''الحرّيّة'' ودول طوق المجموعة ''السمسيّة''*

﴿ ١ - ٢

 
 
شبكة المنصور
طلال الصالحي
لا ادري أين قرأت ذلك أو سمعت من يتحدّث به , ولكن الذي كنت قد سمعته أو كنت قد قرأته , سواء كان قد صدر من هذه الجهة أو تلك , المهم من الأمر أنّ الذي قرأته أو سمعته كان تهكّماً وسخرية , عبّر بها بشكل دقيق أحد القادة الصهاينة , ولا أتذكّر المناسبة التي قيلت فيها ولا القائد الصهيوني الذي قالها , ولكنّي أتذكّر أنّها قيلت ردّاً من ذلك الصهيوني وجواباً منه على تظاهرات عارمة نشطت حينها بشكل كبير وبأعداد ضخمة من المتظاهرين في أرجاء المعمورة قامت بها منظّمات حكوميّة وأهليّة بما فيها الشعب العربي لمناسبة مؤلمة حينها دعت الجميع لأن يخرجوا بتلك التظاهرات القويّة والعارمة التي استدعت تداعياتها حينها مجلس الأمن للانعقاد ليتدارك الموقف ما أمكنه خاصّة بعد أن حميت الساحة السياسيّة العربيّة والدوليّة بالزيارات الرسميّة والاجتماعات الثنائيّة والرباعيّة والثلاثيّة الجانبيّة المستعجلة واشتعلت سماء دول المنطقة بخطوط من طيران ساخنة الخ , وسأسوق لك عزيزي القارئ فحوى ما قاله ذلك القائد الصهيوني ولكن بطريقة تهكّميّة أيضاً ...


"بينما الفضائيّات تفزّ فجأة من سباتها وخدرها المثير للملل والرتابة وتلتهب حناجر المعدّين والمقدّمين والمذيعين ...


وبينما التظاهرات العربيّة والإسلاميّة على أشدّها وتكاد تشعل السماء هتافات ووعد ووعيد برمي "إسرائيل" في البحر ودعواتها الصاخبة بفتح الحدود لأفواج جيوش العرب والمسلمين لمهاجمة إسرائيل وسحقها جراء ما قامت به هذه الدولة من فعل دموي مشين بحق الفلسطينيين والعرب والقوى المحبّة للسلام وللانتخابات الشفافة وللعمليات السياسية ولخطط الأمن والمحبّة لفرض القانون ..


وبينما هاجت وماجت فضائيّات ممالك وأمارات العرب وجمهوريّاتهم المحبّة للسلام والأمن والرخاء والانتخابات النزيهة الشفافة والعمليّة السياسيّة , وتناولت "المناسبة" بالتحليل والتمحيص والتقليب والتنذير والتنبيه مع فواصل إعلانيّة تناسب المناسبة تلك ..
وبينما أصبحت جهوزيّات موادّها الإخباريّة على أشدّها ..


وبينما فواصل وقفات موسيقى تلك الفضائيّات الحادّة تضخ فوق الخمسين ـ بار ـ في الثانية على أذن المشاهد تكاد تسبب له أحيانا الطرش والخدوش الدمويّة على طبلة الأُذُن مع زوغان في العيون نتيجة غطس الكرة الأرضيّة بسرعة أكبر وخروجها من وسط البحربقوّة اندفاعيّة كبيرة يحسدها عليها الكرسي في القمرة الفضائيّة , ترافقها خطوط مستقيمة ودقيقة ترافقها أرقام دجتليّة متسارعة لا تستطيع تدارك تقلّبات أرقامها من سرعاتها الضوئيّة عين المشاهد حتّى ولا عيني زرقاء اليمامة ..


وبينما يخرج بعدها المذيع متهيّئاً بـ"كلوز" متحفّز يكاد يوحي وضعه وكأنّه سيقفز بكامل ثقله وسط حضن من يشاهده أو في أحضان حشد من مستمعي ومشاهدي المقاهي ...


وبينما "دول" الـ"طوق" ولد الـ"طوقّ ملعوني الأطواق يتشاورن ويتخابصون ويتخاصرون ويتخايصون و "يتشاقون" ويتواعدون ويتعازمون ويتوقّعون ويتثانئون ويتثالثون ويترابعون وينزوون ويخرجون ويدخنون ويتمالحون ويتضاحكون ويتعجّبون ....


وبينما مجموع الطوق الغير ممانعة تخرج بوفدها بزيارات مستعجلة ومستغزلة ومستبرقة متوجّهة بقبلتها صوب دول الممانعة ..
وبينما وفد دول الممانعة متوجّه هو الآخر قبلته مجموعة الطوق الغير ممانعة بسرعات مستغنمة ومستعجلة ومستوثرة ومستبرقة ومتزنبرة..
وبينما يلتقيان وسط الطريق بالأحضان ...


وبينما يخرج وفد "الزبدة" المتكوّر من الطرفين والذي تزحلق شدّة رهافة نعومة وتماسك ملمسها البعير في الصحراء إن سقطت على رمالها وداس المسكين بأحد قوائمه عليها ..


وبينما يخرج "مأذون" الجامعة العربيّة يحمل بيده "طاسة" ماء يرشّها على الأرض خلف الوفد الهمام الذاهب إلى مجلس الأمن ..


وبينما يستلم ذات الوفد "ورقة" الاحتجاج من مجلس الأمن توصيه بإعادة ذات الورقة بصيغة شكوى إلى ذات مجلس الأمن ...


وبينما تلتهب المظاهرات الصاخبة بأكثر من السابق وتشتعل السماء هتافات ناريّة تصل عنان مجموعتنا الشمسيّة ...


وبينما ترد الأرض أخبار تظاهرات لشعوب القمر والمشتري وعطارد ونبتون وكلنتون والزهرة وبقيّة كواكب مجموعتنا الشمسيّة تنذربالويل والثبور تضامناً مع الحب والشفافيّة والانتخابات والعمليّات الجراحيّة والسياسيّة والود والحنان والمحبّة والوئام .. والعشق والهيام ودولة القانون ..


وبينما الجوّ العالمي ملتهب غضباً يعادل قوّة جبروته قوّة 3×100000 ميغا فس قدرضغط ـ ماركة تيفال×8000000 رفس ـ بغل جبلي ...


وبينما تكاد نقاط أبراج المراقبة الـ إسرائيليّة وأسيجتها ترتجف من هوى "القبقاب" وتكاد ترقص حدّ "للكاع للكاع للكاع" ..


يـ"جفت" فجأة أحد الصحفيين يسرق نفسه من بين جدران جثث حماية ذلك القائد الصهيوني ليطرح سؤالاً عليه ومحذّراً في نفس الوقت وعلى وجه السرعة خوفاً من الاعتقال الخاطف قائلاً ... سيّدي سيّدي .. سيادة بيغين ؛ هل تعلم بالحشود المليارديّة الصارخة الصاخبة الهاتفة بزوال دولتكم جرّاء ما قامت به قوّات أمنكم ضدّ قوى السلام والمحبّة والوئام والشفافيّة والانتخابات والعمليّة الانتحابيّة السياسيّة الولوليّة اليبوهيّة التابعة لهم ؟! , هنا ردّ هذا القائد قائلاً ؛ .. وهل أطلقوا صاروخاً ؟! .. هنا أجابه الصحفي باندهاش .. لا ! .. فردّ عليه القائد الصهيوني ببرود شديد .. إذاً ؛ فليتظاهروا ما شاءوا ! ...

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ١٨ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠١ / حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور