وداع ورثاء لروح الأستاذ المرحوم الدكتور عادل سليم عبد الغفور

 
 
شبكة المنصور
د. عمر الكبيسي

وداعاً للقلب الطيب النابض الذي توقف بعد أن رعى القلوب والأفئدة المعطوبة ووفَّى وكفَّى بعلمه وطبه ومهارته وأخلاقه لخمس عقود من الزمن خرَّجَ فيها جيشاً من الأطباء والاختصاصيين دون أن يترك خدشاً أو قدحاً أو ضغينة في قلب زميل أو تلميذ أو متدرب أو مريض أو صديق.


وداعاً للأستاذ الأول والزميل والصديق والحبيب والمعلم والمتعلم في غابر الماضي المتألق وحاضر النوائب والمثالب والمصائب .


وداعاً للعفاف والنزاهة والطهر والصبر والتواضع والكفاءة والعطاء والكفاف في زمن انتحار الفضيلة وغياب القيَّم .


وداعاً للخلق والأدب وللإرث وللأصول والأصالة في زمن النكبة والمحن .
عرفت الأستاذ الدكتور عادل سليم عبد الغفور لثلاثة عقود من الزمن كأستاذ وزميل وصديق ورفيق وتوثقت به علاقتي خلال هذه الفترة فكان نعم الأخ الكبير والصديق الوفي والمعلم الماهر والناصح الأمين عرفته صابرا محتسبا عند الضيق والشدة وشاكراً وممتناً عند الفرج والسعة معلماً للطب من الطراز الأول وبجدارة وتشويق.


تشبث عادل سليم بالوطن فكان أول العائدين من أميركا بعد أن أنهى تحصيله وتدريبه العلمي وكان من أوائل المهددين بعد الاحتلال لترك العراق وبشكل متكرر لكنه تمسك بالبقاء وإهمال هذه التهديدات والاستمرار بكل إصرار على الإشراف لتدريسات الهيئة العراقية للاختصاصات الباطنية إلى أن أقعده المرض القاسي والألم المبرح الذي استنفذ صبره وصلابته وعندما خير للعلاج خارج العراق أختار القدوم إلى عمان للعلاج في تلك الأيام القليلة التي كان فيها عادل سليم هنا كنت اشخص فيه العراق بكل المعاني والتفاصيل ولكنه أصرَّ بعد مرور أيام قليلة من مراجعاته الطبية على العودة والاستمرار على العلاج في بغداد وفي ليلة توديعه كان آخر مبادراته انه دسَّ في احد جيوب سترتي ظرفاً اكتشفت أن فيه مبلغ بسيط من المال وشعرت وكأنه يأسى لحال اغترابي وهجرتي وسكت وأدمعت عيناه عندما قلت له أنا اقبل كل شئ فيه رائحة من العراق إلا المال لأنه أساس الخراب فيه .


وداعاً أبا آدم لقد أديت وكفيت وكنت رمزاً للنهج المستقيم والإخلاص القويم والفكر والحكمة والإيثار والمتابعة وعزائي في مصابك كثرة محبيك ووفاء مريديك وعَوضَنا عنك غزارة طلابك وقطف ثمار نتاجك لشعب تجذَّرت أمراضه وتعقدت أعراضه واستفحلت نكباته ولم يعد للعلم فيه صولة ولا للحق فيه دولة حفظ الله آدم وشقيقته وشقيقه عنوانا حياً لحسن تربية أستاذنا الفقيد ووفاء لسيرته الحميدة وتغمده الله برحمته وألهم عائلته وذويه وأهله وآل العبيدي والاعظمي والأسرة الطبية العراقية وأعضاء جمعية أطباء الصدر والقلب العراقية وتدريسي وطلبة الهيئة العليا للإختصاصات الطبية الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ٠٨ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٢أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور