المقاومة العراقية المنتصرة ...!! والانسحاب الأمريكي المهزوم ؟؟

 
 
شبكة المنصور
ابو احمد الشيباني

أستهدف غزو العراق عام 2003 الدولة بكاملها نظاماً وأرضا وجيشا؛ عرابيو الاحتلال ورموز العملية السياسية سرقوا الثروة بمصارفها وخزائنها ونفطها ومعادنها ومتاحفها وتقاسموا المناصب بوزرائها ومد رائها وهيئاتها وأشاعوا النهب والسلب والسرقة والرشوة والتهريب وعاثوا في الأرض فساداً وجوراً وقفراً وفقرا وأجرموا بحق البشر تقتيلاً وتعذيباً وسجناً وخطفاً وتهجيراً كل ذلك تبرره دولة الاحتلال بتحرير العراق وإشاعة الديمقراطية فيه فيما تبرره الأحزاب الحاكمة التي نصبها الاحتلال بمظلومية من نصبت نفسها عليهم ممثلاً ومرجعية من أطياف الأمة ومكوناتها ظلما وعدوانا باسم الدين والمذهب والطائفة والعشيرة والقومية. وفيما تتعثر العملية السياسية الخرقاء التي أوجدها الاحتلال على أسس المحاصصة الطائفية والعرقية بكل ما أنتجته من حكومات ومجالس وهيئات وانتخابات واستفتاءات فاسدة وضعيفة ومزورة وغير نزيهة تستمر معاناة الشعب العراقي بمزيد من التضحيات في الأنفس والأموال والكفاءات والموارد والمعاناة من التهجير والسجن والفقر والبطالة والأمية والمرض .


وبالرغم من ضخامة وحجم مشروع الاحتلال الذي استغرقت الإدارة الأمريكية فترة عقدين من السنين لإعداده وتنفيذه وأنفقت الأموال الطائلة واعدت جيوشا وأسلحة وكوادر بشرية ضخمة ومكلفة وبالرغم من تفاؤل وعجالة الإدارة لأمريكية بالإعلان عن انتصارها الواهم فيما أسمته بمشروع تحرير العراق! بعد فترة ثلاثة أشهر فقط من مرحلة الغزو لكن إرادة العراقيين وشكيمة المقاومين والمناهضين قلبت الموازين وفرطت عقد الغزاة وغيرت النتائج بما كلفتهم من خسائر كبيرة في الأرواح والأموال والنفقات مما جعل مسيرتها اللاحقة سمة للتخبط والضعف وعدم الاكتراث، يشير تقريران من دائرة العسكريين المسرحين الأمريكية ومعهد العسكريين المتطوعين أن ما بين 20 إلى 30' من القوات الأمريكية التي خدمت في العراق والبالغة مليون وستمائة ألف عسكري أصيبوا بأمراض عقلية ونفسية وان أكثر من ثلاثين مسرحا منهم يرتكب محاولة انتحار يومياً يتوفى منهم بحدود 18 منتحرا يومياً.


المستنقع العراقي الذي تورطت فيه الولايات المتحدة وما ترتب عليه من مقاومة ومناهضة وأحداث أسقط أدارة المحافظين الجدد والحزب الجمهوري وجاء بالديمقراطي الأسود أوباما على أمل أن يخلص أمريكا من حروب بوش الطائشة كما أسقط بلير وحزب العمال البريطاني الحليف لسياسات بوش وأجج أزمة اقتصادية خانقة وطوَّق مشروع الشرق الأوسط الكبير وأوقع الفشل الذريع والرعب بكل مخططات الهيمنة والحروب التي تخوضها القوات الأمريكية بمواجهات غير حاسمة لقاء نزف الدم والمال والقوة كما ثبت زيف المبادئ المعلنة التي طال ما أشيع أن الولايات المتحدة الأمريكية ملزمة دستورياً بإشاعتها.


ثبت زيف الديمقراطية والحرية التي بشَّر بها الاحتلال من خلال انتخابات غير نزيهة ومزيفة وأساليب قمعية مصحوبة بالوعيد والتهديد لتبادل السلطة وثبت قبلها زيف أسطورة أسلحة الدمار الشامل التي برر بها غزوه للعراق.


في أجواء هذا السقوط في موازين القيم والقوى والأعراف والشرائع لدولة تستفرد بجبروتها وتكذب على نفسها وعلى الآخرين وترتكب أبشع الجرائم بحق الشعوب بلا خجل أو اعتذار تفكر بانسحاب آمن ومنظم لقواتها ولا تبالي بمصير شعب أشاعت فيه سياسة التشظية والاقتتال والموت والعنف والتهجير والحرمان تسلمه لقيادات ثبت فشلها وفسادها وعدم كفاءتها يقيناً منها أن هولاء الأقزام المنصبين والمنتفخين والمنتفعين بالسلطة وامتيازاتها سيكونون من احرص المتشبثين بالولاء لمصالحها وأجنداتها وان التمسك بسلطة كهذه ستكون الأفضل والأجدر لتحقيق انسحاب منظم وآمن يحفظ للاحتلال ماء الوجه بالأخص عندما تتكفل قوة إقليمية متوغلة كنظام ولاية الفقيه وأزلامه بحماية وتثبيت أحزاب السلطة الحاكمة في العراق بالبقاء بعد الانسحاب.


إن الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق والذي لن يجد اوباما بديلا عنه سيتزامن مع انسحاب من أفغانستان التي أصبح انهيار قوات حلف الأطلسي فيها وشيكا يظهر أيضاً فشل فرضية ذريعة انسحاب منظم من العراق من أجل نصر حاسم في أفغانستان يما يثبت أن كلا الاحتلالين قد فشلا بفضل زخم المقاومات الوطنية وستفشل أيضاً فرضية الانسحاب المنظم الآمن هذه لأن الشعوب لن تسكت عندما يزج فيها بين خيار الإبادة والموت أو خيار التبعية والتقسيم،


إن المقاومة العراقية والأفغانية التي تتصدى اليوم بقصف قوات الاحتلال في قواعدها العسكرية التي بنيت وحكِّمت ليحتموا بها لكنها لن تحميهم كما إن انسحاب هذه القوات لن يكون آمناً أو انسحاباً يختلف عن انسحاب قوات الاحتلال المنهزمة من فيتنام قبل عقود من الزمن .


موقف المقاومة من هذا الانسحاب يعكس وجهة نظرها أنه انسحاب هزيمة وليس انسحاب هدنة وتفاوض معها.


والعدو المنهزم سيبقى ملزماً بدفع وبتحمل تعويضات ما لحق بشعبنا وبلدنا من خسائر وأضرار وان اليوم الذي سيحاكم فيها قادة دول الاحتلال عن جرائم ما اقترفوه بحق شعبنا وشعوب دولهم لقريب بإذن الله. تشبث المالكي وحزب الدعوة الذي يتزعمه بالسلطة والتهديد بشعار (ما نعطيها) وتذرعه بشتى الوسائل والأساليب لبقائه وتجديد رئاسته هو أيضاً نمط من أنماط الدكتاتورية والالتفاف حتى على دستور الاحتلال المتهرئ ولاشك أنه يشكل جريمة بحق الشعب الذي كلفته هذه التشبثات خسائر في الأرواح وتدمير في الثروات والممتلكات تسببت بوضع أمني متفجر ناتج عن غياب المسؤولية لسلطة يفترض أن مفعولها قد انتهى وان ثمن هذه الجرائم سيدفعه من تسبب في وقوعها حالها كحال كل جرائم الاحتلال الأخرى .


من المؤكد أن هذه الانتخابات ستأتي بدولة رئيس جديد لكنها لا يمكن أن تؤسس لدولة العراق الواحد المستقل؛ صحيح إن إطالة أمد الاحتلال واستمرار سلطة الفساد والدمار يعني المزيد من التضحيات والخسائر المؤلمة والهاضمة لحق العراقيين بالعيش بأمن وأمان لكنَّ عراق الدولة الآمنة والأمينة لن تبنيه وتوحده وتحرره إلا قوىً وطنية تدين بالولاء للعراق وأرضه وشعبه دون تمييز أو تبعية أو تفريط من خلال مشروع وطني تحرري وهذا المشروع لا يمكن أن تحتضنه عملية سياسية خرقاء كالتي أسسها الاحتلال.


المراهنة بين أن يكون العراق أو لا يكون بمجرد مجئ دولة علاوي أو المالكي أحسبه حلم من أحلام الواهمين وذر للتراب في عيون المبصرين فالعراق العظيم أكبر من وهم العملاء الخائبين والطائفيين القادمين على ظهر الثور الأمريكي الجامح وفق وصف الغزو على لسان أحد قادة الدعويين.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور