الى اسير من بلادي

شبكة المنصور
قصيدة للشاعر محمد ابو عالية

  


عادت طيور الفجر
تهتف للرحيل
تحلق فوق بقايا الثلج
فوق بساتين الليمون
والنخل الأصيل
طل نيسان ثقيلاً متربا
ماعاد كالسنين الماضيات
أخضراً وموردا
نباح كلاب الغرب
يقتحم البيوت
شلل تقمص سني العمر
والأطفال
نضب ماء شلالنا العتيق
تسمر الذهن
تكسرت كل النصال
وفي صمت
راحت حدائقنا
والعاليات من الصفصاف
تذبل وتموت
بغداد السبية تفنى
وتحترق
وكم من عاق صار
ينزع ثياب أمه
وكم من بارودة
لم تنطلق
وكم دائرة صارت تنسرق
وجل أهلنا تلبسهم
سكون وصمت
" همراتهم " تسحق العظام والأسيجة
تعبث في دواليب سجلات النفوس
وآثارسومر ومسلة حمورابي
وبوابات وكراسي المدرسة
تقذف " الأباتشي " قذاراتها
على قباب المساجد
ونواقيس الكنائس
وكل جامعة ومؤسسة
وبكل شفافية
توزع هدايا الحرية والديموقراطية
فتهد أحياء الخير
في الفلوجة والعامرية
في الضلوعية والطارمية
في تلعفر واليوسفية
قاصفاتهم تكمل المشوار
ترمي أبشع صواريخ
الحقد والعار
على دبكة " الجوبي "
في عرس القائم واللطيفية
قرارهم : لن يحاسب
الجنود عن افعالهم
مهما أساء
أصغر أنذالهم
جرادهم
يجثم فوق أعمدة الجسور
هم يعبثون
في شواخص التاريخ
وفي شواهد القبور
ويسرقون ما غلى
في المصانع والقصور
وناينا مازال مثلوم الجراح
أنينه لايطرب الضفاف
سلاحنا مهان
كم بائس
فر.. وخان..
كم خائر
أهتز ولان..
خطيب مسجدنا
بح صوته من الدعاء
والصياح
شحيح زيت مصباح الطريق
خامد رماد المواقد
ماعاد صحننا يستقبل
اكوام الكستناء
واكواز الذرة
لاجمر..
لاأباريق شاي..
مذياع بلدتنا
في غرفة الانعاش
مواويل السهارى
أشرطة في سلة المهملات
نام ضيوفنا
على أسرة
بلا فراش
دخان أسود غطى السماء
لانجوم ليل
تشع فوق محطات السفر
لانشامى..!! عند السواتر والحدود
لاطائرات تقلع
أوتحط في المطار
وهناك في الأسر
مركون..
من كان يصدح بحبه
قمر وزنبقة
وخضرة السهل
والوديان
وكل اتجاهات
بوصلة الزمان
لم تبق قرب النوافذ
سوى شموع خامدة
وأعواد بخور
وكومة أدعية
وستارة معلقة
بباب ولي غريب
وبقايا سنبلة وأمنية
كانت هنالك دنيا
وحزمة أحبة
وجداول ماء
وزرقة في العين
تفترش السماء
وقناديل تشع
نحو قباب القدس
ورموس شهداء
لمقبرة عراقية
تحلق فوقها الفراشات
وتعفرها غبرة الأيام والسنين
سقطوا في " جنين "
كانوا هناك..
لأن الأرض عربية..
هنالك توسد الصمت
التحف الجدران
وتاه في عتمة الأيام
ينشد :
" لاغرفة التحقيق باقية
ولازرد السلاسل
نيرون مات
ولم تزل روما
بعينيها تقاتل "
أتراه تناسى!؟
أم غادرته الجراح..
أما زال يقلب
دواوين الصمت
ويجترأسئلة :
عن كيف.. ولماذا..؟
ويكررقراءة " وداعاً للسلاح "
ايها المطعون بسهام
اقرب المقربين
أتقول للأمواج :
لم تسهرين!
لم تسخرين!
قاربك شراعه ممزق
مذ تحولت
قبطاناً وسجاناً ودفان
مجداف زورقك دفين
بين الجرف والطين
أتقول :
خانتني أصابع يدي
وأحلام غدي..
ويجيئه من خلل النعاس
نداء :
جاء عيدك
ذلك الوليد الخرافي
الذي إخترعناه ورعيناه
ثم ألفناه.. وعشقناه
جاء عيدك
عيد الفقراء والمتصوفين..
وعندما تسحق
دبابات " البرانز "
مصانع الدمى
كأنما صريرها يقول :
لن ترقص الأيام
فوق مسرح الصحو..
الوحل جاثم
فوق أبعد السلالم
والدروب
وهناك من يرتدي
أغلى الثياب والحلي
لكنه عار.. وعار..
كانوا وما زالوا
علقميون
وأبناء زناة وعقارب
فرشوا زهور العهر
" للمارينز ".. وداسوا الشوارب
نزعوا عمائمهم
وأشمغة أوسخ الرؤوس
حثالة كرامتهم
تمسح بها اللقطاء
واعهر العاهرات
من المجندات
القادمون من مواخير
لندن وفلوريدا
و " كونغرس " الإمعات
صرتم لهم أحواض مغسلة
ومقاعد للنجاسات
ياأرذل الناس
يا من حملتم اكثر من هوية
إلا هويتكم العراقية
يا من حملتم أكثر من جنسية
وأكثر من إسم مستعار
ماذا جنيتم..
ماذا حصدتم
سوى الرفض والعار
إن تكثروا ملحاً
على جراح بغداد
لن تشطبوا التاريخ
والأعياد والأمجاد
يا من تثأرون
لتاج كسرى
وحلف بغداد
خالدة دار السلام
مكللة الهام بالأسياد
ستعود سيدة الدنيا
معطرة بدم الصناديد
والأحفاد
فهناك في بلدي
شع سراج
تلاه ألف سراج وسراج
فسيفنا المغمود
صاح مرتعدا
الى الفداء
وحز رقاب العدا
الى واحة النصر
أو نصرع
فنخلدا
هم شموخ الباسقات
من النخيل
هم أنقى وأبر جيل
هم بقايا الصحابة والأنقياء
وهم صلاة المعتصم
في سامراء
وهم صولاته
" وامعتصماه "
" عمورية " إستنسخت
في " أبي غريب "
وأقبية الداخلية..
ستبقى " عبير " تاج الرأس
فوق هامات الرجال
في المحمودية والإسكندرية
وستكون "غصون " درباً
سارته مريم المجدلية
" فمن يخطب الحسناء
لايغلى عليه المهر.. "
وما أرخص الدم
فداء لأبنة كربلاء
أوعمان أو اللاذقية
وماأهون العمر قرباناً
لوحدتنا الوطنية
أو العربية
ياضيعة الأوطان
إن مر علج بقريتنا
ولم يحاسبه الديان
فالثأر للأرض والأعراض
حق.. أباحه
خالق الأكوان
ماذا سأكتب عن المقاومين..
عن الملائكة الواعدين
بغسل تراب الوطن
من زاخو.. الى الفاو..
وهم يعيدون أسفار
" ميسلون " و " حطين "
صارت أناملنا
مقل عيوننا
مثابات لهم
فهم نهر جديد
يبحر في جسد العراق
عيدك مر وعاد
وما زال حبك
يصول في "بهرز " وبغداد
ياصاحب البراق.. يا أعز نبي
إشهد بأن مسرى المقاومين
قوس قزح
يمتد من الدورة
الى سيف صلاح الدين
وبهم ستزهر
الف حطين وحطين
فيا غائباً جسدا
وفارساً تعبت
خيول الريح أن تهده
خططنا إسمك
على حقول القمح
ولحاء الشجر
ياسيد الرجال
يانبع دجلة وعذبه المنهمر
أوتدري بأن عاصمة الدنيا
من يوم أن سرقها
وحرقها الأنذال
صارت أكوام أطلال وأزبال
ونطل كل صباح
على مجزرة وقيامة
فالغدر من شيم الأعاجم
ولقطاء المتعة
ومزيفو لبس العمامة
سلاماً على أسد هصور
خجلت أصفاده
أن تمسه
فألفت نفسها
حبيسة مثله
تقلب معصميه
وتمسح بالحناء راحتيه
" تف " على زمان
أنصاف الرجال
أحفاد كسرى وأبي رغال
كيف تباع في سوق النخاسة
بطاح المثنى سبية
وتستباح الكوفة والمقدادية
ويصمت أشقاء الطوق
الخانعون من العربان
والله.. رسن كلابهم
أطهر أن يكون عقالاً لهم
وحظيرة خنزير
أنضف من مخادع نسائهم
وأغلى من رياش قصورهم
وتأنف أحذيتهم
أن تمسح بأطول
لحية شيخ لهم
أيها العباد..
فرات الله
و " هه ولير " القلعة
وبصرة السندباد
يدنسها " رامبو "
وابن صهيون
وعلج في الخليج
وشعوبي أغار من أصفهان
ومن قم وطهران
تلاقى مع هجين
شرواله نخرته الثقوب
تقاسما كومة " تومانات "
ودولارات..
وأكياس هلوسة وحبوب
لله درك يا بغداد
وأنت تحترقي
في الصباحات وفي الغروب
وبعض أبناءك
كلاب فجرة
لم يولدوا يوماً
أبناء بررة
لاضير..
تعطري وتطهري
فمجاهدو الأمس..
عادوا من جديد
لأنهم جباهنا.. وصلاتنا..
وهم عيد يعطر عيد
لأننا بهم
بعد الله نعتصم
وبهم صرنا عمالقة
أعلى من القمم..
لأنهم حاشى لله
ما أنهزموا..
لكنهم غيبوا..
مثل أهل الكهف
فانتفضوا..
لأنهم مطلع الشمس
ومغربها
وهم المتكفلون بوأد
عار من تمسكنوا
أو وهنوا..
قرارهم.. قدرهم :
اضرب بسيف الله
وابتسم
لحاسوب " راميسفيلد "
وجيشه المنهزم
إمسح جراحك
عندما يطلع " بوش " علينا
بوجه اللؤم
بوجه القرد مبتسم..
فكم هي الجثامين التي طارت
إلى أمريكا
وكم هي الأرقام والأعلام
والأمتار من الكفن..
هم يعلنون بعض أرقاماً
لصرعاهم
ويغيبون أصفاراً
وآلافاً من الجرحى..
ومن أصابهم
مس من الجنن
فيا قذائف الآر. بي. جي
هللي وكبري
ويا أغصان الآس
ظللي جسد الشهيد
وعطري
ويا حمامات " الحسين " أقرأي
أحلى القصيد ورتلي
سورة " يسن "
وآيات من الكتاب
وقبلي.. وقولي
لكل من خرَ " حسينا " من بعيد
بأن فجراً يكتب بالبارود
لكربلاء ونينوى والوليد
فلا أبو لؤلؤة
ولا إبن ملجم ولا شمر
ولا علقمي جديد..
يعيق شروق الشمس
أو يكسر الإرادة
فالردى ولادة
وأرضنا مهد الأنبياء
معطاء تعشق الفدا
كالعبادة..
ستعود بغداد منورة
بمآذن الكاظم والكيلاني
محلقة النوارس
فوق دجلة والخلاني
وسيبزغ النهار موشحاً
بدم الشهداء القان
فهم أحياء
كما بشرنا رب السماوات
والأكوان
وسيهرب الجرذان
ممن لبسوا أقنعة
متعددة الألوان
كل شيئ راحل
إلا تراب الأوطان
فاسلم لنا عراق الخير
يا أجمل خارطة
وبستان

 


بغداد - الأعظمية

        

شبكة المنصور

05 / 04 / 2007