الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

بـــــغـــــداد

 

 

 

شبكة المنصور

للأديب الاستاذ احمد الفيفي

 

بغدادُ ، ماذا أرى في حالِـكِ الظُّلَـمِ نجماً يلـوحُ لنـا أم لفحـةَ الحِمَـمِ؟

أرى النواحي وضوءُ النـارِ يلفَحُهـا فكيـف تجتمـعُ النيـرانُ بالظُّـلَـمِ؟

بغدادُ ، لا تسكتي .. ردي على طلبي وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمـي

بغدادُ ، أين زمانُ العِـزِّ فـي بلـدٍ كان السلام به أسمـى مـن العَلَـمِ؟

دارَ السلامِ ، أيا بغدادُ ، هل بعُـدت عنك الجحافلُ في يومِ الوغى النَّهِـمِ ؟

بغدادُ ، أين سحابُ المزنِ إذ حكمت يَدُ الرشيـدِ بعـدلِ اللهِ فـي الأُمَـمِ ؟

يقولُ أنَّى سكبتِ المزنَ سـوف أرى منه الخراجَ .. ويأتينـي بـلا غُـرُمِ

أين الجحافلُ يا بغدادُ ، عـن زمـنٍ تخاذَلَ العُرْبُ عن أفعـالِ مُعتصِـمِ؟

قـادَ الجحافـلَ لـم يهنـأ بشربَتِـه حتى أتى ثأرَهُ فـي الأنجُـمِ الحُـرُمِ

بالله ، لا تخجلـي واحكـي حقيقتَنـا ولتكشفي حالنا .. حالٌ مـن السَّـدَمِ

كتبتُ والحبرُ من نهر الفرات جـرى شعراً يُترجِمُ مجداً غاصَ فـي القِـدَمِ

آمنـتُ بالله ربـاً لا شريـكَ لَــهُ وكيف يشرِكُ مَن يرنو إلى القِمَـمِ

بالله يـا نخلـةً مـدَّت جذائـرَهـا بين الفراتين في شّـطٍ مـن السّقَـمِ

هل روَّعتكِ المآسي فوق طينتِهـا ؟ وهل سقتـكِ دمـاً تجريـهِ بعـدَ دَمِ؟

وهل تنبـأتِ الأنـواءُ عـن حـدثٍ يعيدُ للمجـدِ نَـوءَ السَّعـدِ والحُلُـمِ؟

وهل ستأتي أسودُ العُـربِ يدفعُهـا نبضُ الكرامَةِ في قلـبٍ لهـا هَـرِمِ

النارُ نارُك يا بغـدادُ ، فاصطبـري فما يفيدكِ بعـدَ الحَـرقِ مـن نَـدَمِ

واستنجدي ببنـي الإسـلامِ إنهمـو أُسْدُ الوغى ، وأسودُ الشرك كالعَـدمِ

بالله قولي أيـا بغـدادُ ، مـا فتئـت يَـدُ المغـولِ تزيـدُ الجـرحَ بالكَلِـمِ

مرت قرونٌ ثمـانٍ والجـراحُ بنـا تغورُ من رجسِ ما صبُّوه مـن نِقَـمِ

شمسُ الحضارةِ لم تشـرق بساحتنـا من بعدِهـم وغدونـا أمَّـةَ الرَّخَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ لـم يحـمِ دولتَـه فاستهدفتها عبيـدُ الرجـس والصنَـمِ

تبـا لمستعصـم كانـت بطانَـتُـهُ تُزيغُهُ عـن طريـق الحـقِ والقيَـمِ

فهل يـرومُ مـن الزنديـقِ حكمتَـهُ و( العلقمي) جميلَ الـرأي والحُلُـمِ ؟

تبـاً لمستعصـمٍ يلقـاهـمُ فـرحـاً ويلتقـي الناصـحَ الصدِّيـقِ بالجَهَـمِ

تبـاً لمستعصـم أضحـت بطانتُـهُ تدوسُ فيـهِ كـرامَ الشعـبِ بالجِـزَمِ

تبـاً لمستعصـم أمسـت حواشيُـهُ تُشارك الناسَ فـي الأرزاقِ واللُّقـمِ

تباً لمستعصـم أدنـى الحثالـةَ مـن عَرشٍ وأبعَدَ أهـلَ الفضـلِ والكَـرَمِ

تبـاً لمستعصـم قـد خـانَ أمتَـهُ وسلَّـمَ الحُكـم للأوبَـاش والدَّهَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ أفنـى خزينـتَـهُ على الغواني وأهلِ الرَّقـصِ والنَّغَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ يُدنـي العَـدوَّ لَـهُ كأنَّهُ صار عن فتـكِ العـدوِّ عمـي

تبـاً لمستعصـمٍ يخشـى رعيَّـتَـهُ وآمِـنٌ بيـنَ أعـداءٍ علـى الحُـرَمِ

تبـاً لمستعصـمٍ أهـدى مَدينَـتَـهُ إلى المغُولِ وظنَّ الأمنَ فـي السَّلَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ لا يستحـي أبــداً ينقـادُ ذلاً مـن الأعـداءِ كالبَـهَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ أبـدى شجاعـتَـه علـى الرَّعِيـةِ بالتنكيـل والتُّـهَـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ صـارتْ مهمتُـه يُشتتُ الجمعَ بالتخريفِ فـي الكَلِـمِ

تبـاً لمستعصـمٍ نامَـتْ عوَاطِـفُـهُ وأعينُ الشعبِ لم تغمـضْ ولـم تَنَـمِ

بالله قولي أيـا بغـدادُ ، لا رقـدت عينُ الجَبَانِ إذا نامَـت عـن الهِمـمِ

واستخلفي الله في عصرٍ لقيـتِ بـهِ ذُلَّ المهانـةِ بيـنَ العُـرْبِ والعَجَـمِ

حانَ الوداعُ أيـا بغـدادُ ، فانتحبـي فقد أصيـبَ جميـعُ القـومِ بالصَّمَـمِ

حانَ الوداعُ أيا بغدادُ ، قـد نُحِـرَتْ رجولـةُ القَـومِ فـي ميـدانِ مُنتقِـمِ

حان الوداعُ .. وعذرُ القـومِ أنهمـو لا يقدرون علـى الأرمـاحِ والحُسُـمِ

هذا الوداعُ .. فموتى خيرَ عاصمـةٍ مذبوحةً .. ربمـا ماتـتْ بـلا ألَـمِ

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                              الخميس  /  10  جمادي الاول 1429 هـ   ***  الموافق  15  /  أيــــار / 2008 م