تقرير حقوقي : اغتصاب وبيع للأعضاء البشرية داخل سجون العراق




شبكة ذي قار

كشف المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب عن حوادث اغتصاب داخل السجون العراقية بحق المعتقلين وذويهم، كما أكد وجود شهادات عن بيع الأعضاء البشرية.

جاء ذلك خلال تقرير مفصل أصدره مركز توثيق جرائم الحرب عن تجارة الأعضاء البشرية وجرائم الاغتصاب في السجون الحكومية العراقية، وفيما يلي نص التقرير :

تلقّى المركز العراقيّ لتوثيق جرائم الحرب مؤخّراً شهادات من ذوي المعتقلين تؤكد أنّ ما يجري في السجون الحكوميّة؛ انتهاكات فضيعة تصل إلى بيع الأعضاء البشريّة والاغتصاب بحقّ المعتقلين وذويهم، وتشير الشهادات إلى الأوضاع التي يعشيها المعتقلون بأنّها غير إنسانيّة وتعدّت كل الخطوط الحمراء، من معاملة قاسية وتعذيب مُفضٍ إلى الموت، بسبب استخدام أبشع الوسائل والأساليب في التعذيب بدوافع طائفيّة وانتقاميّة، هذه الممارسات تشكل مخالفة صريحة وانتهاكات صارخة للقواعد والمعايير الدوليّة المتعلقة بإدارة السجون والمعتقلات، وانتهاكاً لأبسط قواعد حقوق الإنسان.

وقد كشف المركز عن عمليّات تعذيب مُمنهجة تطال المعتقلين بدوافع انتقاميّة، وطالب المجتمعَ الدّوليّ والأمم المتحدة بوضع حدّ لتلك الانتهاكات، ووقف الإجراءات التعسفية التي تمارس ضدّ المعتقلين، مُبيّنًا أنّ إدارة السجون تقع خارج المنظومة الحكومية وذلك من خلال سيطرة جهات حزبية على هذا الملف ومنع التدخل فيه.

إنّ تكرار حالات الموت وعدم الإفراج عن المعتقلين الذين تظهر براءتهم من الجهات القضائية يعبّر عن استمراريّة النهج الانتقامي في حق السجناء.

“أبو مريم” مواطنٌ عراقيّ لديه ٣ أشقاء اعتقلوا بتهم كيديّة، وبدوافع انتقاميّة، بسبب طبيعة عملهم كتجار، أحدهم معتقل في سجن كتشي شمال العراق عثر عليه بعد ٣ سنوات من البحث عنه يقول : “إنّ المعتقلين يعانون من سوء المعاملة ونقص التغذية، والأدوية، والمعتقلون أغلبهم أصيبوا بأمراض مزمنة منها التدرّن، وداء السكري، وزاد عليهم مرض الكورونا ـ فقد أصيب العديد من المعتقلين بهذا الداء مع تعمّد سلطات السجن بإبقاء المصابين” بين المعتقلين الآخرين من دون رعاية صحيّة ولا عزل طبّي.”

وأوصل أبو مريم مناشدة المعتقلين إلى المركز ومطالباتهم المُلحّة بضرورة المناشدة الدوليّة لإنقاذ المعتقلين من كارثة إنسانية ستحل بالسجون بسبب سوء المعاملة وعدم معالجة المصابين، مؤكدا أنّ أعداد المصابين في تزايد.

ويتحدث أبو مريم عن أخيه الثاني فيقول : “خطفته جهة مسلحة تنتمي إلى إحدى الميليشيات، وبعد أشهر وبدفع مبالغ مالية كبيرة عرفنا مكانه، بعدما عذبوه أشد العذاب وهددوه بأخواته وزوجته وابنته إن لم يعترف بالجرائم الموجهة إليه، ولا يزال يعاني من آثار التعذيب”.

ويتحدث “أحمد التكريتي” عن حال أخيه في سجن التاجي شماليّ العراق قائلًا : “حتى الاغتصاب تتعامل به إدارة السجون، فقد تم اغتصاب أخي وتعليقه لمدة أيّام، ومنع عنه الطعام والشراب، وسُرقت المبالغ الماليّة التي نعطيها إياه لشراء ما يلزمه من السجن، فضلا عن الأسعار الغالية للبضائع التي تبيعها إدارة السجن لهم، فمثلا ( كيس الأندومي ) يصل إلى ٥ دولارات، كما تُقدّم وجبات الطعام بدون ملح ليبقوهم من دون اتزان وحالة صحية مستقرة، وأوقات الخروج إلى الحمام لا تتعدى الخمس دقائق وإذا طلب المعتقل وقتًا أكثر فإنّ عليه دفع مبلغ من المال”.

ويستشهد بالقول إنّ إدارة السجن تتعمد جلب نساء المعتقلين ويهددونهم باغتصابهنّ أمام المعتقلين، فعمليّة اغتصاب أخي جاءت بعد الضغط عليه باغتصاب أحدى النساء لمعتقل آخر، وقد رفض هذا الفعل فقاموا باغتصابه وتعذيبه هو ومن معه وعلقوه واستخدموا في تعذيبه أساليب متعدّدة، منها جهاز الدريل والكهرباء”.

“أُم فاروق” – وهي أم أحد المعتقلين في سجن التاجي - تقول : “‏الأكل الذي يقدمونه منتهي الصلاحية، وغير صالح للاستهلاك البشري، والخبز والصمون متعفن أو يابس، وغالبا ما يصاب المعتقلون بحالات تسمّم، ومن ينقل إلى المستشفى في هذه الحالات أو غيرها يقومون بسرقة أعضاه ويبيعونها كما فعلوا بابني، حيث سرقوا كليَتَه”.

وتُبيّن الصور التي حصل عليها المركز العراقيّ للضحايا المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب أنّ هناك ما يشير إلى وجود عمليّاتٍ طبّيّة قد أُجريَت للضحايا وهو ما قد يؤيّد الاعتقاد بسرقة أعضاء المعتقلين.

‏أحد المعتقلين يؤكد من خلال ذويه أن التعذيب معهم تعذيب يومي، حتى الذي يصدر حكم البراءة في حقه فإنّه يستمر تعذيبه وبشتى أنواع التعذيب؛ منها التعذيب بالسجن الانفرادي لمدة شهر على الأقل ونوضع داخل كرفانات حديديّة سواء في الصيف أو الشتاء وبعض الأحيان يكون كل ٣ معتقلين في كرفان واحد لا يتسع لأكثر من شخص، وفي كل يوم نسمع أنّ المعتقل الفلاني قد مات بسبب التعذيب، حتى العلاج الذي يُرسله إلينا أهلنا يسرقونه”.

“حامد الأنباري” يكشف لنا أنّ شقيقه المُعتقل يعاني من خلع في يده، وخرق في طبلة أذنه، وانزلاق وأمراض أخرى تناسليّة، ومع ذلك لا يزال يتعرّض للتعذيب، وهناك من المعتقلين من وصل الحال به إلى إعاقة دائمة بسبب التعذيب والإهمال عدا الأمراض المعدية التي يصابون بها من غيرهم، كما أنّ أماكن الاحتجاز غير مهيأة للعيش البشري، والكرفانات التي يتواجد فيها المعتقلون قد يصل عدد المعتقلين فيها لأكثر من ( ١٦٠ ) معتقل وهي لا تتسع لهم وبحسب تعبيره : ( تقدر تقول ناس فوق ناس ) ”.

أما السجناء والمعتقلون في سجون جنوب وشمال العراق فهم يعانون من تفشي وباء كورونا، وقد ناشد المعتقلون إدارة السجون بحمايتهم من هذا الوباء وعزل المصابين وتوفير الدواء، إلّا أنَّ إدارة السجن ترفض الاستجابة لهم وتتذرع بعدم وجود الوسائل البديلة أو الموارد الكافية لعمل ذلك وعدم توفرعلاج.

وقد بيّنت وثيقة صادرة من مديريّة استخبارات ومكافحة إرهاب نينوى بتاريخ ٨ تموز ٢٠٢٠ تفشي وباء كورونا في سجون الموصل، وقد وثّق المركز العراقي أكثر من ( ٨ ) حالات وفاة بالوباء لمعتقلين في شمال العراق؛ وذلك في سجن سوسة وسجن كلار في السليمانية، وأكثر من ( ٥٨ ) في سجن التاجي والناصرية والكرخ، فضلا عن إصابة أكثر من ( ٥٠ ) إصابة للمعتقلين في سجن المقدادية بمحافظة ديالى، والكرخ في بغداد، والناصرية بمحافظة ذي قار، والتاجي في صلاح الدين، وهذه الأعداد وصلت إلينا عن طريق أهالي الضحايا وبعض منتسبي السجون.أمّا الأرقام المتوقّعة فهي أكثر بكثير ممّا وثّقه المركز.‏

ولا تزال السجون الحكوميّة محطّ انتقادات بسبب الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب فيها والظروف السيّئة داخلها، خصوصًا مع اتّهام القوات الأمنيّة بتعذيب السجناء لانتزاع الاعترافات.

وقد حذّر خبراء دوليون من اكتظاظ السجون وسوء المعاملة اللذينِ قد يؤديان إلى تطرّف السجناء داخل زنزاناتهم.وينذر بكارثة إنسانيّة خاصة في ظل تفشي وباء كورونا، فضلًا عن عدم وجود أدلّة كافية تدين المعتقلين، وهذا ما أخّر كثيرًا في عمليات الإفراج، بدوافع انتقاميّة وطائفيّة.



الاحد ٢٨ ذو القعــدة ١٤٤١هـ - الموافق ١٩ / تمــوز / ٢٠٢٠ م


اكثر المواضع مشاهدة

القيادة العامة للقوات المسلحة - بيان القيادة العامة للقوات المسلحة رقم ( ١٧١ ) في الذكرى السادسة والثلاثين لتحرير مدينة الفاو
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء الثالث ) الشرق الأوسط الجديد
علي العبيدي - غزو العراق ٢٠٠٣ جريمة القرن وكل القرون
حزب البعث العربي الاشتراكي-الجزائر - كلمة الأمين العام للحزب الرفيق أحمد شوتري في ذكرى الميلاد السابعة والسبعين
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي - هذه هي جرائم البعث في النظام السابق
د. أبا الحكم - كيف نفهم الصراع في المنطقة..؟
سحبان فيصل محجوب - رومانسكي وجوناثان والفانوس السحري
علي الأمين - كل العراق ينادي صدام عز بلادي
زامل عبد - دروس وعبر من غزة الصابرة المحتسبة لله من ظلم حكام العهر والرذيلة - الحلقة الأخيرة
أم صدام العراقي - في ذكرى تحريرها السادسة والثلاثين الفاو قصمت ظهر ملالي إيران ودجالهم المعتوه
مكتب الثقافة والإعلام القومي - يَبقى البَعْثُ حرَكةً مُتجَدِّدةً وأملاً مَفتوحاً على المُستَقبَل
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق يصدر بيان ( ٤٥٢ ) المتعلق في الذكرى التاسعة والتسعين لاحتلال دولة الاحواز العربية من قبل إيران الفارسية
زامل عبد - قواعد فك الاشتباك الإيرانية ( الإسرائيلية )
الرفيق عز الدين أبو حمرة - إلى / رفاق البعث في العراق وامتنا العربية : تحية رفاقية .. معلومات مهمة جدا ! .. ودمتم للنضال ولرسالة امتنا المجد والخلود ( ح / ٨ )
الشاعرة ساجدة الموسوي - أفــــــــولُ الطّـــــــوفـــــــــــــــــــــــــــــان
أحدث الاخبار المنشورة
٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٤