شبكة ذي قار
عـاجـل










لابد أن يقف المتصفح لتاريخ عبد الكريم قاسم عند مشروع أنشاء (مدينة الثورة) ،، التي تعتبر من أهم أنجازت عبد الكريم قاسم (من أجل الفقراء) ،، والسؤال الذي يطرح نفسه ،، هل الغاية من مشروع (مدينة الثورة) هو مد يد العون للفقراء أم هناك سبب آخر؟!!،، فأول ما يتبادر للذهن هو ،، لماذا أقيم هذا المشروع في بغداد؟!،، ألم يكن الأفضل أن يقيمه في محافظة ميسان (مثلاً) ،، خصوصاً أن أغلب (الفقراء) الذين جاء بهم قاسم إلى بغداد كانوا من الجنوب!!،، وهذا الأمر يذهب هذا بنا إلى القول أن هناك نية مبيتة لدى قاسم لتغيير التركبية السكانية لبغداد!!.


يقول نعمان ماهر الكنعاني (السكرتير الصحفي لعبد الكريم قاسم) ،، "كانت نزعته ضد القومية العربية واضحة (الحديث عن قاسم) ، وضد مدينة الموصل بالذات ، لذلك نراه قد استباح المدينة عند حدوث حركة الشواف في آذار 1959" ،، أذن ،، المقربون من قاسم يشهدون على وجود نزعة ضد القومية العربية في داخله ،، وهذا ما يفسر رفضه للوحدة مع الأقطار العربية والإنضمام إلى الإتحاد العربي (الجمهورية العربية المتحدة) التي كان تتمناها الجماهير ،، وقد أتخذ عبدالكريم قاسم قرار إلغاء عضوية العراق من الجامعة العربية بحجة عدم إيمانه بأي مشروع وحدوي عربي !!،، مما أدى إلى عزلة العراق عن محيطه العربي ،، مكتفيا بعلاقات مع الدول الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي (وهذا مطلب شيوعي)!!،، وقد ذهب البعض للقول أن عبد الكريم قاسم كان وراء انهيار مشروع الوحدة بين مصر وسوريا من خلال تمويله ودعمه للعميد (عبد الكريم النحلاوي) والعقيد (موفق عصاصة) الذين قادا الانقلاب في الشطر السوري من الوحدة !!،، وهذا يجعل عبد الكريم قاسم متهم بالعمل ضد مشروع الوحدة العربية وليس عازفا عنه ،، وما يدل على ذلك أستهدافه للتيار القومي في العراق والقضاء على القوميين ،، وقد يكون موقف قاسم من القومية العربية سبباً لعدم دعوة الفقراء لمدينة الثورة من المناطق التي ينتشر فيها الفكر القومي!!.


أماطت دار الوثائق البريطانية اللثام عن وثائق تشير إلى وجود تنسيق مشترك بين عبد الكريم قاسم و الحكومة البريطانية للحفاظ على المصالح البريطانية في العراق والمنطقة ،، منها عدم تأميم حقول النفط !!،، وكما يبدو أن تلك العلاقة التي ربطت قاسم مع بريطانيا كانت بالفترة التي انقلب فيها على الشيوعين ،، وهي نفس الفترة التي تقرب فيها من آل الحكيم المقربين من بريطانيا وإيران ،، وقد يكون محسن الحكيم هو عراب تلك العلاقة الخفية ،، فإذا صحت تلك العلاقة وذلك التنسيق فأن عبد الكريم قاسم أنقلب على الحزب الشيوعي والسوفيت وأندار على حليفهم وجنرالهم الأحمر مصطفى البرزاني ،، الذي دعاه للعراق لمصلحة المعسكر الشرقي ،، ثم تقرب من عمامة المرجعية ومن خلفها بريطانيا وإيران ليعمل من أجل الحفاظ على مصالح المعسكر الغربي ،، أما مصلحة الأمة العربية فليس لها مكان في قاموس عبد الكريم قاسم.


ختاماً ،، التطبيل لعبد الكريم قاسم وكتابة المعلقات عنه لن تخفي الحقيقة ،، فلن يستطيع أحد اخفاء عين الشمس بغربال؟!،، كما لن يستطيع أحد أن يخفي ملايين حامد قاسم (شقيق عبد الكريم قاسم) الملقب بالـ (البرنس) ،، والذي كان يشرف على توزيع أراضي الإصلاح الزراعي مع المحامي عبد الكريم الحاج ،، حيث أصبح فيما بعد (بقدرة الوظيفة) من كبار التجار ورشح نفسه عام 1969 نائباً لرئيس غرفة تجارة بغداد!!.



( أنتهى )




المصادر
* عبد الكريم قاسم ومجازر آذار/مارس في الموصل 1959م - نبيل الكرخي.
* صفحات من تاريخ العراق المعاصر - جارلس تريب
* العراق في عهد قاسم .. تاريخ سياسي 1958-1963- أوريل دان
* مذكرات أمين هويدي. جريدة الزمان . العدد 1549 . التاريخ 6/ 7 / 2003
* من هو عبد الكريم قاسم . ريــاض الحسيني

 

 





الاحد٢٤ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.