شبكة ذي قار
عـاجـل










في كل أزمة حقيقية أو مفتعلة بين ايران وأميركا المتشاركان في تدمير العراق بعد غزوه واحتلاله, تسلم أميركا عددا من القادة الاسرى الى حكومتها المنصبة من قبلها كستار مهلهل لسيادة عراقية مزعومة. وبعد كل تعنت تمثيلي باهت الاداء, يستلم المالكي ثمنا وهدية من أميركا تشبع نهمه ونهم سادته في ايران لدم الرقاب التي أذلت ايران وأذاقتها سم الزعاف في هزيمتها الماحقة في قادسية العرب الثانية.


في كل خانق ضيق تسقط فيه العملية السياسية الأمريكية في العراق تحت قبضة رجال ايران وأحزابها من الصدريين الى المجلس الى الدعوة الى حزب الله الى جيش المهدي وفيلق بدر, تسدد أميركا فاتورة انفراج ترتجيه من أقفاص أسر أسود العراق أباة الضيم نبلاء النفوس أحرار الأرواح السامية ونساك العقيدة والمبادئ. وهذا ما فعلته في خطوتها المنكرة الرعناء بتسليم أسود العراق الى أيادي الجلادين القتلة وحوش الغول الفارسي المهووس بالثأر والقابع ببؤس تحت رحمة البغضاء وروح الاجرام السادية ضد العراق وشعبه.


وعلينا أن ننتظر بعض الوقت, قد لا يكون طويلا, لتصدر حكومة المالكي الساقطة ولايتها أحكاما بالاعدام بعدد من هؤلاء القادة لتسرج بعض ظلمات العملية السياسية المشدودة بحبال خيبات الفشل والتهافت المريع والتكالب المسعور بين عبيد أميركا، وتجد بصيص أمل ينقلها الى خطوة جديدة تعاونها على حفظ بعض ماء الوجه بالتغلب على خيبة تشكيل الحكومة بعد مرور أكثر من أربع شهور على الانتخابات الفاشلة والمزورة, وتعجل من النفوذ الامريكي الى مسالك جديدة للهرب المسؤول. وإن حصل هذا كأحتمال مرجح فأن أميركا تكون قد سجلت على نفسها سقوطا أخلاقيا جديدا واعتداءا آخر صارخ على حقوق الانسان وأضافت بغباء متعدد الأوجه استحقاقات جديدة للعراق وللعراقيين ستدفع ثمنها باهضا بالنفوس وبالمعدات وبالأموال هي أدرى من غيرها بالكيفية التي تحصل بها عمليات دفع استحقاقات العراق والعراقيين. فأميركا تعرف قبل غيرها، بل هي الوحيدة التي تعرف على وجه الدقة كيف يثأر رجال المقاومة البواسل وفصائلها البطلة لكل قطرة دم عراقي طهور تهدر, ولكل رقبة عراقية تضعها أميركا كدرّة ثمينة في ميزان ايران المجرمة المعتدية لتفك ايران عنها شيئا من أسوار الذلة التي سقطت بها أميركا نتيجة تعاونها مع ايران في احتلال العراق وتقديمها تنازلات مهينة لايران لتعاونها بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق تكتيكاتها واستراتيجها العدواني الصهيوني المعادية للعراق وللامة العربية. ان أميركا تخطئ هنا بتسليم الاسرى وتخطئ في عدم ضمان حياة هؤلاء الاسرى الابطال.


أميركا أدركت وتيقنت ان القادة الاسرى قد انتصروا على الطاغوت الامريكي وفشلت معهم كل محاولات الاستمالة على تعدد سبلها واحتمالات تأثيرها على الذات البشرية الاسيرة, وأضمحلت أمام رجولتهم ووطنيتهم ووفاءهم للعقيدة والمبادئ وعلاقات الرفقة والايمان بمسيرة ثورة العراق العظيمة والاخلاص للعراق المفدى. ولم تعد أميركا قادرة على التأثير على ثباتهم وعجزت بالكامل أمام شجاعتهم الاسطورية فقررت أن تبادلهم مع ايران وعملاءها في صفقة اجرامية محتملة ستظهر خلفياتها وحيثياتها عما قريب. ونحن لا نرجم هنا بالغيب بل نتوقع على ضوء ما خبرناه من سقوط أميركا ومن شراهة الغول الفارسي للاستطباب من سم الهزيمة بنجيع الدم العراقي الطهور. وعلى أميركا أن تتيقن انها بفعلتها المنتهكة لحقوق الانسان واتفاقات العالم التي تخص حقوق الاسرى تخسر مرتين, أمام نفسها مرة مهما كابرت وتجلدت على المضي في طريق الباطل والتهلكة والعدوانية التي سقطت عنها كل المبررات وكل المسوغات, وأمام العالم كله حتى لو لم ينطق نفاقا أو خوفا أو تغاضيا انتهازيا الآن فانه سينطق غدا.


ونحن لنا قول آخر تعرف أميركا مضامينه في سوح الوغى التي مازالت مستعرة نيرانها وتتلظى وتحرق أجزاء من الجسد الامريكي المتوحش، وسنذكر الولايات المتحدة ومعها كل من يعنيهم التذكير ان المقايضة برقاب أحرار العراق بتسليمهم كثمن لتسول أميركي من قردة ايران وبنات آوى بني صهيون لموقف ينقذ جانبا من جوانب الانهيار الامريكي في أوحال العراق سوف يكون ثمنها غاليا كمثل غلاوة موقف وحياة البطل طارق عزيز وأخوته ورفاقة الاسرى.

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي
aarabnation@yahoo.com





الجمعة٠٤ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.