الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

في المعادلة العراقية الصعبة : العراق بين الأحتلال والتحرير  

 

 

شبكة المنصور

 د. صفاء صالح العمر

 

المقدمة       

في البدء يجب ان نقرر وبوضوح ان عراق ما بعد 9 نيسان 2003 هو غير العراق ما قبل هذا التاريخ. ودون عناء في البحث في مواصفات  وضع العراق قبل او بعد نيسان 2003 ، فأن هناك ثوابت وطنية وقومية لا يستطيع الأحتلال او من ينوب عنه محلياً ان يتجاوزها حتى لو بذل ما بذل من جهد أعلامي ونفسي ومادي ومخابراتي وعسكري، او حتى لو أستعان بأشرس خلق الله لممارسة التصفيات الجسدية الجماعية او التعذيب والأعتقال والتهجير في محاولة لأجتثاثها.

ولكن لغرض الأقتناع الكامل بهذه الثوابت، والعمل على ترسيخها في أرضها الخصبة ، اي الشعب ، وللدفاع عنها ، فأن الكثير من التغيير يجب ان يجري في النظرة الى هذه الثوابت وأولوياتها ومكمّلاتها ، وأسلوب تطبيقها وكيفية التعامل مع العوامل التي تؤثر عليها ( سلباً او أيجاباً ) لتبقى راسخة وثابتة في أرض العراق ، وفي وسط الشعب، عموم الشعب.

  من هذا التقديم ، فأن هناك العديد من القضايا في حياة العراق والتي يجب الوقوف عندها وأثرائها بالنقد والمراجعة والأغناء الفكري والعملي ، لتجاوز الأخطاء والخطايا التي رافقت مسيرة التغيير – الأمل، منذ قيام النظام الجمهوري عام 1958 .   

   هنا لابد من ملاحظة ان أول ما رّكز عليه الأحتلال والقوى العميلة التي رافقته والقوى الأقليمية المستفيدة من سقوط نظام البعث، هو: زرع الشك في عقل المواطن تجاه مفاهيم الثوابت الوطنية ( الأستقلال- الحرية – السيادة – الديمقراطية .. الخ ) والثوابت القومية ( الأنتماء الى الأمة العربية – الوحدة العربية – تحرير فلسطين .. الخ )،أملاً في        ( تحقيق الأنفصام بين المواطن العربي وطموحاته الوطنية والقومية-لهذا- فان المرتدين الذين أرتبطوا بالأحتلال الأجنبي يصبّون جام غضبهم على تاريخ شعبنا وأمتنا النضالي ويبتذلون نتائجه)(1)، مستغلين تلك الأخطاء والخطايا التي وقعت فيها الأنظمة. وأصبحت هذه الأخطاء صك الشرعية والبيعة للقوى الأستعمارية لأحتلال العراق والعبث به وتركه حالة مريضة تحتاج الى الكثير من العمليات الجراحية المتخصصة لأعادته الى صحته المطلوبة. كما حاولت هذه القوى أستبدال هذه الثوابت بثوابت جديدة : طائفية مذهبية وعنصرية وعشائرية ومناطقية، وبعقل سياسي طائفي يجسّدُ ( فعالية لها أهداف سياسية مُعلنة أو خفية ، فعالية تتسربل بالثوابت والقيم الدينية وتبدو في مظهرها مذهبية، أو هكذا تُريد ان تقدم نفسها، ألا ان هذه الفعالية في حقيقتها ومضمونها ذات طابع سياسي مّحض لأسباب تتعلق بطبيعتها وسعيها الواضح نحو السلطة والثروة)(1a).      

لقد تجذرّت في العراق ، بعد الأحتلال ، معادلة صعبة حدّها الأول مكون من الأحتلال + عملاءه + أيران - كلاعبين أساسيين ، وحدّها المقابل مكوّن من المقاومة الوطنية العراقية المسلحة والسياسية ( وطنية وقومية وأسلامية ) + الشعب . هذه المقاومة التي ( تمثل طليعة متجددة وعصرية لحركة تحرر وطني ، او فلنقل طليعة رمزية لحركة تحرر وطني عربية لم تولد بعد، هدفها ليس فقط الرد على أحتلال العراق والسعي الى تحريره، ولكن هدفها هو أفشال المشروع الأمريكي وتجديد الأعتبار للمشروع القومي النهضوي )(2).

هذه المعادلة التي أختلط فهمها ، وفك أسرارها وتجاذبات حدودها على العديد من الناس ، وعدد من المفكرين والسياسيين وحتى ذوي الأتجاه القومي العربي لأسباب عديدة متشابكة ومتقاطعة احيان اخرى بما يجعل لونها رمادياً وعديم الوضوح3.

------------------------   

1-  باقر أبراهيم \ الغزو عدوان وأستبداد وتعميق للشقاق \ المستقبل العربي – العدد 316 \ حزيران -2005 \ ص 157 .     

1a- سعد غالب ياسين \ نقد العقل السياسي العربي : التجلي الطائفي \ المستقبل العربي \ العدد342 \ آب 2007 \ ص 72 .

2-  محمد السعيد أدريس \ تحديات المستقبل العراقي بين العملية السياسية وخيار المقاومة \ المستقبل العربي- العدد 326 \ نيسان 2006 \ص 30.

________________________________________ 

 

  لذا أستوجب الأمر منا المساهمة، ولو بجهد متواضع، لمحاولة توضيح وفك رموز هذه المعادلة ، والعلاقة بين حدودها ( في حالتي التشابك او التقاطع) معتمدين على واقع تجربة أحتلال العراق نموذجاً للدراسة. العراق الذي كان يحكمه نظام قومي عربي ، وبات الآن تحت الأحتلال الأجنبي والقوى المؤيدة والمشاركة له في صياغة مستقبله الآني.  

( 1 )

بعد عامين من المواجهة الباسلة للمقاومة العراقية للأحتلال وعملائه، عبّر مؤتمر (الهيئة الشعبية العربية لنصرة العراق) عن رأي وموقف الشارع العربي المنظم مهنياً ونقابياً من أحتلال العراق والمقاومة الوطنية العراقية، وأعلن بوضوح : (4)

·    (عن الدعم الكامل للحق المشروع للشعب العراقي في مقاومته للأحتلال وعملائه وفي تحرير بلده وأستعادة سيادته الوطنية على كامل ترابه وخيراته).

·    أن ( التضامن مع المقاومة العراقية) يشكل ( واجباً قومياً وضرورة لتعزيز الأمن القومي العربي ) واعتبار ( قوى المقاومة .. الممثل الحقيقي للشعب العراقي) وتقديم ( كل أشكال الدعم لها الى أن يطرد المحتل ). 

----------------------------    

3-   راجع البيان الصادر من المؤتمر القومي العربي- الأسلامي \ البحرين \ 2007 ، والأسلوب الخجول في العتاب للنظام الأيراني بسبب مواقفه المعادية للمقاومة العراقية وتعاونه بصيغٍ متعددة مع الأحتلال الأمريكي .    

4-  البيان الختامي لمؤتمر الهيئة الشعبية لنصرة العراق \ القاهرة \ المستقبل العربي \ العدد 318 \ آب-2005  \ ص189 . حضر المؤتمر أكثر من 40 منظمة ونقابة عربية وقطرية بدعوة من أتحاد المحامين العرب من 13-14 أيار 2005 .

____________________________________________     

·       أنه في الوقت الذي تقف فيه المقاومة العراقية ( كطليعة للأمة العربية والأسلامية جمعاء ) فأن ( الأنظمة العربية والأسلامية تقف بين متواطئ وخائف وصامت ) تجاه الأحتلال وتجاه ( التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب العراقي من أجل الحرية والكرامة ) . وعبّر عن أعتزاز المؤتمر ( بأنجازات المقاومة العراقية ضد الأحتلال وعملائه )(4) .     

 وبهذا ، فأن الفعاليات العربية على مساحة الوطن العربي لخّصت اللاعبين الأساسيين في العراق المُحتل وهم : الأحتلال + عملاء الأحتلال + بعض الدول المجاورة الحليفة والداعمة للعملاء في خندق ، وفي الخندق المقابل تقف المقاومة الوطنية العراقية والشعب.

وفي دراساته العديدة عن المقاومة العراقية حدّد ( أنتوني كوردسمان ) –أستاذ الدراسات الأسترتيجية والدولية في واشنطن تسعة عشر خطأً أستراتيجياً وقعت فيها الولايات المتحدة قبل وبعد أحتلالها العراق تشمل الوضع القومي والديني والثقافي والأقتصادي والفكري والمعنوي للعراق وشعبه وأحتمالات تطور الوضع بعد ( التحرير! ) وتداخلاته وتداعياته(5). وقد أعترف بتطور ( الخطر المقاوم والأرهابي! ) بسرعة بعد حزيران 2003 ، وان ( المقاومين العراقيين ) تمكنوا من التركيز على ( الأساليب والتكتيكات المرتبطة بالحرب السياسية والنفسية والمعلوماتية ) مثل : مهاجمة هياكل الحكم والأمن ، أستخدام الوسائل العقائدية والسياسية لمهاجمة العناصر الأمريكية والعناصر المتباينة من الحكومة العراقية الأنتقالية والحكومة (المنتخبة !).

 ---------------------------------  

5-  أنتوني كوردسمان \ Iraq,s Evolving Insurgency  \ المستقبل العربي \ العدد 318 \ آب- 2005 \ص 34 .( دراسة مترجمة ). أنظر أيضاً     

_____________________________    

علماً ان أول جندي أمريكي قتل في عملية لمجموعة من المقاومة الوطنية كان بعد أسبوعين من الأحتلال ، اي في الأسبوع الأخير من نيسان 2003 . كما تطرّق – كوردسمان- جانبياً الى( جيران العراق ) ومصالحهم المتضاربة وأوضح ان ( لأيران مصالحها الخاصة في دعم – الأحزاب الشيعية – خالقةً حليفاً) ومحاولة أنهاء الطوق الأمريكي لها  

 

( 2 )

ان محاولة فهم دوافع كل من اللاعبين الرئيسين ( أمريكا- أيران ) قبل وأثناء وبعد أحتلال العراق ودورهم في المنطقة، يكون من خلال( حالة أختبارية نموذجية ، تسمح بمعرفة موضوعية لأهداف أيران ورهاناتها الحقيقية في المنطقة العربية )(6) وهي ساحة العراق.

ولأغراض فهم الأتجاهات الأيرانية ( أهدافاً ووسائل) في العراق، ربما نحتاج الى معرفة أهداف نظام حزب البعث العربي الأشتراكي في العراق ، قبل أحتلاله وأسقاط هذا النظام ، والتي يمكن تلخيصها بما يلي)7)

1-             بناء عراق قوي علمياً وعسكرياً وأقتصادياً 

2-             الحفاظ على الثروة النفطية وتسخيرها لخدمة القضايا القومية. 

3-            بناء وحدة عربية شاملة.            

 ___________________________   

6-   شفيع بو منيجل \ خلفيات المواقف الأيرانية تجاه العراق المحتل \ المستقبل العربي  \ العدد – 316 \ حزيران 2005 \ ص-64 .  

7-  نفس المصدر السابق.              

 ___________________________   

السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبألحاح هو: هل تمثل هذه الأهداف مصدر قلق حقيقي لكل من الولايات المتحدة وأيران ؟  

 ويأتي الجواب : بنعم . ومنه نرى لقاء الولايات المتحدة وأيران على هدف محوري هو : الأطاحة بالنظام البعثي ، ومن ثم بناء عراق جديد يشكو ضعفاً مُزمناً.  

والسؤال الآخر هو : هل تتوافق أستراتيجية كل من الولايات المتحدة وأيران بشكل كامل في العراق ؟  

والجواب : طبعاً بالنفي. فهما يلتقيان عند أمور عديدة ويختلفان في أمور أخرى. ألتقيا عند هدف أسقاط حكم البعث ، وألتقيا عند وسيلة تفكيك العراق أجتماعياً ( التفكيك الطائفي) وسياسياً ( بالفدرالية ) ، وألتقيا على أسلوب السماح لكل منهما في معالجة تحقيق هذه الأهداف دون معارضة الآخر ، أي بالتفاهم ( الأساسي بين الدولتين والقاضي بأن الولايات المتحدة ستسمح بقيام عراق مؤيد للأيرانين وبسيطرة شيعية في مقابل ان تحظى بمساعدة أيران لأجراء تغيير في النظام في بغداد )(8) . وهذا يعني تطبيق مقولة (( دعهُ يمر )) بحرية مع وجود خطوط حمراء لكل منهما غير مسموح بتجاوزها. والخط الأحمر الأمريكي هو عدم عرقلة سياستها في العراق. بل وصول الطرفين الى قناعة مفادها أن أحدهم لوحده لا يستطيع النجاح في العراق، في نفس الوقت أنهما ( أقرتا بأنه لا يمكن تحمّل تجنّب بعضهما بعضاً أذا كانتا تريدان تجّنب أسوأ سيناريوهات لهما في العراق )(9)

_____________________________ 

8-                        ريفا بهالا \ أيران والولايات المتحدة والمفسدات المحتملة للصفقة في العراق \ المستقبل العربي \ العدد 341 \ تموز 2007 \ ص 95 .   

9-  نفس المصدر أعلاه – ص 96 . 

__________________________________________   

  كان هذا بعد الأحتلال . أما قبل الأحتلال ، فكان أتفاق الولايات المتحدة الأمريكية وأيران بضرورة أنخراط ( المجلس الأعلى للثورة الأسلامية )) الذي كونته وتشرف عليه وتوجهه أيران،  في مؤتمرات – المعارضة العراقية- التي تشرف عليها وتمولها المخابرات المركزية الأمريكية CIA . هذاالحضور الذي تم بضوء أخضر من أيران الدولة وولاية الفقيه ( علي خامنئي ) بعد قناعة أيران أن أسقاط حكم حزب البعث في العراق هو مهمة أمريكية، ويمكنها ( ان تنخرط بشكل عملي في أنجاز هذه المُهمة )( 10 ) .

بالمقابل ، وجدت أمريكا في القوى الدينية الموالية لأيران أداة عملية متوفرة وقوية ( لمحاولة ) أزالة آثار حكم البعث وأفكاره وتنظيماته وما تركه من بصمات في المجتمع العراقي. فكان ( المحتلين الأمريكيين وأعوانهم من المستعمرين الآخرين والصهاينة والمتعاونين مع الأحتلال هم المنظمون لفرق الموت، وهم المسؤولين المباشرين والمخططين لجميع المجازر الجماعية، والقتل على الهوية الطائفية ، والتهجير السكاني بين الشيعة والسّنة ،وهدم المساجد والحسينيات والكنائس ، وخطف الرهائن بالجملة ، وأهانة المرأة العراقية وأذلالها ، وأخيراً هم الذين يهيئون لتقسيم العراق بأسم الفدراليات... وهم الذين سمحوا وسهّلوا التدخل الأيراني في العراق بعد الأحتلال)( 11 ).           

_______________________      

10 -  شفيع بو منيجل \ نفس المصدر السابق \ ص65 .

    11 -  باقر أبراهيم \ العراق المفاوم وحديث صريح عن أخطار التفرقه \ المستقبل العربي \  العدد -331 \ أيلول 2006 \ ص 157 .

___________________________________   

( 3 )

     وهنا لابد من التدقيق في أحتمالات التعارض بين الأستراتيجيتين الأمريكية والأيرانية في العراق والمنطقة، وهل يمكن ان يصل التعارض الى حالة المواجهة العسكرية الشاملة؟

منذ أنطلاق الثورة الأيرانية للأطاحة بحكم الشاه عام 1979، ورفع قيادتها شعارات العداء ( للشيطان الأكبر ) و( الأستكبار العالمي )، لم يتخذ هذا العداء وحتى في أقسى مراحله شكل المواجهة المباشرة بين دولتي أيران وأمريكا. أن أستمرار هذا الشكل من المواجهة يكمن سرّهُ في ( غياب أسباب جوهرية من شأنها ان تنقل العداء من مستوى القول الى مستوى الفعل)( 12 ). بمعنى ان هنالك حالة مواجهة سياسية وأعلامية متصاعدة ، تصل أحياناً الى حدود القرارات المضادة والفعل الدبلوماسي المتقابل ، وبعض الأعمال العسكرية المحدودة بالنيابة في مناطق متعددة للمواجهة ، ألا أنها لا تتعدى هذا المستوى المحدود ، اي وجود ما ندعوه : التكتيكات الدبلوماسية المتفجرة.        

وحتى السعي الأيراني للحصول على السلاح النووي، والذي يثير القلق الأمريكي حالياً ، فأنه مقبول أمريكياً ولمستوى معين ،لأنه يشكل رادعاً – معنوياً- ومادياً لأي بلد عربي يحاول تجاوز الممنوعات الغربية في عملية النهوض القومي العربي. ومن المنطق القول ان اي دولة نووية لا تشهر سلاحها ألا دفاعاً عن مصالحها، وفي حالة أيران ، فأنه ينطبق على مصالحها في الأقطار المجاورة ( العراق والخليج العربي ) والأقليمية.

________________________________ 

12 – شفيع بو منيجل \ نفس المصدر \ ص61 .     

ملاحظة : كلنا يتذكر المفاعل العراقي – تموز – الذي ضربته الطائرات الأسرائيلية عام 1981 والعراق مشغول في حرب مع أيران كان قد مضى عليها تسعة أشهر. كان المفاعل العراقي في المراحل الأولية ، ألا أنه جزء من برنامج دولة يمسك قيادتها حزب قومي عربي وصاحب مشروع نهوض قومي يضع قضية تحرير فلسطين في الأولوية.         

____________________________________      

أن معظم الدراسات الأستشارية لمراكز البحوث الأمريكية والغربية تدعو ، وبأستمرار، الى أنتهاج سياسة لاتعتمد القوة مع أيران بل تؤكدعلى سياسة ( الأحتواء )، وأمكانية حل جميع المشاكل القائمة بين أيران والولايات المتحدة بالطرق السلمية.     

·       فلا الآلة العسكرية التقليدية الأيرانية تشكل خطراً مباشراً على تفوّق الولايات المتحدة أقليمياً.    

·       ولا موقف أيران من عملية السلام في الشرق الأوسط تدعو الى حرمان أيران دولياً، بل وكما فعلت أسرائيل ،مراراً ، يكون من المفيد الأتصال بأيران في مناسبات عديدة في ضوء متطلبات مصالحها.          

 في ضوء ذلك ، حرص طرفي حد المعادلة العراقية – الأمريكي والأيراني- على البحث عن نقاط ألتقاء وأتفاق في ساحة العراق، وكل منهما ينطلق – حتماً- من مقتضيات مصالحه الأستراتيجية  (سياسياً وأقتصادياً وأمنياً ) وحتى مع بقاء نقاط الأختلاف والتقاطع مشتعلة في الساحة الأمامية او الخلفية التي يلعبون عليها.   

وبعد مضي أربعة سنوات على أحتلال العراق، أصبح واضحاً دور المشاركة الأيرانية في تثبيت الأحتلال الأمريكي طالما انه لا يتعارض مع الوجود الأيراني . وهذه المشاركة تجسدت في ضرب المقاومة العراقية ومناطق تواجدها من خلال المساهمة الفعلية لأنصارها ومؤيديها وميليشياتها في العراق في أن تكون جزأ من القوة المهاجمة ، او من خلال التعاون المخابراتي والأمني مع قوى الأحتلال ضد كل ما يعني بأنه موقف وطني- قومي عربي ناهض في العراق في مواجهة الموقف الطائفي التقسيمي للشعب والوطن. في ذات الوقت ، نلاحظ السكوت الأمريكي(الذي أستمر لأكثر من ثلاث سنين) عن الأعمال الأرهابية وعمليات القتل الجماعي والذبح والتهجير والأعتقال الجماعي  الذي تمارسه هذه الميليشيات، هذا السكوت الذي تعتبره أمريكا ورقة ضاغطة ، وبضمنها هدم المدن والأحياء والمنازل التي قامت بها ولا زالت تقوم بها الى الآن ، ميليشيات تابعة الى أيران او موالية طائفياً الى أيران. تساندها في ذلك (فرق الموت) التي تنتمي الى المخابرات الأجنبية وفرق الأمن الأجنبية ، وكلها تلتقي عند هدف أساسي هو: التصفية الجسدية لكل من يحمل فكراً قومياً عربياً أسلامباً حقيقياً ( شيعي الطائفة او سنّي الطائفة ).     

أخيراً وجد ( الأيرانيين والأمريكيين أنفسهم وجهاً لوجه في عراق ما بعد صدام حسين . هذا العراق الذي بات بأمتياز بيئة تفاعلات أمريكية – أيرانية مشتركة ، بيئة تحتاج فيها طهران الى واشنطن بقدر حاجة هذه الأخيرة اليها)( 13). فأيران تبارك الأجراءات الأمريكية في العراق ، وتساعدها على أنجازها. بالمقابل، هناك مباركة أمريكية للدخول الأيراني المباشر في العراق ( عن طريق الحرس الثوري – أطلاعات – جيش القدس) او التواجد بالنيابة ( عن طريق المجلس الأعلى للثورة الأسلامية – ميليشيات بدر – حزب الدعوة )، او عن طريق التغلغل في تشكيلات ( جيش المهدي) للقيام بعمليات القتل والخطف والتهجير تحت لافتة ( عربية) بأسم مرجعية الصدر ( بأستثمار الفكر والتثقيف الطائفي وتأثيره على توّجه الشارع المتدين).

لقد فوّض الأحتلال هذه الميليشيات ، ومنحها الحرية الكاملة للتسلح والتصرف المطلق، بصورة مباشرة او من خلال أجهزة الدولة – مدنية وأمنية وعسكرية- ، في اعتقال المواطنين ذوي الأتجاه القومي العربي ( شيعة وسنّة) في معتقلات جماعية ( تابعة للأمن او الداخلية او الحرس الوطني) ،او تسليم قسم منهم من قوات الأحتلال الى هذه الميليشيات، ثم يتم الأعلان عن عثور الشرطة على مجموعة من الجثث

____________________________

13- عبد الجليل زيد مرهون \ أمن الخليج والمتغير الأمريكي \ المستقبل العربي \ العدد 328 \ حزيران 2006 \ ص11 .

___________________________  

 المجهولة الهوية في الشوارع او بين النفايات او في مياه دجلة وقد

 شُوهت وعليها آثار تعذيب ، وأطلاقات نارية مباشرة في الرأس ، او ثقوب في الرأس او الجسد مصدرها مثقاب كهربائي. (( وسوف يختل العقل الأنساني عند زوال الأحتلال وعندما تشاهد البشرية ما كان يحصل من جرائم ومآسي لشعب العراق على أيدي اللاعبين الثلاثة وبمباركتهم )).   

كل هذه الأحداث بدأت مع الأيام الأولى للأحتلال ، ولكن روائحها الفاسدة النتنة غطت العراق وخارجه وفضحت دور الأحتلال            وعملائه ، ودور الميليشيات المسلحة المدعومة من أيران ، بين عامي   2005 -2007 . ولقد ( كشفت التطورات عن أمور لم تكن في الأصل سراً من الأسرار، فأوراق طهران في المعادلة العراقية كثيرة ومتعددة: فهي على علاقة تاريخية مع المؤسسة الدينية العراقية، او لنقل مع جزء منها ، وهي في الوقت نفسه ذات روابط وثيقة مع العديد من الأحزاب السياسية العراقية الراهنة . والحضور الأيراني في عراق اليوم يمكن تلمّسه في طيف المؤسسات الأجتماعية والخدمية المنتشرة عبر العديد من مدن العراق ومحافظاته )(14 ).     

هذه المشاركة والمباركة المتبادلة للطرفين على الساحة العراقية يمكن أدراكها من المواقف المشتركة التالية :  

·       الأشتراك في المعارك ضد المقاومة الوطنية العراقية بعد رفضها سياسياً ودينياً من قبل أيران او تابعيتها.

________________________  

14- نفس المصدر السابق.       

______________________________    

·       العمل على تصفية المقاومة و أرضها الخصبة ( أي الشعب ) في المناطق التي تعمل فيها، عن طريق الهجوم عليها بالأشتراك بين قوى الأحتلال وقوات الحكومة والميليشيات والبيشمركة الكردية (بعض الأحيان) ، وقتل المدنين او أعتقالهم وتعذيبهم .    

·       كلا الطرفين ( الأمريكي والأيراني ) يدعمان وبشكل غير مشروط الحكومات التي تُعين من قبل الأحتلال ويقودها ( الأمير ) الأمريكي.     

·       نشر الأعتقاد بأن حالة الأحتلال هي ليست الحالة الأسوأ بالنسبة للعراق الجديد ( الديمقراطي )، طالما ان مؤيدي أيران وأمريكا هم من يسيطر على السلطة وقوى الأمن ومصادر التمويل ( اي النفط ).      

·       دعمها للقوى المتطرفة ( السنية والشيعية) والتكفيرية والتي تنظمها أجهزة المخابرات ( بكل أنواعها) في مواجهة المقاومة العراقية وقواها السياسية في الساحة. وتسهيل مهمتها للقيام بأعمال أرهابية ضد المواطنين والجوامع والكنائس والحسينيات والمراقد الدينية ( حتى في أوقات منع التجوال ) ، ثم التركيز أعلامياً على أتهام المقاومة الوطنية بهذه العمليات لتشويه سمعتها ونضالها. ( وهذا ما بدأت به المخابرات الأمريكية وعملائها وبعض الدول المجاورة ( أيران والكويت )على أرض العراق فعلياً منذ شهر تشرين الأول -2003 ).       

 

( 4 )

  أن ما يؤرق عقل اللاعبين الرئيسين في الساحة العراقية هو ( أحتمال عودة العراق دولة قوية ) تستند الى العروبة والأسلام، لهذا تسعى هذه القوى الى ( بناء عراق ضعيف وتابع) وسد الطريق أمام ( اي محاولة لأنبعاث نظام عربي قومي التوجهات قد يهدد مصالحها الأستراتيجية في المنطقة )(15). لذلك نلاحظ مثلاً ( أن ضرب عروبة العراق كانت الهدف الأول للأحتلال الذي أعترف بكل القوميات الموجودة في العراق ألا القومية العربية، وسمح لكل الأحزاب الطائفية والمذهبية ألا البعث الذي أصر على أجتثاثه بحكم فكره القومي، وتركيبته العابرة للطوائف والمذاهب والأعراق ، حزب العروبة والوحدة)(16).           

أن المصالح والتوجهات الأمريكية ، ووسائلها وأساليبها لتحقيق هذه المصالح والحفاظ عليها ، معروفة ومنذ زمن ولا تحتاج الى محاولة للبحث والتفسير. ألا ان أيران ومصالحها وتوجهاتها الحقيقية ( القومية والمذهبية ) وأساليبها ووسائلها ( الدينية والطائفية )، وبحكم كونها دولة أسلامية ومجاورة للعراق العربي ، وبسبب أزدواجية المعايير والمواقف لأيران الدولة وولاية الفقيه تجاه القضايا العربية منطلقة من مصالحها ، فهناك غموض او عدم وضوح رؤيا أمام العقل العربي تجاهها. وقد جاء أحتلال العراق ليكشف جوانب عديدة من هذه المواقف الأيرانية التي أكتنفها الغموض سابقاً ، تجاه العروبة ممثلةً بالعراق، وتجاه الطرح الطائفي، ومن جديد، لأحداث شرخ في البناء الأجتماعي والثقافي في العراق.

من الضرورة الوعي بأن ( المجال الحقيقي لمصالح أيران ليس الشمال في باكستان او الجنوب في لبنان. أنه في الخليج – العربي- حيث السيطرة على التجارة ، وتقسيم العوائد، فتزاوج طبقة تجارية الى سياسات أستبدادية) و (أيران تقوم بالتوغل من خلال العقيدة الشيعية ، وتتناولها وتستغلها مباشرة الخطة الأمريكية لتقسيم المنطقة على أسس طائفية )(17).

__________________________ 

_15 – خير الدين حسيب \ المشاهد المستقبلية المحتملة في العراق \ المستقبل العربي \ العدد 307 \ أيلول 2004 \ ص9 .   

16- معن بشوّر \ السبيل الى أحياء الحركة القومية العربية \ المستقبل العربي \ العدد 342 \ آب 2007 \ ص 117 .

17 – أبراهيم يعقوب \ العراق آنذاك... والآن \ المستقبل العربي \ العدد 321 \ تشرين الثاني 2005 \ ص 32.

____________________________   

    

   كما أن أيران هي التي تؤخر خروج أمريكا الذليل من العراق بوقوفها ضد المقاومة، وبمساهمتها المباشرة او من خلال عملائها بتفكيك دولة العراق ،وأعادة بناء مؤسساتها بطريقة تضمن لأمريكا السيطرة على النفط، وشق العراقيين وتجزئتهم ، والقبول بخلق جيش تابع وموال للأحتلال. أي ان ( لأيران مشروعاً داخل العراق، أحد عناوينه هو أقامة نظام صديق وحليف في بغداد بغض النظر عما اذا كان نظاماً دينياً على غرار الجمهورية الأسلامية او لم يكن ، ويرتكز هذا الهدف على قاعدة هي التعويل على دور محوري للحلفاء الشيعة)(18 ) في العراق.

أن هذا يشكل جزء من النفوذ الأيراني المتزايد داخل العراق والذي سيؤثر على ( توازن القوى الأقليمي في الخليج وعلى مستقبل النظام الأمني في الخليج وبخاصة في ظل ضبابية مستقبل العراق ومستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق)(18).     

 وكانت أيران تنتظر نتيجة الأحداث في العراق في البداية، وهو أنتظار نابع من مصالح تجارية ضيقة تغطيها من وقت لآخر رائحة نتنة للمشاعر الطائفية ، او العواطف المعادية للعرب في العراق (( وهذا الأنتظار بحد ذاته جريمة ))، كما ان وقوف أيران على الخطوط الجانبية هو مساهمة في الجريمة التي حصلت في العراق. وبعد سنة من الأحتلال أصبحت لاعب مشارك في منح الشرعية للأجراءات الأمريكية ، ومساهم في الجريمة التي يعاني منها شعب العراق ، وهو موقف نرى خلفيته الفكرية والفقهية أمتداد لموقف سابق حين ( رفضت أيران أنهاء الحرب مع العراق بأمر من وحي آلهي كلّم الخميني ، كبّد المنطقة معاناة وعذاباً يفوقان الوصف على أساس زعم طفولي بأن

_______________________

18 – محمد السعيد أدريس \ تحديات المستقبل العراقي بين العملية السياسية وخيار المقاومة \ المستقبل العربي \ العدد 326  \ نيسان 2006 \ ص 32 .  

------------------------------------------

– العراقيين بادروا بالهجوم ولهذا ينبغي ان لا نتوقف-)(19) .   

  لقد منحت أيران صك الغفران والشرعية للولايات المتحدة بأحتلالها العراق من خلال توفيرها لغطاء عراقي حليف للأحتلال وبمساهمتها المباشرة والمركزية في : تكوين مجلس الحكم الأنتقالي على أساس طائفي عنصري ، والوقوف خلف الحكومات الطائفية المتتالية ، والموافقة على دستور – تقسيم- العراق(a) ، ترحيبها وأستبشارها بنتائج الأنتخابات المبرمجة فعلياً من قبل أمريكا لأنها تؤسس للأصطفاف الطائفي – العنصري في العراق  المجاور، ثم حربها الشعواء على المقاومة الوطنية العراقية بكل الوسائل المتاحة وبالتنسيق – من خلال عملائها – مع الأحتلال، وأخيراً وليس آخراً ، دعمها للفصائل السنّية المتطرفة والتكفيرية والتي توجهت لمحاربة المقاومة الوطنية.

أن أيران ، وبعد وضوح حقيقة قوائم التصفيات الجسدية ، التي تصدرها اطلاعات الأيرانية أو الحرس الثوري الأيراني، والتي شملت البعثيين والعرب القوميين ( شيعة وسنّة) ، تعتبر مساهم رئيسي في التخطيط والتنفيذ لعمليات التصفية الجسدية هذه. حيث ( أن نشاطاً مخابراتياً دولياً وأقليمياً يقف وراء أستهداف العقول والأدمغة العراقية

_________________________    

19 -  أنظر المصدر – 16 -.  

a – هذا الدستور الذي يمكن أعتباره ( أرقى أشكال الصياغة الدستورية للمبدأ الأستعماري المعروف – فرّق تسُد -  ، بل هو وبما تضمّنه من ( ألغام سياسية وعرقية ومذهبية قادرة على أبقاء أمن العراق وأستقراره ووحدته رهن أشارة القوى الخارجية) – معن بشوّر \ المستقبل العربي \ العدد 321 \ تشرين الثاني 2005 \ ص159 -. الدستور الذي جاء أستكمالاً لقانون أدارة الدولة الذي وضع مسودته – نوح فيلدمان – المنسوب الى اليهودية الأرثودكسية المتعصبة. 

__________________________          

، ووراء ما حققه العراق من أبداع وأنجاز علمي ، وأن الطياريين العراقيين كانوا مستهدفين من بعض القوى الأيرانية والأسرائيلية )(20) . عمليات التصفية هذه بدأت مع الأيام الأولى للأحتلال ولا زالت مستمرة لساعة كتابة هذه الدراسة. 

______________________      

20 – تقرير حال الأمة العربية – 2005 : النظام العربي : تحدي البقاء والتغيير \ تحرير- أحمد يوسف أحمد ونيفين مسعد \ مركز دراسات الوحدة العربية ، 2006 ، ص94 .

______________________          

( 5 )

المعروف أن أيران لم تكن تحبذ ان تكون أزالة حكم البعث عن طريق قوى خارجية ، ألا ان هذا الهدف كافٍ ليبرر أي وسيلة لتحقيقه، في فكرها السياسي والديني. وجاءت مرحلة ما بعد البعث لتكشف الأبعاد الحقيقية للتنسيق والتفاهم بين القوى التي توجهها وترعاها أيران وبين الأحتلال ، وتكشف المدى الذي سمحت به الولايات المتحدة لهذه القوى ، ومن خلفها أيران ، للتدخل في شؤون العراق، ولتؤسس أيران لها موقعاً أساسياً في تقرير وضع ومسار السياسة في العراق. أي أمكانية تقرير مصير العراق وشكل الحكم فيه ومستقبله من خلال التنسيق مع الأدارة الأمريكية او مندوبها السامي ، الحاكم المدني.

وأنتقل التنسيق بين الطرفين الى مرحلة جديدة. تحول من مرحلة التنسيق والتفاهم بالنيابة ( عن طريق العملاء ) الى التنسيق المباشر كمخابرات ومؤسسات أمنية وحكومات وبشكل معلن، دون اي أعتبار لشعب العراق ومؤسساته وحتى لحكومته التابعة لهم، بعد ان أصبحت ضربات المقاومة الوطنية قاسية جداً، وبعد ان أقتنع الجميع بفشل المشروع الأمريكي في المنطقة ، وبداية فشل المشروع الأيراني لبناء نظام حكم تابع لها في العراق ، رغم التنسيق المستمر مع القوى الكردية في شمال العراق لتفكيك العراق بمشروع الفدرالية ، علماً ان القوى الكردية تاريخياً تعرف السيناريو المألوف وهو ان الولايات المتحدة الأمريكية تضحي بالمصالح الكردية من أجل مصالح جيران العراق، وتعرف أيضاً ان ليس للأكراد مكان آخر يلجأون اليه أذا لم تنسّق مع الأمريكان من جهة ومع أيران من جهة أخرى.ومن قاعدة التفاهم يتضح ( ان الشروط التي طرحها الجانب الأيراني – على أمريكا – جاءت قريبة جداً من الموقف الأمريكي تجاه العراق. فبأستثناء أختلاف بسيط ، كان من الممكن طبعها ( اي الشروط المقدمة ) على قرطاسية وزارة الخارجية الأمريكية من دون ان يلاحظ أحد الفرق)(21).

__________________________   

21- تقرير مديرة قسم التحليل الجيو-سياسي في مؤسسة ستراتفور ( ريفا بهالا )  في  29\ 5\ 2007     

________________________  

( 6 )

خلاصة : يمكننا بعد هذا العرض وفي ضوء الواقع العراقي ان نخلص الى بعض النقاط التي نعتقد أنها تؤسس للموقف الأيراني من العراق بعد الأحتلال:  

·       فأيران تقول كلا لقيادة شيعية عربية تمتلك الفقه والتأثير المرجعي لشيعة العالم. وتقول نعم لقيادة أيرانية( قومية ) للتشيع في العالم أيديولوجياً وسياسياً.        

·       وأيران تقول كلا لقيام نظام شيعي عربي في العراق يمنعها من حمل لواء التشيّع ، ويفقدها قيادتها الأيديولوجية طائفياً للجمع الشيعي في العالم وحتى في أيران. وتقول نعم لتثبيت الأيديولوجية الطائفية في العراق وأستغلالها لمصالحها القومية.   

·       وأيران تقول كلا لبناء دولة قوية في العراق تستند الى الأسلام والعروبة, وتقول نعم لوضع اليد باليد مع ( المارينز) الأمريكي لأنتاج عراق ضعيف، هش، مشكوك في هويته العربية.

·       وتقول كلا لأنفراد أمريكي بالعراق وخروجه من ( السّلة) الأيرانية كلياً. وتقول نعم لبناء نظام سياسي تابع لها طائفياً.

·       وتقول كلا ( لرابطة المواطنة بين الشعب والدولة بعد تغييبها ، بحيث تُغلّب الأنتماء العرقي والديني والطائفي على الأنتماء الوطني). وتقول نعم للمشاركة الفعلية مع( قوات الأحتلال بالتعامل مع شعب العراق كونه مجموعات عرقية ودينية وطائفية) .  

     

( 7 )

   عند الوقوف ملياً أمام ماحصل ويحصل في العراق ، أرى من المنطقي أن نصغي وبهدوء الى بعض التساءلات التي تُؤرق عقل المواطن العراقي والعربي:

1.   ماذا كان سيحصل لو وقفت أيران، ومن يتبعها في داخل العراق، ضد الأحتلال بعد سقوط نظام البعث ؟

2.   ثم أذا وقفت أيران مع قوى المقاومة الوطنية ومع وحدة شعب العراق وأرضه ، وضد التقسيم الطائفي والأثني ، ألا يعني ذلك أنتصار للأسلام ولشعب العراق وأندحار للأحتلال ؟    

3.  وكيف نفهم التنسيق غير المباشر بين أيران والولايات المتحدة قبل الأحتلال ؟

4.  وكيف نفهم التنسيق المباشر بينهما على ساحة العراق ، بعد الأحتلال؟

5.  كيف نفهم موافقة أيران الضمنية على دستور الأحتلال، وعلى التقسيم الطائفي والأثني لشعب العراق على شكل المحاصصات ، ثم على تقسيم العراق تحت شعار الدولة الفدرالية ؟    

6.  وكيف لنا أن نفهم أن أيران تقف مع المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في مواجهة أسرائيل الغازية ، في الوقت الذي تنسق مع الولايات المتحدة الغازية للعراق ، وتحارب المقاومة الوطنية العراقية من خلال أتباعها من أحزاب ومليشيات داخل العراق ؟

7.  كيف نفهم وقوفها المطلق خلف الحكومات العراقية العميلة لأمريكا في حربها ضد المقاومة العراقية وتحت الشعار الأمريكي : محاربة الأرهاب ؟       

  هذه بعض من الأسئلة الكثيرة التي تشغل بال المواطن العراقي والعربي حول الموقف الأيراني ، والتي تحتاج الى أجابات واضحة وشافية.       

     وأخيراً ، ليس هناك من شك أن كل عراقي وعربي يتمنى ان تكون أيران الأسلامية في خندق مقاومة الأحتلال الأمريكي- البريطاني للعراق. وكنا ولا نزال نطمح في تغيير جوهري في الموقف الأيراني مما يحصل في العراق بأتجاة الوقوف مع حق شعب العراق في الحرية والأستقلال والسيادة والذي تعبر عنه الآن المقاومة الوطنية العراقية – المسلحة والسياسية-.

لقد كان الألم شديدا للقوى الوطنية والقومية والأسلامية التي تقاتل الأحتلال وهي ترى تخنّدق أيران مع أمريكا وعملائها ضد عروبة العراق ووحدة أرضه وشعبه.   

والتساؤل الأهم هو : هل تتطابق هذه التمنيات والطموحات مع ما يجري على أرض العراق والخليج العربي ؟ 

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الثلاثاء  /  02  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  08 / نيســـــــان / 2008 م