العوز يدفع عراقيون للمتاجرة بدمائهم




شبكة ذي قار

إنعدام الأستقرار الأمني في العراق يؤدّي إلى انخفاض في فرص العمل وتصاعد معدلات البطالة والفقر ، وبالتالي يتّجه العاطلون من العمل إلى البحث عن مصادر للدخل تختلف طبيعتها، من بينها الاتجار بدمائهم ، في وقت تُهدَر فيه مليارات الدولارات على مشاريع وهمية في العراق، بحسب ما تؤكد تقارير رسمية واعترافات مسؤولين في الدولة، الأمر الذي دفع البلاد لتكون في مصاف الدول الأولى بالفساد في العالم وفقاً لبيانات منظمة الشفافية الدولية.
 
 وبينت مصادر صحفية مطلعة في تصريح لها أنه ” ثمّة سهولة في توفير متبرّعين بالدم عند الضرورة، لكن في بعض الحالات يضطر مواطنون إلى شراء الدم، بسبب حالات حرجة مستعجلة لا تستحمل الانتظار، وهو ما يحصل عند وقوع الحوادث، ومنها الأمنية ، والعراق، منذ الغزو الأميركي في عام 2003، يخبر باستمرار حالات طوارئ ناتجة عن تفجيرات واقتتال داخلي وحروب وحالات الطوارئ تلك تتسبّب في وقوع إصابات كثيرة وكبيرة تتطلب إسعافات سريعة، ومن بينها توفير الدم المناسب “.
 
 وأضافت نقلا عن أحد المتربحين من بيع دمه إنّه “في كلّ مرّة أجني ما لا يقلّ عن 100 ألف دينار عراقي (نحو 85 دولاراً أميركياً)، وأساهم في الوقت نفسه في إنقاذ أحدهم من الموت،و من المفترض أن يستحقّ ما أبيعه ثمناً أكبر” ، مضيفا انني “أعيل أسرة مؤلّفة من والدة مقعدة وزوجة وثلاثة أطفال، وأسكن بيتاً بالإيجار، وأعمل عتّالاً في مخزن، وأحاول جاهداً توفير احتياجات أسرتي”، مؤكداً أنّ “الحصول على المال بأيّ طريقة ممكنة هو ما يهمّني، لكنّني بالتأكيد لا أرغب مخالفة القوانين” ، متابعا أنه “منذ أكثر من عشرة أعوام وأنا امتهن بيع دمي، وتشجّعت عندما كانت بغداد تشهد في كلّ يوم تفجيرات وعمليات قتل طائفي ، حيث الكثيرون كانوا يبحثون عن دم. وبما أنّني كنت حينها عاطلاً من العمل، شجّعني أحد الأصدقاء على بيع دمي مرّة كلّ شهر أو أكثر”، موضحا أنّه “لا يجب أن تقلّ المدّة الزمنية بين تبرّع وآخر عن شهرَين، لكن لديّ غزارة في الدم ولا أعاني أيّ أعراض جانبية”.
 
 واضافت نقلا عن المتبرعين بدمائهم أنّ “ثمّة وقائع عدّة تصادفنا. وفي مرّة، كان أحدهم يبحث عن متبرّع أمام بنك الدم، وكنّا حينها في شهر أغسطس/ آب والساعة تشير إلى الثانية من بعد الظهر. قلت له: أنا أبيع لك دمي. فقبّلني على خدّي واحتضنني كأنّه عثر على كنز. ثمّ أشار إلى سيارة فارهة مركونة في الجوار، وأكّد لي أنّه سوف يوصلني إلى منزلي بعدما يشتري ما تحتاجه أسرتي من لحوم وخضروات وفاكهة، فضلاً عن أنّه سوف يدفع لي ما أريد وأكثر من المال”. “وعندما انتهيت، طلب منّي الرجل وهو شاب يصغرني بأعوام عدّة، أن أنتظره بالقرب من سيارته، ففعلت. تأخّر كثيراً، وفي النهاية وصل رجل لم أره من قبل وفتح باب السيارة وصعد إليها وانطلق بها. فعلمت أنّني وقعت ضحيّة أحد الماكرين. وكلّما أتذكّر ذلك الموقف أضحك كثيراً. لكنّني متأكّد من أنّ الرجل كان مضطراً إلى الحصول على دم، ولأنّه لم يكن يملك المال لشرائه اخترع تلك الكذبة”.
 
 من جهته، يتحدّث شخص اخر للمصادر الصحفية بالقول عن “أجمل المواقف التي واجهتها في حياتي”، حيث أنّه “في شتاء عام 2012، كنت أقف بالقرب من بنك الدم في بغداد، أحاول أن أجد من أبيعه دمي. توقّفت ثلاث سيارات فيها رجال ونساء، بدا واضحاً أنّهم من أسرة واحدة. كان الهلع والقلق يبدوان واضحَين عليهم. اقتربت من إحدى السيارات، فعلمت أنّ ثمّة طفلاً صغيراً من الأسرة تعرّض إلى حادثة دهس وهو في حالة حرجة وفي حاجة إلى دم. وكانت تلك فرصتي، إذ إنّ فئة دمي هي نفسها فئة دمه”، مضيفا “كنت مستلقياً في أثناء سحب الدم، عندما اقترب خال الطفل وقبّلني واضعاً في جيبي ورقة من فئة مائة دولار أميركي، قبل أن يقترب عمّ الطفل بدوره ويقبّلني كذلك ويضع في جيبي 150 ألف دينار (نحو 130 دولاراً). وعندما انتهيت ونهضت، جاءت خالة الطفل وأعطتني 200 ألف دينار (نحو 170 دولاراً)”، متابعا أنّ “الأمر لم ينتهِ عند هذا الحدّ، فقد ناداني أحد أعمام الصغير بينما كنت أهمّ بالخروج من بنك الدم، وأهداني خاتماً بعته بنحو 500 ألف دينار (نحو 420 دولاراً)”.
 
 وأضاف المتحدث وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب بالمصادر ، إذ إنّ ساقه بُترت على أثر إصابته في تفجير وقع في بغداد في عام 2007. واليوم يعمل بائعاً جوالاً، ويعرض السجائر على رصيف في منطقة الباب الشرقي، وسط العاصمة، مشيرا إلى أنّه “في ذلك اليوم، اشترى ما تحتاجه أسرته من مواد غذائية وأصناف مختلفة من اللحوم، فقد نجحت ببيع دمي بأضعاف السعر المعتاد، أي ما بين 50 ألف دينار و100 ألف (نحو 40 – 80 دولاراً)”.
 
 تجدر الإشارة إلى أنّه حين يمرّ المرء بحالة حرجة ومستعجلة، لا يفكّر بالمال بقدر تفكيره بإنقاذ حياة من هو مهدَّد من أفراد أسرته. ولأنّ الوقت قد لا يكون متاحاً للاتصال بالأقارب والأصدقاء بهدف توفير الدم المنقذ للحياة، فيكون اللجوء إلى شراء المطلوب ولو بمبالغ كبيرة.


الثلاثاء ١٦ جمادي الاولى ١٤٤٠هـ - الموافق ٢٢ / كانون الثاني / ٢٠١٩ م


اكثر المواضع مشاهدة

مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء الثالث ) الشرق الأوسط الجديد
يوميات ابو سباهي - عـزت الشـابنـدر والانسحـاب المحسـوب
زحل بن شمسين - ســـلامــــاً ســــلامــــاً ... عـــــراق الابــــطال!!!
الافتتاحية - شهر رمضان وعيد الفطر إنعاش لروح النضال والجهاد
نبيل الزعبي - لبنان والنزوح السوري: المعالجة بمسؤولية وطنية وقومية
زامل عبد - إيران واستغلال القضية الفلسطينية - الحلقة الثانية
وائل القيسي - منظومة تاج الرَّأْس
ماهر التويتي - رمز شيطاني في علم إيران
زامل عبد - حقيقة الديمقراطية الأمريكية في العراق - أزمة طائفية عرقية وإرث من الإقصاء - الحلقة السادسة
د. منهـل سلطـان كـريم - الكيل بمكيالين //قرارات وإجراءات ذات نكهة إيرانية وذات بعد سياسي
المستشار المهندس مازن كمال الآلوسي - نعي المرحوم المهندس محمد خزعل
عمود قصير - الى / الفضائيات والصحف ( العراقية والعربية والأجنبية ) الغراء : امامكم تقريراً موثقاً عن المنجزات الكبيرة والخطيرة التي حققها ( العبادي ) لإيران .. ( الرسالة الرابعة )
الرفيق مسؤول مكتب تنظيمات النصر - تهنئة الى الرفيق المجاهد البطل عزة ابراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الأشتراكي والقائد العام للقوات المسلحة
زامــل عــبــد - هكــــذا هـــي الاخـــــــلاق
عـاجـل .. عـاجـل .. عـاجـل .. - نسترعي الانتباه إلى التسجيل الكامل للخطاب التاريخي الهام للرفيق المجاهد المهيب الركن عزة إبراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي أمين سر قيادة قطر العراق والقائد الأعلى للجهاد والتحرير والخلاص الوطني لمناسبة الذكرى ( ٩١ ) لتأسيس الجيش العراقي الباسل والذي سجل أثناء  لقاء سيادته مع الكادر المتقدم لحزب البعث العربي الاشتراكي وقادة الجيوش و الفصائل الجهادية في محافظة ذي قار
أحدث الاخبار المنشورة
٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٤