ماذا تعني ظاهرة منتظر الزيدي ؟؟

 
 
شبكة المنصور
ماهر التويتي

ورد في الأثر بأن الشجاعة عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في العرب وجزء في ما سواهم ، وهذا القول يبدو صحيحا ليس من باب التباهي بالعرب او الانتقاص من الأمم الأخرى ، بل من ينظر إلى تاريخ العرب قديما وحديثا يجد العرب يقدسون مبدأ الشجاعة وقد تفاخر شعراء العرب قديما وحديثا بشجاعة فرسانهم ، وللشجاعة موروث أصيل في الثقافة العربية وكدليل على ذلك هو تمجيد أمة العرب قديما وحديثا للأسد وهو الحيوان الأكثر شجاعة وإقداما ولو أمكننا أن نتخذ رمزا لأمة العرب لجعلناه الأسد ويتجسد ذلك بأعجاب العرب بالأسد فستجد في القاموس العربي مئات المسميات للأسد (ليث ،ضرغام ، هزبر ،باسل ،هيثم ، عوف ،..الخ ) وقد أحصيت ما يُقارب عن 343 أسما للأسد ، وهناك العديد من الأمم جسدت ثقافتها في حيوان ، فالإنجليز مثلا يمجدون الثور لإعجابهم بعنفوانه واندفاعه القوي ، وفي أمريكا يجلون الحمار كرمز لقوة التحمل والفحولة وهو شعار لحزب رئيسي في أمريكا ، وجاء الإسلام "رسالة العرب الخالدة " ليثني على شجاعة العرب ويُهذبها في قالب إيماني ليمدها بديمومتها وقدرتها على البذل والتضحية تحت مبادئ رسائلية سامية ،وقد كان نبينا العظيم (صلى الله عليه وسلم ) أشجع الناس فكان نعم القدوة لأصحابه بثباته على الحق وصموده في المواقف لذلك يقول الأمام علي كرم الله وجهه عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان أشجع الناس ، فأي عمل بطولي يرتبط نجاحه بمدى إيمان وشجاعة من يقومون به ، و أي بناء شامخ لا تبنيه أيادي مرتعشة ، وللشجاعة أنواع عديدة كالشجاعة النابعة من إيمان مبدأي يجعل صاحبه لا يأبه بالمخاطر التي تحيط به ويجدها الآخرون بأنها الانتحار بعينه ، بينما يراها من يحملها بأنها طريق المبادئ التي تجعله يصل إلى مرتبة الصديقين ، وهناك أيضا الشجاعة للحمية وهي شجاعة فطرية ينتخي فيها المرء عندما يتعرض ماله أو أرضه أو عرضه للاعتداء ، وهي كما قلنا صفة فطرية حتى عند اضعف المخلوقات فالطيور عندما تتعرض أعشاشها للاعتداء تدافع عنها بشراسة ،لذلك و لأن كلا الشجاعتين " الشجاعة الإيمانية ، والشجاعة للحمية " مهمتين في أي صراع وجودي ، فقد حاول الأعداء تدميرهما في نفوس أبناء الأمة عبر سلسلة من الحروب النفسية والإعلامية ، وذلك عبر تسفيه المبادئ الإيمانية التي تولد الشجاعة بالإقناع المتسلسل بأننا في عصر القوة الخارقة التي لا تُهزم ، وأيضا عن طريق قتل روح الحمية المتجذرة فينا كعرب عبر الإقناع المتسلسل أيضا بأن على الطيور أن تقبل تقاسم أعشاشها مع الغربان المتغطرسة ، وولد ذلك حركات سياسية في الوطن العربي تؤمن بهذه القناعات الزائفة وتناور وتثور أحيانا من اجل الحصول على حصة اكبر في أعشاشها التي استوطنتها الغربان .


لذلك كان لا بد من يعود العرب إلى فطرتهم التي تحضهم على الشجاعة ، فأنتخى العراق وقيادته وشعبه للأمة وتاريخها وحضارتها ومجدها ، فكسر كل قواعد الواقعية والإنبطاحية ، وجسد الصمود الأسطوري للقيادة والشعب أروع صور الشجاعة التي ذكرتنا بأجدادنا العظام ، لذلك لم يكن غريبا موقف الشاب الجسور منتظر الزيدي فقد اختزل في موقفه البطولي كل معاني العربي الشجاع الغيور ، وأعاد للعراقيين والعرب روحهم المعنوية التي دمرها الإعلام ، فلم تكن رمية منتظر مجرد موقف عابر ، بل لقد جمعت الأمة كل طاقتها لترمي رمية المظلوم في وجه الظالم ، رمية الضحية في وجه الجلاد ، رمية الحضارة والتاريخ في وجه الهمجية والإمبريالية ، ولئن كان من حسن الحظ بأن رمية المقدام منتظر كانت أمام عدسات الكاميرات ، فإن هناك رميات قاتلة تحدث بعيدا عن الإعلام ، وهذه الرميات يصوبها الميامين البرره ليس في وجه الإمبريالية ولكن في كبدها لم ولن تستطع الإفلات منها فجعلتها تركع على قدميها ، بعد أن على صراخها ، وأيقن الجميع بأن مسألة سقوطها هي مسألة وقت ، كملاكم تورم وجهه من كثرة اللكمات وترنح يمينا وشمالا في الحلبة رافضا الاستسلام للهزيمة ومكابرا على الاستمرار حتى نهاية الجولات مفضلا الخسارة بالنقاط على أن يخسر بالضربة القاضية والتي قد تأتيه في أي لحظة وتدخله في حالة غيبوبة دائمة .

 

Almaher09@gmail.com

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٧ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور