أكدت صحيفة ( واشنطن بوست ) الأميركية اليوم الثلاثاء؛ أن كلاً من البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس إضافة إلى الحكومة السابقة بزعامة نوري المالكي؛ ساهموا جميعًا في إفشال خطة استقرار العراق بعد الانسحاب المزعوم لقوات الاحتلال أواخر سنة 2011.

ونشرت الصحيفة مقالاً مطولاً أعده ثلاثة كتّاب؛ جاء فيه أن البرامج التي وضعتها الخارجية الأميركية لـ"مساعدة العراقيين" لتفادي ما آل إليه وضع البلاد من تمزق بعد ذلك؛ قد تم خفضها أو اختصارها، مبينًا أن أبرز ملامح العراق بعد انسحاب قوات الاحتلال منه؛ تتلخص في الأزمة العاصفة والمعارضة الشديدة التي واجهت حكومة المالكي، فضلاً عن ضعف الجيش الحكومي الذي درّبته الولايات المتحدة، واجتياح "تنظيم الدولة" ثلث أراضي البلاد وسيطرته عليها في صيف 2014.

وبحسب التقرير؛ فإن إصرار البيت الأبيض على خفض نفقات المهمة الأميركية في العراق؛ وفّر مبلغ (1.6) مليار دولار وجهتها وزارة الخارجية إلى مناطق أخرى تشهد صراعات مثل ليبيا، كان سببًا في إفشال خطة الوزارة لاستقرار العراق، مضيفًا أن قادة قوات الاحتلال الأميركي في العراق عارضوا خفض النفقات، مؤكدين أن ذلك ترك الحكومة الأميركية في جهل بما يجري في البلاد خارج العاصمة العراقية بغداد.

وفي هذا السياق؛ أشار التقرير إلى أن القادة العسكريين الأميركيين لم يكونوا يتوقعون انسحابًا عسكريًا كاملاً، بل توقعوا أن تفضي المحادثات بين واشنطن وحكومة بغداد إلى الإبقاء على عشرة آلاف جندي على الأقل هناك بدعوى "ضمان الأمن" لكن تلك المحادثات انهارت، مضيفًا أن ( هيلاري كلينتون ) سعت بقوة من أجل وجود أميركي عسكري في العراق حتى بعد الانسحاب، وعندما فشلت في ذلك ضغطت على البيت الأبيض والكونغرس لتمويل برامج مدنية هناك.

ومضت الصحيفة إلى القول بإن كلينتون حذرت من ضعف قدرة المالكي على الحفاظ على وحدة البلاد، ومن أن الوضع غير المستقر للحكومة ربما يقود إلى بروز تنظيم القاعدة مرة أخرى أو التنظيم الذي انبثق منه وأسمى نفسه لاحقا "تنظيم الدولة الإسلامية"، على حد قول التقرير الذي أكد أن إدارة المالكي الحمقاء وغير الكفوءة وغير الملائمة للجيش الحكومي، وقمعه للسنة؛ كل ذلك أضعف البلاد ووضعاها على حافة الانهيار.

وعلى صعيد متصل؛ كشفت الصحيفة في تقريرها؛ أن المعارضة التي أبداها نوري المالكي لبرامج المساعدة الأميركية في المناطق السنية والكردية؛ كانت سببًا في تدهور الأوضاع الأمنية، مشيرة إلى أن المالكي بدأ فور مغادرة القوات الأميركية العراق يأمر باعتقال السياسيين السنة المنافسين له، وباستبدال الضباط الذين دربتهم أميركا بعسكريين شيعة موالين له.

وفي معرض التقرير؛ نسبت الصحيفة القول إلى دبلوماسيين أميركيين؛ بأنهم كانوا على يقين بأن واشنطن تركت فراغًا "سيتسبب في انتعاش القاعدة" بالعراق على حد تعبيرهم، لكنهم لم يتوقعوا أبدا أن يتم ذلك بالسرعة التي تم بها.

واختتم التقرير بإيراد معلومات جديدة تشير إلى أن مستوى الوجود الأميركي في العراق الآن يساوي أكثر من عشرة أمثال مستواه عند الانسحاب، وأن الاهتمام بخفض الميزانيات قد توارى بعدما وافق الكونغرس على إنفاق مليارات الدولارات لبرامجه في العراق تحت ذريعة "محاربة الإرهاب".