بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

عفية بلفور

 

 

شبكة المنصور

مريم الراوي

 

لاانسى ماحييت كيف اني تعرفت على فلسطين,
ووقعت بغرام هذه البلاد التي ماعدت افرق بينها وبين العراق,
فهي الأثيرة لدي والمحببة لنفسي.
فلسطين,وطني الذي تعرفت اليه وواجهت جرحه اكثر من مرة.
حين كنت صغيرة واسمع الروايات عن شباب صغير,
وحجر,ومقلاع,وامهات يزغردن اذ ماارتحل حبيب,
واطفال يولدون جيل بعد جيل يغنون باسم فلسطين..
تعرفت عليها حين رأيت صورة عمي الشهيد تزين حائط البيت..
رأيته فتى جميل ,قاسي الملامح,تداعب نظرات عينيه الحزينة ربوع فلسطين,
رأيتها حين قرأت رسائله من أرض المعركة,رأيتها واضحة وايما وضوح,
وكأنها قاب جرحين او ادنى..
تعرفت عليها أكثر في الصف الاول الابتدائي,
حين كتبت على السبورة "دار دور علم مرفوع ووطن منصور"..
فكانت فلسطين هي الحاضرة ابداً في القلب..
وحين اصبحت في الصف الثالث ابتدائي,قالت لي المعلمة:إقرأي,
فكان "وعد بلفور المشؤوم" استلاب وطن من شعب,
وايواء مجاميع من اليهود من شتى بقاع العالم ليعيشوا فيه,
وايجاد مسخ استيطاني يدعى الكيان الصهيوني..
لحظتها,لم تكن فلسطين كلمة تقرأ,ولا شعب يذرف على اوجاعه الدمع كل يوم,
بل وطن سليب محتل مغتصب,تأريخ لايستهان به,وحبيب لايترك هكذا..
فشعرت بمعنى الظلم ,وكظمت الاه من العرب,
صرخت دفاتري باسم معشوقتي العذراء "فلسطين" ولطالما حلمت بالعودة,
ودونت باقلام الرصاص مذكرات الغد الوارف بظلال النصر..
فلسطين كانت اسطورة من صمود وعنفوان,
بل وطن الشمس كانت,
وموطن الرجال..
فلسطين التي عشقتها,كبرت معي ,كل يوم,بل كل لحظة,تكبر وتكبر,
وتمتزج بالوجع العراقي,فيقبل كل منهما الاخر,
ويحلم هذان السرمديان بزهرة الخلود لهذه الامة,
لايأبهان لجثث المناضلين وهي تمتد من اعماق الصبر حتى اعالي الأنتظار,
بل ديدنهما الأرض والانسان,
دستورهما المبادئ والثبات,لاحياد,ولااستسلام للعدو..
لاتنازل عن شرف يقبل ولاترك للحقوق يغتفر..
وهكذا تعلمنا منذ الصغر..
وطنك شرفك,
والكل رفيق,
والكل شقيق,
مهما اختلفنا,لن نحيد عن بوصلة الحرية,والكافر هو من يخون الوطن..
واعوذ بالوطن من الخيانة وقتل الرفاق,وهذا كان دعاء الثوار..
وحين اندلعت الانتفاضة الثانية,انتفضت الروح معها,
تعالت صيحات التواقين للأرض والموت دونها,"الى فلسطين خذوني معكم"..
قد اكون صغيرة لكن فلسطين جعلتني اكبر الف عام,
خذوني يارفاق الوجع والدم,انقذوا اشباح جنوني من صرخاتي وخذوني,
حجرا,مقلاعاً,او علماً..
لاتتركوني هاهنا اعاني القهر وانا اصارع حزني ,
ف"الدرة "لم يترك لكرامتنا شئ,اخذ معه عزة هذه الامة وكبريائها.
تركنا نحن العشاق نتلعثم بصمتنا,نعم,نحن العشاق حد الجنون,
لم نملك ان نفعل شئ,سوى الصراخ في جنبات البيت,
وتمزيق الخدود باظافرنا,وشهقة مبحوحة الصوت,
تركض مسرعة ترتطم بالروح فيهيج القلب:
"ان محمداً قد مات,فمن كان يؤمن بهذه الأمة فليخرس بعد الان,
ان محمداً قد قتل,امام عيوننا وارتحل,
فمن كان منكم مؤمنا بنهوض هذه الامة فليكفر الان".
فتمسكت بفلسطين, واعتليت الجرح مرة اخرى,
وعالجت نزف الروح بملح الصبر..
وكبرت,وكبرت معي فلسطين كما العراق,
"مرج الجرحين يلتقيان,بينهما برزخ من وجع لايبغيان"..
احتل العراق,وؤدت بغداد تحت الدماء,
والعملاق منذ اليوم الاول يتحدى الموت,
وينصر سنابل الأرض ويبكي الرفاق.وكان العراق,
ومن جديد,قبلة النضال,وسر من اسرار الخلود واصرار البقاء..
هو العراق,
جديلة عشتار تلاطف الثوار,
وحبال من مسد حول رقبة ذلك الخائن وعبدة النار..
هو العراق,
بقائده المغوار,قال قولته ومضى الى الشمس عزيزاً وللعُلى مختار:
"عاشت فلسطين,عاش العراق,عاشت الامة.."
فلتنبثقي ياانتِ يا دموع الفرح,وزغردي وهللي ياسموات الانتصار..
ويافلسطين عائدووون..
استعدنا في تلك اللحظة وهج الامة والق الحرية,
بل عادت ثقتنا بكينونتنا كعرب,
وحمدنا الوطن اننا ننتمي لهذه الأرض التي عزها رفيق الاحرار..
تراقصت العيون حول فلسطين,
وقلنا للعراق مقاومة تحميه,ولن يطول ليل الباغين.
فالعراق كما الله لاينام,ولايغفر للخاطئين,وإن لم يعاقبهم الان ولكن بعد حين..
فجائتنا فلسطين بيوم حزين,
ترثي عظام الراحلين,
تلقي بالكوفية بعيداً عن اعين الناظرين,
ليشهد العالم جرح لايندمل,وخوف يجتاح حلم وطن لم يكتمل..
جبين فلسطين,انطفئ النور فيه,وزيته بات وقوداً للشياطين,
نيرانه اتت على كل شئ,حتى باتت الاكف تناشد برجوع الغاصبين.
أيقتل انسان اخاه؟؟
ايجتاح الغضب بنادق الرفاق فيرمون القلب برصاص الغدر؟؟
ام هو قابيل بيننا يتجول في الشوارع كالمجنون؟؟
ام انكم كالثور لاتفرقون,
بين من يقتلكم كل يوم ومن ضحى بربيع العمر والقي وحيداً في السجون؟؟
فأخبروني مالذي انتم بربكم فاعلون؟؟
فلسطين صمتت...
غزة بكتــ...
ولايزال المسخ المهجن,يسير في الشوارع, ينام بيننا ,وينتمي لغيرنا..
لم يعد ذلك الجبين مضاءاً كما عهدناه,
وماعادت الكلمات بإستطاعتها ان تواري حزننا وغضبنا وقهرنا من الذي يجري هناك,
وكل الشعارات لن تغرينا بعد الان..
فغزة ليست هي غزتنا,وفلسطين ليست هي فلسطيننا..
فلا هذه الكوفية نسجت من الامنا,
ولاهذه الحجر اصاب عدونا,
ولاتلك البنادق وجهت لهدفها..
اذا لم نعد نعرفكِ فلسطين!!
ولانرغب ان نعرفك الان!!
اختبئي عن العيون,امض خلف سحب التأريخ..
اقتليهم فلسطين,اقتليهم فلسطين ...
لاتجعلي ابنائك يستذكرون بلفور بخير ويقولون:
" كان لنا وطن ندافع عنه,وكان لنا عدو نقتص منه,
وكان لنا قضية نذهب لاجلها شهداء"..
لاتجعلينا فلسطين نقول:
"عفية بلفور"لانك جعلت منا,
قضية عادلة ,وارضاً مغتصبة, وشهداء ابطال"..
انهضي فلسطين,تحرري غزة..
يااله الحرية,ومعبد الصمود..

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 23 شــــوال 1428 هـ الموافق  03 / تشــريــن الثاني / 2007 م