هل تستطيع ألامه العربية أن تحرر الأرض المغتصبة

 
 
شبكة المنصور
ابو احمد الشيباني
لذلك فقد حاولت أن أقرأ التاريخ ومعطيات الواقع العالمي لكي أجيب عن هذا السؤال الذي تشكل لي إجابته أهم تحديات العمر وأسباب التمسك بالحياة... فلا قيمة لحياة لا يكون هدفها تحرير القدس، وما من سبب يدعو للسعادة والمتعة طالما كانت القدس خاضعة للاحتلال الصهيوني.


من تلك القراءة الطويلة خرجت بنتيجة أساسية هي أن الصراعات الطويلة لا تتوقف نتائجها على موازين القوى في الواقع المنظور، وأن القوى بمقاييس المادة يمكن أن يصيبه الضعف، وأن الضعيف يمكن أن يقوى.


كما أن عناصر القوة المادية تتغير مع الزمن، وأن الإنسان يمكن أن يبتكر ويبدع الكثير من الوسائل غير المتوقعة التي قد تحول ضعفه إلى قوة.


أهم أسباب السقوط
ومن أهم نتائج القراءة الطويلة للتاريخ ان غرور القوة من أهم أسباب الضعف والسقوط والهزائم.
فالدولة التي تتصور أنها قد امتلكت أسباب القوة تتجمد وتتوقف عن الاستجابة للتحديات وتندفع لصراعات تبدد قوتها.


وهذا ما حدث للإمبراطورية الرومانية ولألمانيا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي.
إننا نستطيع أن نتذكر من التاريخ القريب أن بريطانيا لم تكن تغرب عن أملاكها الشمس، وأن أمريكا كانت مجرد مستعمرة بريطانية يرتفع عليها علم التاج البريطاني، ثم تحولت بريطانيا نفسها إلى مستعمرة أمريكية لا يستطيع قادتها إلا أن ينفذوا أوامر الرئيس الأمريكي، وهم يندفعون إلى حرب يعرفون جيداً أنها خاسرة وغير مشروعة وغير عادلة، وأنهم سينهزمون فيها لمجرد طاعة الرئيس الأمريكي.


هل يمكن أن يجادل أحد في صحة تلك النتيجة. ما الذي دفع الإمبراطورية البريطانية العظمى إلى تلك الحالة البائسة، وجعلها تعاني التبعية والذل؟!!، إنه ببساطة غرور القوة.. لقد اندفعت بريطانيا تقتل البشر وتبيد الشعوب وتتعامل بعنصرية وقسوة وصلف مع كل الشعوب.


وبريطانيا هي التي قهرت العرب وأذلتهم واحتلت فلسطين، وسلمتها للعصابات الصهيونية، وقام جيشها بحماية تلك العصابات وهي ترتكب المذابح البشعة ضد شعب فلسطين بغرض طردهم من أرضهم وبيوتهم والاستيلاء عليها... وتلك أكبر جريمة تاريخية تعرفها البشرية.


أما الاتحاد السوفييتي فقد كان القوة العظمى الثانية في العالم، وكان يمتلك من الأسلحة ما يكفي لإبادة البشرية كلها وتدمير الكرة الأرضية. وكان جنرالات الجيش السوفييتي يتيهون فخراً بنياشينهم والنجوم اللامعة على أكتافهم تماماً مثل أسلافهم من القياصرة.


لكن الاتحاد السوفييتي انهار فجأة، وكان غرور القوة العامل الرئيس في السقوط، فأولئك الجنرالات انهزموا أمام أفقر أهل الأرض وأضعفهم. لقد أذل الأفغان الجنرالات الروس فانسحبوا صاغرين يعانون مرارة الهزيمة، ليكتشفوا أن إمبراطوريتهم قد نخر سوس الفساد عظامها وتوقف الجميع عن التفكير وأصابتهم البلادة، وحاول جوربا تشوف أن يصلح الحال، ولكنه جاء متأخراً.


نتن ياهو في الطريق
تذكرت الجنرالات البريطانيين والروس وأنا أتابع النتن ياهو يعلن بكل غرور أن القدس الموحدة هي عاصمة "إسرائيل" الأبدية، وأنها لن يتم تقسيمها مرة أخرى، ومع ذلك يندفع الحكام العرب للمفاوضات غير المباشرة وهم يعلمون تماماً أنها لن تصل بهم إلى نتيجة سوى المزيد من الذل.


وكان من الطبيعي أن يصل النتن ياهو إلى غرور القوة، فالنظام العالمي السياسي والاقتصادي والإعلامي يوفر له كل الأسباب والعوامل التي تجعله يأمر فيطاع.


وهو يعلم تماماً أن حكام العرب جميعاً تحولوا إلى كنوز استراتيجية له، كل دورهم هو حماية أمن "إسرائيل" وفرض الخضوع لها.


لكن ذلك الغرور سيكون أهم أسباب الضعف والسقوط والانهيار والهزيمة، ولعله يكون سبباً في يقظة العرب وإدراكهم أن السلام لا يمكن أن يحرر أرضاً أو يعيد حقاً.


ها قد بلغ النتن ياهو من الغرور ما يفوق جنرالات بريطانيا وروسيا، وما يزيد على غرور هتلر وبوش.
طريق النصر ولكن هل ننتظر إلى أن يضعف النتن ياهو وينهار وحده؟. إن أهم مصادر قوة "إسرائيل" وأمريكا هو ضعفنا وخوفنا وتخلفنا. وعندما نتقدم لامتلاك أسباب القوة فسوف نعجل بانهيار أمريكا و"إسرائيل"... ولكن كيف؟!.


أما القوة المادية فنحن نمتلك الكثير منها، وعلى الأقل نمتلك من عوامل القوة المادية ما لو تجمعت لشكلت إمبراطورية إسلامية عالمية عظمى.


إن الأرض التي يسيطر عليها المسلمون سيطرة كاملة تبلغ أكثر من 35 مليون كم مربع، وفي هذه الأرض من الثروات المادية ما يفوق الخيال، وما يكفي لبناء حضارة عظيمة.


ولو أن دول الخليج قد استثمرت أموال البترول التي ضاعت في بنوك أمريكا خلال الأزمة الاقتصادية والتي تزيد على ثلاثة تريليونات من الدولارات في بناء المصانع والمدارس والجامعات واستصلاح الأراضي لأصبح العرب القوة الأولى في العالم اقتصادياً وسياسياً.


نحن نمتلك الكثير من أسباب القوة المادية، وإذا ما استخدمناها سنغير موازين القوى في العالم وسنبني عالماً جديداً... وعندئذ سنملأ الفراغ الذي سينشأ نتيجة انهيار أمريكا والذي سيتحقق خلال سنوات قليلة.


لكن إدارة الثروات وبناء القوة المادية يحتاج إلى إدارة إنسانية وحضارية وسياسية، فالثروات لا تستخرج نفسها من باطن الأرض.


والقوة المادية لا تتحقق دون عمل إنساني، وهي تظل معطلة بلا قيمة إذا لم يستخدمها الإنسان.
ونحن نمتلك ثروة إنسانية، فماذا يمكن أن يحدث لو انطلق ملايين الشباب يتعلمون ويبدعون ويزرعون وينتجون ويفكرون ويعبرون عن آرائهم، ويتخذون قراراً تاريخياً بألا يحكمنا بعد اليوم مستبد أو فاسد أو طاغية.
إن حكامنا الطغاة كانوا هم سبب هزائمنا ومصائبنا وتخلفنا، وهم الذين فرضوا علينا التبعية.


مع ذلك فإن القوة المادية لا تكفي... فالإيمان بالله هو مصدر القوة للإنسان وللأمة، ويوم أن يملأ الإيمان بالله قلوبنا ويشكل حياتنا سنصبح أقوى الأمم.


والمسلمون صنعوا حضارة عظيمة بدون ثروات مادية، فكيف إذا امتلكنا الكثير من الثروات، واستخدمناها لتعليم الناس وتطوير حياتهم واستثمار قوتهم في مشروع حضاري إسلامي عالمي. عندئذ يصبح الطريق مفتوحاً لتحرير القدس، ولتحرير البشرية كلها من الظلم والاستبداد والفقر والتخلف والعبودية لغير الله.


نعم نستطيع أن نحرر القدس... تلك هي الإجابة التي حاولت أن أبرهن على صحتها من خلال استقراء التاريخ والواقع.. نعم نحن نستطيع أن نصبح أقوى الأمم عندما نستثمر ثرواتنا المادية والبشرية، وعندما يملأ الإيمان بالله قلوبنا فذلك الإيمان هو ثروتنا ومصدر قوتنا وعزنا وتميزنا الحضاري ومستقبلنا.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ٢٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور