تل أبيب لا تحب كلمة (الحرية) وواشنطن تكره كلمة (السلام)

 
 
شبكة المنصور
عشتار العراقية

يذكر الانزال الذي حدث على اسطول الحرية في المنطقة الدولية من قبل العدو الصهيوني ، بما حدث بالضبط من انزال أمريكي على سفينة (السلام) العراقية التي كان على متنها حوالي 200 امرأة عربية واوربية وأطفال والتي انطلقت من الجزائر في 6 كانون الاول 1990 محملة بالمؤن والأدوية للشعب العراقي المحاصر وكان هدف السفينة اضافة الى جمع التبرعات هو محاولة منع وقوع العدوان على العراق.
 
أقتطف لكم بتصرف من مقدمة كتاب (الأعزل ابن خلدون يقاتل في أم المعارك) والذي ألفته ناصرة السعدون بالتعاون مع مجموعة من رسل السلام على السفينة، ونشر في العراق عام 1992.
 
 "فكرة سفينة السلام ولدت وبدأ العمل بها بعد أقل من شهر على تواجد القوات الأجنبية في الأراضي والمياه العربية ، في - المؤتمر النسائي العربي الشعبي للتصدي للتدخل الأمريكي الغربي في الخليج والجزيرة العربية" الذي انعقد في صنعاء للفترة من 12-14 ايلول/سبتمبر 1990 وحددت المرأة العربية الهدف وآلية تحقيقه للتصدي للعدوان عمليا ، وكلف المؤتمر لجنته التحضيرية بمهمة متابعة وتنفيذ مشروع سفينة السلام .. "
 
انطلاق الرحلة ومسارها :
 
"بدأت الرحلة في 6/12/1990 من ميناء الجزائر وواصلت رحلتها الى تونس ثم طرابلس بعدها عرجت على ارض مصر وقناة السويس العربية حيث طاردتها طائرات امريكا ودول العدوان وحاصرتها واخرت مرورها (الكتاب يفصل كيف ان مصر كانت البلد العربي الوحيد الذي منع دخول السفينة واقترابها من الشاطيء ، بل ابقاها في منتصف البحر واحاطها رجال المباحث والجوازات والجمارك وتم تفتيشها والتحقيق مع ركابها وقامت ضفادعها البشرية في تفتيش هيكلها من الخارج بحثا عن قنابل الخ ، ولم يسمح لها بالعبور الا بعد ان دفعت اضعاف ما تدفعه السفن التجارية مع ان السفينة كانت تحمل مواد غذائية متبرع بها اهل الخير، وحين طلبت السفينة تزويدها بماء الشرب طلبت السلطات المصرية مبلغا اكثر من اربع اضعاف ما يستوفونه من السفن الاخرى حتى ان السفينة امتنعت عن طلبها وانتظرت ان تطلب الماء من السودان حين المرور بها وقد كان)، كما عبرت سفينة السلام البحر الاحمر ورست في ميناء بور سودان، بعدها دخلت امواج بحر العرب متجهة الى اليمن فرست في ميناء الحديدة ثم في ميناء عدن . بعد ميناء عدن واجهت السفينة بوارج الحرب والعدوان ووقع الهجوم عليها فجر السادس والعشرين من كانون الاول /ديسمبر 1990." - كتبت المقدمة د. منال يونس رئيسة الاتحاد العام لنساء العراق والأمين العام للاتحاد النسائي العربي.
 
الانزال والهجوم 
 
 اليكم تفصيلا للهجوم كتبته المحامية واستاذة الجامعة و رئيسة المؤتمر القومي للنساء السود والناشطة الأمريكية الدكتورة فاي وليامز التي كانت على ظهر السفينة، وقد كتبت كتابا خاصا حول يومياتها في سفينة السلام بعنوان (ارهابيو السلام).
 
طوال ستة اسابيع ، كنت واحدة من رسل السلام على متن السفينة التي ابحرت من الجزائر على البحر المتوسط الى البصرة في العراق . كنت مع اكثر من 200 امرأة من دول عديدة في العالم . شاركت في محاولة منع الولايات المتحدة من شن الحرب، فشلت مهمتنا ، اذ بدأت الحرب في 16 كانون الثاني 1991 اي في اليوم التاي لانتهاء رحلتنا. لم يكن فشل مهمتنا الا في المعنى الضيق لكلمة الفشل فلقد اضاف رسل السلام زخما الى الدعوة للسلام . لابد من وسيلة افضل من الحرب لحل المشكلات. لقد ملأنا الايمان ان اي صوت يعلو انما يقربنا من اليوم الذي تحجم فيه حتى اقوى قوة عسكرية عن شن الحرب اذعانا منها لقوة اعظم منها : قوة الناس القادرين على معرفة الحقيقة عبر حجب الاكاذيب والمزاعم التي يطلقها قادتنا العسكريون .
 
الدعوة :
 
 يوم 3 كانون الاول 1990 تلقيت رسالة الدعوة من الاتحاد النسائي العربي للمشاركة مع وفد عالمي في رحلة بحرية الى العراق كي نكون شهودا للسلام . كانت الخطة ان نبحر عبر موانيء عديدة للدعوة ولجمع الغذاء والدواء والرسائل الى اطفال العراق. على ان تنظم خلال الرحلة حوارات تحدد السبل الممكنة التي تستطيع النساء انتهاجها لتطوير فرص السلام في العالم .
 
في تونس
 
 بعد يومين من التحضيرات السريعة سافرت الى تونس . كانت السفينة قد بدأت رحلتها من الجزائر قبل ايام على ان تتوقف في موانيء ستة بلدان لتأخذ المزيد من مجاميع النساء من كل بلد، وتحمل كل مجموعة معها تبرعات من الغذاء والدواء لتضاف الى التبرعات التي سبق جمعها . زاد العدد حتى تجاوز 200 امرأة على متن السفينة ، ثلاثة ارباعهن من النساء العربيات والبقية من السويد واليابان وبريطانيا وايطاليا واسبانيا.
 
مسيرة السفينة
 
من تونس واصلت السفينة رحلتها الى ليبيا ثم مصر . في قناة السويس صعد رجال الامن المصريين وفتشوا السفينة تفتيشا دقيقا . وأخروا عبورها قناة السويس حتى ساعة متأخرة من الليل لمنعها من التواصل مع مؤيدي مهمتها ، بعد اجتياز القناة وصلت السفينة الى بور سودان واستمرت وتوقفت في مينائين في اليمن. 
 
 بدء الهجوم
 
 بعد مغادرة ميناء عدم في اليمن لاحق السفينة اسطول بحري بقيادة البوارج الحربية الامريكية . في اليوم التالي لأعياد الميلاد ، وكنا مانزال نياما ، حاصر السفينة عدد من زوارق الانزال وأحاطوا بها لمنعها من مواصلة الابحار. طارت طائرات الهليكوبتر فوق الرؤوس . قامت القوات العسكرية بالإنزال من طائرات الهليكوبتر.. أطلقوا النار فوق رؤوسنا .

 

****

 

مازالت الاستاذة والمحامية والناشطة الامريكية فاي وليامز تروي قصة السفينة (السلام) . 


كنا قد غيرنا ملابس النوم وهرعنا الى سطح السفينة حيث بدأنا بتلاوة الصلوات والأناشيد وقد رفعنا أيدينا الى الأعلى بإشارة السلام . حملت بعض النساء لافتات تدعو للسلام . كان رجال القوات العسكرية قد لطخوا وجوههم بالسواد كي يخدعوا النساء ويجعلوهن يتصورن ان الجنود هم من الأفرو أمريكان . ما أزعجني كثيرا ، لكن الأغلبية كانت من البيض. ومع ان قلة منهم حملت العلم الامريكي على الصدور، عدا ذلك كان من المستحيل معرفة أيا منهم ، اذ لم يضعوا رتبا عسكرية كما أخفوا القطع المعدنية التي تشير الى هوياتهم او جنسياتهم .

هجم الجنود وبدأوا بضرب النساء وركلهن . ضربوا بالأيدي وأعقاب البنادق، وطوال الوقت كانوا يشتموننا ببذاءة . اطلقوا قذائف كهربائية والغاز المسيل للدموع في وجوهنا . استهدفوا الصحفيين وكسروا العديد من أجهزة الفيديو والتسجيل ، وصادروا البقية . خلال الاشتباك جرحت حوالي (50) امرأة (بعض جراحهن كانت خطيرة مثل كسر الاضلع وغيرها- عشتار).

بعد ذلك اجبرتنا القوات على الدخول الى داخل السفينة عبر ممر ضيق. سبقنا بعض الجنود وأطفأوا اجهزة التهوية مما جعل الجو خانقا حارا في داخل السفينة . استمرت هذه الفوضى حوالي ساعتين ، قام الجنود خلالها بالعبث بالسفينة كلها بحثا عن الاسلحة . اخيرا جاء ضابط ظهر انه قائد المجموعة . قبيل وصوله طلبت مني بعض النساء الطلب الى القوات اعادة تشغيل التهوية .

في بداية الهجوم ، قيدوا الكابتن عماد حسن (قبطان السفينة العراقي) . اقتربت من احد الجنود بعد أن رفعت يدي فوق رأسي . وجه سلاحه نحوي. عرفته بنفسي وقلت له اني مواطنة امريكية . حاولت التحدث معه. كان جوابه أن ادار سلاحه ووجهه الى رأس الكابتن وهو يطلق علي شتائم بذيئة . هددني ان قلت كلمة اخرى فسوف يكون جوابه طلقة في راس الكابتن. صرخ بي أن ابتعد عنه وأمرني ابلاغ بقية النساء المحافظة على الهدوء. تحاشيت إثارة غضبه وطلبت من النساء الصمت . كن قد واصلن الصلوات والاناشيد رغم كل الفظائع التي قامت بها قوات الانزال.

فيما بعد استطعت الاقتراب من ضابط المجموعة وطلبت منه تشغيل اجهزة التهوية ، فلبى الطلب. ثم طلب مني مساعدته في جمع الجرحى في بهو الضباط وهن اللائي أصبن بجروح او تعرضن للغاز المسيل للدموع كما ان بعض النساء قد اصبن بصدمة نفسية جراء عملية الهجوم. اثنتان من الحوامل واجهن خطر الاجهاض. استمر الجندي الذي هدد بقتل الكابتن في سلوكه واهاناته وتهديداته حتى بعد ظهور قائدا لمجموعة ، مما اضطرهم لابعاده بالقوة . من الطبيعي انهم لم يعثروا على أية اسلحة على متن السفينة رغم تفتيشها تفتيشا دقيقا . وبذلك لم يعد ثمة مسوغ للعنف الذي مارسته قوات الانزال.

في هذه المرحلة ، كان هناك مالا يقل عن 15 قطعة بحرية تحيط بنا ، ومن بينها حاملات طائرات . وحلقت الطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر فوق رؤوسنا ، وعلى ارتفاعات قريبة جدا.

 

****

 

الاستاذة والمحامية والناشطة الأمريكية فاي وليامز تستكمل روايتها لما حدث على ظهر السفينة العراقية (ابن خلدون) التي سميت (السلام) في رحلتها لكسر الحصار على العراق وكانت قد بدأت رحلتها من الجزائر في 6 كانون الاول 1990 وعلى متنها اكثر من 200 امرأة من دول مختلفة ، ووصلت ميناء البصرة في 14 كانون الثاني 1991 وتعرضت السفينة لهجوم الاسطول الامريكي وأسرها.

الذريعة المعلنة للهجوم على السفينة هو احتمال كونها محملة بالاسلحة والبضائع المحرمة ، وتعرف السلطات المعنية ان هذه الذريعة كاذبة تماما فهي تعرف مسبقا ان السفينة قد تعرضت الى التفتيش من قبل سلطات الامن المصرية ولم تعثر على اية اسلحة .

فضلا عن السكر كانت حمولة السفينة أصنافا متنوعة من الأغذية لاستخدامنا ، والاغذية حملناها لتكون هديتنا الى البصرة . اما بالنسبة لادعاء خرق الحصار التجاري فهذه التهمة باطلة ايضا لسببين : الاول ان الغذاء والدواء لايشملهما قرار الحصار الاقتصادي. وفي الواقع لو شمل الحصار الاقتصادي مادتي الغذاء والدواء فسيكون خرقا للقانون الدولي . 

ثانيا : قرار الحصار الاقتصادي يشمل المواد التجارية بينما حمولة السفينة كانت من التبرعات ولم يكن الهدف منها القيام بأية عملية تجارية .

رغم ذلك ابلغنا قائد العملية انه لن يسمح لنا بأخذ السكر ولم يذكر اية مادة اخرى . طلب منا اختيار احد ثلاثة بدائل: 

1- العودة الى الجزائر، اي نقطة بداية رحلتنا
2- ان نؤخذ بالقوة الى احد الموانيء التي يختارونها
3- نوافق على الذهاب مخفورين الى ميناء الفجيرة في دولة الامارات العربية .

اخترنا البديل الثالث.

مع ذلك لم يسمح لنا بمواصلة السير. بقينا في الايام التالية في عرض البحر في مكان الهجوم علينا - دون اية اوامر اخرى من الاسطول الذي استمر في حصاره لنا . وبناء على طلبنا تم اخلاء سيدتين مريضتين لاخذهما الى المستشفى، بينما تجاهلوا بقية طلباتنا للتزود بالادوية . طلبنا التزود بالماء اذ واجهنا شحة المياه في السفينة ، فلم نلق منهم اي تعاطف ، وتجاهلوا طلبنا.

بعد بقائنا في البحر مدة (15) يوما ، تسلمنا اخيرا الامر بمواصلة الرحلة . ابلغونا ان السفينة ستؤخذ الى عمان . وصلنا الى منطقة الانتظار في مسقط. لم يسمح لنا بدخول الميناء اذ لم يطلب احد الإذن اللازم بذلك .

تباحثنا فيما بيننا عما سنفعله، وقررنا الاتصال بأحد السفراء العرب في مسقط. استطعنا الاتصال هاتفيا بعدة سفراء . بعد فترة ، جاء زورق وعلى متنه خمسة او ستة من سفراء الدول ، وصعدوا الى السفينة (في مكان آخر من الكتاب نعلم ان السفراء هم السفير العراقي وسفيرالجزائر والقائم بالإعمال التونسي والسودان واليمن والاردن ) هالهم الحال الذي رأوا فيه السفينة واصابات النساء . الظاهر ان السلطات الامريكية قد خدعتهم فتصوروا عدم وجود اصابات بين الركاب. 

وقد ابلغتهم السفارة الامريكية ان ليس بمقدورنا مواصلة الرحلة الا بعد تفريغ كل الحمولة من السكر والأغذية على ان لايبقى على متن السفينة الا الكمية الكافية من المواد الغذائية لاستخدامنا . ثم تغيرت الاوامر بطريقة غامضة وصارت اكثر تشددا عما كانت عليه في اليوم الأول لأسرنا.

ناقشنا المشكلة وقررنا التبرع بالحمولة . وقد تعهد السفراء بايصال الاغذية الى السودان، لتؤدي الغرض الانساني من جمعها نظرا لكون هذا البلد يعاني من المجاعة.

بعد حصولنا على الموافقة ، ابحرنا باتجاه البصرة ووصلنا اليها يوم 14 كانون الثاني 1991 . بدأت الحرب بعدها بأقل من 48 ساعة . ونظرا لقلق السلطات العراقية على سلامتنا ، 

وحرصا منهم على ضرورة مغادرتنا العراق قبل موعد الانذار النهائي الذي حدده الرئيس بوش لبدء الحرب. أقلعنا (تقصد العرب والأجانب) بالطائرة في تلك الليلة . في الصباح الباكر من يوم 15 كانون الثاني وصلنا الى عمان في الاردن ومن ثم الى تونس.

من تونس اخذت الطائرة للعودة الى الولايات المتحدة وفي 16 كانون الثاني سقطت اولى القنابل على الشعب العراقي قبل وصولي الى واشنطن.

لن تكون حياتي بعدها كما كانت من قبل. اذ ترسخت قناعتي ان الحرب جريمة كائنا من كان من يبادر الى اطلاق النار . سوف اواصل الدعوة لمهاجمة الحرب اينما وقعت في العالم وسوف اعمل للسلام العادل للجميع.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ٢٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٣حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور