حلم بغداد !

 

 

شبكة المنصور

صادق شعيب / لبنان
أحلمُ ........كلَّ ليلة
بعينيكِ يا بغداد
فعيناك حلمٌ، والحلمُ دربٌ
يصعب الوصول إليه دون عينيك
لمحتُ الجمالَ
رأيتُ النّجومَ
تسقي السّهولَ
لمَى شفتيكِ
ورأيتُ القمرَ
يشقُّ دروباً في السماء
يبحث عن أسماءٍ
طالما اعتادت على حَبْكِ جديلتَيْكِ
فتارةً يجدُ الأسماءَ بلا سماءٍ
وتارةً يجدُ السماءَ بلا أسماءٍ
فيعودُ باكياً
ويُطِلُّ قوسُ قزحٍ
من بين ضفافِ دجلة
ليُعْلِنَ الحدادَ على ألوانِه
ليعلنَ وصولَ خفافيشِ الليل
إلى عليائِه
وتراني...
أنْتَعلُ أكبادَ أعدائي
وأفجّر غضبي حِمَماً في وجهِ ظلاَّمي
لكنّني..!
أُجبِرتُ على الرحيل
كما أُجبِر الرحيلُ على دخول أبجديتي الشرقيه
أُجبرت على الرحيل
بعدما أشعلوا أنابيبَ النّفط في كبدي
ورئتي َّ...
وبعدما لوَّثُوا ليلَها بدخانهِ
مارسوا كلَّ الدّعارات
كل القذارات
فوق سريرِ عروبتنا
واغتسلوا في دجلة فغاضت مياهَه
جلدوا ذاكرتَنا كما ماضينا
كي ننسى...
لكي ننأى
كي نغلقَ صفحةَ التاريخ
على شفاه جميلتنا السامرّائيّة
فلم نفعلْ..
فقدمونا وإيَّاك وليمةً لمغتصبي الليلِ والتاريخ
فاغتصبوا حاضرَنا
وشقوا دروب عودتنا
وحرقوا المساجدَ والكنائس
فلا مصحف أبقوا لنا ولا إنجيلْ
لم يبقوا إلا على غماماتٍ
لا تمطر سوى دماً
وفتيلْ...
وهنا حيث قبري المزدوج
أذوب شوقا..
أموت غرقا في أحشائي
وأصيح غضبا..
فماهية الأعداء قد اختلطت
وغصون زيتونٍ من شرقنا
قد أمعنتْ ببغدادنا كفراً
وأنا ههنا
أصيحُ من قبري العربي:
"أحبك بغداد..."
وإني لأؤمن بالعيد
ولسوف أعودُ
منك واليك
ويعودُ الحنين
وتعيدني ذكرياتي
إلى ساعدَيك
وسنرسم سويا زهورَ الرَّبيع
وندسّها في جُيوبِ النّدى
كي يستنشقَ عطرها كلَّ عاشقٍ
ويبصر طريقاً قد محاه الغَوى
فيا بغداد أنت حبيبتي
ولأجل عينيك سوف أحيكُ من دمائي
وأشيد من أوردتي طائرَ نورسٍ
يقلّني إليك..
سرقوا ماضينا
لكنه لم يغادرْ شرايينَنا
سرقوا حاضرَنا
شقُّوا قوافلنا
زرعوا الأصفاد في وسائدِنا
لكنّنا لن ننسى
ولن ننسى...
وسنصنع مستحيلَنا بأيدينا
سنقتلعُ الخناجرَ من خواصرنا
والأسوار عن كنائسِنا ومآذننا
ولسوفَ نُعلنُ الحدادَ على أغصانِ زيتونٍ
قضمَتْ في سواعدِنا
ولن ننسى...
ولن نرحل
بغداد لنا
والنهرُ والمعوَل
فلن نرحل.....
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٧ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / نـيســان / ٢٠٠٩ م