درس لا بل دروس من التأريخ

ملحمة مفتاح التحرير

 
 
شبكة المنصور
ضياء حسن

( يكون الحديث عن الصور الأيجابية المتحققة في ظل الحكم الوطني السابق ,ضرورة وطنية توضح حالة السقوط التي حلت بالعراق وهو واقع تحت قيد الأحتلال الأميركي ومدمر وقد أغتيل أهله )

 

في تأريخ الشعوب هناك حقائق لا يمكن أن تنسى أبدا خصوصا أذا أتصلت بحدث أشترك في صنعه شعب بأكمله كان مسندا بدعم أمة بأسرها , وهذا ما تنطبق عليه معارك القادسية الثانية التي أركعت خامس جيش في تسلسل الجيوش عدة وعددا في العالم , بناهه الأميركيون ليكون مخلب قط لمحاصرة شعوب منطقة ستراتيجة جالسة على بحور من الثروات النفطية وتشكل مفصل ربط بين قارات ثلاث لابقائها خاضعة لهيمنة واشنطن ودول الغرب ذي الأطماع الأستعمارية .


ووفقا لهذه الحقيقة عدت معارك القادسية الثانية واحدة من ملاحم الرد العراقي المقتدر على الكيد العدواني الأميركي الصهيوني ألفارسي الذي أستهدف العراق والأمة العربية ,وشكلت أنطلاقة وثوب قومي جديد وضع العرب على طريق الفعل في مواجهة التحديات المصيرية , خارجا من أسر ردود الأفعال في التعامل مع تلك التحديات والمرفقة بالعديد من العدوانات والأحتلالات .


واذا كان الرد على عدوانية خميني عام 980 كان بمثابة أثبات وجود لامة ترفض الخضوع والأنحناء لتؤكد دائما تطلعها للنهوض أستنادا على قدراتها الذاتية فأن خواتم هذا الرد الذي رسمته ملحمة السابع عشر من نيسان 1980 كانت فاتحة النصر العراقي على الخمينية في 8-8- 88 وأنتهى بدحرالنمط المتخلف من التفكير الممتلئ بالحقد على الأمة العربية وعلى شعب العراق قاعدتها الأمامية التأريخية الذي أبتلي بعهر المجوسية وملوكها بدءا بكسرى ومرورا بالبهلويين مضطهدي الشعوب الأيرانية الصديقة وفي مقدمتها شعب عربستان المحتل.


والحديث عن هذه الملحمة يثير الكثيرمن الحقائق المتصلة أولا:بأهمية الأنجاز من الناحية العسكرية والمتثلة بمباغتة العدو ليس بتوقيت الانقضاض عليه وحسب وأنما بمفاجأة أكبر تمثلت :-


ا: بظهور متأخر للقوات العراقية الزاخفة أمام المحتلين ,فقد تم نشرها على مجموعات في مواضع متعددة خارج مساحة الأرض المحددة ليبدأ منها الهجوم الرئيس نحو المثلث المحتل وتم التقدم لاحقا وقبل الضوءالأول لفجر يوم التحرير , وبمرحلة دخول القوات الخاصة وجبة , وجبة تلاها تسلل القوات المدرعة ولكن بدخول متفرق هادئ مموه , وبتعزيز للقوة المدفعية البي كانت موجودة أصلا .


ب : سرعة تنفيذ القوات العراقية وأكمال مهماتهم ,بشدة بأس قتالي و بتنسيق دقيق ناري ولوجستي بين جميع التشكيلات المساهمة فيه ,برية –قوات خاصة- أنقضت بشجاعة متناهية على مواقع المحتلين وامسكت بها في الوقت المناسب بالأرض المحررة من أحتلال أستمرت أعواما , ومدرعة قهرت طبيعة الأرض المتنوعة التضاريس والحفر ومساحات الممالح المليئة بألمسطحات المائية , ونسور جو تناسقت ضربات صواريخهم لتدمر جسور العدو المقامة عاى شط العرب , لتعطل الربط بين القوات الأيرانية المتواجدة في الشاطئ المقابل للفاو وبين من بدأت قواتنا مطاردتهم داخل أراضينا , مما مكنها من الأسراع في تطهير الفاو من رجس الخمينيين بزمن قياسي لم يستغرق سوى ساعات .


ج : اعتماد أسلوب تدريب القوات التي زجت في المعركة بصورة مشددة وبعيدا عن منطقة القتال , والسعي الى عدم تواجدها قريبا من تلك المنطقة حتى ظهر وعصرالسادس من نيسان أي قبل ساعات من الموعد الذي حدد للبدء بأطلاق النار و تم نقل ومعهم أسلحتهم الخفيفة بطائرات ضخمة الى مطار الشعيبة العسكري ومن ثم الى محيط معسكر الدريهيمية الأقرب الى أرض الحشد ومع الظلام بدأ تسرب القوا ت تباعا الى حيث ما يجب أن تكون أستعدادا لخوض معركة التحرير .


ثانيا : ثبوت قدرة العراقيين على مواجهة أخطر التحديات لفرض ارادتهم بقوة شكيمة عالية وبصبر نادر ومطاولة قتالية غير أعتيادية وبتحكم غير مألوف في أدارة المعارك وبتدبر ملفت للنظرلتوفير جميع الأمكانات اللوجستية المسبقة لتأمين نجاح صفحاتها المختلفة ولأدامة زخمها بوقت قياسي وبما يحقق مبدأ التوافق بين بدايتها وخاتمتها وبين ما خطط له وبين ماحدد سلفا من توقع للنتائج عبر عمل صامت دؤوب أستمر طويلا .


ثالثا : قيمة هذه الملحمة أرتبطت بذلك التدفق القتالي الجسور للقطاعات التي أختيرت لخوضاها بالدرجة الأولى ,لكنها أرتبطت بجهود شعبية ناضحة سبقت الملحمة بسنوات وشارك فيها الجهد الهنسي المدني بجهود كبيرة جدا جعلت من ارض المعركة ممهدة لأستيعاب الزخم القتالي المحتمل مما سهل قدرة المقاتلين على القفز على المواقع والمواضع المعادية ويحقق هدف الأمساك بها وتنظيف وجود المحتلين فيها بسرعة فائقة وخصوصا في محيط الطريق الساحلي المؤدي الى مثلث الفاو الذي كان محتلا والحق يقال ان هذا الجهد الهندسي كان كما رسمت القيادة من حصة الكوادرالمدنية العراقية ومن حشد كبير من العمال العراقيين واِشقائهم العمال العرب وفي مقدمتهم عمال السودان ومصر العربية أي بدقة كان للعمالة العربية دور الفعل الناضح لقلب واقع الأرض فجعلوا من ممالحها ومسطحاتها المائية ارضا منسابة لتدفق مقاتلينا ودباباتنا للأنقضاض على أهدافها بنجاح تام.


فهذه المعركة أكدت أهمية حشد الجهد المدني ليكون رديفا للجهد العسكرية في معارك قتالية تطلبت عملا مضنيا وفر للمقاتلين وقادتهم أنفراجا في الساحة القتالية كانت قبل هذا ضيقة ومحصورة في حيزمحدد بين ممالح الفاو واسعة الأمتداد وبين الممر المائي الرابط لخور عبدالله بميناء أم قصر والمحاذي لجزيرة فيلكا .


رابعا: وهذا هو الأهم توفر الدقة في رسم خطة التحرير بمعرفة تامة لقدرات العدو وأحتمالات تطورمسار المعارك بحساب المتوقع من المفاجآت وغير المتوقع منها والتنفيذ الأدق لما رسمته عقول عراقية كفوءة في هيئة الأركان قبل بدء المعارك ,كانت للقائد الشهيد صدام حسين لمسات في رسم أتجاهات الفعل القتالي المطلوب في معركة كانت غير أعتيادية وفي توفير جميع ما أقترح القادة توفيره من مستلزمات ,وكذلك ما لم يرد في ذهن أحد من مستلزمات مضافة مستوحاة من تجربة معايشة أحداث الاعوام التي سبقتها وما سادها من صورقتالية متنوعة أستخلصت منها مختلف الدروس والتجارب .


والرائع فيما تحقق من نتائج مذهلة جاء نتيجة طبيعية لتواجد فرسان الجولة الجديدة في الميدان , لضمان معالجة المواقف أولا بأول , وأستدراك سد الثغرات لتعالج بالجديد من الضربات كما ونوعا.


وفي أدق اللحظات وأكثرها خطورة لم يغادر الشهيد صدام حسين ساحة القتال حتى أستتب الأمر وعولجت بعض التلكؤات في تقدم قوات الفيلق السابع على طريق الفاو المحاذي لخط النفط الستراتيجي بسبب محاولات الأيرانيين اليائسة لزج أكبر حجم من قواتهم المدرعة في مواجهة تقدم القوات العراقية على هذا المحور , لتتناسق تلك المعالجات مع أندفاعات قوات الحرس الجمهوري على الطريق الساحلي والتي أنتهت بأمساكها بأرض الحناء وغرس سارية راية الله أكبر في اعماقها وبزمن قياسي ومن ثم التفرغ للألتفاف على الأيرانيين وتطويق دروعهم وضربها بهدف أدامة زخم تقدم قوات الفيلق السابق , فكانت الجولة الأخيرة فاصلة وأنتهت ليس بتقهقر الأيرانيين بل بأندثار دروعهم وتناثرسرفها أجزاءا , اجزاءا !!.


وهكذا تم وضع خاتمة معركة تحرير الفاو , وعلى وفقها بدأت معارك تحرير كامل ألأراضي العراقية المحتلة من الجنوب الى الشمال , ولذلك فقط أحتسى خميني سم الخيبة والندامة غير مأسوف عليه .


وما ارويه تأتى من أحاديث مع قادة عسكريين كانوا ابطالا وهم يسهمون في صنع نصر التحرير وكذلك من معايشات شبه يومية شهدت وصورت فيها تطور الأحداث على الطبيعة أستعدادا للمعركة , وتم خلالها :


1-تسوية الأرض غير البعيدة كثيرا عن مواقع المحتلين في مثلث الفاو , والهدف من ذلك توسيع قاعدة نشربطريات المدفعية من مساحة محدودة جدا الى الأوسع وبالتالي الى درجة منفرجة ومن ثم الى الأكثر أنفراجا لتكون ضرباتها شاملة جميع مواقع العدو في الفاو .


2-تمكين القوة النارية التي تمتلكها المدفعية العراقية من أقلاق العدو في كامل مساحة الأراضي المحتلة في المثلث وأيقاع الضربات المنهكة لقواه طيلة الزمن ألذي أستغرقه الأستعداد لمعركة الفصل بطرد المحتلين .


3-تكثيف قوة النار الممهدة للقوات الزاحفة للتحرير وجعل قوة تأثيرها أقوى على مواقع العدو وتجمعاته وخصوصا ضبط زوايا التأثير على طرق المواصلات المحتمل أن تستخدم لتوفير الأمدادات التي يمكن للعدو أستخدامها في أسناد قواته من الأراضي الأيرانية في حال أنهيارها أمام القوات العراقية ,وهذا ما حدث فعلا وهذا ما كان لبعثة جريدة الثورة شرف معايشته مباشرة ومشاهدة تطوره خطوة فخطوة , خلال تنقلها ولفترة زمنية طويلة بين قواطع العمليات , الساحلي والأوسط , وما سبقها من معايشة ميدانية وتحت القصف لعملتين جسورتين تم بموجبهما تحرير جزيرة أم الرصاص المحاذية لطريق الفاو القديم الواقعة مقابل مصب نهر الكارون في شط العرب ,بقيادة المقاتل الشهيد ألبطل بارق الحاج حنطة رحمه الله وشلهة الأغوات المحاذية لميناء المحمرة بقيادة المقاتل ماهر عبد رشيد والمقاتل ضياءالدين جمال .


ومن دلالات هاتين المعركتين أنهما قطعتا الطريق
على الأيرانيين لتوسيع أحتلالهما للمحيط الرابط لمثلث الفاو, صعودا الى الأحاطة بجنوب البصرة , وأقرب هدف من جزيرة ام الرصاص هو قضاء (أبو الخصيب ) مما يتيح لهم الأمتداد غربا باتجاه قناة الملاحة الرابطة لمينائي أم قصر والزبير بمينائي تصدير النفط العراقيين البكر والعمية , وهو ما كان يعني قطع العراق عن أمتداداته النهرية والبحرية والهيمنة على منافذه التجارية والتصديرية لثرواته النفطية .


وفي أثر أفشال مقاتلينا النشامى لهذه الخطوة الخطيرة اللئيمة ،أنصرف التفكير بخطوة التحرير الأشمل والتي شهدنا بواكيرها بطرد الأيرانيين الأوغاد من الفاو مدينة الحناء حاضنة مدخل الخليج العربي .


وقد بدأت الأجراءات بتعزيز الدفاعات العراقية في منطقة البطن المحصورة بين منطقة الممالح وشارع الفاو المحاذي لشط العرب أي في المساحات المحيطة بالطريق الستراتيجي لتكون مهيئة للقفز من حالة الدفاع الى الهجوم في مرحلة تالية .


وصدق وعد القائد الشهيد صدام حسين وهلت صباحات تحرير الارض والمياه , وسقط كيد الصفويين ومن حرضهم ,و سيسقطون هم وعملاؤهم الأن من جديد بعزم عراقي دؤوب يذكرنا بوقفة رجال وزهو قائد علمونا كيف تصان الكرامة ويفتدى الوطن , وكيف يستل النصر ويطرد المحتلون .
ويا محلى النصر القادم بعون الله .

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٧ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور