بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 هل إيران دولة استعمارية ؟

الملائكة لا تزني ، وان زنت تشيطنت

( 9 - 10 )

الجيتو الصفوي والجيتو اليهودي : السمات المشتركة
 

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

الجيتو هو ، في المقام الاول ، سايكولوجيا مشتركة بين مجموعة من البشر تجعلهم يتميزون بسلوك معين ونمط خاص بهم في التفكير ، يعبر عنه بثقافة انعزالية في الواقع حتى لو تظاهرت بالتفاعل مع الاخر . والجيتو الصفوي الطائفي وجود قائم ونشط وهو يتحكم بكثير من الشيعة الصفويين ، ورأيناه في العراق بعد الغزو يعبر عن نفسه في قدرته على تمزيق الروابط الاجتماعية والوطنية كافة ، وتلك ظاهرة بالغة الخطورة على الرابطة الوطنية والهوية القومية للامة العربية ، وتتجاوز خطورتها خطر الجيتو اليهودي ، لان الجيتو الصفوي جزء منا ، ويقع داخل الامة ويتبرقع بالاسلام ، لذلك لا توجد حصانة فعالة ضده ، بينما الجيتو اليهودي خارجنا وهو عدو صريح لنا ، لذلك فان الحصانة ضد مخاطره موجودة وفعالة .

واذا اردنا ان نلخص السمات المشتركة بين الجيتو الصفوي والجيتو اليهودي ، فان اهم الملاحظات بهذا الشأن هي ما يلي :

1 – العمل بموجب التقية ، فالجيتو الصفوي يقوم على التقية والتي تعبر عن نفسها في ممارسات وسلوكيات محددة مثل ازدواجية السلوك ، المخادعة ، الغدر ، تدمير الثقة بين المواطنين ، وجود جماعتين لا تلتقيان ابدا وعلاقتها علاقة تناحر دائم لابد ان ينتهي بانتصار احدهما وسحق الاخر ...الخ ، وهذه السمات هي ذاتها سمات الجيتو اليهودي .

2 – الحط من شأن الاخر سرا وتعظيم الذات ، وهذا السلوك قاسم مشترك بين الجيتو اليهودي والجيتو الصفوي .

3 – تأهيل الاجيال سرا لتحطيم الاخر من خلال توارث كرهه بالتربية المنظمة .

4 – اعتماد كلام ناعم كالحرير واظهار التبعية والخضوع للاخر ، باستخدام تعابير مثل ( مولاي ) ، وتقبيل اليد وتكرار التعبير عن الاخلاص والولاء .

5 – التمسكن حتى التمكن تلك هي قاعدة سلوك مواطن الجيتو ، سواء كان يهوديا او صفويا ، ففي مرحلة الضعف لابد من التمسكن ، التظاهر بالمسكنة والضعف والحاجة للحماية ، لكنه ما يصبح قويا حتى يتنمر ويتجبر ، فتنقلب مظاهر الخضوع والولاء الى تمرد عنيف جدا ويصبح من كان يبدو مسكينا وعطوفا ولينا عبارة عن دريل ( مثقاب كهربائي ) لا وظيفة له سوى تثقيب راس من كان يعده مولاه وقتله ببطء ، لاجل جعله يعاني من عذاب ليس له نظير حتى الموت . ان العراق المحتل شهد هذا النوع من الانقلاب من التمسكن الى التنمر والتجبر . وهذا ايضا ما فعله اليهود قبل انشاء اسرائيل .

6 – ممارسة طقوس وثنية لا اسلامية تعمق كراهية الاخر ، باحياء ذكريات عمرها مئات السنين ، والتعامل معها وكأنها تحدث الان ! ان اللطميات في ذكرى عاشوراء والمسيرات والضرب بسلاسل الحديد والسيوف ، هي نوع فعال من عمليات غسل الدماغ الجماعي للكتل الجماهيرية ، تضعها دائما في اجواء الثأر والانتقام والحزن على من قتل قبل مئات السنين ! لكن الهدف الحقيقي لهذه الطقوس غير ذلك : انه ابقاء هذه الكتل تحت سيطرة ايران ، فبمجرد النجاح في اتهام الاخر ، العراقي او العربي ، بانه مسئول عن قتل ال ( البيت ) ، مع انه ليس كذلك ، فان ايران ضمنت انشطار اجزاء كبيرة داخل البيت العراقي والبيوت العربية الاخرى ووقوعها تحت سيطرتها ، والتبي تستغلها في تنفيذ خططها داخل العراق وغيره ، كما اكدت الاحداث في العراق خصوصا منذ عام 1980 وحتى الان .

وحينما نقول ان هذه الطقوس وثنية ولا علاقة لها بالاسلام فان ما تقوم به ايران يثبت ذلك ، ففي ايران تمنع اسالة الدماء عند تنظيم المسيرات الدينية بقرار من الملالي ، مع انها تشجعها وتأمر بها في العراق ! كما ان هذه الطقوس سابقة للاسلام ومورست في اوربا والهند ، ومازالت تمارس من قبل الهندوس حتى الان باشكال مشابهة جدا ، بصفتها طقوسا هندوسية صرفة ، وانا شاهدت ذلك حينما عملت في الهند . وتقع مسألة التسمية في هذا الاطار ، فان اطلاق اسماء عبدالحسين وعبدالحسن وعبدالزهرة وغيرها من اسماء الشرك ، وهي اسماء شرك لانها تجعل من البشر عبيدا لبشر مع ان العبودية هي لله وحده ، لا تستخدم في ايران التي تامر باطلاقها في الاقطار العربية ! والسبب هو ان ايران تريد ان تخلق خط فصل زائف بين السنة والشيعة حتى في مجال الاسماء ، لدرجة ان عمليات القتل على الهوية في العراق المحتل كانت تتم استنادا للاسماء على يد فرق موت ايرانية وامريكية وتكفيرية سنية ! والسؤال المركب والجوهري هنا هو : لماذا ترفض ايران ممارسة طقوس التوحش والسادية داخلها وتأمر بها في الاقطار العربية ؟ ولماذا ترفض ايران اسماء الشرك داخلها وتفرضها ، عبر حوزتي قم والنجف ، في العراق والاقطار العربية ؟ اليس لتسهيل تمييز الشيعي عن السني وتعميق الخلافات بينهما ؟

7 – ان المظلومية ارث مشترك يهودي شيعي صفوي ، واليهود هم اساتذة الصفويين لانهم اقدم في هذا المجال ولان مظلوميتهم الكاذبة كانت تكتيكا لغزو فلسطين وتحويلها الى ( وطن قومي لليهود ) . ولعل من اغرب عناصر التشابه هو ان المظلومية لدى الطرفين اقترنت بالتقية ذاتها . ان اهم ما يسقط ادعاءات المظلومية هو ان الحوزة ، سواء في قم او النجف ، كانت تأمر اتباعها بعدم المشاركة في الحكم او وظائف الدولة او السياسة لغياب الامام ، لان غياب الامام يحرم الحكم من الشرعية ، ومن ثم فان خدمة الدولة هي خروج على الشرع ! وقصة غياب الامام وانتظار عودته ارث يهودي صفوي مشترك مصدره سابق لليهودية بزمن طويل ، وابتدأ في الاساطير العراقية اصلا ، لكن هذا الارث وظف من قبل اليهود لزرع الامل في الانقاذ من ( الجور والظلم ) مع ان الكهنة قبل ظهور اليهودية والحاخامات اليهود يعرفون انها قصة اسطورية لا غير .

قاطع اليهود الاشتراك في الحكم لاسباب تعلق بالتقية ، وهي تجنب استفزاز الحاكم غير اليهودي ، فاتجه اليهود لحرفة التجارة والعلم والفن وغير ذلك وتجنبوا السياسة ، اما الصفويون فانهم قاطعوا الحكومات ورفضوا العمل داخلها ولم يحرمهم احد من ذلك ابدا ، فاتجهوا كاليهود للتجارة وغيرها معتقدين ان انتظار المهدي القادم لنشر العدل بعد الجور سيسمح لهم باستلام الحكم وليس المشاركة فيه كمواطنين عاديين كغيرهم ! اذن ليس صحيحا ان الشيعة ابعدوا عن الحكم بقرار من الاخر ، بل الصحيح هو ان المرجعيات الصفوية هي التي ابعدتهم خلقا للكراهية في نفوسهم او تعميقا لها . وبما ان ما بيسمى ب ( المظلومية الشيعية ) يقوم على ادعاء فاسد ، وهو ان الاخر أي السني يحتكر السلطة ولا يسمح للشيعي بالمشاركة في الحكم والحياة السياسية ، فان فساد اصل الفرضية يسقطها كلها .

اما العامل الحاسم في نسف فرضية المظلومية فهو ملاحظة ان الشيعة العرب حينما اختاروا العمل السياسي في الدولة والاحزاب لم يمنعهم احد ، لانهم اهل العراق وليسوا ضيوفا عليه ، واحتلوا المواقع الاولى في كل الدولة ، من رئيس وزراء الى قادة في الجيش الى امناء سر للاحزاب القومية ، وامين السر في البعث هو اعلى موقع حزبي ، فحزب البعث مثلا قاده خمسة امناء سر حتى الغزو ، ثلاثة منهم شيعة وهم المرحومان فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي والسيد حازم جواد ، واثنان سنيان هما المرحوم احمد حسن البكر والشهيد الخالد صدام حسين ... الخ . اذن لم تروج المرجعيات في النجف وقم وهما ايرانيتان ، لاسطورة المظلومية ؟ اليس لخلق سبب جوهري للشرخ الطائفي ؟

8 – يلاحظ ان الصفوية كاليهودية تلزم المنتمي اليها بالطاعة المطلقة لرجل الدين والا حل عليه عقاب الهي مستمر في الدنيا والاخرة ! والطاعة في الصفوية اشد من الطاعة في اليهودية ، وهي منحدرة لدى الصفويين من الزرادشتية ، والتي تربط حصول الانسان على اقامة في الجنة بطاعة رجل الدين والملك ! ومن مظاهر تأثر التشيع الصفوي بالزرادشتية هو تقليد طاعة المرجع الديني بشكل اعمى لدرجة ان مثقفين كبار لا يستطيعون التمرد على هذه الطاعة ! ان تقبيل يد الامام هو المظهر الاشد بشاعة لنظام العبودية الزرادشتي والذي نقلته النخب الفارسية الى التشيع الصفوي . والتأكيد على الطاعة المطلقة يحول رجل الدين الى وكيل الله في الارض ويمنحه سلطات مفتوحة تشمل حتى استمرار الحياة الزوجية او انهاءها بقرار من الامام ! ما دور ذلك في التوسع الاستعماري الإيراني ؟

ان الطاعة التامة لرجل الدين تجعل سلطته اقوى من الانتماء القومي او الوطني ، وهي سلطة تستطيع استخدام مواطني بلد اخر لخدمة ايران وهم واثقون من انهم يخدمون الله ويشترون بطاقة الاقامة في الجنة ! ولا يمكن تفسير ماحدث في العراق عند الغزو وبعده لعدد ليس بالقليل من العراقيين بعيدا عن هذا الامر الخطير . فلولا فتاوى السيستاني ، وهو ايراني الجنسية رغم انه المرجع الاعلى لشيعة العراق ، بعدم مقاومة الغزو ثم فتاواه بالاشتراك في الحكومة التي شكلها الاحتلال وبدعمها والتعاون مع الاحتلال لما تورط الاف العراقيين في العمل ضد وطنهم العراق .

9 – يشترك الصفوي مع اليهودي ومع المسيحي المحافط ايضا ، في الوقوع في فخ التمحور حول الذات . ما معنى ذلك ؟ التمحور حول الذات مرض في الوعي الانساني يجعل الانسان يعتقد بانه هو مصدر الحقيقة والحق والمقرر للخطأ والصواب وليس هيئة او وثيقة قانونية او طرف اخر خارجه ، لذلك فانه لا يهتم بما يقوله الاخر ولا يعترف بحقوقه ولا بانسانيته ، حتى لو ادعى ذلك للتخلص من بعض الاحراجات . ان من غزا امريكا الشمالية وجنوب افريقيا واستراليا واباد سكانها او حولهم الى عبيد هم اوربيون ، ومن غزا فلسطين وطرد اغلب سكانها هم يهود صهاينة ، وهؤلاء قتلوا عشرات الملايين من البشر ، وفي امريكا الشمالية فقط قتل المستعمرون الاوربيون 112 مليون هندي احمر دون وجود حاجة لتلك الابادة المنظمة على الاطلاق ، لان الهندو الحمر استقبلوا المهاجرين البيض بالترحاب وقدموا لهم الطعام واقاموا لهم اماكن السكن وعلموهم الزراعة ، وكان يمكن ان يتعايش الابيض مع الهندي الاحمر ، لكن الابيض قرران يحتكر القارة كلها له فاباد الاغلبية الساحقة من الهنود الحمر ( 112 مليون هندي ابادهم البيض مع العلم ان عدد سكان اوربا كلها وقتها كان 52 مليون نسمة ) بطريقة منظمة ومدروسة .

في محاكمة تاريخية في اسبانيا اثناء هجرة الاوربيين لامريكا الشمالية ، دارت حول موضوع شرعية او عدم شرعية ابادة الهنود الحمر ، كان الجدل بين منطقين منطق من يقول ان الهنود الحمر ليسوا بشرا بل حيوانات رغم ان شكلهم بشري ، وراي اخر يقول انهم بشر . والمنطق الاول ينطلق من ايمان يهودي يقوم على التمييز بين اليهود والجوييم ( الاغراب من غير اليهود ) ، فالجوييم ليسوا بشرا حتى لو كان شكلهم بشري لذلك فان استعبادهم وقتلهم وسرقتهم واغتصاب نساءهم لا يحرمه الله ! والتمييز بين اليهودي والجوييم هو الشكل الاكثر تطرفا للتمحور حول الذات ، تلك النظرية التي تسمح لمعتنقها بارتكاب كل الجرائم معها كانت بشعة ، انطلاقا من قناعته بانه هو الانسان والاخر شبيهه وليس هو الانسان . الان وقد تطور العالم وظهرت اغنية حقوق الانسان واصبح من يغنونها كثر ، لم يعد بالامكان عزف اغنية شبيه الانسان علنا ومباشرة ، فاختفت ظاهريا ، لكنها بقيت تعبر عن نفسها بطرق موهة ومزوقة ومنها ظاهرة التمحور على الذات .

ان امريكا وممارساتها في العالم تقدم لنا صورة ممتازة لهذه النظرية ومثلها اسرائيل . ان التسويق الغالب للتوسع الاسرائيلي على حساب العرب وغزوات امريكا تقوم على ادعاء ساذج وهو حق الدفاع عن النفس بكافة الوسائل ، وعند مناقشة هذا الحق نجد الامريكي والاسرائيلي لا يستمعان لما يقوله الاخر والاخرون ، مهما وضحوا وفسروا ودحروا منطق التمحور حول الذات . لقد اقفلت الذات الابواب والشبابيك عليها وحيدت حواسها كلها كي لا تلتقط سوى ما تريده هي ، فاخذنا نرى حوار طرشان بين امريكا وخصومها لان قاعدة الاتفاق على المبادئ مفقودة . وايران تشترك مع امريكا واسرائيل في خاصية التمركز حو الذات .

استمعوا الى بوش مثلا وهو يتحدث عن غزو العراق ستجدون كانه لم يسمع راي أي طرف اخر ، بما في ذلك معارضوا الحرب في الكونغرس بالذات ، ويردد كلمات لا تتغير : جئنا لتحرير العراق ونشر الديمقراطية ، العنف في العراق سببه الارهاب ، الفتن الطائفية سببها عراقيون ، نحن نتقدم في تحقيق لسلام ...الخ ، واستمعوا لخامنئي ونجاد وحتى الكتاب الايرانيون يقولون : اننا ضد احتلال العراق ، امريكا هي سبب كارثة العراق ، الفتنة الطائفية تحركها امريكا ، القتل على الهوية تقوم به فرق موت امريكية وارهابية وهابية ، ايران تعمل من اجل مصلحة العراق وشعبه ...الخ ، هذا لكلام يكرر باستمرار وكأن من ينطق به لم يعترف بانه لولا الدعم الإيراني لما تمكنت امريكا من غزو العراق ، وان من يقوله لا يرى خامنئي ونجاد وغيرهما يقولون نحن نستطيع اخراج امريكا من مأزق العراق !

ما معنى هذا ؟ انه يعني ان الصفوي ، كالامريكي وكالصهيوني ، لا يرى الا ما يريد ان يراه هو ،ولا يقبل الا ما يظن انه مفيد له . لقد تكون اهم اسس التمحور حول الذات وهو الغاء الطرف الاخر بنمطقه ووجوده ومصالحه .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 20 / أيلول / 2007