بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي                                                                                       امة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة
     قيادة قطر العراق                                                                                                           وحدة    حرية   اشتراكية
مكتب الثقافة والاعلام القطري
 

تأميم النفط اطلق شرارة معركة الوجود العربي الحالية

 

 بعد حوالي 35 عاما يتأكد العالم من ان تأميم نفط العراق ، في الاول من حزيران من عام 1972 ، كان الشرارة التي اشعلت سلسلة الحروب ضد العراق ، وكانت خلف اهم تطورات اوضاع الخليج العربي والوطن العربي . لقد تبلورت حقيقة لا مجال لانكارها بعد الان ، وهي ان غزو العراق  كان يهدف بالدرجة الاولى الى تحقيق هدفين جوهريين ، هما استعادة السيطرة على النفط العراقي بالغاء التأميم ، من جهة ، والقضاء على السياسة القومية التحررية لعراق البعث ، خصوصا في مجال الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض التنازل عنها من جهة ثانية . لقد انكشف الهدف الحقيقي الاول وهو السيطرة على النفط ، بالاستعجال المثير للانتباه لدى الادارة الامريكية لاقرار قانون للنفط يلغي التأميم ويعيد اعطاء النفط  للشركات الاجنبية التي طردت ، وفقا لمعادلة اسوأ من معادلة نهب النفط قبل التاميم ، تقوم على اعطاء الشركات حصة 80 % من موارد النفط فيما يعطى للعراق صاحب النفط نسبة لا تزيد على 20 % في افضل الاحوال ! فهل يوجد دليل اكثر وضوحا على ان الغزو كان نفطيا في احد دوافعه الاساسية ؟

ان قانون النفط الجديد هو في ان واحد اعتراف بالهزيمة الامريكية في العراق ومحاولة لاعادة عقارب الزمن الى الوراء ، رغم ان العالم تقدم الى امام لعدة عقود وتغيرت اوضاع العالم والعراق جذريا بعد التاميم ، وتذوق العراقيون والعرب الطعم الطيب لتسخير موارد النفط لخدمة الشعب والتنمية المستقلة وتعزيز الاستقلال الوطني ودعم القضايا العربية ومساعدة الاشقاء والاصدقاء . لقد كانت الخطة الاصلية الامريكي لغزو العراق تقوم على اعادة تشكيل العراق ليكون المركز الستراتيجي الاول الذي تعتمد عليه امريكا اقليميا وعالميا ، بما في ذلك جعل الصناعة النفطية العراقية الاهم في العالم ، واستخدامها كاداة رئيسة من ادوات الهيمنة الامريكية عليه .

لكن الحزب ومقاومته واجها هذا المخطط الامريكي بمخطط مضاد تجسد في تبني ستراتيجية مدروسة لمنع نجاح الاحتلال تقوم على ركيزيتين ، ركيزة منع امريكا من استثمار النفط العراقي كوسيلة لتمويل الحرب اولا ، ثم منع استخدامه كاداة لابتزاز العالم بانفراد امريكا بالسيطرة على كافة منابعه الاساسية ، اما الركيزة الثانية فكانت منع قيام حكومة عميلة باجهزة قوية تستخدم كدرع عراقي يحمي امريكا من الاستنزاف ويؤمن لها الاستمرار وربما النجاح . فكيف تم تنفيذ ذلك ؟ وهل نجحت المقاومة في هذا المضمار ؟

ان المقاومة المدبرة سلفا ، احبطت خطة امريكا بحرمانها من استثمار النفط العراقي تجاريا عبر منع تصديره او اعادة بناء المنشأت النفطية التي دمرتها امريكا عمدا ، ولهذا لم تتجاوز كميات النفط المصدرة ، بعد مرور اربعة اعوام على الغزو ، نصف ما كان يصدر قبل غزو العراق ، رغم كل الجهود والخطط الامنية الامريكية لرفع كمية الانتاج . وهذ الحقيقة اجبرت امركيا على مواجهة مهمة عسيرة جدا وهي تمويل غزو العراق باموال امريكية مع ان الخطة الاصلية للغزو كانت تقوم على تمويل الغزو باموال النفط العراقية وتلك كانت من اهم اخفاقات امريكا في العراق ومن اكثر مشاكلها صعوبة .

كما ان المقاومة العراقية نجحت بصورة شبه كاملة في احباط مسعى امريكا لانشاء درع عراقي مسلح ( جيش عميل شرطة عميلة حرس وطني عميل اجهزة امنية عميلة ) يحميها من ضربات المقاومة الوطنية موفرا لها طاقاتها البشرية والمادية لاكمال سحق العراق ومقاومته ، فشهد العام الرابع للغزو ذروة الضعف والتفكك والفشل لهذا الدرع العراقي الهش ، والذي اصبح عبئا حقيقيا على امريكا بدل ان يكون مدافعا عنها . لقد وجدت امريكا نفسها مضطرة للزج بجنودها للقتال مباشرة مع المقاومة الوطنية فتعرضت الى خسائر بشرية مذهلة تجاوزت خسائر فيتنام حدة وخطورة رغم استخدام المرتزقة للتقليل من كمية القتلى الامريكيين .

ان ما حصل في الشهور الاخيرة مؤشر حاسم على نتيجة الاحتلال ، فلقد تصاعدت الخسائر الرسمية الامريكية في الشهور الماضية على نحو لم يسبق له مثيل منذ بدء الغزو ، فباعتراف امريكا شهدت شهور اذار ونيسان وايار ارتفاعا في هجمات المقاومة بنسبة تتراوح بين 25 – 30 % في الخسائر البشرية الامريكية مقارنة بالاعوام الماضية ، حيث تراوحت الارقام بين 103 – 120 قتيلا في الشهر وهو رقم مؤذ جدا لامريكا رغم ان الرقم الحقيقي اكبر بكثير . وحصل ذلك رغم ان امريكا قد نفذت افضل ما عندها من خطط واستقدمت اعظم جنرالاتها وطورت اسلحتها ، فكانت النتيجة العودة للمربع الاول مربع الفشل والهزيمة امام المقاومة الوطنية العراقية .

فما معنى هذا التطور القتالي ؟ هل يعني ان المقاومة تتراجع ؟ بالطبع كلا فان مجرد الاعتراف بان الخسائر الامريكية تزداد يؤكد حقيقة ان المقاومة تتقدم وتسير في طريق التحرير الصحيح وان الاحتلال في طريقه للرحيل . ان اليقين الامريكي من ان الهزيمة قد اصبحت الحقيقة الوحيدة الثابتة قد اجبرها على على اللجوء الى خيار لصوصي صرف يقوم على وسيلتين ، وسيلة نهب قانوني ستراتيجي وهو توقيع الاتفاقية النفطية المشار اليها ، ووسيلة

النهب العادي المتمثل في قيام امريكا ، منذ ايام الغزو الاولى بنهب النفط العراقي لاكمال ملأ خزينها الستراتيجي الى اقصى حد ممكن . كما ان عملاء الاحتلال مثل الحكيم والطالباني والبارزاني والجلبي وغيرهم يقومون بنهب النفط بعد ان ادركوا بان المستقبل هو للشعب العراقي ومقاومته المسلحة . ان ما يجري في العراق هو اكبر عملية سرقة منظمة وفوضوية للنفط تجري في التاريخ على مرأى ومسمع من العالم وبشكل مفضوح يكشف حجم ونوعية مأزق الاحتلال في العراق .

لكن وكما كان تأميم النفط في عام 1972 بداية لمعارك العرب المصيرية الحاسمة فان تحرير العراق من الاستعمارين الامريكي والايراني سيقترن حتما باعادة تحرير نفطه كشرط مسبق لاكمال متطلبات التحرير . فلا تحرير سياسي وعسكري بدون تحرير اقتصادي ملازم ، ولا حرية للشعب الا اذا كان سيدا على موارده الاقتصادية . لقد اكد احتلال العراق بان الحرية لا يمكن حمايتها الا بجعل الشعب كل الشعب مشاركا ليس في تحديد مسار الوطن السياسي فقط ، عبر الديمقراطية ، وبل ايضا في تقرير نهجه الاقتصادي ونظامه الاجتماعي وخدمة الثروة للمجتمع وليس لنخب او افراد او جماعات قليلة .

ان تجربة الغزو قد اثبتت ان البناء الاجتماعي الذي اقامه البعث وتمثل في مجانية الطب والتعليم وتوفر الخدمات الاساسية المجانية او الرخيصة جدا كالمواصلات والاتصالات والسكن والطعام والامن والاستقرار والوقود ..الخ ، كان لها اثر كبير في التعجيل بفضح اهداف الغزو والوقوف ضده من قبل اغلبية ساحقة من العراقيين التي اكتشفت بالمقارنة العملية كيف كان العراق قبل الغزو وكيف اصبح بعده .  

ان الانتصار في معركة تحرير العراق سيفتح بوابات الحرية والتحرر للامة العربية كلها ويعيد رسم خارطة المنطقة وفقا لمصالح الامة العربية الستراتيجية .

لتكن ذكرى تأميم النفط محفزا اضافيا لتعزيز المقاومة المسلحة ضد الاحتلال وللتعجيل بطرده .

المجد والخلود لمهندس التاميم الرفيق القائد الشهيد صدام حسين .

عاش البعث مترجم شعار ( نفط العرب للعرب ) .

عاشت المقاومة العراقية الباسلة التي دحرت مخطط العودة للاستيلاء على النفط العراقي .

المجد والخلود لشهداء الامة العربية خصوصا في العراق وفلسطين .                            

 
 

مكتب الثقافة والاعلام القطري
بغداد عاصمة صدام الشهيد
16 - 2007