أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً جديداً يكشف النقاب عن المدى المروع للخسائر في
الأرواح والإصابات والمعاناة التي تكبدها المدنيون المحاصرون بسبب المعارك التي
دارت رحاها في غرب الموصل (الساحل الأيمن من مدينة
الموصل).
وافادت العفو الدولية في تقريرها الذي نشرته على صفحتها الرسمية ،”تقاعست
القوات العراقية وقوات التحالف عن اتخاذ تدابير كافية لحماية المدنيين؛ بل أخضعتهم
بدلاً من ذلك لوابل رهيب من النيران باستخدام أسلحة ما كان ينبغي استخدامها في
مناطق كثيفة السكان”.
وقالت لين معلوف ، مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية
في نفس التقرير اعلاه ، “يجب على الحكومة العراقية، على أعلى مستوياتها، وعلى دول
التحالف بقيادة الولايات المتحدة، الإقرار فوراً وعلناً بحجم وخطورة الخسائر التي
وقعت في أرواح المدنيين أثناء العملية العسكرية التي قامت بها لاستعادة السيطرة على
الموصل”.
وأضافت معلوف قائلةً ، “إن الأهوال التي كابدها سكان الموصل، وما أبدته جميع
أطراف الصراع من استخفاف سافر بحياة الإنسان، لا ينبغي أن تمضي بلا عقاب. لقد أبيدت
عائلات بأكملها، ولا تزال جثث الكثيرين منهم مدفونة تحت الأنقاض حتى اليوم. من حق
سكان الموصل أن يعرفوا من حكومتهم أنهم سوف يلقون العدل والإنصاف، ويتلقون تعويضات
عما حاق بهم، وبذلك تُعالج الآثار المروعة لهذه العملية العسكرية كما ينبغي.”
وتابعت معلوف ، “لا بد من إنشاء لجنة مستقلة على الفور، تُكَّلف بإجراء
تحقيقات فعالة في أي حالات تتوفر فيها معلومات جديرة بالتصديق حول وقوع انتهاكات
للقانون الإنساني الدولي، ونشر نتائج تحقيقاتها علناً”.
وزاد التقرير ، “بل حتى في الحالات التي بدت فيها تلك الهجمات وكأنها نجحت في
إصابة أهدافها العسكرية المقصودة، فإن استخدام أسلحة قوية بلا موجب أو التقاعس عن
اتخاذ الاحتياطات اللازمة أسفر عن وقوع خسائر لا ضرورة لها في أرواح المدنيين؛ ففي
17 مارس/آذار 2017، مثلاً، شنت القوات الأمريكية غارة على حي الموصل الجديدة بهدف
القضاء على اثنين من قناصة تنظيم “الدولة الإسلامية”، فقتلت ما لا يقل عن 105
مدنيين. وبغض النظر عما إذا كانت ثمة انفجارات ثانوية قد وقعت أم لم تقع – حسبما
أفادت وزارة الدفاع الأمريكية – فقد كان ينبغي أن يكون واضحاً للمسؤولين أن شن هجوم
باستخدام قنبلة زنتها 500 رطل يشكل خطراً مفرطاً على المدنيين بالقياس إلى المزية
العسكرية المرجوة من وراء الهجوم”.
و اورد التقرير قول احد الشهود من الموصل ، وهو من أهالي حي التنك غربي
الموصل ، لمنظمة العفو الدولية، “إن الضربات استهدفت قناصة داعش ؛ والضربة
الواحدة من شأنها أن تدمر منزلاً ذي طابقين بالكامل. وقد استمروا في القصف طوال
ساعات الليل والنهار، فأصابوا عدداً كبيراً جداً من المنازل؛ كانوا يضربون منزلاً
فيدمرون معه المنزلين المتاخمين له. وقتلوا عدداً هائلاً من الناس”.
واختتمت لين معلوف التقرير قائلة ، “من واجب القوات العراقية وأعضاء التحالف
الذي تقوده الولايات المتحدة أن تتحقق من أن القتال الذي تخوضه ضد داعش
– لا في معركة الموصل فحسب بل في سائر المعارك الدائرة في العراق وسوريا – يجري
بأسلوب يتمشى مع المعايير الدولية وأحكام القانون الدولي. ويجب على الدول المنخرطة
في هذا القتال ألا تركز على الجانب العسكري للقتال فحسب، بل تحرص في الوقت ذاته على
توفير الموارد اللازمة لتخفيف المعاناة الهائلة للمدنيين المحاصرين بسبب الصراع
الذين كابدوا الانتهاكات على أيدي داعش ”.
الاربعاء ١٨ شــوال ١٤٣٨هـ - الموافق ١٢ / تمــوز / ٢٠١٧ م