جانب مما ينبغي توضيحه حول الموقف من إسلامويي حزب تواصل ..!

 
 
شبكة المنصور
محمد الكوري ولد العربي ـ موريتانيا

حدثني أحد أصدقائي أن قياديا في حزب تواصل طلب لقاء بقياديين بعثيين، وأن هذا اللقاء حصل بالفعل؛ واشتكى فيه القيادي التواصلي مما أسماه الحملة الإعلامية التي يتعرض لها حزبهم من البعثيين حصرا.. وبحسب المصدر فإن القيادي من حزب تواصل نوه بجهود التهدئة التي يبذلونها لمنع استمرار السجال الإعلامي بين التيارين البعثي والإخواني التواصلي؛ مبدين أسفهم على أنني، شخصيا، منخرط في هذه الحملة!


من هنا، برزت عندي حاجة ملحة لتوضيح جانب مما يتعين قوله في مثل هذه الظروف، ولأرفع بعض العتب، عني، إلى الذين يعنيهم الأمر في تسيير الشأن السياسي الحزبي في تواصل.


لم أكن أعتقد أن يأتي يوم تتهمني فيه أية جهة سياسية، مهما كان اختلافي معها على صعيد الفكر والايدولوجيا، أنني جدرت قلمي لانخرط في حملة إعلامية ضدها، أو تناولت بالتجريح أو القدح مبادئها وثوابتها، أو خضت في أعراض الناس من تلقاء نفسي دون داع من جهتها قاهر.. بل إن إرشيف الإعلام الوطني المستقل يؤكد أنني كنت دائما في موقع المدافع عن أفكاري ومبادئي ورموزي ورفاقي الذين أضحوا ميدانا لتجريب السيئ من القول والمكتوب، ويتمرن فيهم جيل من الكتبة الفاشلين؛ لا لذنب اقترفوه في حق أحد ولكن تساوقا مع الحملة الإعلامية الكونية الرهيبة التي قادتها الإمبريالية الأمريكية منذ 1989 وإلى اليوم لتشويه صورة البعثيين، والإعداد لإسقاط تجربتهم في الحكم بالعراق!


لقد تحول العالم كله إلى ساحة إعلامية مفتوحة ضد حزب البعث والبعثيين؛ وأضحى سب البعثيين والقدح فيهم، وتزوير وقائع التاريخ ضدهم، كله موضة، ليس للعاقل أن تفوته فرصتها؛ لأنها السمة التي تميز الفحولة في الكتابة، وتحيل إلى العمق والتحرر.. والأفضل والأجود! وكأن البعثيين هم الميتة التي يحل أكلها لسائر الناس!


ولقد كان النصيب الأوفر من الأذى الإعلامي الذي لحق بالبعثيين، بعد الإعلام الغربي، على أيدي إخوتنا وبني جلدتنا، والناطقين بلساننا، والمتعاطين بطقوسنا الدينية المشتركة بيننا، من الجماعات الإسلاموية على اختلاف عناوينها، غلاتها، معتدليها، إصلاحييها ووسطييها هنا في قطرنا وفي المشرق العربي!


وكان هذا الأذى يشتد طرديا مع حملة الاجتثاث التي أطلقها الحكام العرب، ثم مع الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر بعد احتلاله، فيما يسمى بقانون اجتثاث البعث سيئ الصيت! حتى أصبح الإعلام الإسلاموي يشكل الوجه الآخر للاجتثاث أو الشريك في الذبح، على قاعدة عدو عدوي صديقي!


وألتمس الإذن من الإخوة في حزب تواصل لأقدم نماذج مما اقترفوه من أذى سياسي وإعلامي في حق البعثيين:


1- أن الإعلام الإسلاموي، في موريتانيا، ظل مسفها للنظام الوطني في العراق، غامزا فيه تارة، ونابزا به طورا، متقولا عليه أطوارا أخرى، ومشككا في انتمائه الديني حينا آخر، برغم أن نظام صدام حسين دعم المقاومة الفلسطينية دون تمييز للجبهة العربية عن حركة حماس أو الجهاد الإسلامي أو سواهم، وبرغم أن هذا النظام لم يعترف يوما بالكيان الصهيوني ولم يفرط بحصوة من فلسطين، ولم يستجب لاتفاقيات أوسلو، وما يعنيه ذلك من إغراء بالاستمرار في السلطة.


2- أن الإسلامويين، حزب تواصل اليوم، ظلوا يمجدون في إعلامهم قوى الممانعة والصمود في الدول العربية، من حزب الله، وإيران، وحماس، والجهاد، والجبهة الشعبية... وكل العناوين إلا البعثيين فإن صمودهم لا يعنيهم!
3ـ أن نظام صدام حسين استمر بتوجيه الدعوات إلى القوى السياسية والشخصيات الوطنية في موريتانيا لزيارة العراق إبان الحصار الظالم في المناسبات القومية السياسية والثقافية، بما فيها جماعة حزب تواصل، التي أصرت هي الأخرى على مقاطعة هذا النظام، دون مسوغ مقنع، إما تجنبا للغضب الأمريكي، أو استجابة لأجندة أخرى، أو احتفاظا بمسافة تمكنهم من مواصلة تشويه صدام حسين بين يدي مناصريهم من الشباب!


4 ـ أن جماعة الإسلامويين (في حزب تواصل)، واصلت تحميل الشهيد صدام حسين ونظامه، في إعلامها مسؤولية جرائم الولايات المتحدة الأميركية الناتجة عن الحصار الاقتصادي غير المسبوق والحظر الجوي، الذي استغلته هذه القوة المدمرة لقتل الأبرياء من الشعب العراقي.


5ـ أن عناصر هذه الجماعة (من الشباب) ظلوا يستخدمون منابر المساجد لتكفير القوميين عموما والبعثيين خصوصا، ويشحنون أذهان المراهقين الأبرياء بالدعاية السياسية الكاذبة الملفوفة بخطاب ديني، ظاهره الدعوة وباطنه المغالطة!


6ـ أنه بعد احتلال العراق حمل الإعلام التعبوي السيار للجماعة على الشهيد صدام حسين وعلى نظامه، ووضع مسؤولية الاحتلال على البعثيين، الذين لم يمنعوا أمريكا وحلف الشمال الأطلسي، بحسبهم، من غزو العراق؛ ليس هذا فحسب، بل إن شخصية إسلامية دولية، مثل راشد الغنوشي قال إن صدام حسين هو المسؤول عن الغزو لأنه سعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشاملة!


7ـ أن شخصيات سامية جدا في حزب تواصل (مع حفظ الأسماء والمناصب الحزبية) أطلقت شائعات وروجت لها على نطاق واسع يوم احتلال بغداد مفادها أن الشهيد صدام حسين فر مع وزير الخارجية الروسي إفغيني ابريماكوف، مخبئا في شنطة دبلوماسية.. وترك العراق للغزاة!! .. وأيم الله لقد سمعت بنفسي شخصية منهم تسر بهذه الشائعة في أذن إحدى الشخصيات ، بعد صلاة المغرب عقب انتهاء اعتصام واحتجاج سياسي أمام مبنى الأمم المتحدة، في التاسع نيسان 2003!


وتواصلت حملة الشماتة في إعلام الجماعة ومنابر المساجد لتبلغ ذروتها في خطبة الجمعة الموالية لاحتلال بغداد، التي ألقاها أحد علمائنا الأجلاء المحسوبين على هذا التيار، قائلا إنه ليس من عادته أن يشمت بأحد، ولكن العراق اليوم تخلص من أعتى طاغية.. وكانت وجوه الجماعة، يومئذ، ضاحكة مستبشرة بقدوم غرنار وبول بريمر، بديلا عن صدام حسين!


8ـ بعد احتلال العراق، باشر نظام الرئيس السابق معاوية بحملة اعتقالات لقيادات البعثيين وحظر حزب النهوض المحسوب لها، لتخرج شخصية قيادية أخرى رفيعة المقام في حزب تواصل اليوم على الملأ، من فضائية الجزيرة، وتقول: إن معاوية استهدف بالاعتقال مجموعة هي الأضعف في كبر وزهو لا يخطئه المشاهد!


9ـ أن جماعة تواصل تبنت الطرح المكذوب للحركة الوطنية الديمقراطية حول مسؤولية البعثيين عن أحداث 1989، وما تبعها من انتهاكات لحقوق الإنسان، برغم علم الجميع (اسلامويين وماركسيين)، أن البعثيين جرت تصفيتهم مطلقا من كل أسلاك الجيش والدرك والحرس والشرطة والجمارك، وأن قياداتهم السياسية كانت إما في السجون أو في المنافي، قبل هذه الأحداث بسنة!


ومع ذلك، دأب كتاب وإعلاميو جماعة تواصل يجترون هذا الكذب البواح عن قصد بهدف تشويه صورة البعثيين، سواء على أعمدة الجرائد، أو واجهات المواقع الالكترونية، وفي الندوات السياسية التي نظمتها الجماعة، أو شاركت فيها؛ ولم نر شخصية إعلامية أو سياسية من الجماعة تتبرأ من هذا الكذب، وتنصف الحقيقة، حتى يتسنى للقارئ والمتلقي عموما في أوساط الجماعة معرفة الحق!


10ـ أن في الأحداث الأخيرة، التي دارت في الجامعة بخصوص اللغة العربية، تعمد إعلام حزب تواصل إعطاء صبغة عرقية للأحداث، مع أنهم يعلمون أن الناطقين بالفرنسية من أخوتنا الزنوج، هم أول من قام برفض اللغة العربية ووضع شرائح من الورق على جباههم تحمل عبارة: "الفرنسية لغتنا للأبد"، مما استفز آلافا من الطلاب العرب الناطقين بالعربية في وطنهم، وحملهم على الدفاع عن لغتهم، ولغة آبائهم، ولغة دينهم، ولغة عيشهم!


فبالنسبة لعبارة: "الفرنسية لغتنا للأبد"، خلد إعلام حزب تواصل إلى الصمت وآثر التغاضي عن ذلك لمدة ثلاثة أسابيع.. وبالنسبة لعبارة: "اللغة العربية لغة إدارتنا وسوق العمل فينا"، أقام هذا الإعلام الدنيا وحرك خزها على مائها، من قبيل: تفخيخ اللغات، إيقاظ الفتن، الشوفينية القومية تحرق البلد... وانتهى الأمر بدعوة صريحة من قيادة حزب تواصل للنظام السياسي بالضرب بقوة على أيدي الأحزاب المتورطة في الدفاع عن اللغة العربية، والأحزاب معروفة، في إشارة لحلها.


11ـ في هذا السياق، أعني سياق الحراك الوطني المناصر للغة العربية، كنت وجهت رسالة (مقالا) عبر المواقع الالكترونية للسيد رئيس حزب تواصل استفسرته فيها، بأسلوب ودي في ما أرى، عن أسباب إحجام حزب تواصل، استنادا إلى مرجعيته الإسلامية، عن المجاهرة بدعم اللغة العربية في الإدارة وسوق العمل، واستهجنت بالفعل الاستدراك الذي يصدر عن الأخوة في حزب تواصل، حين يتكلمون عن أن اللغة العربية لغة جامعة، ثم يستدركون ب"ولكن".. هذه "اللاكن" قرأتها في بيان اتحاد قوى التقدم، وحزب التحالف الشعبي، وحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية / حركة التجديد ، وكأن الأمر نتاج تنسيق؛ وحتى سفارة فرنسا تعترف بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في موريتانيا، وعند المطالبة بتطبيقها عمليا في الإدارة تتحصن هي الأخرى وراء "ولكن"!.. هذا التوافق بين حزب تواصل وهذه الجهات أثار لبسا عندي في ما أراه موقفا طبيعيا من حزب تواصل في مسألة اللغة العربية.


ومع ذلك، كنت حسبتني طرحت المسألة، من حيث الجوهر، في صياغة مكثفة، بغرض التنبيه إلى شيء مهم! وهو أن حزب تواصل يكتتب مناصريه ويحصد ناخبيه من البيئات الإسلامية التقليدية أكثر من أية جهة حزبية أخرى، مثل المحاظر والمعاهد الدينية؛ وهذه البيئات هي، من جهة أخرى، أكبر المتضررين من سيادة اللغة الفرنسية على إدارة موريتانيا وسوق العمل فيها؛ فإذا كانت نظرة حزب تواصل للغة من زاوية المرجعية الإسلامية، فالأولى به أن تكون اللغة العربية هي لغة الإدارة وسوق العمل، وإذا كانت نظرته للغة من زاوية ابراغماتية صرفة، فأدعى أن يدرك أن أكبر المتضررين من غياب اللغة العربية من التداول الإداري هو أنصاره وناخبوه، للسبب المذكور سلفا.


وبطبيعة الحال، لم أفهم أسباب التوتر النفسي الذي حمله رد السيد الرئيس على أسئلتي من وخز تجريحي شخصي، هو يعرف أنني سأستوعبه، وأنني لن يفوتني ما تفضل علي به من نزول عن مقامه، ومع ذلك فقد اخترت إيقاف السجال، مع أنني لم أقتنع بالجواب، الذي يختلف مضمونه في جريدة السراج عن مضمون تصريح السيد الرئيس في قناة الجزيرة!


12ـ كان لي الرشف أن شاركت في برنامج "المنتدى" الذي يقدمه التلفزيون الوطني، وكان حول موضوع الاديولوجيا؛ وقد جمعني هذا البرنامج مع إخوة أعزاء، من ضمنهم الأخ الفاضل محمد غلام ولد الحاج الشيخ الذي أكن له كل التقدير والاحترام، لما يرمز له من خلق واستقامة بحسب العارفين به؛ وكنت وإياه مع ممثلي حزب الديمقراطية المباشرة وحزب حاتم ندافع عن الاديولوجيا وأهميتها، رغم اختلافنا في التفاصيل والمنابع الاديولوجية.. وفي ما أذكر "والحديث محفوظ في ارشيف التلفزة الوطنية" لم أكن أول السابقين إلى النزول بمستوى النقاش إلى ذلك الحد المتدني، وكان بودي أن نتنزل تدريجيا مع الموضوع نحو التجارب السياسية المحلية، ونحاكم الإديولوجيا في ضوء هذه التجارب بقدر من الموضوعية والترفع عن واطئ القول، ولكن هذا ما لم يحدث بسبب ضغط المشاهدين غير الراغبين في برودة الحوار الأكاديمي، وتسرع بعض الإخوة صوب الدعاية الحزبية.


إن الذي حدث بيني وبين الأخ الفاضل محمد غلام ليس من باب التحامل على حزب تواصل، ولا تواصلا لحملة إعلامية؛ فهو الذي بدأ بالتنقيص من الأنظمة القومية... وكان ردي (أنه مما يؤخذ على الأديولوجيا أنها تخلق أنظمة شمولية؛ وقلت أن لهذا أسبابا: فالشعوب الضعيفة بنيويا، التي تنتشر فيها الأمية، والمذهبية، وينعدم فيها الوعي المدني والسياسي تحتاج إلى أنظمة سياسية مركزية قوية تحمي حوزة الشعوب من التفكك، وتنظم الإنتاج وتضبط الاستهلاك...) ومع مرور الزمن تحدث أخطاء تنتهي بإفراط في السلطة..


هنا حاول الأخ محمد غلام اقتناص الفرصة ليجعل مني مدافعا عن الدكتاتورية، وليقول إني أكتفي من الحرية، برغيف خبز ورقعة من منسوج! واستفاض في التجني على ممارسات الأنظمة القومية؛ فرددت عليه أن ممارسة النظام الإسلاموي في السودان ليس نموذجا في الحرية والديمقراطية، ولم أكن غزيرا في الحديث عن هذا الموضوع، لأني لا أرغب في ذلك أكثر..


والآن أريد أن أقول للأخوة في حزب تواصل إن لهم تجربة في السلطة، كما للقوميين تجربة في السلطة، هم في السودان ونحن في العراق ومصر.. وأقول لهم إذا كان صدام حسين وجمال عبد الناصر ليسا ديمقراطيين، فعمر بشير ليس ديمقراطيا، وإذا كان صدام حسين وجمال عبد الناصر أعدما بعضا من معارضيهما فإن عمر البشير أعدم بعضا من معارضيه، والأمر ينسحب على كل العناوين السياسية والاديولوجية!.


وأقول للشباب من حزب تواصل إن النظام في السودان ـ هو نظام إخواني ـ لم يصل إلى السلطة على أكتاف الجماهير، وإنما على ظهور الدبابات وفي أحشاء ناقلات الجند، وإنه وصل للسلطة، والسودان يومئذ غاص بالأحزاب السياسية والصحف والجمعيات والنوادي؛ وهو الذي حل كل الحياة الدستورية، واستمر في السلطة لمدة واحد وعشرين سنة، مثله مثل معاوية، ولم تجر في ظل نظامه أية انتخابات إلى قبل شهر، وإنه فاز في هذه الانتخابات، وسيظل فيها لمأمورية أخرى، وأن السودان في ظله مهدد بالتمزق، وأن معارضيه يطالبونه بالتنحي عن السلطة، صونا لوحدة السودان، وقد رفض!


وقد رأينا الإعلام الإسلاموي في موريتانيا يشتكي من طول مدة صدام حسين في السلطة، والقائد معمر القذافي، ومعاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع، ولم نر هذا الإعلام يقول لتجربة الإسلامويين في السلطة في السودان كفى .. كفى..!!


إن الفرق بين معارضي الأنظمة القومية و معارضي النظام الإسلاموي في السودان، هو أن معارضي الأنظمة القومية كانوا عصابات من العملاء، كما شاهدهم العالم على دبابات الإحتلال، وطابورا له على قنواته، ومعارضي النظام في السودان رجالات وطنية، في أغلبهم، لا يتعاملون مع الأجنبي ولا يتآمرون على وطنهم.


ومن معارضة النظام في السودان البعثيون الذين أعدم منهم نظام عمر البشير تسعة وعشرين ضابطا! من صفوة الجيش السوداني في شهر رمضان، بحجة تدبير انقلاب؛ وهؤلاء البعثيون هم أشد القوى السودانية رفضا لمحاكمة عمر البشير دوليا، برغم أن نظام عمر البشير يمنع ترخيص حزب للبعثيين.


الوجه الآخر من الصورة..
يعرف الإسلامويون في حزب تواصل أنني، شخصيا، لم أترك فرصة إلا واغتنمتها للعمل القومي الإسلامي، وما يجلبه هذا العمل الجبهوي بين هذين التيارين من أسباب القوة لهما، خطابا وهياكل، ونفوذا وحضورا في الساحة الوطنية، وما ينتجه من فاعلية لصالح البلاد، وترسيخ لشخصيتها الحضارية وهويتها الثقافية في وجه زحف ثقافي وحضاري، لا يميز القومي عن الإسلاموي.


ومن الممكن تتبع محطات هذه الرؤية، التي ما زلت مؤمنا بها، مخلصا وفيا لنتائجها، في إعلام جماعة حزب تواصل أنفسهم:


وبهذه المناسبة فإني أدلي بسر، وهو أن بعض القيادات التاريخية للبعثيين في موريتانيا اتهمتني بأني عنصر من جماعة الإخوان المسلمين، لكثرة ما روجت لعمل جبهوي بين القوميين والإسلاميين؛ وقد ترجمت هذه الرغبة باعتمادي عمودا سياسيا ثابتا في جريدة السراج الإسلاموية، بهدف نزع الشحنة السلبية بين التيارين، ولم أشارك في أي ملتقى أو ندوة سياسية إلا وتبنيت هذا الطرح، ولعل ملتقى القوميين في شهر فبراير الماضي شاهد على هذه الرغبة الجامحة.. كما أن حزب الصواب، في إحدى مناسبات الشعب الفلسطيني، أصدر بيانا طالب فيه بعمل جبهوي بين التيارين القومي والإسلامي.


إن إنشاء منسقية العمل القومي الإسلامي التي تأسست في الشهر الماضي، هي النموذج الذي كنت أحلم به، ولكن الإخوة في تواصل لم يبدو يوما واحدا أي اهتمام، ولو من باب المجاملة، بالدعوات المتكررة من جانب تيارنا؛ بل إن كل الإشارات والمواقف الصادرة عنهم تؤكد أن التوجه الغالب في الحزب هو الميال للتيار الفراكفوني، وخاصة الحركة الوطنية الديمقراطية وحركة "افلام" العنصرية، وأن ثمة أطراف في تواصل تعمل دون كلل لتسميم الجو بصورة دائمة بين التيارين القومي والإسلامي، وأن الشخصيات المعارضة لهذا التوجه هي من الضعف بحيث لا تأثير لها بالمرة.


فما بالنا ننسى أخطاءنا، وهذا هو الواقع بكل أسف؛ وفي عتمة واقع كهذا، ما قيمة أن تغني بصوت شجي أنشودة العمل القومي الإسلامي مع حزب تواصل! الذي فضل قادته التصامم عن دعوات العمل الجبهوي، وما قيمة ـ كما قال عبد الكريم برشيد ـ أن توقد المصابيح وتعبئها بالزيت والفتيل إذا كان آخرون قد استسلموا للنوم ولم تعد لهم حاجة بالضوء والنور؟!


صفوة القول إني لا أتحامل على حزب تواصل، ولست طرفا في أي حملة عليه، إلا ما يأتي مني في صورة ردة فعل على هجوم ليس له أي مسوغ؛ بل أرى أن من العبث تواصل المواجهة المفتعلة بين القوميين والإسلاميين في تواصل، ومن المطلوب أولا، في نظري، أن يكف إعلام تواصل الرسمي عن هجومه؛ وهو الذي، إلى يوم أمس، ما زال يختار لتغطية أنشطة منسقية العمل القومي الإسلامي يافطة أحزاب البيعة!.


إنه ليس بالإمكان، في دنيا الناس اليوم، تطبيق المثل: ضربني وبكى .. وسبقني واشتكى، ولا يشفع للإخوة في حزب تواصل تبني نهج المظلومية الصفوية، التي تفترس الضحية، وتذرف الدمع مدرارا في موقعها!


إنما الحاجة تدعو إلى ترجمة هذه الرغبة في التهدئة الإعلامية إلى سلوك يساعد في إزالة ما تراكم من شحن نفسي خلال السنوات الماضية السوداء؛ ومن المطلوب الكف عن محاولة تجريد قوى قومية ووطنية من رصيدها النضالي ووصمها بالشوفينية والعنصرية، وتزوير التاريخ في حقها.


وأخيرا، أقول لأخوتي في حزب تواصل إنه ليس من الإنصاف تحميل أية جهة بعثية مسؤولية ما يصدر عني من كتابات؛ فأنا لست وصيا على أحد، ولست مسؤولا أمام أحد إلا ضميري وإلا القانون في هذا البلد!
وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء..

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٣ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٧ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور