أو يبرر الحرب الإعلامية، والتدخل في الشؤون الداخلية وقيام الجالية الإيرانية وعملاء إيران بأعمال إرهاب وعنف وتخريب داخل العراق، وقطع منفذ التجارة الوحيد للعراق، ليس بدءا للحرب، وقصف المدن والقرى وتجاوزات الحدود، وقطع المياه المارة بين البلدين، واحتلال المخافر الحدودية، ليست حرب بل هي مناوشات حدود، وتفجير طلبة الجامعة المستنصرية في بغداد وقتل المسؤولين وموظفي الدولة ومنتسبي الأجهزة الأمنية والجيش في مدن العراق المختلفة ليست حربا!، والحرب هي الحرب الشاملة وتحرك الجيش على الحدود.

 

لم يتأخر النظام الإيراني كثيرا وقام بما يسموه حربا، فكان احتلال إيران لخضر وهبله ومنطقة سيف سعد وغلق شط العرب من قبل البحرية الإيرانية ، وإعلان النظام الإيراني ومرشدهم(خميني) عدم اعترافهم والتزامهم بمعاهدة الجزائر، وان إيران عازمة على تصدير الثورة وان العراق أول محطاتها، كل هذا يخدم من؟ وهم يعرفوا إن العراق البلد العربي الوحيد الذي لم يوقع هدنة مع الكيان الصهيوني ويحتفظ بالحق العربي في تحرير فلسطين، فلماذا هذا العداء للعراق ولماذا الحرب التي تؤدي لإضعاف قدرة العرب وذراعهم الطولى جيش واقتصاد العراق. وتفتيت الإخوة الإسلامية ودق إسفين في تكامل الأمن الإسلامي من خلال تكاتف وتعاون المسلمين ضد الغزو الفكري والسياسي والاقتصادي الامبريالي الصهيوني.

 

إن الحرب لها إشكال متعددة ووسائل عديدة أعلاها احتلال البلدان واستعمارها بشكل مباشر، وفي تاريخ البشرية كثير من الأمثلة والشواهد على ذلك، فالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق من جهة والامبريالية بقيادة أمريكا، هل كانت حرب أسلحة عسكرية بأي مستوى؟ بل كانت حرب إعلام واقتصاد وفتن وفكر وحروب بالنيابة؟ وهذا يعرفه الكل ويقره ولكن يفسر كل منهم كيفما يريد ويشتهي.

 

نعم بدأت الحرب بين العراق وإيران بأي شكل يراد تفسيرها وتأويلها ولكن علينا أن نتابع وقائعها ونحدد من الذي يتحمل مسؤوليتها ويتحمل تبعاتها القانونية ويطالب بتعويض الطرف الآخر عن خسائره نتيجة ما اقترفه :

1.  كان الرد العراقي يوم 22/9/1980 بعد أن لم تهتم إيران بتحذير العراق ودعوته للحل السلمي لمشاكل الحدود والخلاف وفقا لكل ما بين العراق وإيران من علائق إضافة للقانون الدولي.

 

2.  يوم 28/9/1980 وكان الجيش العراقي في المحمرة وأجزاء أخرى من إقليم الاحواز ومناطق أخرى من إيران، قدم العراق وعلى لسان القائد الشهيد صدام حسين رضي الله عنه مبادرة لوقف القتال والاحتكام للغة السلام والقانون، ولكن إيران رفضت ذلك وأعلنت استمرارها بالحرب حتى احتلال العراق وتبديل نظامه حسب قولهم. هل في رفض خميني ومؤيديه وقف الحرب والاحتكام إلى الدين والقانون لا تعني إن إيران هي من أرادت الحرب وسعت لها وترفض وقفها؟

 

3.  في 7/4/1981 إعلان العراق دعوة أخرى لوقف القتال من جانب واحد ودعا حكومة إيران لذلك، ولكن حكومة إيران أعلنت رفضها مبادرة العراق واعتبرتها دعوة ضعف وعدم قدرة على مواصلة الحرب، وظل العراق متمسكا بمنهج ودعوة السلام مع استعداده للدفاع عن أرضه وشعبه واستقلاله وكرر مبادرة إيقاف القتال من طرف واحد أكثر من خمس مرات بمناسبات أعياد المسلمين وشهر رمضان والمولد النبوي وغيرها من المناسبات الدينية.

 

4.  في 28/11/1981شنت إيران هجوما على قطعات الجيش العراقي في قاطع البسيتين واستطاعت تطويق بعض قطعات القوات هناك منها كتيبة الحسن التابعة للواء26وتم اسر أعداد من منتسبيها، بدل أن تقوم القوات الإيرانية بالتعامل وفق القانون الدولي ومعاهدات جنيف بشأن أسرى الحرب قامت بإعدام أولئك الأسرى، وهذا يعني إن النظام الإيراني يتصرف بطريقة وحشية تعبر عن حقد ولؤم وانه ينوي عدم التفكير بوقف القتال وما بين العراق وإيران كشعوب مستقبلا.

 

5.  اعتمد خميني وملئه العدواني ذات المنهج الاستعماري الصهيوني (التطرف الفتنة الطائفية والعرقية والمذهبية المحرفة)، فقال إن شيعة العراق معه ولا يؤيدوا النظام، فقبل القائد الشهيد التحدي وطلب استفتاء في مناطق الوسط والجنوب فكان رد العراقيين مدويا كلنا للعراق ومع صدام حسين، كان ذلك في 14/10/1982 وصار هذا اليوم يوم الشعب وسماه القائد يوم الزحف الكبير، زحفت الجماهير لتعلن إن العراق أقدس مقدساتها بعد الله ورسوله والبيعة لقائد والحزب والمنهج، تماما كما يفعلها شعب العراق اليوم لا للطائفية لا للاحتلال لا للخونة نعم للعراق الحر السيد الشامخ، والله على نصرنا قدير.

 

6.  كان واحد من وسائل خميني وحزبه المبتدع أن عمل على تحييد جزء من شعبنا من خلال العلاقة بين نظام خميني والخونة مسعود برزاني وجلال طلباني وذلك عبر اشتراطهم لوقف أعمال الخيانة والتخريب في شمال العراق تسريح العسكريين من أبناء شعبنا الكردي من الخدمة والعراق في حالة حرب ولا يحتاج الموقف تعليق بموقف الطرفين خميني الذي يدعي الأسلمة والخائنين اللذان يدعيان العراقية.

 

7.  تكرر مخطط إعدام أسرى الحرب مرات عديدة ليس في ميدان القتال فقط بل طال الأسرى في سجون ومعسكرات الأسر في إيران خصوصا بعد مباشرة إيران تشكيل المجلس الأعلى وفيلق بدر الذي جند فيه عملاء إيران أو الإيرانيين اللذين كانوا مقيمين بالعراق وعادوا لوطنهم أمثال باقر الحكيم وأخوه عبد العزيز أو اللذين سفروا لبلدهم أو الخونة اللذين هربوا إلى إيران بعد كشف أمر ارتباطهم بمخابرات العدو وعملهم كجواسيس لإيران، فكانت عقوبة من يرفض التجنيد في تلك التشكيلات الإعدام بطرق وحشية منافية لأي سلوك إنساني منها ربط الأسير بعجلتين وسحبه باتجاهين متعاكسين بحيث يقتل مشطورا نصفين، أما تعذيب الأسرى فكان منهجا معتادا في سجون الأسرى في إيران.

 

8.  في نهاية الشهر الرابع أو بداية الشهر الخامس من عام 1982تحركت الدول الإسلامية لمبادرة وساطة بين إيران والعراق وكانت وكلفت لجنة سميت لجنة المساعي الحميدة برئاسة رئيس بنغلادش وتمت زيارات لإيران والعراق وكانت زيارة لجنة الوساطة للعراق في 10/5/1981 وتم تحديد موعد اكتمال الانسحاب العراقي في 10/6/1981، ورغم إن العراق لم يكن قد اعد مسرح عمليات على حدوده مع إيران وان الأرض لصالح إيران، كون المناطق المرتفعة والمسيطرة والجبلية هي حدود إيران مع العراق الذي تمثل أراضيه سهل رسوبي خالي من كل عوارض ومرتفعات، ومع هذا وافق العراق على سحب قواته من داخل إيران والعودة إلى الحدود الدولية ونفذ التزامه فعلا وبالوقت المحدد.

 

9.  ردا على ذلك قامت إيران في 14/7/1981 بمهاجمة القوات العراقية في أكثر من موقع كان أخطرها وأشدها الهجوم على شرقي البصرة المجاورة لحدود إيران ومحاولة القوات الإيرانية دخول المدينة ولكن إبطال العراق ردوهم على أدبارهم خائبين،في ملحمة لن تنسى قدم فيها الشعبين العراقي والإيراني تضحيات كثيرة وخسائر كبيرة، وخرقت إيران الاتفاق مع لجنة الوساطة.

 

10.          رفض إيران لدعوات العراق الكثيرة والمتكررة لوقف القتال والاحتكام للعقل والقانون، وخصوصا دعوة العراق إلى الوقف الفوري للحرب وفتح الحدود للجيش الإيراني بمعية الجيش العراقي للوصول إلى فلسطين المحتلة كان ذلك عام 1982 ، مبادرة وقف إطلاق النار ووجه دعوة لإيران بالسماح لقواتها بالمرور من داخل العراق لتوجيه السلاح لوجهته الحقيقية وهي الكيان الصهيوني، الذي كان يمارس شتى أنواع الإرهاب والعدوان والجريمة ضد الشعب الفلسطيني إبان الانتفاضة الفلسطينية والعدوان الصهيوني على لبنان، والذي تحججت في حينها إيران إنها غير قادرة للوصول لفلسطين بسبب الحرب وكان رد خميني وملئه الدجالين إن طريق القدس يمر عبر كربلاء أي عبر احتلال العراق.

 

11.           أطلق العراق عدة وجبات من الأسرى الإيرانيين الأطفال اللذين كان خميني يزج بهم في أتون الحرب بحجة الجهاد الذي أعلنه وبدون بدائل من الأسرى العراقيين تعبيرا عن الموقف الإنساني، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي لا تنكر ذلك، وكان رد إيران قصف مدرسة بلاط الشهداء بصواريخ ارض ارض لقتل أطفال العراق.

12.          كما أطلق العراق عدة وجبات من الأسرى الإيرانيين المرضى أو المعوقين أثناء الحرب وبدون بدائل من الأسرى العراقيين، وهناك أسرى عراقيون ما زالت إيران تحتجزهم لحد الآن، أي بعد مرور ربع قرن على انتهاء الحرب.

 

13.          كرر العراق دعوات السلام لإيران عبر رسائل من القائد موجهة للحكومة الإيرانية والشعوب الإيرانية أكثر من عشر مرات ولكن إيران لم تستجيب.

 

14.          كان موقف العراق واضحا ومبدئيا فقد كان توجيه القيادة العراقية وعلى رأسها القائد الشهيد صدام حسين بشان التعامل مع الأسرى وحتى المقاتلين الإيرانيين بان يتم معالجتهم فورا ونقل المصابين إلى المستشفيات قبل أي إجراء آخر، وما أمر القائد الشهيد صدام حسين للجيش بعدم التعرض أو ضرب من ينسحب إلى داخل بلاده وفسح الطريق لهم للانسحاب إلا تعبير عن رقي في التعامل الإنساني.

 

15.          وافق العراق على كل قرارات مجلس الأمن بشان الحرب وكل المبادرات لوقف القتال ورفضتها إيران، وكان آخرها قرار مجلس الأمن الذي وافقت إيران بموجبه على وقف إطلاق النار، والذي قال خميني عند الموافقة عليه انه يقبله كمن يتجرع السم.

 

16.           في تلك الحرب قتل خلق كثير من المسلمين وعوق أكثر وحرقت أموال لو وجهت وجهها الصحيح لكانت كافية لتحرير كل ارض الإسلام ولو استثمرت في الدول الإسلامية لما بقي فقيرا بين المسلمين، ولو وجهت للعمل الإنساني وأعمال البر والخير التي أمر الله ورسوله وما ورد في القرآن لأسلم بشر كثير من غير الموحدين في أفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية، ولشيدت مساجد وصوامع يذكر فيها اسم الله، فأين علم الولي الفقيه ونائب الإمام ومن ثم الإمام واجتهاده في الدين ، ورشده وفقهه من ذلك؟

 

لم تكن موافقة خميني ونظامه على وقف إطلاق النار انصياعا للإرادة الدولية ولا صحوة لمنطق العقل والمنطق، بل كان مرغما على ذلك بعد أن تأكد هو ومن معه ومن يوحي إليه من الخفاء إن العراقيين لن يساوموا على وطنهم ولكن يبخلوا لا بأرواحهم ولا أموالهم في سبيله ، وان المنهج والتضليل الطائفي والعباءة الدينية التي يخفي بها أطماعهم وغاياتهم في التوسع واستعادة تشكيل الإمبراطورية الفارسية على حساب العرب لن تنطلي على العراقيين ولن يخدعوا بها، فعرفوا إنهم منهزمون ولو كان للعراق أطماع بإيران لم يكن يمنعه شيء بعد انهيار القوات الإيرانية، ولكن العراق كان صادقا من الأساس عندما أعلن انه  لا أطماع له في إيران، وانه يدافع عن أرضه ووطنه ومقدساته وارض العرب ومقدساتهم التي يريد الخميني ومنهجه السياسي المبتدع ( ولاية الفقيه) أن يستبيحها.

 

نعم كانت حرب ضروس فقد البلدين الجارين المسلمين الكثير من أبنائهما وأموالهما، وتوقفت في كلا البلدين خطط التنمية والبناء، وهي خسارة مزدوجة للأمة الإسلامية، إذا اتبعنا ما جاء في القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آل بيته الطاهرين من كون المسلمين أخوة ويفترض أن يتعاونوا على البر والتقوى بأمر الله (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الظلم والعدوان)و(وتمسكوا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). وقول رسول الرحمة صلى الله عليه واله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى)، و(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).

 

هذا هو منهج الإسلام الأسمى والأرقى للعلاقة بين المسلمين وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه الكريم أرقى إنسان خلقه الله وجعله نموذج للإنسان وجسد فيه الإنسانية الحق ذلك هو محمد العربي الهادي البشير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإيمان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. فأين الولي الفقيه وأية الله العظمى عن هدي الله ورسوله؟ ومن هي الفئة الباغية؟ ومن هو المؤمن والدجال في تلك الحرب البعث العربي الاشتراكي آم ولاية الفقيه كمنهجين سياسيين دنيويين كلاهما يدعي انه يستمد فكره من الإسلام وفكره الإنساني وهديه؟ ومن الذي يستحق التعويض يا أيها الحاكمون بالحق والقانون؟

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ١٣ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٧أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور