قالت صحيفة العربي الجديد، إن عشرات آلاف العراقيين انتظروا طويلاً لمعرفة مصير أبنائهم المفقودين والمغيّبين في المدن الشمالية والغربية على يد ميليشيات وفصائل مسلحة مدعومة من إيران، مؤكدة على أن القضاء العراقي خرج، اليوم الأحد، ببيان خيّب آمالهم، إذ أورد نفس المبررات التي دأبت على ترديدها الميليشيات والأحزاب السياسية عند نفيها التهم الموجهة ضدها بارتكاب جرائم طائفية، وأبرزها خطف المدنيين والذين يتجاوز عددهم ٢٥ ألف شخص منذ عام ٢٠١٤، من الأنبار ونينوى والتأميم وديالى وبغداد وصلاح الدين وواسط.
وذكرت الصحيفة، أن عدة قوى سياسية عراقية داخل البرلمان وخارجه قد شكلت لجاناً ميدانية سابقًا، لبحث مصير المخطوفين، وحث الأمم المتحدة على تدويل قضيتهم، بعد تنصّل الحكومة من التزاماتها الأخلاقية والقانونية تجاه قضية المغيبين العراقيين.
وقال بيان المجلس القضاء الأعلى في العراق، “بعد الإخبار بخصوص قائمة من المفقودين من قبل إحدى الجهات السياسية، تم الإيعاز إلى كافة المحاكم للمباشرة بالتعاون مع الجهات المعنية للتوصل إلى مصيرهم الحقيقي”، مبينا أن “النتائج حتى اليوم بينت أن قسماً من الأشخاص الواردة أسماؤهم ضمن القوائم كانوا موقوفين على ذمة قضايا تحقيقية، وقد صدر قرار بالإفراج عنهم في حينه” من دون أن يكشف البيان عن مصيرهم أو جهة إطلاق سراحهم.
وأشار البيان إلى، أن “القسم الآخر من الأشخاص الواردة أسماؤهم بالقوائم آنفة الذكر فقد تم تسجيل إخبار لدى محاكم التحقيق المختصة بفقدانهم، من ضمنهم مفقودو قرية الشيحة / ناحية الصقلاوية تابعون لمنطقة الشيحة ( عشيرة المحامدة ) ، وفقدوا خلال عمليات اقتحام المدن في الأنبار”، مبينا أن “أغلب ذوي المفقودين سجلوا بمحاكم التحقيق إخباريات في محاكم التحقيق بمدينة الفلوجة”.
وأضاف أن “مفقودي صلاح الدين مسجل إخبار بفقدانهم، وجار البحث والتحري عنهم، وهو الحال نفسه لمفقودي محافظة التأميم”.
وتابع “سيستمر التحري عن الذين لم يتم التوصل إلى معرفة مصيرهم بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمن في السلطة التنفيذية بمختلف مسمياتها، إلا أن مجلس القضاء الأعلى تلقى تقارير من رئاسة محكمة استئناف ديالى بخصوص الزيارة المفاجئة إلى معسكر أشرف من قبل القضاة وأعضاء الادعاء العام، وكذلك التقارير الواردة من رئاسة محكمة استئناف بابل بخصوص الزيارة المفاجئة إلى محطة كهرباء المسيب من قبل السادة القضاة وأعضاء الادعاء العام، وتبين عدم صحة المعلومات بخصوص وجود معتقلين في هذه الأماكن”.
والبيان الأول للقضاء العراقي حول المغيبين جاء بعكس ما كان ينتظره ذوو الضحايا المختطفين، وفقا للناشط المدني العراقي محمد الجبوري، الذي أكد على أن البيان لا يرقى إلى كونه تحقيقا قضائيا.
وأضاف الجبوري للعربي الجديد، أن المعلومات التي أوردها البيان فيها مغالطة كبيرة، فهو يذكر إطلاق سراح مواطنين من الحجز بدون أن يوضح من أطلقهم وأين ومتى، وما هو الدليل على ذلك.كما أنه لم يذكر أو يتطرق إلى التحقيق مع الجهات المتورطة في خطفهم، خصوصاً أن هناك أفلاما ومقاطع فيديو لعدد كبير من الضحايا المختطفين خلال اقتيادهم من قبل المليشيات وهم يرددون شعارات طائفية.
واعتبر، أن “مزاعم تفتيش مناطق يشتبه بوجود سجون سرية فيها بشكل مفاجئ كما ذكر البيان لا يمكن أن تنطلي على أحد، كون الميليشيات لا تسمح لأحد بالدخول إلا بإذن مسبق من قياداتهم، ولا يمكن لأي عراقي أن يصدق أن فريقاً قضائياً داهم مكانا ما وفتشه بغفلة من المليشيات”.
من جانبه، قال مسؤول محلي في حكومة الأنبار، إن “القضاء العراقي يحاول من خلال البيان تسويف قضية المختطفين.ويتحاشى توجيه أي اتهام لأي جهة”، مبينا لـ “العربي الجديد”، أن “القضاء يحابي الميليشيات المتورطة بعمليات الخطف، خصوصاً أن لجان التحقيق الأولية التي شكلت في حكومة العبادي بشأن ملف الصقلاوية أدانت فصائل الميليشيات بعمليات الخطف”.
وقال : “يجب على القضاء أن يتعامل بمهنية ويعود إلى تلك النتائج الأولية، ولا يمكن ألا نجد حتى اتهاما لتلك الميليشيات التي أدانتها منظمات دولية بعمليات الخطف، ومنها منظمة هيومن رايتس ووتش”، متهما السلطة القضائية بـ “المشاركة في معاناة المختطفين وعائلاتهم، كونها لم تأخذ دورها في الكشف عن مصيرهم”.
من جانبها، قالت “جبهة الإنقاذ والتنمية”، إحدى الكتل البرلمانية العراقية، اليوم الأحد، إنها اطلعت على بيان مجلس القضاء الأعلى بشأن مصير المفقودين والمخفيين قسراً، مطالبة الادعاء العام في العراق بـ “القيام بزيارة مفاجئة لمدينة جرف الصخر، للتأكد من عدم وجود سجون سرية تخفي المفقودين”.
وتعرض سكان المناطق المنكوبة لجرائم خطف وتغييب قسري طالت الآلاف منهم، خاصة في الأنبار وصلاح الدين وحزام بغداد.