لله يا محسنين - حكومة للعراقيين !!!

 
 
شبكة المنصور
ضحى عبد الرحمن - كاتبة عراقية

ماذا بعد!
ثلاثة أشهر منذ ممارسة الشعب العراقي للديمقراطية على الطريقة الامريكية لأنتخاب زمرة الجلادين القادمين من برلمان وحكومة مؤمنة كل الإيمان بإيذاء الشعب. والنتيجة لا حكومة ولا برلمان ولا نية صادقة لتشكيلهما رغم المحاولات التي يبذلها الشيطانين الاكبر والاصغر والطروحات بشأن حكومة شراكة وطنية وإنقاذ وطني وحكومة توافق وغيرها.


أن هذا الفراغ الحكومي المقصود، وتمديد المالكي لرقعة حكومته وتجاوزه على اكسباير سلطته ورفضه التداول السلمي للسلطة هو أفضل تعبير عن مدى سخريته وإحتقاره لمن إنتخبه. المالكي ما بين الجد والهزل أكد بأنه السلطة له"ماننطيها" والبعض حاول ان يبرر قوله بأنه يتماشى مع ضحالة عقلية الجمهور الطائفي الذي القى به هذه الجوهرة الديمقراطية الثمينة، كونهم من شيوخ العولمة الراقصون والمطبلون مع أي حاكم يكرمهم.
كانت أول صدمة للمالكي عندما أعلنت عصابته بأنهم سيحصلون على ما لايقل عن(150) مقعدا برلمانيا بموجب إستطلاع سري أجروه في غفلة عن الجماهير! مما جعلهم يتبخترون كالطاووس أمام بقية الفرق المشاركة في الأنتخابات ويرفضون فكرة الأئتلاف مع أي مكون سياسي حتى لو كان من نفس لونهم الطائفي! وصل الغرور بالمالكي بإعلانه أن فوزه محقق وأمر مفروغ منه" لكن المهمة النسبة في البرلمان". ولا أعرف كيف جرى ذلك الإستطلاع السري وكيف استنتجوا منه عدد المقاعد. ربما خطط المالكي لهذا الأمر من خلال الخطوات اللاحقة. أولها:عندما أوعز للأرهابي المعروف(علي اللامي) رئيس ما يسمى بهيئة المساءلة والعدالة بتوقيت ذكي قبل إجراء الإنتخابات بفترة قصيرة جدا لإجتثاث عدد من الشخصيات السياسية التي كانت منذ الغزو مشاركة في العملية السياسية بما فيه حكم المالكي نفسه فأحدث بلبلة وأد فيها أبرز منافسيه السياسيين. الخطوة الثانية كانت بإستخدام القوات (التابعة له فقط) والمتشكلة خارج إطار الدستور إضافة إلى أنصاره في الجيش والشرطة بمنع فئات معينة من الناخبين من الوصول إلى مراكز التصويت, وفعلا حرم الكثير من الناخبين حق المشاركة. واتبع نفس الطريقة المجحفة بحق العراقيين المهجرين في الخارج فحرموا من التصويت لأسباب معروفة! من بينها أن معظمهم غير محسوبين على أحزاب الإسلام السياسي ومن شأنهم التأثير على النتائج النهائية.


قابل المالكي إعتراض بعض الكتل المشاركة على حالات التزوير التي جرت في مراكز التصويت وتغاضت عنها المفوضية العليا للإنتخابات بسيف قاطع من الحدة. مؤكدا بأن المفوضية آلهة النزاهة وحمدية هي فينوس الأمانة والصدق! وهذا الموقف طبيعي جدا فالمفوضية تضم شراذم من حزبه وأحزاب الساحة وكفته هي الاثقل فيها. لكن موقف المالكي إنحرف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بعد فوز قائمة منافسه اللدود إياد علاوي فإعترض على النتائج وشكك في نزاهة وكفاءة أتباعه المخلصين في المفوضية مطالبا بإعادة عملية الفرز يدويا وهو يعلم علم اليقين بأن موجة المفوضية كانت لصالحه. فالمفوضية ليست كما تسمى مستقلة مثلما ان مفوضية النزاهة غير نزيهة. وهل يوجد عاقل يقنع بحيادها طالما إن رئاستها وأعضائها من إفرازات الكتل السياسية الحاكمة! وهنا يصح القول(( حدث العاقل بما لايعقل فإن صدق فلا عقل له)).


كما أن المالكي غفل أو تغافل بأن الإنتخابات قد تمت في ظل رقابة عراقية وعربية ودولية أشادت معظمها بمعقولية سير العملية الإنتخابية ونتائجها. اذن المسألة لم تكن في عرف المالكي سوى كسب المزيد من الوقت للتفكير بوسيلة اخرى لكهربة النتيجة غير المتوقعة لحزبه. وأخيرا جاءت نتائج الفرز اليدوي مطابقة للفرز الألكتروني، فخرج المالكي منها (( بخفيً حنين)).


الأنكى من كل ذلك إن المالكي استخدم لغة الوعيد والتهديد الديمقراطي لفرض إعادة الفرز اليدوي, وحرض محافظي حزبه في الجنوب للتهديد بإستخدام العنف! فقد صرح كمال الساعدي احد أقطاب حزبه السالب بأن ((خسارة المالكي تعني أن هناك تزويرا فاضحا في عملية التصويت)) مهددا بإشعال فتنة طائفية يوقدها أتباعه من القوات غير النظامية والمرتزقة. وكذلك هدد بطرح فكرة فدرالية الجنوب مجددا. حيث أصبحت الفدرالية طريقة مبتذلة للمساومة والضغط على بقية الأطراف.


الخطوة الأخرى التي تمخضت عنها عبقرية المالكي تجلت في تفسير المادة(76) من الدستور المسخ بحلية جديدة من خلال تشكيل الحكومة من قبل الكتلة البرلمانية الاكبر كبديل عن القائمة الفائزة. وهي أغرب حالة في ديمقراطية العراق الجديد والعالم كله. والمصيبة إن التفسير الكسيح جاء بعد إعلان النتائج وليس قبلها كما يفترض العقل السليم. ورفعت الفكرة الجهنمية إلى قاضي الضلالة مدحت المحمود فأفتى بصحتها بعد أن أسكت المالكي صوت ضميره الخافت بمكرمة سخية ومنصب وزير (ربما العدل) في الحقيبة الوزارية القادمة فتحول بذلك من مدحت المحمود إلى مدحت المذموم.


ولم تتوقف مكائد المالكي عند هذا الحد فلجأ إلى طرق مثيرة للسخرية منها دعواه بأن أم اياد علاوي لبنانية وتجاهل أنه وبقية اعضاء الحكومة والبرلمان يمتلكون جنسيات اجنبية ومن اصول مهجنة. ومن التوافه المثيرة للتقزز تحميل النائب حيدر العيادي الكتله العراقية مسئولية التفجيرات الإرهابية التي جرت في السابع من آذار الماضي والتي تزامنت مع الإنتخابات وهي إهانة لا تغتفر بحق الشهداء وعقول العراقيين أكثر منها إهانة للكتلة العراقية، إنه الإفلاس السياسي والأخلاقي، وهذا حال العملاء فغراب يقول لغراب وجهك أسود وكلهم بوجوه سوداء، عليهم لعنة الله ولعنة التأريخ لأبد الآبدين. وامام إصرار علاوي على حقه الإنتخابي هرع المالكي وبطانته إلى اسيادههم في طهران عسى ان يحظى ببركات الولي الفقيه او يأمر الولي أطراف أخرى بالإئتلاف مع حزبه. فهو يدرك جيدا بأنه لا صوت يعلو على صوت الفقيه! سيما في تشكيلة الحكومة العراقية القادمة وإلا فالعاقبة للمخالفين! وعندما عرج في ولاية الفقية إلى عدوه اللدود مقتدى الصدر لطرح فكرة الإئتلاف معه جوبه بهجوم واسع التقية من قبل الصدر الذي ما لبث أن غير إسلوبه المتزمت إلى المرونة بتوجيه الولي الفقيه بشروط جديدة. سيما ان الصدر كما يبدو يرغب في إستعادة الايام الغابرة المغبرة بترشيح إبراهيم الجعفري لرئاسة السلخانة القادمة. فالجعفري شخص معروف ومجرب! والتجربة أكبر برهان. كما إن الجعفري سبق أن أقسم بأن يفرغ بغداد من غير أتباع آل البيت ورغم مجازره السخيه بهذا الصدد لكنه لم يفلح! فقرر الصدر منحه فرصة ثانية لكي ينفذ قسمه ويكمل دينه.


لعبة كسب الوقت قد أنكشفت وفقدت مسوغاتها وأثقلت كاهل العراقيين المثقل اصلا. وإنتظار لقاء القمة أو الحضيض المرتقب بين علاوي والمالكي اسخف تبرير لإستمرار الفراغ الحكومي. فإذا كان مصير العراق متوقف على هذا اللقاء فبئس ذلك اللقاء وبئس هذا المصير. وبئس لمن اضاع وقته وصوت للرجلين. حري بنا أن نستجدي العالم عسى أن يتصدق علينا بحكومة لسد هذا الفراغ.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢١ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور