العراق ، وبعد ان كان منارة للعلم وقبلة للدراسين ، اصبح بلد الامية والجهل ، لما
يشهده من تدهور كبير في قطاع التربية والتعليم ، في جميع محافظات البلاد دون
استثناء ، بسبب الفساد والاهمال الحكوميين لهذا القطاع ، اضافة الى الفشل الاداري
الواضح وغياب الخطط التي تنهض بالتعليم في العراق ، حتى اصبحت مدارس العراق الان
تطلب المعونات المالية من اهالي الطلبة لانها لم يعد بمقدورها مواصلة مهام التعليم
للعام الدراسي الحالي والذي يقارب منتصفه، بعد أن انعدم مستوى الخدمات فيها
بالكامل، ولحاجتها للدعم المادي لإعادة تنشيطها، وسط تعمد حكومي على توفيره ،
لاسيما في ظل الموازنات المالية الكبيرة التي يذهب اغلب اموالها لجيوب الفاسدين من
ساسة العراق .
واكدت مصادر صحفية مطلعة على تقارير ميدانية واحصاءات تخص قطاع التعليم في
العراق ان ” العراق يعاني عموماً من نقص كبير في أعداد المدارس الحكومية، ما أجبر
دوائر التربية على فتح الباب أمام الدوام المزدوج الصباحي والمسائي، كما أنّ العديد
من تلك المدارس تعد شبه منهارة وتشكل خطرا على حياة الطلاب ، وتحاول إدارات المدارس
تجاوز أزمة خروج مدارسها عن الخدمة، لذا لجأت إلى محاولات استجداء المعونات من
الأهالي”.
واوضحت المصادر نقلا عن مديرة إحدى مدارس بغداد انّ “الدوام في مدرستنا أصبح
غاية في الخطورة؛ إذ إنّ التشققات في الجدران كبيرة جدا تنذر بسقوطها على الطلاب،
كما أنّ المدرسة لا توجد فيها حمامات للطلاب بعد تهالك حماماتها” ، موضحة اننا ”
قدمنا تقريرا لوزارة التربية مشفوعا بالصور عن حجم الأضرار، وطالبنا بتشكيل لجنة
خاصة لتحديد قيمة الأضرار وصرفها، لكن من دون جدوى”، مبينة أنّ ” الوزارة لم تحرك
ساكنا، ولم ترد على كتابنا”.
وأضافت المصادر نقلا عن المديرة اننا “قمنا بجمع مبالغ مالية من الأهالي،
لكنّها لم تكف سوى لإصلاح بعض التشققات في الجدران، بينما لم نستطع إصلاح الحمامات
المتهالكة، حيث طالبنا الأهالي مجددا بدفع تبرعات إضافية لإصلاح الحمامات، لكن لا
أحد يدفع ولا نستطيع إجبارهم” ، مبينة ان ” الأمر لم يقف عند مدرسة واحدة فحسب ، بل
أنّ مئات المدارس تعاني الأحوال ذاتها، إن لم تكن أكثر “.
وبينت المصادر نقلا عن احد اولياء امور الطلبة انّ ” المدرسة التي يداوم فيها
ولدي، أرسلت للأهالي مناشدات مطبوعة على شكل منشور، فيه صور لحفر أساسات حمامات
جديدة تحاول إدارة المدرسة استحداثها، لأنّ الحمامات التي في المدرسة منهارة وغير
صالحة للاستخدام” ، موضحا أنّ “الصور كانت حافزا للأهالي، وجمعوا مبلغا ماليا،
وأشرفنا على بناء الحمامات، وأنجزناها”، مشيرا إلى أنّ “المشكلة الثانية في المدرسة
خطورة سقوف بعض قاعات الدراسة الآيلة للسقوط، والتي يجب إصلاحها بأسرع وقت” ، مؤكدا
أنّ “الأهالي لا طاقة لهم على إصلاحها، لأنّ كلفتها عالية جدا”.
يذكر ان وزارة التربية في العراق تتنصل دائما من مسؤولية ترميم المدارس، ومن
تخصيص المبالغ المالية لها ، حيث اقر رئيس قسم في وزارة التربية بتصريح صحفي بالقول
إنّ “الحكومة لم تخصص أي مبالغ مالية للمدارس، وإننا على علم بجميع المدارس الآيلة
للسقوط، والأخرى التي تعد خارجة عن الخدمة، لكن لا أموال في موازنة الوزارة” ،
محملا الحكومة “مسؤولية مخاطر ترك المدارس على حالها، وعدم تخصيص مبالغ لها، فضلا
عمّا في ذلك من مخاطر على حياة الطلاب”.
الثلاثاء ٢٩ ربيع الثاني ١٤٣٩هـ - الموافق ١٦ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م