شبكة ذي قار
عـاجـل










العدوان الثلاثيني على العراق .. والغدر الايراني

بعد حرب ضروس دامت ثمانية اعوام قبل خميني(تجرع السم)بأعلانه القبول بوقف اطلاق النار في 881988 ,وفور ذلك بادر العراق بمد يده بالسلام لحكام ايران واقامة علاقات جيرة حسنة ,الا ان جذوة حقد وحنق ملالي ايران قد تصاعد بشكل مفضوح فلم يلمس العراقيون غير المراوغه والخداع وفي ذات الوقت استمرار التامر والتوغل داخل العراق من جنوبه وشماله والعمل على اعداد اتباعهم وعملائهم للقيام باعمال اجرامية والتنسيق مع اعداء وخصوم العراق وبالذات واشنطن للاجهاز على نظام الحكم الوطني ,ويمكن تتبع ابرز افعال نظام الملالي ضد العراق خلال الفترة (1988-2003) وفق الاتي

 

1- استغلال ماحصل في 2 اب 1990 بدخول القوات العراقية للكويت..باغلاق الحدود الايرانية الواسعة تنفيذا للحصار الجائر المفروض على العراق وشعبه ,والتغلغل داخل المنطقه الشمالية العراقية واقامة نقاط عسكرية واستخباراتية هناك فضلا عن دعمها للاحزاب الكردية المتمردة وبالذات للاتحاد الديمقراطي الكردستاني (حزب جلال الطلباني ) وتنسيقها بهذا الشأن مع مكاتب المخابرات الاجنبية التي استغلت قرار الحكومة المركزية بالانسحاب من المنطقة الشمالية لاسباب امنية فأقامت طهران اوكارا اجرامية وتجسسيه لها  في كردستان العراق قبيل وبعد العدوان الغاشم عام 1991 .

 

2-  الغدر الايراني للعراق بالمساهمة الفعلية والمشاركة في عدوان عام 1991 وذلك بدخول قوات الحرس الايراني وعناصر الاحزاب العراقية التابعة لها الاراضي العراقية وتحريضها محافظات جنوب ووسط العراق على التمرد المسلح الذي اطلقت عليه انذاك بـ "الانتفاضه الشعبيه " , اذ استباح عملاء ايران المدعومون بالحرس الثوري والقادمون من الاراضي الايرانيه الحدودية واهوار الجنوب اكثر من (10)محافظات فدمروا واحرقوا وقتلوا العديد من ابناء العراق الابرياء بينهم قادة عسكريون ومسؤولون وعلماء ومن الضحايا -على سبيل المثال- محافظ ذي قار (الحاج حسن الحديثي ) وهو شيخ مسن سحلت جثته في شوارع الناصرية ,والسفير السابق (الكلكاوي ) والشاعر (فلاح عسكر ) الذي قطع لسانه وظل ينزف حتى الموت . وبعد وقف العدوان في شباط 1991 اعادة السلطات العراقية النظام والسيطرة على هذه المحافظات بعد فرار العديد من المجرمين الى داخل الاراضي الايرانية وتم اعتقال (64)ضابطا ايرانيا داخل الاراضي العراقية قتلوا وعاثوا اجراما في العراق ,وقد ظلوا معتقلين كمرتزقة مجرمين الا ان تمت مقايضتهم في صفقة اطلاق سراح اسرى الحرب العراقيين التي احتفظت ايران بهم سنوات عديدة .

 

وخلال عدوان 1991 على العراق كان الشغل الشاغل لحكام طهران معرفة الاستعدادات العراقية للمواجهه والصمود وهذا ما اثار حفيضة الوفد العراقي عندما الح الرئيس رفسنجاني لمعرفة ذلك ,وهذا ما يكشف مدى العلاقه الايرانية الاميركية .؟

 

3-  استيلاء حكام طهران على (127)طائره عراقيه حربية ومدنية اودعت لديهم (امانة ) قبيل عدوان 1991 فضلا عن استيلاء العديد من الزوارق الحربيه التي لجئت الى شواطئهم بعد قتل العديد من ضباط ومراتب البحرية العراقية داخل ايران بطريقة واخرى .وخلال الفتره من (1991-2003)لم تسمح السلطات الايرانية للعراقيين بادامة طائراتهم ,بل الانكى من ذلك ان الايرانيين استخدموا الطائرات العراقية وقد رأينا ,في فترة الحصار على العراق ,احداها (جت ستار )في مطار ديغول في باريس واخرى في مطار جنييف ؟!

 

4-  بعد وقف واشنطن سياسة (الاحتواء المزدوج للعراق وايران )والتي روجت لها منتصف التسعينات ..نشطت طهران بأدخال المئات من عملائها من احزاب السلطة اليوم كحزب الدعوه والمجلس الاعلى والفضيلة الى المدن الجنوبية واقامت لهذه الاحزاب مقرات في المنطقه الشمالية الى جانب اوكارها الاستخباراتية والحرس الثوري تحت واجهات واسماء شركات تجارية لتنفيذ اعمال اجرامية انتقامية ضد المسؤولين وكبار الضباط والعلماء والمهندسين العراقيين ,وقد شكل هؤلاء العملاء اضافة الى من التحق بهم (الرتل الخامس )العميل بالمشاركه في  الاحتلال وتدمير العراق والانتقام من ابنائه .وكان المنطق بعد ظهور نظرية (الاحتواء المزدوج) ان تقترب ايران من العراق وتعيد النظر بسياستها وتنسيق المواقف في مواجهة "الشيطان الاكبر " لكنها -على حد قول الاستاذ طارق عزيز في احد لقاءاته - بقيت من الاسف كما هي "تختزل العقد والاطماع التوسعية "

 

5-  خلال تبادل الوفود بين العراق وايران عام 1999 ..كان هم الملالي في طهران قيام العراق بتسليمهم السيد (مسعود رجوي)ومعه (منظمة مجاهدي خلق ) وهذا ما طلبوه من اول وفد عراقي برئاسة الاستاذ طارق عزيز زار طهران في 991999 بعد حرب ثمانية اعوام وكان الجواب العراقي "نحن عرب ولايمكن للعربي ان يسلم لاجئا عنده" فقالوا دعونا ..نهجم عليهم عسكريا لتصفيتهم فرفض العراق بشدة على لسان الاستاذ طارق عزيز محذرا اياهم من ذلك ومذكرا بأن (مجاهدي خلق منظمة ايرانية لجأت الى العراق عام  1985 ولم تصنعها السلطة في العراق كما صنعتم احزابا معادية للعراق كحزب الدعوة الذي هو( جزء من السلطة في ايران وجزء من اليتها الحربية ضد العراق ). وهذا ما اسمعه الاستاذ طارق للرئيس (رفسنجاني ) ولاكثر من مسؤول ايراني ؟!

 

6-  وخلال سنوات الحصار اللعين على العراق لم تصدر اي بادرة "جيرة حسنة " من قبل حكام ايران بل كانوا يتهربون من اي تقارب فعلي بين البلدين فرفضوا -على سبيل المثال- مقترح العراق بأستعداده بتزويد ايران بما تحتاجه من نفط وبعض المشتقات وبسعر رمزي بدل الاستيراد من شركات غربية باسعار السوق العالية وقد اصطحب الاستاذ طارق عزيز في زيارته لطهران عام 1999 وزير النفط لهذا الغرض ولم يرد الايرانيون على المقترح ! ومن المفارقات ..ان حكام بغداد اليوم يستوردون البانزين والمشتقات النفطية من ايران التي تستوردها من الخارج !؟

 

7-  قيام نظام الملالي عام 1998 بأيقاف زيارة المواطنيين الايرانيين للعتبات المقدسة في العراق فجأة ودون اي سبب في وقت كانوا يتهمون فيه بغداد بعرقلة زيارة اضرحة ائمة المسلمين المقدسة في بغداد وكربلاء والنجف وسامراء ..ولا يفسر هذا القرار الا انه تأليب للايرانيين البسطاء وزيادة حنقهم على المسؤولين في العراق لاسيما وان زيارة العتبات المقدسة لدى الايرانيين مسألة اساسية حتى انهم يعتقدون "ان فريضة الحج تستكمل بزيارة المراقد المقدسة في العراق ". ويذكر ان طائرة وزير الخارجية (على اكبر ولايتي )في زيارته لبغداد ردا على زيارة الاستاذ طارق عزيز والوفد المرافق له اواخر عام 1990 كانت تحمل اكثر من (180)مواطنا ايرانيا بينهم نساء واطفال حتى ان فراش الوزير (الساعي) حشر نفسه وعائلته في الطائرة -على حد قول ولايتي- ليكون حاجا حسينيا ؟!

 

8-  استغلال حكام طهران ظروف العراق المحاصر والمستهدف بعدوان وحشي ..لاحياء حلمهم العنصري بنقل المرجعية الشيعية العليا الى (مشهد )او (قم)بدلا من النجف الاشرف الذي يضم ثراه مرقد الامام (علي بن ابي طالب (ع)) وهو حلم خابت جهودهم الحثيثه في تحقيقه ومنذ عشرات السنين ,ولعل مايقال عن التحاق (مقتدى الصدر ) للدراسه في الحوزه العلميه في (قم ) بعد فراره الى ايران لتهديده من قبل بعض احزاب السلطة في بغداد هو في اطار ما يخطط له ملالي ايران فضلا عن وضع (تيار الصدريين)تحت عباءتهم بشكل تام ؟! ولا يخفى على الكثيرين وبالذات اهالي النجف..ان والد مقتدى السيد (محمد محمد صادق الصدر ) كان ضحية مؤامرة ايرانيه كونه من اصل عربي وكان لا يخفي عدم ارتياحه من النفوذ الايراني وتسلط المرجعيات ذات الاصول الايرانية ,وليس غريبا ان يلصق اتباع ايران ممن هم في السلطه في العراق الحادث المفتعل لقتله وولديه بالنظام العراقي انذاك ؟؟!

 

9-  في الفترة (1990-2003) احتضنت طهران مايسمى (احزاب المعارضه العراقيه )ورعت ودعمت مع اجهزة المخابرات المعادية للعراق , اجتماعات رموز هذه المعارضة التي عقدت في المنظقه الشمالية وفي بعض العواصم الغربية وكانت ايران اضافة الى عملائها واتباعها في هذه الاحزاب حاضرة في كل النشاطات المعادية للعراق وهذا مالم تخفه ايران التي تجاهر بمساهمتها الفاعله في سقوط نظام الحكم في العراق عام 2003 مردده "لولا مشاركة ايران لما نجح الاميركان ومن معهم من احتلال العراق وكذلك افغانستان .

 

يتبع الجزء الثالث والاخير    

 

 





الاثنين٠٢ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.